الشبكات يديرها مختصون نفسانيون صهاينة لتجنيد الشباب العربي


بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنهم يصطادون ضحاياهم عبر الإنترنت!

نشرت جريدة " لوسوار" البلجيكية منذ فترة وقائع غريبة ربما كانت ستمر مرور الكرام لولا أن مجلة "لومجازين ديسراييل" (المجلة اليهودية الصادرة في فرنسا) نشرت أيضاً ملفاً عن "عملاء الإنترنت" الذين هم في الحقيقة يشكلون اليوم إحدى أهم الركائز الإعلامية للمخابرات الصهيونية والأمريكية على حد سواء.

إنهم أشخاص لا يعرفون أنهم يفعلون شيئاً خطيراً، يفتحون الإنترنت، وبالتحديد صفحات الدردشة الفورية لقضاء الساعات في الكلام عن أشياء قد تبدو من أول وهلة غير مهمة، وأحياناً تافهة أيضاً، لكنها في الحقيقة أشياء تشكل أهم المحاور التي تركز عليها أجهزة استقطاب المعلومات في المخابرات الصهيونية لأنها ببساطة تساعدها على قراءة السلوك العربي، سلوك الفرد وبالخصوص الشباب!

في سنة 1998 اجتمع ضابط المخابرات الصهيونية "موشي أهارون" مع نظيره الأمريكي في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، لم يكن الأمر يعدو اجتماعاً روتينياً، كان فيه الجانب الأمريكي يسعى إلى الحصول على الحقائق اللوجستيكية التي من عادة المخابرات الصهيونية تقديمها للأمريكيين عن الدول المتهمة قبلاً ب"محور الشر"، وبالخصوص التي تطلق عليها إدارة البيت الأبيض الدول المارقة.

مكتب متحرك- ثابت: لكن الجانب الصهيوني كان يبحث عن الدعم اللوجستيكي غير المعلوماتي، بل المادي لتأسيس مكتب ظل في الحقيقة بمثابة الأمل الكبير "لموشي أهارون" الذي كان من أبرز الوجوه الصهيونية المختصة في الشؤون الأمنية العربية. فكرة المكتب كانت تتأسس على نقاط مضبوطة مسبقاً، وبالتالي تبدو واضحة وسهلة: تأسيس مكتب مخابراتي متحرك- ثابت عبر الإنترنت. كان الأمر على غرابته يبدو مثيراً للاهتمام بالنسبة للأمريكيين الذين اشترطوا أن يكونوا ضمن " الشبكة ". مادياً، لم يكن الكيان الصهيوني قادرا على ضمان "نجاح" تجربة مخابراتية عبر الإنترنت من دون مساعدة أمريكية عبر الأقمار الصناعية وعبر المواقع البريدية الأمريكية التي تخدم بالخصوص "الشات" بكل مجالاتها والتي تعرف الإقبال عليها من قبل الشباب وبالخصوص من قبل شباب العالم الثالث في القارات الخمس!.

بتاريخ 1 مايو 2002 تم الكشف لأول مرة في جريدة " التايمز " عن وجود شبكة مخابراتية تركز اهتماماتها على جمع أكبر عدد من "العملاء" أولاً وبالتالي من المعلومات التي يعرف الكثير من الاختصاصيين النفسانيين المنكبين على المشروع كيفية جمعها وبالتالي كيفية استغلالها لتكون معلومة "ذات أهمية قصوى"! كانت العملية أشبه بفيلم هوليودي ذي تأثيرات سينمائية محضة، ومبالغات كتلك التي تتكاثف عليها الأفلام الحركية الأمريكية، لكن الحقيقة كانت أن مكتب " المخابرات عبر الإنترنت " تأسس فعلاً في سنة 2001م، تحت قيادة ضباط من المخابرات الصهيونية أولهم هو نفسه "موشي أهارون" بمعية ضباط من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والذي امتد إلى العالم من خلال جملة من المعطيات التي كانت تتركز على نفس الهدف الأول: جمع عملاء شباب لخدمة "الكيان الصهيوني "!

ملفات سرية: ما نشرته مجلة "لوماجازين ديسراييل" الصادرة في فرنسا يبدو مثيراً للكثير من الدهشة، ربما لأنها نقلت عن "ملفات سرية" الكثير من التفاصيل التي استطاعت أن تجمعها عن مصادر موثوقة في الكيان الصهيوني، حيث إنها كما تقول المجلة "أخذت السبق في نشرها" وهو ما أثار في النهاية سخط السفير الصهيوني في فرنسا ضد المجلة اليهودية التي اتهمتها الكثير من الجهات اليهودية بأنها "كشفت أسراراً لا يحق لها كشفها للعدو" وهو ما تراه المجلة نفسها: الحق في المعرفة! بين هذا وذاك كانت القضية الأخطر. وبالنسبة إلينا، لأهمية وخطورة هذه الإشكالية قمنا بدعوة أستاذين مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع للتعمق في الموضوع، وهم: "جيرالد نيرو" أستاذ في كلية علم النفس بجامعة بروفانس الفرنسية، والدكتورة "ماري سيجال" أخصائية اجتماعية، اختصاصية في السلوك البشري في جامعة "لوروا" البلجيكية.

مخابرات الإنترنت

يقول "جيرالد نيرو" (أستاذ في كلية علم النفس بجامعة بروفانس الفرنسية، وصاحب كتاب: أخطار الإنترنت): "هذه شبكة تم الكشف عنها في مايو 2001م، وهي شبكات يديرها مختصون نفسانيون في الكيان الصهيوني وهم مجندون لاستقطاب شباب العالم الثالث وبالتحديد الشباب المقيم في دول المحور (محور الصراع العربي الصهيوني). لقد قمت بالكتابة عن هذه الشبكة في كتابي "أخطار الإنترنت" وذكرت بعد الكثير من الدراسات أن مكتب "المخابرات الإنترنتية" عبارة عن مواقع للشات، والحوار والانطلاق، بحيث إنها تعتمد على معطيات تبدو مهمة بالنسبة لمستعملي الإنترنت، أولاً الخصوصية وثانياً الحوار وبالتالي تناول المواضيع المحظورة أحياناً كالجنس...إلخ.لهذا، الدخول إليها لن يحتاج إلى مغامرات حقيقية، بل إلى مجرد فتح المواقع المعنية تلك، إذ يكفي القيام بمسح شامل للمواقع لتكتشف العدد الرهيب لمواقع الشات التي بدورها تنقسم إلى أقسام كثيرة مثل: الحوار العاطفي- الحوار الثقافي والفكري- الحوار السياسي- الحوار الرياضي إلخ" هذه الأقسام تجلب إليها آلافاً من المشتركين الذين يستعملون أسماء مستعارة، لأن المواقع في النهاية تريد أن يشعر المشترك فيها أنه "حر" و"غير مراقب". وهذا هو السبيل الأفضل لاصطياد عدد كبير من الأشخاص. ثمة نقطة لا يعرفها الشخص الذي يفتح موقعاً معيناً (يقف خلفه ضابط مخابرات صهيوني) مثل موقع "شات لوف" الذي انطلق عام 2003م من الولايات الأمريكية وصار اليوم موقعاً دولياً يحمل أكثر من عنوان عبر الإنترنت على سبيل المثال "الصداقة دوت كوم" الذي يدخله الملايين شهرياً ويصدر بالعديد من اللغات... إلخ. هؤلاء صار واضحاً للعيان الآن أن ثمة من يسيرون المواقع من خلفيات مخابراتية، ثمة أطباء نفسانيون ومختصون في علم الاجتماع يديرون الحوار بذكاء وحرفية كبيرة، وقد استطعنا أن نقيم دراسة في الموضوع عرضناها ضمن كتابنا السابق الذكر.

 

الحاجة الماسة للحوار

ويضيف "جيرالد نيرو": "في الحقيقة أن كل من له قدرة على استعمال الإنترنت لسد فراغ أو حاجة نفسية يعتبر "عميلاً مميزاً"، لأن المواقع التي تثير الشباب هي التي تمنحهم مساحة من الحوار ربما يفتقدونها في حياتهم اليومية، ناهيك عن أن استعمال الإنترنت يضمن خصوصية معينة، حيث إن المتكلم يحتفظ عادة بسرية ما في شخصه، كأن يستعمل اسماً مستعاراً، وبالتالي يكون إحساسه بالحرية أكثر، إن تركيز الشباب لا يكون على الموقع نفسه، بل على من سيلتقيه للحديث معه. المسألة تبدو سهلة بالنسبة لضباط المخابرات الذين ينشطون بشكل مكثف داخل مواقع الدردشة، بالخصوص في المناطق الأكثر حساسية في العالم. ولعل أكبر خاصية يمكن اكتشافها في مستعملي الإنترنت في العالم الثالث هو الحاجة إلى الحوار. عادة يكون مستعمل مواقع الشات شخصاً يعاني من البطالة اجتماعياً وفكرياً، وبالتالي يسعى إلى سد وقت الفراغ بالبحث عن "أشخاص آخرين" يشاركونه أفكاره. وربما يعتقد بعض المستعملين للإنترنت أن الكلام عن "الجنس" مثلاً ضماناً يبعد الشبهة السياسية عن المتكلم، بينما الحقيقة أن الحوار الجنسي هو في الحقيقة وسيلة خطرة لكشف الأغوار النفسية وبالتالي لكشف نقاط ضعف من الصعب اكتشافها في الحوارات العادية الأخرى، لهذا يسهل "تجنيد" العملاء انطلاقاً من تلك الحوارات الخاصة جداً التي تشمل في العادة غرف النوم والصور الإباحية وما إلى ذلك، بحيث إنها السبيل الأسهل للإيقاع بالشخص ودمجه في عالم يسعى رجل المخابرات إلى أن يكون عالمه، أي أفيونه الشخصي! ".

 

قراءة الشخصية

أما الدكتورة "ماري سيجال" التي تشارك معنا الحوار فترى شيئاً آخر، تقول: عبارة "المخابرات الإنترنتية" هي المصطلح الجديد على مسامع الآخرين، برغم حقيقة وجودها. الأمريكيون اعتبروا قبل غزو العراق أنهم (يسعون إلى قراءة الشخصية العراقية) من خلال الإنترنت. أي استقطاب أكبر عدد من العراقيين بمختلف مستوياتهم لدراسة شخصيتهم وكان ذلك المشروع قيد البدء فعلاً، قبل أن تتسارع الأحداث بغزو العراق بتلك الطريقة. من وجهة النظر العلمية فإن استقطاب المعلومات لم يعد أمراً معقداً، بل صار أسهل من السابق بكثير. ربما في السنوات العشرين السابقة، كان "العميل" شخصاً يتوجب تجنيده بشكل مباشر، بينما الآن يبدو "العميل" شخصاً جاهزاً، يمكن إيجاده على الخط، وبالتالي تبادل الآراء معه ونبش أسراره الخاصة أحياناً، وأسراره العامة بشكل غير مباشر".

 

حادثة غريبة:

هنالك حادثة غريبة نشرها ضابط المخابرات الصهيوني- الأمريكي "وليام سميث" الذي اشتغل إبان الحرب الباردة ضمن فرقة "المخابرات المعلوماتية"، نشر في جريدة "واشنطن بوست" قبل عامين أجزاء من كتابه "أسرار غير خاصة" عن تجنيد شباب عاطلين عن العمل من أمريكا اللاتينية، كان دورهم في غاية البساطة والخطورة عبارة عن كتابة تقرير عن الأوضاع السائدة في بلدانهم. في الفصل السادس من الكتاب ذكر "وليام سميث" أن أحد الشباب الناقمين على النظام في إحدى دول جنوب أمريكا ذكر لضابطة مخابرات كانت معه على الخط (عبر غرف الدردشة) أن ثمة إشاعات مثيرة تدور بين الناس أن سعر البنزين وبعض المواد الغذائية سوف يرتفع في الأيام القادمة. فسألته الضابطة: "وماذا يعني ذلك؟ كل يوم ترتفع الأسعار في العالم"، فرد عليها الشاب: أنت تمزحين، سيثور الناس هذه المرة ويقومون بثورة ضد النظام. كانت تلك المعلومة البسيطة والمهمة لا تعني أن الأسعار سترتفع، بل أن تسارع جهات من الخارج إلى رفعها وإلى إثارة الناس بشكل حقيقي لأجل إثارة الفوضى عبرها، وهو الشيء الذي تم تنظيمه في جمهورية جورجيا حين تم الكشف عن شبكة تنشط عبر الإنترنت قامت بحشد مجموعة من النشطاء الذين استطاعوا أن يقوموا بعمليات كثيرة ضمن (الثورة الملونة) مؤخراً. ما يهمنا في الحقيقة هو التأكيد أن الإنترنت لم يعد نافذة على العالم فحسب، بل صار يشكل وسيلة خطرة للدخول إلى خصوصيات الآخرين وبالتالي تم استغلاله لأغراض مخابراتية عسكرية محضة، هذا شيء لا يختلف عليه أحد اليوم أساساً..

وتضيف الدكتورة "ماري سيجال": "نحن نتساءل عمن يستعمل الإنترنت عادة؟ من الصعب الرد على السؤال لأن الذين يستعملون الإنترنت تتراوح أعمارهم بين السادسة إلى الثمانين عاماً، ولهذا يصعب تحديد أسباب الاستعمال خارج ما نسميه أساساً بالرغبة في كسر حاجز المسافة أولاً، وبالتالي في الحوار".

لماذا نستعمل الإنترنت؟: وأكدت: "ما يثير اهتمامنا في المعهد البلجيكي لخدمات الإنترنت هو أن نركز على نقطة مهمة وهي: لماذا نستعمل الإنترنت؟ هل لتصفح البريد أم لتصفح العالم؟ في هذه النقطة يجب القول إن العالم لم يعد واسعاً طالما الإنسان الجالس في مقعده يمكنه زيارة واشنطن ونيودلهي في برهة عين، من دون أن يغادر مقعده. هذا شيء عظيم تم إنجازه، إلا أن النتائج كانت فادحة، لأن استغلال هذه الشبكة الضخمة تم تعريضه لعوامل خارجية على أساسها تحول الإنترنت إلى "سد فراغ" أو تسلية سرعان ما انقلبت إلى مأساة حين عجز الإنسان عن فعل شيء سوى الدخول إلى مواقع الدردشة التي لن يخرج منها إلا بإحساس أنه أضاع وقتاً عليه تداركه بالدخول إلى دردشة أخرى من دون أن يسأل نفسه عَمّ يجب أن يتكلم به أساساً!

 

رؤية الحرب:

لم يقتصر الإنترنت على مجرد مواقع الشات والتحرشات الغريبة التي يعتقد كل طرف أنه يحقق من خلالها حريته الشخصية أو ما صار يصطلح عليه "ديمقراطية" الفرد في الجماعة، وهو المصطلح الذي يعني أن الفرد في النهاية يؤسس بداية تكوين المجموعة، وهو في الحقيقة المعنى التروتسكي القديم الذي أدى في النهاية إلى إحداث الخلل في العديد من التركيبات الطبيعية لماهية الحرية نفسها، وماهية الإنسان. ربما في عالم الإنترنت، صارت المؤشرات الرقمية هي الأهم، بحيث لم يعد ممكناً الكلام إلا عن ذلك العالم الكبير الذي حولته الشبكة المعلوماتية والرقمية إلى قرية صغيرة، بيد أن عبارة القرية الصغيرة " اخترعها " الغرب لاختزال كل السياسات غير المتساوية وغير العادلة التي ترتكبها الدول القوية على الدول الضعيفة التي تشكل أكثر من نصف سكان العالم. القرية الصغيرة هي الانعكاس الثاني لعالم الإنترنت، بكل ما منحه ذلك العالم من إيجابيات حقيقية وسلبيات جمة، لأن الشبكة المفتوحة على "الديمقراطية الفردية" أغرقت شعوباً كثيرة في الفقر والمآزق السياسية وقادت الأفراد إلى خيانة أوطانهم أيضاً.

 

سوق الإنترنت:

في تاريخ 27 مايو 2002 نشرت جريدة "لوموند" الفرنسية ملفاً عن حرب الإنترنت، وهي الحرب التي فعلاً انطلقت منذ أكثر من عشرين سنة، وتوسعت منذ أحداث 11 سبتمبر2001، بحيث تحولت من حرب معلوماتية إلى حرب تدميرية كان الهدف الأساسي منها احتكار "سوق الإنترنت" عبر مجموعة من المواقع التي رأت النور بعد ذلك التاريخ الأسود من سبتمبر 2001، بحيث إن أكثر من 58% من المواقع التي ظهرت كانت في الحقيقة فروعاً، مؤكدة من أجهزة الاستخبارات للعديد من الدول أهمها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، تليهما بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.. لم يكن المغزى من المواقع (ذات الوجهة الشبابية) اكتشاف العالم من جديد، ولا اختصار المسافة بين الشمال والجنوب لتقريب الدول والمسافات، بل كان الهدف منها قراءة أخرى لواقع الحرب الجديدة التي تفجرت والتي يسميها أكثر من 90% بالحرب على الإرهاب. ربما من الصيغة الأحادية المصدر، فإن الإرهاب ارتبط للأسف الشديد بجملة من التشويهات الإعلامية التي مورست ضد دول العالم، لإغراقها في الفقر ولإلصاق تهمة الإرهاب بها مرتين، مرة لأنها ضعيفة وفقيرة ومرة لأنها فعلاً تحمل رؤى مختلفة عن رؤى الاستغلال الرأسمالي الغربي، ونمط الفكر الغربي الاستهلاكي، لهذا كان الإعلام الأمريكي في السبعينيات ينظر إلى دول الجنوب نظرة حربية مازالت مستمرة إلى اليوم، وإن توسعت لتشمل دولاً وأعراقاً أخرى. ما تحقق على مستوى الشبكة المعلوماتية لم تحققه ربما أكبر الحروب المباشرة.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply