علمانية الآباء والأزواج خطر يهدد المجتمع


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نشأت العلمانية في أوربا كما هو معلوم بعد صراع طويل بين الكنيسة – التي تحمل النصرانية المحرفة - وبين حركة تطور المجتمع العلمية السياسية، ولما رأى المجتمع –هناك- أن رجال الكنيسة بطغيانهم وضيق أفقهم يقفون حجر عثرة أمام نهضته وسعادته، ثار على الكنيسة ورجالها، بل على الدين كله، وحجّم دوره و وقلل مكانته حتى صار داخل المعابد والصوامع، وأضحى في نهاية الأمر شأن شخصي لا علاقة له بحركة المجتمع، ولا دور له في توجيهها.

 

فالعلمانية إذن فكرة أوربية واجهت أوضاعاَ شاذة لدين منحرف، وقد حاول الاستعمار الغربي وأذنابه تصدير هذه الفكرة للعالم الإسلامي فأنشأ أنظمة، وربى رجالاً، وبذل جهوداً وأموالاً، لتثبيت هذه الفكرة في أراضي المسلمين وديارهم، وقد تصدى لهذه الفكرة بحمد الله علماء المسلمين وقادة الرأي فيهم، فأبطلوها، وأسقطوا كل الحجج التي تقوم عليها، وفضحوها تماماًº فلم يصبح لها أي سند أو وجه حق – من الناحية النظرية-º ولولا أن بعض الأنظمة يحرسها أعداء الإسلام بمختلف الوسائل، لما أصبح لها وجود من الناحية السياسية والعلمية.

 

وقد تصدى بعض المسلمين للعلمانية من الناحية السياسية فقطº بناء على التعريف الخاطئ بأن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، والحقيقة أن العلمانية في تعريفها الحقيقي وآثارها العملية هي فصل الدين عن كل أنشطة الحياة و حركتها، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها، وهذا هو الخطر الخفي الذي يهدد مجتمعاتنا، فقد تفشت أفكار علمانية في حياتنا الاجتماعية دون أن ينتبه لها أولياء الأمور، خصوصاَ الآباء والأزواج.

 

والمعلوم بداهة أن الإسلام قد نظم أوجه الحياة ووجّهها، وقد جعل لأولياء الأمور سلطاناً على ذويهم، يسألون عنه يوم القيامة، " كلكم راعٍ, وكلكم مسؤول عن رعيته"، وأرشد أولياء الأمور إلى وقاية أنفسهم وأهليهم من النار بإتباع أوامر الله ـ تعالىـ، " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد  لا يعصون الله شيئاً ويفعلون ما يؤمرون".[1]

 

وأمام هذه التوجهات وغيرها، لا مجال لمسؤول أن يتخلى عن مسؤوليته، ولا عذر له أمام الله ـ تعالى ـ إن قصر أو أهمل.

 

وأشد ما يتعجب له المرء، أن يجد كثيراً من الرجال الملتزمين المواظبين على صلواتهم – ربما بالمساجد - يفرِّطون في أهل بيتهم، ويغضون الطرف عن كثير من التجاوزات الشرعية دون تدخل أو ردع، فنجد بعضهم بعد أن يصلي العشاء، يدندن بما شاء من التسبيح والاستغفار، ثم يأوي إلى فراشه مطمئناً، وبعدها بقليل تخرج بناته أو زوجته إلى الحفلات الساهرة الصاخبة مستصحبات معهن أرتالاً من الذنوب والخطايا، ليس أقلها التبرج والاختلاط والاستماع لساقط الغناء، بل إن البعض يقوم بإيصالهن بعربته إلى مكان الحفل، ويذهب إلى أقرب مكان لينام فيه إلى حين انتهاء الحفل ليقوم بإرجاعهن إلى البيت!.

 

هذه الظواهر العلمانية في حياتنا الاجتماعية والتي اشرنا إليها إشارة سريعة هي خطر داهم، ونذير شؤم بمصائب عديدة، إن لم ننتبه لها قبل فوات الأوان، فلنحارب هذه الظواهر الغريبة لنبيدها، ولنرع حرمة الآيات التي تُتلى علينا لترشدنا وتوجهنا، وقد أحطنا بها علماً، فلماذا لا نعمل بها قبل أن يأتي يوم نسأل فيه، " حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً أمّاذا كنتم تعملون). [2]

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply