طالبان تعود من جديد!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يلاحظ أن طالبان قد قامت منذ أوائل هذه السنة بإحكام سيطرتها تماماً على إقليم وزيرستان، سيما المنطقة الشمالية منه حيث القبائل، والحدود المشتركة مع أفغانستان، وأسست الحركة قواعد ثابتة وقوية لها في المنطقة لتكون منطلقاً للعمليات ضد الاحتلال الأمريكي وقوات التحالف في أفغانستان، وقد ترافق ذلك مع صعود قوّة الجماعات المعادية لأمريكا والمقاتلة لها في كل من العراق وحتى مناطق من إيران، والتي على ما يبدو تقاتل وفق حد معين من التنسيق والإستراتيجية المشتركة.

وباعتبارها منطقة قبلية وعشائرية فقد تمتعت وزيرستان دوماً بشبه حكم ذاتي، وباستقلال تام عن الحكومة المركزية في إسلام آباد، وبدا ذلك واضحاً عندما حاول الجيش الباكستاني اقتحام المنطقة للقضاء على المقاتلين الأجانب أو الأفغان، فقد واجه مقاومة شرسة، وتم إجباره على الخروج والتقهقر إلى خارج المنطقة وعلى مشارفها.

وبث أحد المواقع الالكترونية منذ فترة قصيرة شريطاً مرئياً أصدرته طالبان، وهي تُظهر فيه سيطرتها على المنطقة والقواعد التابعة، لها حيث الآلاف من المقاتلين، والذين يحضّرون لهجوم على القواعد الأمريكية، كما يظهر الشريط عمليات إعدام للجواسيس وقطّاع الطرق من رجال العصابات الموجودين في المنطقة، ويبرز أيضاً كيف أنّ المقاتلين يخرجون في الليل من قواعدهم ويتجهون نحو خوست على مسافة نصف ساعة، حيث يشتبكون مع القوات الأمريكية ثمّ يعودون إلى قواعدهم قبل الفجر من جديد، هذا وقد تمّ الإعلان في نفس الشريط عن تأسيس إمارة إسلامية في وزيرستان على أن تتسلم طالبان الجزء الشمالي منها حيث تصبح قاعدة دائمة لها.

ويلاحظ أنّ قدرة طالبان وقوّتها وتأسيسها لهذه القواعد في المنطقة جاء بعد صيف ساخن عملت فيه على رفع وتيرة عملياتها ضد الأمريكيين، والتنسيق مع القاعدة ورجالها المتواجدين في المنطقة على ما يبدو، وتشير بعض المعلومات المتوافرة إلى أن هناك توجهاً لربط جميع أو معظم المجموعات التي تقاتل ضدّ الولايات المتحدة الأمريكية، وإنشاء قيادة موحدة ومشتركة لها من العراق إلى أفغانستان, لكنّ العائق الوحيد أمام ذلك على ما يبدو حالياً هو إيران.

لكن فرض عقوبات على إيران، أو حتى مهاجمتهاº قد يفتح الباب أمام القاعدة لدخول الساحة الإيرانية لمقاتلة الأمريكيين، واستغلالاً للفرصة في ربط الممر المقطوع في إيران بين العراق والأسلحة العربية من جهة، وأفغانستان وباكستان من جهة أخرى.

ويشير عدد من التقارير الباكستانية إلى أن طالبان خاضت مؤخراً في شهر كانون الأول من العام 2005 معارك داخلية أولاً في وزيرستان ضدّ المجرمين وقطّاع الطرق والمافيات المحليّة التي تتاجر بالنساء والمخدرات، وتفرض الديّة على أصحاب المحلات والتجّار، وحتى في كثير من الأحيان على التابعين للحكومة الباكستانية في منطقتهم.

وقد حصلت هذه المواجهة بعد أن طالب قطّاع الطرق هؤلاء أفراداً من حركة طالبان أثناء توجههم إلى أفغانستان بدفع مبلغ من المال لقاء السماح لهم بمرور منطقتهم، ورفض أفراد طالبان ذلك، وما إن مرّوا حتى قام قطّاع الطرق بإطلاق صاروخ عليهم أدى إلى مقتل عدد كبير منهم، فما كان من الأهالي وأفراد المنطقة إلى أن تضامنوا مع طالبان، فقامت الأخيرة وأتباعها من أهالي المنطقة بشن هجوم كاسح على أماكن وجود هؤلاء المجرمين والعصابات، وقتلت عدداً كبيراً منهم، وتم تأمين المنطقة بشكل تام، وبذلك حصلت طالبان على شرعية من الأهالي والقبائل في هذه المنطقة، وتم تسليمها الجزء الشمالي من وزيرستان، وهذا ما يذكرنا ببدايات انبعاث طالبان في أفغانستان عندما قاتلت أمراء الحرب، وحصلت على شرعيتها من الأهالي بهذه الطريقة.

على العموم باستيلائها على هذه المنطقة انتقلت طالبان إلى مرحلة أخرى من التصعيد، وتتميّز بتحضير هجمات فدائية على القوات الأمريكية وأتباعها من قوات التحالف، وقد تم رصد عدد من الأهداف، وتجهيز عدد من الفدائيين ليقوموا بهذه المهمات المحددة لهم في المرحلة اللاحقة، على أن يتم التنسيق مع المقاومة الأفغانية في الداخل، ومن بينها زعماء لحركة طالبان داخلياًº للعمل على تعبئة القبائل البشتونية في أفغانستان استعداداً لهجوم كاسح، كما يتم الاتصال بالحزب الإسلامي الأفغاني وقادته خاصة كشمير خان الذي كان يعتقد أنه قد تمّ أسره من قبل القوات الأمريكية، لكن المصادر تشير إلى أنه يعمل على تجميع الموالين في كونار حيث المعقل الرئيسي للمقاومة التابعة له.

وتسيطر المقاومة الأفغانية حالياً على العديد من المناطق والقواعد، وهو ما سيعطيها دفعاً وزخماً أكبر في المستقبل، الذي سيشهد بلا شك تسارعاً في وتيرة العمليات ضدّ الأمريكيين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply