غفوت في حضنك الدافي فضميني *** وأطفئي لوعتي ـ بغداد ـ وابكيني
أنا وأنت أيا بغداد في ولَهٍ, *** فالشوق يلهبني والصد يظميني
سيانِ ليلي وإصباحي وما افترقت *** عن بسمتي دمعتي... فالخطب يدميني
هذا حنيني دموع من ربى بَرَدَى *** من طُهر مكة من حيفا وجينين
من سفح طيبة من كشميرَ من عَدَنٍ, *** من أرض كابل من كل الميادين
من نهر دجلة من وحي الرصافة من *** لبنان من أرض مسرانا فلسطين
أنت العراق.. أيا موؤودةً قُتلت *** من غير ذنب سوى بغي السكاكين
أبصرتُ في وجهك المكدود ملحمةً *** من التجاعيد من جور السلاطين
أبكيت يا ملتقى الأشواق يا وهجاً *** ما زال من وقدة التذكار يُذكيني
وأبعث النَّوح من أشجان منكدر *** من حرقة الضيم من أنات محزون
يا عذبة الصيت يا قيثارة عزفت *** أنشودة المجد من عذب التلاحين
أبياتُ شعريَ في عينيك رافلة *** إذا استهلت بأفذاذ ميامين
ففي مداك رؤى التاريخ باسمةٌ *** ولم تزل تحتفي من ذكر هارون
وفي الفرات خرير الماء يهتف من *** ذكرى ابن حنبل يحكي عزة الدين
وفيك أنت أيا تكريت معترك *** صاغ البطولة في وجه البراكين
لما رعيت صلاح الدين في صغر *** فافتر ليثاً أبيَّ الذل والهون
وراح يضرب في الأرجاء منتفضاً *** بغضبة بددت شمل الملايين
ولم يطق عيشة في الذل راغدةً *** حتى رمى زمرة الصلبان في الطين
تلك المآثر حلم آدها حَنَقٌ *** وصُفِّدَت في دهاليز المساجين
وجاء يهرع (هولاكو) وقد ومضت *** في عينه ثروة في حضن مدفون
وهاله صحوة الإسلام يرفعها *** جيل نضارته مثل الرياحين
وجاء يتبعه من كل شرذمة *** حثالة ساقهم طغيان فرعون
جاؤوا وقد كشروا الأنياب عن شَرَهٍ, *** والحقد ينزف سمّاً كالثعابين
هُمُ رؤوس وقد آن الحصاد لها *** بوش... بلير... على أعتاب شارون
دعوتهم أنت يا صدام من سَفَهٍ, *** أبحتَ أرضك للباغين للهون
زعزعت قومكº في ويلات عجرفة *** ورحت تتبع إسفافات لينين
حتى غدوت برجس البعث مستلَباً *** وصرت كالسوط في أيدي المجانين
وغدٌ.. وفي فمك السيجار تترعه *** وفي الملمات تتلو سورة التين
ورحت ترمي بأمجاد العراق على *** مواقد النار في دوامة الدون
طعنت أمتنا غدراً فأوهنها *** غدر يعالجه ترياق صهيون
* * * * *
ها قد رميت سلاحي في وجوهكم *** سهم الدعاء لعل السهم يرويني
فإنما الملك الديان قاهركم *** من يمنع اليوم دعوات المساكين؟
تالله ـ بغداد ـ لن أنساك يا حلماً *** سرى بروحي.. ويجري في شراييني
فأنتِ مني... وإني منكِ في حُرَق *** أشجاكِ بيني وبينُ الحب يُشجيني