الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
على الرغم من كثرة الأعياد التي ابتدعها واخترعها الكفار، بحيث كادت تغطي كل أيام العام، نحو عيد الميلاد، وشم النسيم، وعيد الخميس، والنيروز، والمهرجان، وعيد الأم، والطفل، والعمل، والحب، والشجرة، ونحوها، كعيد الاستقلال، واليوم الوطني، فإن حياة الكفار تزداد تعاسة وشقاء يوماً بعد يوم، ولا أدل على ذلك من تفشي ظاهرة الانتحار والمخدرات بين أولئك القوم.
بينما نجد أن للمسلمين ثلاثة أيام فقط في الدنيا والآخرة، عيد أسبوعي وهو يوم الجمعة، وعيدان سنويان هما الفطر والأضحى، إلا أن ما يحدث فيها من البر والإحسان، وصلة الأرحام، وإدخال السرور على الأهل، والأقارب، والجيران، لا يدانيه شيء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
فالحمد لله الذي جعل أيام الطائعين كلها أعياداً وأفراحاً، وأعياد الكافرين وبالاً وخبالاً عليهم وعلى من قلدهم فيها.
لقد نهى الشارع الكريم المسلمين من التشبه بالكفار، القدماء والمحدثين، في المظهر والمخبر، ولهذا عندما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وكان لهم يومان يلعبون فيهما، قال: "إن الله قد أبدلكم يومين خيراً منهما، يوم الفطر والأضحى".
لعلل:
1. التشبه بهم: "فمن تشبه بقوم فهو منهم" الحديث.
2. الابتداع: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ"، فما من عيد من أعياد الكفار أو الأعياد المحدثة الأخرى إلا وتتحقق فيه هاتان العلتان.
3. الأعياد شعار للأمة، ولكل أمة شعاراتها الخاصة بها والتي تحكي أمجادها.
ينبغي لولاة الأمور والمسؤولين أن يحولوا دون رعاياهم والتشبه بالكفار في هذه الأيام وغيرها، وعليهم أن لا يستجيبوا لضغوط النساء والشباب، وليعلموا أنهم هم المسؤولون عنهم.
ولهذا حذر الإسلام من طاعة النساء ونبه على خطورتها، فقال: "يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم..إنما أموالكم وأولادكم فتنة".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركتُ فتنة أضر على الرجال من النساء، وكانت فتنة بني إسرائيل في النساء".
وقال لأمهات المؤمنين: "إنكن صويحبات يوسف".
وكان كثيراً ما يردد بيت الأعشى: "وهن شر غالب لمن غلب".
وقال: "ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن".
يتحايل البعض في الاحتفال بتلك الأعياد، فالبعض لا يحتفل في نفس اليوم الذي يحتفل فيه الكفار، وإنما يؤخر أياماً عن ذلك، لظنه أن هذا يرفع عنه الحرج، وليس لهذا مثلاً إلا صنع أصحاب السبت من اليهود.
والبعض الآخر يقول: أنا لا أريد التشبه بالكفار، وإنما أحب أمي أو طفلي، ولهذا أحتفل به.
وكل هذا وغيره من الباطل البين، ومن الحيل الخبيثة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس، والميلاد، ويقول لعياله: إنما أصنع لكم هذا في الأسبوع أو الشهر الآخر، وإنما المحرك على إحداث ذلك وجود عيدهم، ولولاه لم يقتضوا ذلك، فهذا أيضاً من مقتضيات المشابهة).
قلت: العجب كل العجب من الكفار الذين بلغوا الدرجة القصوى من عقوق الوالدين، والنهاية في القسوة، وقطع صلة الأرحام، حتى أن آباءهم وأبناءهم استعاضوا عنهم بالكلاب والقطط، ومع ذلك يحتفلون بعيد الأم، تباً لهم ولمن تشبه بهم.
فالحذر الحذر أخي المسلم أن تحدثك نفسك بتقليد الكفار، والتشبه بهم في هذه الأعياد وغيرها، فقد شرع لك دينك سبل البر والإحسان بالأم وبغيرها، ولم يحوجك أن تزيد على ذلك.
فمن لم يحفزه ويدفعه إلى بر والديه، والإحسان إليهما، وصلة أقاربه، نحو قوله - تعالى -: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، حيث قرن برهما بعبادته وعدم الإشراك به، ونحو قول رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سأله سائل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: "أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك"، وزاد في رواية: "ثم أدناك فأدناك"، لا يحركه عيد يوم واحد مبتدع.
بئس البر الذي يكتفى فيه بتقديم الحلوى والزهور، وإيقاد الشموع، أو الاتصال بوالديه في الملجأ بالهاتف في يوم يتيم من أيام العام، ثم يهجروا ويقطعوا في سائر العام.
بر الوالدين والإحسان إليهما وصلة الأرحام عبادة أوجبها الله على عباده، في حياتهم بالبر، والإحسان، والرفق، والإنفاق عليهم، وبعد وفاتهم بالدعاء، والاستغفار، والصلة والإحسان إلى أقاربهم وأهل ودهم، وكما تدين تدان: "عفوا تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم".
اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا، واهدي أبناءنا وبناتنا، وأصلح أزواجنا، واختم بالصالحات أعمالنا، وصلى الله وسلم وبارك على خير والد وولد، وأفضل زوج، المنحدر من أزكى نسب، محمد بن عبد الله وآله والتابعين لهم إلى يوم المحشر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد