لا لعينيك.. ولا للجدولِ *** بل لشيء في الوجود الأجملِ
لخوابي المسك.. أو قارورة *** من دم الطهر الذي لم يغسلِ
لشفاه الجرح في تلّ الأسى *** للحزانى.. لمآقي السنبلِ
للغد الآتي على إصباحه *** من نوافير اللظى والشعلِ
* * * * *
ملّ سمعي من هديل ناعمٍ, *** في جنان عرّشت بالمخملِ
وسئمنا من تراخي همسنا *** فوق بُسط من حرير الغزلِ
نغزل الأحلام.. نبني كونها *** في مرايا زرقة المستقبلِ
ونُزِير القلب بستان الهوى *** عطشاً يرتاد نبع السلسلِ
ونذرٌّ الشعر.. ندري أنه *** مثلُ كحل جارح في المقلِ
القوافي نهرُ عتم سائل *** والبوادي جنحُ ليل أليلِ
* * * * *
خدّرتنا سيرة ورديّة *** وعتاق من أغاني الموصلِ
ومقيل في مروج غضة *** ووعود من سراب تجتلي
وتصبانا طماحٌ زَمِنٌ يغتلي *** فينا اغتلاء المرجلِ
فشربنا بعد عمر زبداً *** واغتذينا من قشور الدجلِ
وارتوينا من هتاف كالذي *** قطرت أفواهنا في محفلِ
والتقينا مرة أخرى على *** حافة النقص.. وحد الفشلِ
وصحونا في مسار طاحن *** وثرى ينبت حب الدغلِ
* * * * *
غاب يا سلطانتي وجه الهوى *** بعد ليل ممطر مسترسلِ
فالذي يبدون غير المرتجى *** والذي يحكون غير العملِ
والذي تجتره أفواههم *** غير ما ترجو غلال الأملِ
والذي يسعى ليلقى ماءهم *** ضلّ في صحرائهم عن منهلِ
لم تُرِق أجفانهم من دمعة *** يا عذيري في دموع الحنظلِ!
لا أحابيهم وبي حز المُدى *** واشتعال النار تحت المفصلِ
والأفاعي غرزت أنيابها *** في عروق نابضات حُفَّلِ
والعُفاة الطيبون ابتزهم *** كل ضار من ضواري السبلِ
وبغايا خيبر في بقعة *** للنبي المجتبى والمرسلِ
* * * * *
كان حُباً في ليالي ترح *** وغراماً في خريف الجذلِ
أنا يا عذراء جوّاب دُنا *** عن مرافي حبه لا تسألي
ساخرٌ بالقلب.. لكن مؤمن *** بالغد السابق وعد الأزلِ
حامل شعري وفي ألواحه *** محنة الحرف.. ودمع الرجلِ
من همومي جنة دهريّة *** وفضاءٌ غامض لا يجتلي
آه من بدر الليالي المرتجى *** في دجى الباغي.. وليل الجحفلِ