أحـسن إلـى الناسِ تَستعبد قلوبهم

32.8k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

قال أبو الفتح البستي المتوفى في بخارى سنة 400 هـ

زيـادة الـمرء فـي دُنياه نقصانُ *** وربـحه غير محضِ الخير خسرانُ

أحـسن إلـى الناسِ تَستعبد قلوبهم *** فـطالما اسـتعبدَ الإنـسان إحسان

يـا خـادمَ الجسم كم تَسعى لخدمتَهِ *** أتـطلب الـربحَ مما فيه خسران ؟

أقـبل على النفس واستكمل فضائلها *** فـأنت بـالنفس لا بـالجسم إنسان

وكـن عـلى الدهر مِعواناً لذي أملٍ, *** يـرجو نـداك فـإن الـحرّ مِعوان

واشـدد يـديك بـحبلِ الله معتصما *** فـإنه الـركن إن خـانتك أركـان

مـن يَـتّقِ الله يُـحمد فـي عواقبهِ *** ويـكفهِ شـرّ من عَزٌّوا ومن هانوا

مـن اسـتعانَ بـغير الله في طلبٍ, *** فــإن نـاصرَه عَـجزٌ وخـذلان

مـن كـان لـلخير مَناعاً فليسَ له *** عـلـى الـحقيقة خـلان وأخـدان

مـن جـادَ بالمال جاد الناس قاطبة *** إلـيـه، والـمال للإنسان فـتّان

مَـن سـالم الناس يَسلم من غوائلهم *** وعـاشَ وهـو قرير العين حذلان

مـن يزرع الشرّ يحصد في عواقبه *** نـدامة، ولـحصدِ الـزّرع إبـان

مـن اسـتنامَ إلى الأشرار نام وفي *** رِدائــه مـنـهمُ صـلٌ وثـعبان

كـن ريّـق الـبشرِ إن الحرّ همته *** صـحيفةٌ وعـليها الـبشرُ عـنوان

ورافـق الـرّفق في كل الأمور فلم *** يـندم رفـيق ولـم يـذممه إنسان

ولا يـغـرّنك حـظ جـره خـرق فـالخُرق *** هـدمٌ ورفقُ المرء بنيان

أحـسن إذا كـان إمـكان ومـقدرة *** فـلن يـدومَ عـلى الإحسان إمكان

فـالروض يـزدان بالأنوار فاغمهِ *** والـحر بـالعدلِ والإحـسان يزدان

صـن حـر وجهك لا تهتك غلالته *** فـكل حـر لـحر الـوجه صوّان

دع الـتكاسل فـي الخيرات تطلبُها *** فـليس يـسعد بـالخيرات كـسلان

لا ظـلّ للمرء يعرى من نهى وتقى *** وإن أظـلـتـهُ أوراقٌ وأفــنـان

والـناس أعـوانُ مـن والتهُ دولته *** وهــم عـليه إذا عـادته أعـوان

(سحبانُ) من غير مال باقلُ حصر *** و(بـاقلٌ) فـي ثَـراءِ المال سحبان

لا تـودِع الـسر وشّـاء بـه مذلاً *** فـما رعـى غنماً في الدّو سرحان

لا تـستشير غـير ندبٍ, حازم *** يقظ قـد اسـتوى فـيه إسرار وإعلان

فـلـلتدابير فـرسان إذا ركـضوا *** فـيها أبـرٌّوا كـما للحرب فرسان

ولـلأمـور مـواقـيتٌ مُـقـدرةٌ *** وكــل أمـر لـه حـدٌ ومـيزان

فـلا تـكن عـجلاً في الأمر تطلبه *** فـليس يُـحمد قـبل النضج بحران

كـفى من العيش ما قد سدّ من عوز *** فـفـيه لـلـحُر قـنيان وغـنيان

وذو الـقناعةِ راض مـن مـعيشته *** وصاحبُ الحرص إن أثرى فغضبان

حـسب الـفتى عـقله خلاً يُعاشره *** إذا تـحـاماه إخــوان وخُــلاّن

إذا نَـبـا بـكـريمٍ, مـوطنٌ فـله *** وراءه فـي بـسيط الأرض أوطان

يـا ظـالماً فـرحاً بـالعزّ ساعده *** إن كـنت فـي سنةٍ, فالدهر يقظان

يـا أيـها الـعالم المرضيّ سيرته *** أبـشر فـأنت بـغير الـماء ريّان

ويا أخا الجهل لو أصبحت في لجج *** فـأنت مـا بـينها لا شـكّ ظمآن

لا تـحسبن سـروراً دائـماً أبـداً *** مـن سـرّه زمـنٌ سـاءته أزمان

وكـلّ كـسر فـإن الـدين يجبره *** ومـا لـكسر قـناةِ الـدين جبران


أضف تعليق