ليس غريباً أن يتبجح اليهود والنصارى ومن حالفهم من العملاء في الداخل والخارج بالخروج في مظاهرة الأحد 30/4/2006م يرفعون شعاراً مزخرفاً أجوف عُنون بـ"أنقذوا دارفور"!، ولم يقف الأمر عند رفع الشعار فحسب بل صاحب ذلك مسيرات في أكثر من 15 ولاية من الولايات الأمريكية لاستدرار التعاطف مع الحكومة الصهيونية الأمريكية في مشروعها الجديد القديم بغزو دولة أخرى من دول العالم الإسلامي "السودان"!
أنشأ هؤلاء الغوغائيون منظمة "أنقذوا دارفور"، وموقعاً إلكترونياً يحمل نفس العنوان: "www.savedarfur.org"، ووضعوا في هذا الموقع الطرق التي من خلالها يقومون بدعم الجهود التي تقوم بها الإدارة الأمريكية بالتدخل المباشر في السودان تحت ستار إنقاذ أهالي دارفور من أيدي مليشيات الجنجويد!، وسعوا كذلك من خلال هذا الموقع بجمع مليون توقيع من خلال رسالة مرفوعة إلى الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية يطالبون فيها بالتدخل السريع لوقف "الإبادة الجماعية" أو كما أطلقوا عليه "إبادة الجنجويد".
ليس غريباً أن يتحالف اليهود والنصارى، وأبناء العلقمي في الداخل والخارج لرفع هذا الشعار الواضح بالدعوة إلى تنصير هذه المنطقة، وزعزعة الاستقرار فيها، بل واستقرار المنطقة كلهاº لأن الشعار المرفوع في الكنيست اليهودي هو أن: "دولة اليهود ممتدة من النيل إلى الفرات"، فالفرات قد احتل ودمر، أما السودان فقد بدأ عهد تفتيته وتدميره، وهذا التفتيت والتدمير لا يتم فقط من قبل اليهود والنصارى! بل بأيدي مسلمين أيضاً، ومن أبناء السودان الذي تحالفوا مع اليهود والنصارى في القضاء على دولتهم بحجة وقف عمليات القتل والإبادة!
ليس غريباً أن يتحالف اليهود والنصارى بإسقاط دولة وراء أخرى من الدول الإسلامية، وتحويلها إلى مجرد دويلة تتبع لهما، فهذا ديدنهم من أندلس إلى الآستانة، ومن مقديشو مروراً بكابول، وبغداد إلى الخرطوم، والباقية على الأبواب، في عصر يزيد فيه المسلون وهناً على وهنٍ,، وهم أكثر من مليار مسلم أو يزيدون!، ولا يستطيعون تحريك متحرك بله عن ساكن! وفي عصر نجد دولاً تحمل أسماء دول، ولا يستطيعون الوقوف مع السودان في مصائبه إلا من خلال الشعارات والخطابات الرنانة التي ملَّ وسأم منها حتى كاتبوها، ولكن الحقيقة المرة أنها أشباه دول لا تملك من سيادتها شيئاً! وصدق القائل:
مما يُـزَهِّـدني في أرض أَنـدلسٍ, أَسـماء معـتضـد فيـها ومعتمـــــدِ
ألقابُ مملكةٍ, في غيـر موضعهـا كالهِرِّ يَحكي انتفاخاً صورة الأسدِ
ليس غريباً أن يتحالف اليهود والنصارى وقائلهم يقول: "للولايات المتحدة مصلحة كبرى في المحافظة على وجود إسرائيل وأمنها، فنحن وإسرائيل لسنا حليفين طبيعيين عاديين، بل إن لدينا التزاماً أخلاقياً معها هو أسمى من أية اتفاقية أمنية"! (راجع كتاب نيسكون: ما وراء السلام - ص 148).
وليس غريباً أن يتبجح رئيس المدارس اليهودية في أمريكا "الحاخام أور روز" ويقول في هذه المظاهرة: "دفع الهولوكوست العديد منا للمجيء إلى هنا (أي ساحة المظاهرة)، نحن نحسٌّ بواجب أن نقف ونعلن رأينا، وذلك بسبب تاريخنا وتجربتنا"!
ليس غريباً أن يكتب كاتب علماني، وفي صحفنا في مقالة له يحمل عنوان: "أسامة الأفريقي"، يرنو من خلالها إلى تضعيف عقيدة الولاء والبراء لدى المسلمين، وأن ما يحاك ويخطط ضد السودان شأن داخلي ليس للمسلمين في الشط الآخر علاقة بها؟! ولم يحرك هذا العلماني وسادته شعورهم "الإنساني" هذا فيما حدث بالمسلمين في البوسنة والهرسك، وما يحدث الآن في الأراضي الفلسطينية، ولا يوجد أي دافع لهم، ولمن يقف خلفهم بالمطالبة - ولو من باب الشعارات التي يرددونها بين الفينة والأخرى - بتدخل دولي لإنقاذ الأطفال والنساء والشيوخ من موت محقق في فلسطين؟!
ليس غريباً أن يحتشد اليهود والنصارى ومن كل حدب وصوب للقضاء على أي بقعة ترفع فيها راية الإسلام بالوسائل والطرق التي تناسب كل حالة! هذا "نيكولاس كريستوف" يكتب مقالة على صفحات "نيويورك تايمز"، وتنشرها صحفية "العرب الدولية؟! الشرق الأوسط!" على صفحاتها، يعلق فيها على ما ورد في كلمة "ابن لادن" عن الوضع في دارفور، وذلك في عدد "10011 الأربعاء 28 ربيع الأول 1427هـ 26 أبريل 2006"، يستغل فيها الفقرات المعنية بهذا الأمر مما ورد في الشريط كله ليدفع المزيد من اليهود والنصارى في الخروج إلى المظاهرة التي تم التخطيط لها بكل دقة ودهاء، وشارك فيها أبناء المسلمين، ويضع من خلال هذه المقالة الخطوات اللازمة اتخاذها من الإدارة الصهيونية الأمريكية حيال أزمة دارفور بقوله: "لعله من المناسب أن نلقي نظرة على الخطوات التي يجب على الولايات المتحدة اتخاذها مع اقتراب موعد الحشد المقرر له يوم الأحد المقبل للمناشدة باتخاذ خطوة لوقف المذابح في دارفور، من المؤكد أن أول خطوة ينبغي على واشنطن اتخاذها هي وقف القتل أولاً، ثم إرسال قوات حفظ سلام فاعلة تابعة للأمم المتحدة، لا يقل قوامها عن 20 ألف فرد بكامل التجهيزات اللازمة، ثانياً: يجب على الولايات المتحدة وفرنسا فرض منطقة حظر جوي ومراقبتها انطلاقاً من قاعدة آبشي الجوية في تشاد، وهي خطوة وصفها خبراء عسكريون أمريكيون بأنها عملية، خصوصاً إذا تضمنت تدمير أي طائرة عسكرية سودانية تستخدم في شن غارات على المدنيين"!
ومن خلال هذه الخطوات التي وضعها كريستوف يصلون إلى هدفهم الرئيس، وهو إجبار تركيع السودان لهم، وعندها يطلبون المزيد من التنازلات كما حدث في قضية الجنوب!
خطوات شيطانية، كل خطوة يقابلها تنازل من المسلمين مهين، ولم يتذكروا قول ربهم - عز وجل -: ((وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهوَاءَهُم بَعدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ, وَلا نَصِيرٍ,))( البقرة: 120).
ليس غريباً أن تحتشد وسائل الإعلام الغربية، ومن خلال نشرات إعلامية لترويج لهذه الحملة والمظاهرة بالتضليل والتلفيق على الرأي العام الدولي، ومن خلال مواقع إلكترونية وصحف غربية، مع مشاركة بعض الوسائل الإعلامية العربية لها في هذا المسعى!! في وقت يسعى الاتحاد الأفريقي لإيجاد صيغة يمكن من خلالها إحلال السلام في المنطقة وفق القاعدة الغربية، أو قاعدة نيسكون الشهيرة: "ليس هناك سلم دائم وكامل، ولكنه التعايش مع النزاعات"!
فلقد قدم الاتحاد الأفريقي خطته المتضمنة لمعظم مطالب المعارضة، وأجمع الجميع بمن فيهم شركاؤهم الغربيون بأنها صيغة سلام يجب قبولها من كافة الأطراف، وإن لم يحقق كافة المطالب، إلا أن المعارضة الدارفورية رأت في التنازلات المقدمة من قبل الحكومة فرصة بطلب المزيد منها، وهي تستغل أوضاع المسلمين في المنطقة برفعها لتلك الشعارات والمطالب، ووقوفها بجانب المشروع الأمريكي التدميري للسودان وللمنطقة الإسلامية كلها بطلب المزيد منها، أو التلويح بالتدخل النصراني في المنطقة، من خلال مصالحها السياسية وأهوائها، وهي بمنأى عما يعانيها أهل دارفور في تلك المخيمات من إحن ومحن من القريب الجاهل، ومن العدو المتربص بهم الدوائر!
تتقدم الخطوات أو تتأخر في العملية السلمية في "أبوجا"، ويصل الطرفان وسط الضغوط الدولية إلى حل سلمي آني قابل لاشتعال في أية لحظة، وخاصة من قبل الحركات السياسية الدارفورية وعلى وجه الخصوص "حركة تحرير السودان" والتي انحرفت انحرافاً كبيراً عن مبادئها الأولية التي قامت عليها، وأضحت بعلمها أو دون علمها في وسط التبعية للغرب ومنظماتها، واتخاذها أداة لتنفيذ مآربها، فبعد أن وقع جناح ماني مع الحكومة السودانية أول من أمس على هذه الوثيقة والتي تتكون من (81) صفحة بعد التعديلات المستمرة عليها، هل يتحقق السلام الموعود، ويحل الأمن والطمأنينة لأهل دارفور، وسط قلوب مشحونة ليس من العروبة فحسب، ولكن البعض الآخر حاول أن يزج الإسلام فيها أيضاً لاستغلال الوضع؟!، وهذه هي الجرأة التي جعلت أحد المشاركين في المظاهرة الصهيونية النصرانية يعلنها وعلى الملأ: "يجب تنصير أهالي دارفور طالما أن المسلمين لا يحققون لهم الأمن"؟!، ولا غرابة بعد ذلك أن يصدر من قبل وعلى لسان أحد المشايخ في "معسكر حجر حديد" للاجئي دارفور في شرق تشاد عندما سئل عن حاله من قبل أحد الدعاة قولاً قريب من هذا بعد تزيينهم لهم بذلك: "المسلمون قتلونا، والنصارى أنقذونا"!
وليس غريباً بعد هذا كله أن يتواجد ست وتسعون منظمة غربية في مخيمات لاجئي دارفور في شرقي تشاد فقط، ومنها أربع منظمات كنسية بحتة! ولا توجد منظمة إسلامية واحدة؟!
إذن ما الغرابة في هذه المواقف، وما هو الجديد في هذه المعركة السياسية والإعلامية؟! الغريب هو أن المسلمين لم يتعظوا بالعبر والدروس والخطوب التي تمر بهم وتنهال عليهم من كل حدب وصوب، وما زال الكثيرون يتآمرون مع اليهود والنصارى للقضاء على ما تبقى من ديارهم.
الغريب أنه وفي هذه المحن التي تشتد على السودان، ومن كل الأطراف، يتآمر بعض أبناء السودان وممن كانوا في يوم من الأيام يرفعون راية الدولة الإسلامية وشعار الإسلام مع اليهود والنصارى، للقضاء على ما تبقى من هذه الدولة!
لا ننكر أن هناك تجاوزات كثيرة لحق أهالي دارفور، ولا ننكر أن هناك أخطاء في مسيرة الدولة السودانية تجاه هذه القضية في بداياتها، فالقاصي والداني يدرك ذلك، وذكرنا ذلك مراراً وتكراراً، ولكن الذي ننكره أن يضع بعض أبناء المسلمين أيديهم في أيدي اليهود والنصارى لتحقيق مآربهم وأهوائهم وشهواتهم، فلا أفغانستان ولا العراق تذكِّرهم وتعظهم! فلعمري متى يتعظون ويعدون؟!
أرى خـلل الـرماد وميـض نــــار وأخـشى أن يكـون لـه ضــرامُ
فـإنَّ الـنار بالعـودين تـــــذكــى وإن الحــرب مـبـدؤها كــــــلام
فقلت من التعجب ليتَ شعري أأيـقاظٌ أهل الإسلام أم نـيامُ؟!
أأيقاظٌ أهل الإسلام أم نيامُ؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد