بسم الله الرحمن الرحيم
في غمرة الحرب العسكرية التي يغطي لهيبها بقاعاً عدة من العالم الإسلامي.. ووسط دوي الآلة الحربية وأفاعيلها المأساوية في شعوب مسلمة عديدة.. تدور رحى حرب أشد شراسة.. وأكثر جرماً.. وأخطر نتيجة: "حرب اقتلاع القيم الإنسانية والأخلاقية" لدى الشعوب المسلمة وهي تستهدف من لا تطولهم الحرب العسكرية أو يفلتون من دمارها وقتلها، أومن يخرجون منها وهم تحت الصفر بعد أن تجردهم من كل شيء!
لقد حرص الاستعمار العالمي قديمه وحديثه على تجريد الشعوب المسلمة من أعز ما تملك وهو قيمها ومبادئها وعفتها، ومجموع القيم الإنسانية التي غرسها الإسلام فيها.. والهدف من ذلك واضح وهو "تسليك" الطريق أمام مشاريعه الفكرية والتنصيرية والإباحية والشذوذ!!
ولا عجب من اجتماع التنصير والإباحية في المشروع الغربي اليوم، فإن من يدقق في قسمات وتفاصيل المجتمع الغربي، سيجد أن هناك شبه توافق، بل وانسجام بين الاثنين "الإباحية" و"الكنيسة" بعد أن تنازلت الأخيرة.. ولم تعد حجر عثرة أمام الانهيار الأخلاقي، حيث لم تمانع في البداية، وبعد ذلك تحولت إلى مكان يقوده شواذ من القساوسة وتمارس فيه الرذيلة أحياناً...
وأصبحت الكنيسة كبناء رمزي أمراً مهماً للشعوب الغربية ولكن دون فاعلية.. فمنذ بدء الخليقة والإنسان يشعر بحاجته النفسية إلى مرجعية، وعقيدة يستند إليها، حتى ولو كانت حجراً أو شجراً لا ينفع ولا يضر!! ولذلك لا يستغني الغرب عن الكنيسة وإن سخرها لمشاريعه الاستعمارية، ولنزواته وشهواته وتلاعب بها!
هذا النموذج من الحياة الغربية بمتناقضاته وتنويعاته.. بشذوذه وإباحيته، ونهمه للمادة، وكنيسته، بل وبطرق حياته وتفكيره.. يريدون إلباسه للشعوب المسلمة حتى يبدو العالم في سمت وشكل واحد وطريقة حياة واحدة.. هي الطريقة الغربية!!
من هذا المنطلق تدور تلك الحرب "حرب اقتلاع القيم الإنسانية والأخلاقية" في المجتمع.. وقد تم تسخير آلات عديدة لتحقيق ذلك فكرية وإعلامية وسياسية وتعليمية.. وكل أداة لها علاقة بذلك.. وهي تتخذ طريق محاولة اقتلاع ما لدينا من قيم ومبادئ وإسلام، وزرع ما لديهم محلها، ولنلاحظ ما يلي:
أولاً: الحرب الشعواء على العمل الخيري الإسلامي، لمحاولة تجفيفه تماماً حتى تموت تلك القيمة بين المجتمعات المسلمة وعلى التوازي وفي نفس الوقت فتح المجال على مصراعيه للمؤسسات التنصيرية لتنطلق بين المسلمين في أماكن الأزمات والكوارث والحروب لتمارس مشروعها بكل حرية تحت شعارات إنسانية بالطبع!
ثانياً: الحرب الدائرة على الاحتشام والحجاب والأسرة كبناء وكيان اجتماعي وسط حملة مسعورة من التضليل والتشويه والتهوين من الإسلام ونبيه - صلى الله عليه وسلم -، وتقابلها حملة منظمة بدهاء وتحت شعارات خادعة لنشر الإباحية والترويج للشذوذ وبالتالي انعدام تكوين أسرة في المجتمعات المسلمة.. وإن الحال في ذلك أبلغ من المقال..
وقد أدرجنا على رأس اهتماماتنا في المجتمع تسليط الضوء على تفاصيل تلك الحملة التي تتحرك في صمت في ميادين عدة ودون انتباه من كثير من الناس.
ثالثاً: التمكين للاتجاهات السياسية العقائدية مثل المحافظين الجدد، وترك الحرية لهذه المعتقدات المخاصمة للإسلام لتقود العديد من المجتمعات الغربية مع كامل الحرية للوبي الصهيوني بالطبع ويقابل ذلك حرب استئصالية للحركة الإسلامية الراشدة الواعية لمنعها من الإمساك بزمام الأمور أو بعضها، والحيلولة بشتى الطرق بينها وبين قيادة الناس، والإبقاء على النظم الفاسدة المريضة، وإن اقتضى الأمر معالجة بعض أمراضها التي تهددها بالموات.
تلك أهم معالم المعركة الدائرة اليوم.. وهي تجسيد حي للتدافع بين الحق والباطل، وصورة من المجاهدة التي يخوضها المسلمون منذ فجر الرسالة وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
إن الحرب الدائرة ماحقة وخطيرة، وتحقق نتائج مؤلمة لصالح المشروع الغربي، لكن الذي يبعث الأمل والاطمئنان هو أن الصمود الإسلامي مبدع، ومقاومة الشعوب المسلمة تزداد وعياً وقوة وإصراراً على الاستمساك بعقيدتها وقيمها ومبادئها الإنسانية، وتحقق في سبيل ذلك إنجازات رائعة..وليس هناك أدنى شك في أن تلك الحرب ستنتهي إلى الفشل الذريع وسينجلي غبارها: (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) (الرعد:17).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد