العلمانية والعربية والمدنية..والدولة الأموية!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد تعرض معاوية - رضي الله عنه - ودولة بني أمية عموماً لسهام بعض الكتاب وزعم بعضهم أنها دولة مدنية، وقال بعضهم إنها كانت عربية ولم تكن إسلامية، بل قال بعضهم أنها كانت دولة علمانية لاصلة لها بالدين ولا بالأخلاق وهذه فرية تكذبها حقائق الدين وشواهد التاريخ، أما حقائق الدين فقد بدأت دولة بني أمية سنة 40 هـ من الهجرة واستمرت إلى سنة 132هـ، فقد شملت القرون الثلاثة التي هي خير قرون الأمة (قرن الصحابة وقرن التابعين وقرن أتباع التابعين) وهي التي جاءت بها الأحاديث الصحاح المستفيضة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث ابن مسعود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ومعنى قوله قرني أي عصري، وهم الصحابة ثم قرن التابعين ثم قرن الأتباع وبعض الشرّاح حددوا القرن بزمن، فقال بعضهم: القرن أربعون سنة وبعضهم قال ثمانون سنة وبعضهم جعله مائة سنة وهو الذي اشتهر في الاستعمال الآن وأمسى حقيقة عرفية.

ومنطق الواقع التاريخي يدل على انه من عصر الصحابة وعصر التابعيين وعصر أتباع التابعيين ومن الأحاديث الصحيحة التي يستدل بها على منزلة الدولة الأموية حديث أم حرام: أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا (أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة) قالت أم حرام: قلت يا رسول الله أنا منهم؟ قال أنت منهم ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم فقلت يا رسول الله أنا منهم قال: لا.. ومدينة قيصر هي القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية: قال الشراح في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر، وذلك في خلافة عثمان، وما زال معاوية يشجعه بالغزو في البحر، حتى استجاب له وبدأ الأسطول الإسلامي منذ عهد عثمان، ثم اتسع وازداد في عهد معاوية وفي هذه الغزوة مات أبو أيوب الأنصاري وكان في هذا الجيش، فأوصى أن يدفن عند باب القسطنطينية والذي يهمنا هو أن هذا الجيش المغفور له بالجملة كان في عهد بني أمية، إذ كانت هذه الغزوة سنة اثنتين وخمسين من الهجرة النبوية، أي في عهد معاوية... ومن نظر في سيرة معاوية بعد أن آلت إليه الخلافة وبعد تنازل الحسن بن علي - رضي الله عنه - وتأمل هذه السيرة بإنصاف وجد الرجل حريصاً على إقامة الإسلام في شعائره وشرائعه وعلى اتباع السنة النبوية في مجالات الحياة المختلفة.

قال عنه ابن كثير: وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين، فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو وقال عنه: كان حليماً وقوراً رئيساً، سيداً في الناس كريماً، عادلاً شهماً، وقال عنه كان جيد السيرة، حسن التجاوز، جميل العفو كثير الستر - رحمه الله تعالى -.

وقال الذهبي - رحمه الله -: أمير المؤمنين، ملك الإسلام وقال: معاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم، وما هو ببريء من الهنات، والله يعفو عنه، وحسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم هو ثغر، فيضبطه ويقوم به أتم قيام ويرضى الناس سخطه وحلمه.. فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفرط حلمه وسعة نفسه وقوة دهائه ورأيه وقد ألفت في معاوية كتاباً مستقلاً ذكرت فيه ما له وما عليه بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة وكذلك كتبت كتاباً عن الدولة الأموية من مجلدين وسميته الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار وهي كتب منشورة وموجودة على الشبكة الليبية للإنترنت يستطيع القارئ تحميلها وغيرها من كتب بدون مقابل وصدورنا تتسع للنصح والنقد إلينا.

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply