أندونيسيا .. من الممالك وحتى الوحدة الإسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أندونيسيا.. هي إحدى الدول الإسلاميّة في قارة آسيا، وكانت تُعرف باسم "جزر الهند الهولندية"، وقد استقلت وانضمت إلى الأمم المتحدة في 28 سبتمبر عام 1950 ميلادية، ونظام الحكم فيها جمهوري، وتبلغ مساحة أراضيها (2 مليون و27 ألف و87) كيلومتراً مربعاً، وتتكون من مجموعة من الجزر المنتشرة في مياه المحيط الهادي وحتى استراليا وبحر الصين الجنوبي، وتحيط الجزر الأندونيسية بماليزيا، كما تلتصق بالفلبين، وتجاور فيتنام وكمبوديا وسنغافورة، وعاصمة أندونيسيا هي مدينة " جاكرتا"، والعملة المتداولة هناك هي " الروبية"، ويبلغ عدد سكانها (210 مليون و616 ألف) نسمة غالبيتهم من المسلمين.

 

كيف عرفوا الإسلام:

وقد أكدت الدراسات الإسلامية المعاصرة أن أندونيسيا عرفت الإسلام منذ عام 30 هجرية عندما حمل التجار العرب أخبار الدعوة الإسلامية إلى الجزر الأندونيسية، وكانت مدينة " أجية" من أول المدن التي تعرفت على الإسلام منذ هذا الوقت المبكر، ومع تزايد أعداد التجار العرب والدعاة تزايدات أعداد المعتنقين للدين الإسلامي الحنيف من أبناء الجزر الأندونيسية، وقد أثرت مفاهيم الإسلام وهداياته وتفوّقت على جميع الثقافات والحضارات التي كانت سائدة هناك، حتى إن الدراسات الإسلامية قد أكدت أن سلطان مدينة " أجيه" من أصل عربي، وذلك لأن التجار العرب قد أقاموا علاقات تزاوج ومصاهرة مع سكان أندونيسيا، وقد أدّى ذلك إلى نمو المجتمعات في الجزر الأندونيسية، فتولّوا بأنفسهم مهام الدعوة الإسلامية ونشرها في كافة أنحاء البلاد، حتى إن حكام جزيرة سومطرة قد اعتنقوا الإسلام وتحوّل سكانها إلى مسلمين.

 

ممالك إسلامية:

وأشارت الدراسات أن ملك جزيرة " برلاك" قد اعتنق الإسلام في عام 173 هجرية، وزوّج ابنته لأحد التجار المسلمين، وقد تولى هذا التاجر مُلك برلاك في عام 225 هجرية، فأقام مملكة إسلامية في هذه الجزيرة، والتي تُعتبر أول دولة إسلامية خالصة تُقام في أندونيسيا، وكانت عاصمتها " بندر خليفه"، وكانت أول مركز لنشر هدايات الإسلام هناك، كما شهدت نهضة إسلامية راقية تمثلت في تأسيس المساجد ومعاهد التعليم الإسلامي، واتخذت اللغة العربية لغة رسمية.

 

الوحدة الإسلامية:

وتوالت مع الأيام إنشاء الممالك الإسلامية في الجزر الأندونيسية مثل مملكة " باساي" الإسلامية في عام 388 هجرية،  ومملكة "أجيه" في عام 601 هجرية، وقد توحدت هذه الممالك الإسلامية في مملكة واحدة عُرفت في التاريخ الإسلامي الأندونيسي باسم " مملكة دار الإسلام" في عام 916 هجرية، وقد استطاعت هذه المملكة تأسيس أول جيش إسلامي للدفاع عن المسلمين ضد غارات الممالك البوذيّة، كما ازدهرت هناك مؤسسات الدعوة الإسلامية والتعليم الإسلامي، كما أصبح لهذه الدولة علاقات متينة مع دول الخلافة الإسلاميّة.

وظهر في جزيرة " جاوا" مجموعة من العلماء الذين نشطوا في نشر دعوة الإسلام، ويُعرف هؤلاء العلماء في التاريخ الإسلامي الأندونيسي باسم "الأولياء التسعة"، حيث كانوا خبراء في كافة مجالات الحياة، وقد أطلق المسلمون في أندونيسيا أسماءهم على العديد من دور العلم، مثل جامعة شريف هداية الله في "جاكرتا"، ويذكر التاريخ الأندونيسي أن شريف هداية الله هو الذى بنى مدينة "جاكرتا" العاصمة بعد أن هزم الاستعمار البرتغالي في عام 1527 ميلادية، وكانت هذه المدينة تُعرف باسم " سواندا كلايا"، ومعنى جاكرتا: " المنتصر السعيد" تخليداً لذكرى هذا النصر على المستعمر البرتغالي، كما أسس الشريف هداية الله العديد من المدارس والمعاهد الإسلامية، وكان يتولى التدريس فيها بنفسه، وعلى يديه تخرّج عدد كبير من علماء الإسلام.

وقد طبق المسلمون في أغلب الجزر الأندونيسية الشريعة الإسلامية في الحكم والاقتصاد، وجميع المعاملات التجارية، وقد أرجعت الدراسات الإسلامية إلى المسلمين الفضل في تحرير أندونيسيا من المستعمر الهولندي.

 

المساجد والجامعات:

ويبلغ عدد المساجد في أندونيسيا (591 ألف و 869) مسجداً في كافة أنحاء البلاد، وتوجد هناك العديد من الجامعات الإسلامية، وآلاف المعاهد والمدارس الإسلامية، ومن أشهر المؤسسات التي تهتم بالتعليم الإسلامي الجمعية المحمديّة التي أسست العديد من الجامعات والمعاهد والمدارس، وقد أدّى انتشار التعليم الإسلامي إلى زيادة معرفة الشعب الأندونيسي المسلم باللغة القرآنية.

 

تأصيل الكيان الاقتصادي:

وتهتم أندونيسيا بدعم علاقاتها مع الدول الإسلامية والعربية من أجل توطين التقنية والتكنولوجيا في ديار المسلمين بدلاً من استيرادها، وتأصيل الكيان الاقتصادي للأمة الإسلامية عن طريق تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية، وإنشاء أسواق إسلامية إقليمية، والعمل على إجادة استثمار ثروات الأمة الإسلامية بما يعود على المسلمين بالنفع، وتهتم بمناقشة السبل الكفيلة بمعالجة الانحرافات الفكرية والتصدي للغزو الفكري المعادي، ومحاربة المخدرات والسموم البيضاء وغيرها من أجل حماية شباب الأمة الإسلامية، والحفاظ على هويتهم العقائدية في مواجهة الآفات الاجتماعية الناجمة عن مؤثرات الغزو الثقافي المعادي.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply