بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الحب كلمة ذو معنى كبير لها مفهموها ودلالتها وحدودها في ظل الشرع المطهر.
والحب له قصته في عالم الحياة
لكن العجيب والمحزن حينما يستغل الحب والعاطفة استغلالاً سيئًا حتى ارتبط بأساطير وخرافات وأعياد لا يقبلها العقل السوي ومن ذلك أن ترى في منتصف شهر فبراير (شباط) من كل عام من يحتفل احتفالاً كبيرًا ويسمونه عيد الحب وقصة هذا العيد (الحب) من أعياد الرومان الوثنيين.
وهو عبارة عن تعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي ولهذا العيد الوثني أساطير استمرت عند الرومان وعند ورثتهم من النصارى ومن سائدها وأكثرها رواجًا وانتشارًا أن الرومان يعتقدون أن (رومليوس) مؤسس مدينة (روما) أرضعته ذات يوم ذئبه فأمدته بالقوة ورجاحة الفكر فكانوا يحتفلون بهذه الحادثة كل عام وكان من مراسيمه أن يذبح فيه كلب وعنزة ويدهن شابان مفتولا العضلات جسميهما بدم الكلب والعنزة ثم يغسلان الدم باللبن وبعد ذلك يسير موكب عظيم يكون الشابان في مقدمته يطوفان الطرقات ومعهما قطعتان من الجلد يُلطخان بهما كل من صادفهما والنساء الروميات يتعرضن لتلك اللطمات مرحبات لاعتقادهن بأنها تمنع العقم وتشفيه.
ويسمى أحيانًا عيد الحب (فالنتين) وعلاقة فالنتين بعيد الحب (فالقديس فالنتين): اسم التصق باثنين من قدامى ضحايا الكنيسة النصرانية وقيل هو واحد توفى في روما أثر تعذيب القائد القوطي (كلوديوس) عام (296م) وبُنيت كنيسة في روما في المكان الذي توفى فيه عام (350م) تخليدًا لذكراه.
ولما اعتنق الرومان النصرانية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب السابق ذكره لكن نقلوه من مفهومه الوثني (الحب الإلهي) إلى مفهوم آخر يُعبّرُ عنه بشهداءِ الحب ممثلاً في القديس (فالنتين) الداّعية إلى الحب والسلام الذي استشهد في زعمهم في سبيل ذلك الحب ويسمى أيضًا (عيد العشاق) واعتبر القديس فالنتين شفيع العشاق وراعيهم.
وكان من اعتقاداتهم الباطلة أنه فيه تكتب أسماء الفتيات اللاتي في سن الزواج في لفافات صغيرة من الورق وتوضع في طبق على منضدة ويدعى الشباب الذين يرغبون في الزواج ليخرج كل منهم ورقة فيضع نفسه في خدمة صاحبة الاسم المكتوب لمدة عام يختبر كلٌ منهما خلق الآخر ثم يتزوجان أو يعيدان الكره في العام التالي يوم العيد أيضًا، وغيرهما مما قيل وحكي في سبب هذا العيد المزعوم
رفض واستنكار:
ومع هذا ثار رجال الدين النصراني في إيطاليا على هذا التقليد وأبطلوه واعتبروه مفسدة لأخلاق الشباب والشابات لأنه كان مشهورًا عندهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين ثم تم إحياؤه وانتشر في كثير من البلاد الغربية محلات تبيع كتبًا صغيرة تسمى (كتاب الفالنتين) فيها أشعار غرامية وكلمات عشقية لترسل من المحبوب إلى محبوبته في بطاقات تهنئة يعبرون بهذه الجملة عيد العشق لأنه كان حبًا ألهيًا عند الوثنيين وعشقًا عند النصارى.
هذه قصة الحب في عيده المزعوم:
فإلى من اظهر البهجة والسرور في هذا العيد.
- إلى من تبادلوا الورود الحمراء...
- إلى من تبادلوا توزيع بطاقات التهنئة في هذا العيد (الحب)
- إلى من جعلوا صورة (كيوبيد) في بطاقاتهم وهو الطفل الذي له جناحان يحمل قوسًا ونشابًا وهو عند الأمة الرومانية الوثنية إله الحب، إلى من تبادلوا كلمات الحب والعشق والغرام:
- إلى من أرادوا منك أن تكون فالنتينيًا كما كتبوا على بطاقاتهم وعبروا بنداءاتهم.
- إلى من أقاموا الحفلات النهارية والسهرات الليلية.
- إلى من ربطوا شرائط حمراء اللون أو لبسوا لباس أحمر اللون بقصد الاحتفال به.
- إلى من نفخوا البالونات الحمراء وكتبوا عليها (I LOVE YOU).
- إلى من نقشوا الأسماء والقلوب على اليدين والحروف الأولى من الأسماء.
انتبهوا! فهذا يمثل المفهوم النصراني والمفهوم الوثني، واعلم أن أصل هذا الحب عقيدة وثنية يعبر عنها بالحب الإلهي الوثني الذي عبدوه من دون الله فهل ترضى أن تحتفل بمناسبة شركية تعظم فيها الأوثان.
واعلم أن نشأة هذا العيد مرتبط بأساطير وخرافات لا يقبلها العقل السليم فضلاً على عقل مسلم آمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًا.
الحب الحقيقي:
وأعلم كما أسلفت لك أن هذا العيد أبطله رجال الدين النصراني في إيطاليا (وهي معقل الكاثوليك) لما فيه من إشاعة الأخلاق السيئة والتأثير على عقول الشباب والفتيات فكان الأولى بالمسلمين نبذه وعدم قبوله، وليعلم أننا لا نريد بهذا أن نحرم الناس من الحب الحقيقي والمشاعر والعواطف التي تنصرف في وجوهها الصحيحة السليمة لا فنحن ندرك قول رسولنا - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في الحديث" عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تَدخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا وَلَا تُؤمِنُوا حَتَّى تَحَابٌّوا أَلَا أَدُلٌّكُم عَلَى أَمرٍ, إِذَا أَنتُم فَعَلتُمُوهُ تَحَابَبتُم أَفشُوا السَّلَامَ بَينَكُم" (رواه مسلم وأبو داود) وغيره من النصوص الصريحة الصحيحة في معنى الحب.
وأعلم أنه لا يوجد دين يحث أفراده على التحابب والمودة والتالف كدين الإسلام وهذا في كل وقت وحين وإن المشاعر والعواطف والتعبير عنهما لا يسوغ للمسلم إحداث يوم يعظمه ويخصه من تلقاء نفسه ويسميه عيدًا ويجعله كالعيد فكيف وهو من أعياد الكفار، وهذا التقليد والتشبه يحدث خللاً في شخصية المسلم من الشعور بالنقص والصغار والضعف والانهزامية، ثم البعد والعزوف عن منهج الله وشرعة فقد أثبتت التجربة أن الإعجاب بالكفار وتقليدهم سبب لحبهم والثقة المطلقة بهم والولاء لهم، والتنكر للإسلام ورجاله وأبطاله وتراثه وقيمه وصدق الله (لا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُم أَو أَبنَاءهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ, مِّنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ)[المجادلة: 22]
لا زيادة ولا نقصان:
وقبل الختام إذا علمت أيها المسلم الموحد أنه وباختصار المقصود بهذا العيد هو إشاعة المحبة بين الناس كلهم مؤمنهم وكافرهم ـ فماذا سيكون موقفك من هذا العيد؟
فكن على شرعتك ومنهاجك الحق واعلم أن الأعياد في الإسلام محددة وثابتة لا تقبل الزيادة ولا النقصان، وهذا من صلب عبادتك وهي توقيفيه شرعها الرب جل جلاله وسنها لنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، قال - تعالى -: "لِكُلٍّ, جَعَلنَا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهَاجًا وَلَو شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبلُوَكُم فِي مَآ آتَاكُم فَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ إِلَى الله مَرجِعُكُم جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم فِيهِ تَختَلِفُونَ"[المائدة: 48].
ونخشى ونحن نرى هذا الانفتاح بين كافة الشعوب حتى غدت شعائر الكفر وعاداتهم تنتشر بين وفي أوساط المسلمين نخشى أن نكون من الفئام من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين يتبعون أعداء الله في بعض شعائرهم وعاداتهم حذوا النعل بالنعل، عَن أَبِي سَعِيدٍ, - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبلَكُم شِبرًا بِشِبرٍ, وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ, حَتَّى لَو سَلَكُوا جُحرَ ضَبٍّ, لَسَلَكتُمُوهُ قُلنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَن" رواه مسلم.
لا تبشر بخير:
والمتأمل يرى أنه في السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة التقليد للنصارى وغيرهم بين كثير من المسلمين ذكورًا وإناثًا لا تبشر بخير ومن هنا جاءت هذه الرسالة المختصرة داعيًا أولي العلم والدعوة أن يبينوا شريعة الله - تعالى -نصحًا لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتهم حتى يكونوا على بينة من أمر دينهم ولئلا يقعوا فيما يخل بعقيدتهم وتوحيدهم وإيمانهم الذي أنعم الله بها علينا جميعًا هذا جهدي وابتعدت عن التفصيل و الإسهاب فيما هو مقرر لكثرته واكتفيت بالإشارة وآثرت الاختصار رغبة في الاعتبار، إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد