دربُ الخلود

3.7k
1 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

رفعت تلك الأم اللقمة إلى فمها فتذكرت ابنها الذي استشهد في ساحات الأبطال المجاهدين فأطرقت...

كيفَ السبيلُ لعالمِ النِسيانِ *** والهَمُ أورقَ في رياضِ جَنَانِي

وإذا تَرَحَّلَ في السماء نهاركم *** وازوَّرَ في الآفاقِ دونَ توانِِ

و توشحت آفاقكم جِلبابها *** عَذراء تَخشى نَظرَةِ الفَتيانِ

شَرِق الظلامُ وغَرَّدَت أجفاننا *** دمعاً يذيبُ كآبة الأحزانِ

وإذا تعثر بالجراح كلامنا *** دَمعِي فصيحٌ فوقَ كلِ بيانِ

كيفَ السبيلُ ولا أفارقُ طَيفهُ *** طيفٌ يلازمُ وَمضَةَ الأجفانِ

ما زالتُ أسمعُ في الفؤادَ كلامُهُ *** كالطيرِ يُنشِدُ رائقَ الألحانِ

إني أراهُ مغرداً ونِدِائهُ *** أماهُ جاءكِ فارسُ الفُرسانِ

وأراه يوما ساجداً ودُعَائهُ *** رباهُ إنكَ واسِعُ الغُفرانِ

يبكي ويسألُ ربَهُ مَرضاتهُ *** دمعاً يَسيلُ لخشيةِ الرَحمنِ

افديهِ دَمعاً إن تحدر ريحهُ *** عبقً يضوعُ َكطيِّبِ الريحانِ

وإذا تحدرَ في الخدودِ حَسِبتُهُ *** دُراً تَناثرَ في سما الإيمان ِ

يشتاقُ قَلبي ريحِهُ ولقاءهُ *** شوق الغريبِ لِرُؤيَةِ الأوطانِ

رَسَمَ الفُؤادُ خَياله فكأنه *** بدرٌ يُزَيِّنُ هامة َالأكوانِ

قَد قُمتَ تكتبُ بالدماءِ قصيدةً *** للسائرينَ على مَدى الأزمانِ

قَد قُمتَ ترسمُ بالعزيمةِ لوحةً *** تُسقَى بِقَلبِكَ يا فَتَى الفِتيَانِ

عِفّتَ الترابَ وعِيشَةَ منقوصةً *** واشتاقَ قَلبُكَ عِيشةَ الرضوَانِ

فَرَسَمتَ دَربكَ للخلودِ مردداَ *** والكونُ يَسمَعُ آيةَ القرآنِ

أني اشتريتُ فأيكم قَد باعها *** لن يَخشى عَبدِيَ ضَيعَةَ الخُسرانِ

قد بعتَ رُوحَكِ للإله رَخيصةً *** لِنَجاةِ يَومٍ, في ربى الأكفانِ

رباهُ إنكَ سَامعٌ لكلامِنا *** يَدعوكَ عَبدٌ بالغُ الإذعانِ

عَبدٌ تَعَاظَمَ بالفِراق مُصابُهُ *** فامنُن عَليهِ بِنِعمَةِ السِلوانِ

رباهُ واجعَل في الجِنانِ مكانهُ *** واحفظهُ رَبي مِن لَظَى النِيرانِ

فَسَمِعِتُ صَوتاً في الفضاءِ كأنهُ *** شهدٌ تَلَذُ سَمَاعَهُ آذاني

صوتٌ تَجَلجَلَ في السماء مبدداً *** سحُبَ الظلامِ وغَيمةَ الأحزانِ

أماهُ حسبكُ فالدموعُ ثمينةٌ *** فَعلامَ دمعكِ دائمُ الجريانِ

أماهُ إني باسمٌ ومُقَلَّدٌ *** عِقدَ الكرامةِ من رِضَا الرَحمنِ

ما مِتُ يوماً فالشهيدُ مكانهُ *** بينَ القُصُورِ وخالصُ العِقيانِ

إن سالَ دَمعِكِ للفِراقِ فَليتهُ *** فَرَحَاً تَحَدَرَ فالجِنانُ مَكاني


أضف تعليق