بعد إبرام صفقة الرادار فالكون: الهند والكيان الصهيوني يتوّجان عقوداً من التعاون العسكري


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لم يكن إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي سليفان شالوم موافقة (إسرائيل) على تزويد الهند بأنظمة رادار فالكون ضمن أكبر اتفاق عسكري بين البلدين إلا تتويجاً لعقود من التعاون العسكري بين الهند و (إسرائيل)، بدأ سرياً في العام 1962، ثم أخذ طريقه إلى العلن في العام 1992 عند إعلان البلدين إقامة علاقات دبلوماسية طبيعة بينهما، وذلك بعد محادثات مدريد بين العرب و (إسرائيل)، واتجهت (إسرائيل) في الآونة الأخيرة لتوطيد علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية بالهند، وقد قام رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون قبل شهر بزيارة إلى نيودلهي حيث بحث في جوانب العلاقات الثنائية، وتقدّمت العلاقة بين الهند والكيان الصهيوني في كافة النواحي، أهمها التعاون العسكري، والتبادل التجاري، والتعاون في مجال المعلومات والتقنية.

وللهند موقع استراتيجي هام، وهي قوة إقليمية كبرى يتوقع المراقبون لها نفوذاً عالمياً في المستقبل القريب بفضل تعداد سكانها، وقدراتها الاقتصادية والعسكرية، وتطور خبرات البرمجيات فيها.

ويبين الملخص التالي بعض أهم مراحل التعاون الهندي الإسرائيلي:

- في العام 1962 عندما اشتعلت الحرب بين الهند والصين، وتغلغلت الأخيرة في الأراضي الهندية، طلب رئيس وزراء الهند نهرو من رئيس الوزراء الإسرائيلي بن غوريون مساعدات عسكرية تمثلت في نوعيات محدّدة من الأسلحة الإنكليزية، وقد استجابت (إسرائيل) بسرعة للمطالب الهندية.

- في العام 1965 وبمناسبة حرب الهند مع باكستان قدّمت (إسرائيل) للهند كميات ضخمة من الأسلحة والمعدّات العسكرية، وفي العام 1967 أرسلت الهند لـ(إسرائيل) كميات ضخمة من قطع غيار مركبات القتال خاصة بالنسبة لدبابات (إم إكس 13)، وفي أعقاب ذلك أرسلت الهند وفداً عسكرياً إلى (إسرائيل) للوقوف على الخبرة الإسرائيلية في القتال.

- في السنوات الثلاثة الأخيرة من الستينيات قام قائد سلاح الطيران الهندي بزيارة إلى (إسرائيل)، وكان لهذه الزيارة ثمارها في الحرب التي شنتها الهند على باكستان في العام 1971، وأسفرت عن فقدان باكستان لجناحها الشرقي أي بنغلادش.

- بعد حرب رمضان في العام 1973 تعدّدت زيارات الوفود الهندية إلى (إسرائيل) للحصول على خبرات الحرب الإلكترونية، وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982 حرصت الهند على التزوّد بالخبرة الإسرائيلية في مجال طائرات الاستطلاع، والإنذار المبكر.

- آذار/مارس 1993 تم الاتفاق على أن تساعد (إسرائيلُ) الهند في تطوير طائرة بدون طيار من إنتاج الهند، وتسهيلات لصنع عربة قتال مدرّعة.

- في منتصف العام 1998 قررت الهند شراء 16 طائرة بدون طيار من (إسرائيل) من نوعيات هنتر وسكاوت بالإضافة إلى محطة تحكم خاصة بإدارتها، وعندما تفجرت أزمة جبل كارغيل في كشمير في العام 1999 وافقت (إسرائيل) على مطالب الهند من الأسلحة والمعدّات والذخائر الإسرائيلية، التي كانت قد تقدّمت بطلب شرائها قبل نشوب هذه الأزمة خاصة القنابل الجوية الموجهة بالليزر.

- وفي العام 1998 عندما فرضت واشنطن عقوبات على كل من الهند وباكستان بسبب التفجيرات النووية، تمكّن اللوبي اليهودي من تمرير عملية بيع نظام إلكتروني إسرائيلي متقدّم إلى الهند من إنتاج مصانع الطائرات الإسرائيلية IAI وتغاضت واشنطن عن هذه الصفقة.

- تموز/يوليو 2001 وقع البلَدان على عقد بقيمة ملياري دولار تقوم بموجبه مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية بتزويد وزارة الدفاع الهندية بمعدّات عسكرية متطوّرة، ومجموعة من المنتجات الحديثة في المجال الجوي.

- شباط/فبراير 2004 (إسرائيل) تعلن قرب تسليمها للهند ثلاث طائرات رادار من طراز (فالكون)، على الرغم من المعارضة الظاهرة التي أبدتها الولايات المتحدة للصفقة، ورأى العديد من الخبراء أن أنظمة فالكون التي ستوضع على طائرات تشتريها نيودلهي من موسكو ستعزز قوة الهند العسكرية أمام باكستان، وهو ما دفع باكستان للتعبير عن قلقها من تنامي العلاقات بين الهند و(إسرائيل).

بنظرة عامة يمكن إيجاز الفوائد التي ستجنيها (إسرائيل) من علاقاتها المتنامية مع الهند إضافة إلى عائداتها المادية إلى:

1- استكمال تطويق إيران وهو ما يسمح بزيادة الضغوطات عليها لإبدائها المزيد من (المرونة) في الكشف عن برنامجها النووي.

2- مراقبتها للمشروع النووي الباكستاني أو ما يعرف في باكستان باسم (القنبلة الإسلامية)، وأي تنامٍ, في قدرات الهند العسكرية سيدفع باكستان إلى مزيد من الخضوع للولايات المتحدة طلباً للحماية، وقد أعلنت (إسرائيل) أكثر من مرة أن حدودها الأمنية تصل إلى باكستان.

3- تسعى (إسرائيل) للاستفادة من خبرة الهند في مجال البرمجيات، والهند تعتبر أكبر منتج للبرامج في العالم، وهناك طلب عالمي على الفنيين الهنود المتخصصين في الكمبيوتر.

وعلى الرغم من هذا التعاون العسكري غير المسبوق بين البلدين إلا أن الهند ما زالت تصوّت في الأمم المتحدة والمنتديات العالمية إلى جانب القضية الفلسطينية، فلذلك جدير بالعرب التحرّك سريعاً قبل أن يخسروا حليفاً في المجال الدبلوماسي، بعد أن ربحه خصومهم في المجال العسكري. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply