لغة الحجارة

1.8k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أبتاه ما زالت جراحي تنزفُ **** والليل أعمى والمدافع تقصفُ

بيني وبين مطامحي ألف يد **** هذي تريق دمي وهذي تغرفُ

ليل التخاذل سيطرت ظلماته **** والقلب بالهمّ الثقيل مغلفُ

وتثائب الصمت الطويل ومقلتي **** ترنو الى الافق البعيد وتذرفُ

وأمام باب الدار يرقبني الردى **** وعلى النوافذ ما يخيف ويرجفُ

من أين أخرج يا أبي والى متى **** أحيا على خدر الوعود وأضعفُ

نشقى وتجار الحروب قلوبهم **** بلقاء من شربوا دمي تتشرفُ

ويسومنا الأعداء شر عذابهم **** فإلى متى لعدوّنا نتلطف؟

ها نحن يا أبتي نعيد لقومنا **** شرف الدفاع عن الحمى ونشرّفُ

طال انتظار صغاركم فتحركوا **** لما رأو أن الكبار توقفوا

وتلفتوا نحو السلاح فما رأوا **** إلا الحصى من حولهم تتلهف

عزفوا بها لحن البطولة والحصى **** في كف من يأبى المذلة تعزف

هذي الحجارة يا أبي لغة لنا **** لما رأينا أننا لا ننصف

لما رأينا أن حاخاماتهم **** يتلاعبون بنا فيرضى الأسقف

لما رأينا أن أمتنا على **** أرض الخلاف قطارها متوقف

ماذا نؤمل يا أبي من فاسق **** يلهو ومن متدين يتطرف؟

جيش الحجارة يا أبي متقدم **** والمعتدي بسلاحه متخلف

أنا لا أتوق إلى الفناء وإنما **** موت الكريم على الشهادة أشرف

بيني وبين حصى بلادي موعد **** ما كان يعرفه العدو المرجف

يتعوذ الرشاش من طلقاتها **** ويفر منها المستبد الأجوف

لغة الحجارة يا أبي، رسمت لنا **** وعد الإباء ووعدها لا يخلف

وغدت تنادينا نداء صادقا **** وفؤادها من ضعفنا يتألف

لا تألفوا هذا الركون إلى العدا **** فالمرء مشدود إلى ما يألف

هزوا سيوف الحق في زمن على **** كتفيه من ظلم العدا ما يجحف

عفواً أبي فقصائدي مجروحة **** تشكو معانيها وتبكي الأحرف

وقلوبنا مشحونة باليأس في **** زمن يداس به الضعيف ويجرف

يتطلع الأقصى اليّ وحوله **** عين تراقبه وسمع مرهف

ويد مجمدة على الرشاش لم **** تغسل بماء منذ ساء الموقف

في وجه صاحبها نفور صارخ **** وعلامة للغدر ليست توصف

هذا هو الأقصى وطائر مجده **** يشدوا بألحان الهدى ويرفرف

تتحلق الأعوام في ساحاته **** حِلَقاً تسبّح للإله وتهتف

ويقبّل التاريخ ظاهر كفه **** وبثوبه جسد العلا يتلحف

واليوم يرقبنا بطرف ساهر **** ويداه من هول المصيبة ترجف

ما زال يدعو يا أبي وفؤاده **** من كل معنى للتخاذل يأنف

يا أمة ما زلت أنشد مجدها **** شعراً يطاوعني صداه ويسعف

المجد مجدك إنما أزرى به **** راع يتيه وعالم يتزلّف

وشبيبة هجرت مبادئ دينها **** وغدت لأفكار العدا تتلقّف

يا زورق أحلام في بحر الأسى **** هذي يدي رغم القيود تجدف

وبوارج الأعداء تختزن الردى **** ربّانها متطاول متعجرف

واجهت يا أبتي الخطوب وعدتي **** قلب عصاميّ وحسٌ مرهف

وتوجهٌ لله يجعل هامتي **** أعلى، وإن جار الطغاة وأسرفوا

أبتاه لن يحمي حمى أوطاننا **** إلا حسام لا يُفلّ ومصحفُ


أضف تعليق