ينص الدستور البلجيكي على السماح بحرية الأديان وحرية التعبير للأفراد كما يسمح للمسلمين هناك ببناء دور العبادة والمساجد حيث تكثر في العاصمة بروكسل وثاني أكبر مدينة بلجيكية وهي إنفير.
يذكر أن عدد المساجد في بلجيكا هو 290 مسجد ودار عبادة وشهد منتصف القرن الماضي موجة هجرة جماعية من العمالة الرخيصة من دول البحر الأبيض المتوسط وذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية ويتمتع الجيل الرابع من أبناء المهاجرين المسلمين بالجنسية البلجيكية كما يتمتعون بكامل الحقوق التي يتمتع بها سكان بلجيكا الأصليين يذكر أن إجمالي عدد المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي كافة يبلغ حوالي عشرين مليون مسلم ويتزايد عدد المسلمين في بلجيكا بواقع 100 ألف شخص منذ بداية التسعينيات وحتى يومنا هذا ويشكل الإسلام ثاني أكبر ديانة في بلجيكا متفوقا بذلك على الديانة اليهودية والبروتستانتية ويتم تدريس مادة الإسلام في المدارس البلجيكية منذ العام 1975 وذلك أسوة بتدريس الديانات الأخرى كما يقوم حوالي 700 مدرس ومدرسة من المسلمين بالتعريف بتعاليم الإسلام في المدارس الابتدائية والثانوية.
تعليم الإسلام في المدارس:
جدير بالاهتمام بيان ما أحرزه التعليم الإسلامي في بلجيكا من أسبقية واضحة على المستوى الأوروبي، إذ يجري تدريس الدين الإسلامي لكل المراحل في المدارس العامة منذ ثلاثة عقود وتُتاح للتلاميذ المسلمين فرصة تعلّم مبادئ دينهم لمدة ساعتين أسبوعياً، وذلك باللغة الفرنسية في إقليم والوني وباللغة الهولندية في إقليم فلاندرن. وبدورها تتولى الدولة دفع رواتب مدرسي الدين الإسلامي الذين يزيد عددهم عن سبعمائة معلّم ومعلمة.
ولكنّ إجمالي حصة المسلمين من النفقات الرسمية على الشؤون الدينية لا تتجاوز في حقيقة الأمر 3.5 في المائة واستناداً إلى دراسة جديدة أعلن 'مركز الأبحاث السياسية الاجتماعية' في بروكسل عن نتائجها في نهاية إبريل 2001، وحصلت 'قدس برس' على نسخة منها، فإنّ قرابة 80 في المائة من هذه النفقات تصب لصالح الكنيسة الكاثوليكية، فيما يبلغ نصيب الكنيسة البروتستانتية منها 3.2 في المائة، وأما الديانة اليهودية فلم تتجاوز حصتها 0.6 في المائة من إجمالي النفقات، تلتها الكنيسة الأرثوذكسية بنسبة 0.4 في المائة، فالكنيسة الإنجيليكانية بنسبة 0.1 في المائة، كما يلاحظ أنّ مذاهب أخرى قد حازت بمجموعها على 13 في المائة من هذه الأموال.
وتكشف هذه التوزيعات عن حجم الاستئثار الذي تتمتع به الكنيسة الكاثوليكية في البلاد بموجب الرصيد التاريخي لها في بلجيكا، إلى جانب استحقاقات الاتفاق الذي ينظم العلاقة بين بروكسل والكرسي الرسولي.
وإذا كانت معظم هذه النفقات الرسمية تصب على هيئة أجور ومكافآت وضمانات اجتماعية لموظفي الهيئات الدينيةº فإنّ الدراسة تؤكد أنّ الدولة لم تقرر من جانبها بعد دفع أجور أئمة وموظفين تابعين لنحو 126 مؤسسة إسلامية في بلجيكا، وهو ما يثير مشاعر الغبن في أوساط المسلمين.
ويبلغ نصيب الحصة الدينية الإسلامية من إجمالي نفقات الدولة على التعليم الديني والأخلاقي 7 في المائة، فيما تحوز الكنيسة الكاثوليكية على 70 في المائة من هذه النفقات وبينما تقتطع الحصة الدينية البروتستانتية في المدارس 4.5 في المائة من النفقات، فإنّ 20 في المائة منها بالمقابل مخصصة لحصة الأخلاق.
وإلى جانب تعليم الدين الإسلامي لأبناء المسلمين في المدارس العامة البلجيكيةº تتولى عدد من المدارس الخاصة الإسلامية والعربية توفير فرص التعليم لأبناء المسلمين، وخاصة في المراحل المدرسية الأولى، وتبرز من بينها مدرسة الغزالي ببروكسل، ومدرسة ابن خلدون بلياج.
ولا تقف تطلعات مسلمي بلجيكا عند حد التعليم الأساسي، إذ بادروا بمساعٍ, عملية لتوفير فرص التعليم العالي الإسلامي لأجيالهم الصاعدة إذ افتُتحت عام 1997 في العاصمة بروكسل 'الأكاديمية الأوروبية للثقافة والعلوم الإسلامية'، التي يلتحق بها قرابة مائتي طالب وطالبة ضمن برنامج يتوزع على 15 ساعة أسبوعياً.
يقول عبد السلام العريبي من منظمة حقوق الإنسان الأوروبية ببروكسل والنشط في مجال حقوق الجاليات العربية: 'إن المسلمين قبل أحداث سبتمبر كانوا يعيشون كأي أقليات دينية أخرى، تمارس عقائدها الدينية في حدود ما يسمح به الدستور من مساواة في الحقوق، باستثناء بعض التصرفات العنصرية التي كان يواجهها بعض الأفراد، والتي كانت في الغالب تصرفات فردية من عناصر يمينية متطرفة، تلك التي تعادي الأجانب بصفة عامة'.
وقال العريبي إن أحداث سبتمبر تسببت في ردود فعل سلبية على الجاليات العربية مدفوعة بالدعاية الأمريكية الصهيونية بأن المسلمين وراء كل الأحداث الإرهابية، وهذا الجانب جعل الدول الأوروبية تتشدد في التعامل مع المسلمين وتضع أنشطة الجاليات تحت الرقابة، فتحظر ما تحظر منها، وتحجر على أموالها وتصادرها أو تجمدها، وفي هذا خسارة كبيرة للمسلمين في أوروبا، خاصة المنظمات التي لها توجهات خيرية في مساعدة وإنقاذ فقراء المسلمين في العالم والمنكوبين منهم.
ويضيف قائلا: 'وقد ساعدت الأحداث على محاصرة المسلمين في أرزاقهم ببلجيكا، فأصبح كثير من أصحاب العمل يرفضون تشغيل المسلمين، أو حتى تشغيل كل من يحمل اسما مسلما أو عربيا، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تراكمات سلبية بمرور السنوات ليحول المجتمع المسلم في بلجيكا إلى مجتمع أكثر فقرا، وفي هذا خطورة شديدة على المجتمع البلجيكي نفسه، ولا يختلف الأمر في بلجيكا عنه في بقية الدول الأوروبية أو الغربية عامة '
ويقول العريبي: إن هناك جانبا إيجابيا للهجمات تمثل في تسريع الحكومات الأوروبية بإعطاء المسلمين حقوقهم الدستورة كاملة، حتى لا يؤدي غياب هذه الحقوق إلى غضب وانفجار، يؤدي إلى أعمال عنف أو إرهاب، 'حيث شهدنا ظهور أول مجلس إسلامي أوروبي عام في فرنسا، واتحاد لمجالس إسلامية عديدة وهكذا كسب المسلمون ورقة مهمة ورابحة بتوحدهم وتجمعهم عبر هذه المجالس لإعلاء كلمة الإسلام وتقديمه بصورة صحيحة للغرب '.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد