بسم الله الرحمن الرحيم
الإشكالية للمنظومة العلمانية تستند إلى نمطية التفكير العلماني في عالمنا الإسلامي على المرجعية الأوروبية في كثير من القضايا والرؤى، بل إن هذه المرجعية توأطر الفكر النظري للمنظومة العلمانية، ولا غرو فالعلمانية في أصل اشتقاقها غربية المنشأ واللسان، وهي نبت خارج أرضه.
ولهذا فالعلمانية مع محاولة استزراعها في بلاد المسلمين جرت خلفها الكثير من الإشكاليات النظرية والصعوبات العملية التي اصطدمت في ارض الواقع الإسلامي نظراً لتباين الإطار النظري في أوطاننا الإسلامية مع الإطار النظري للعلمانية المستوردة.
بل إن علمانية العرب زادت على ذلك لأنها تريد ليّ أعناق النصوص كي تتسق مع فهمها للإسلام وواقعها السياسي والاجتماعي، وتلك إشكالية رئيسة في الفكر العلماني الوافد، وتبدو واضحة تلك المحاولة التي تريد استنساخ المفهوم الغربي وتجاربه تجاه الأديان، ومحاولة إسقاط هذا المفهوم على الدين الإسلامي.
إن مفهوم الدين عندنا يغاير المفهوم الغربي للدين لتباين الدينين واختلاف الملتين، فذاك دين محرف لم يجعله الله - تبارك وتعالى- للناس كافة وإنما هو محصور في زمن معين محدد ولأناس محددين كما قال المسيح -عليه السلام-: إنما بعثت لخراف بني إسرائيل الضالة.
فلهذا من الخطورة بمكان أن تتوحد النظرة تجاه كل الأديان، وهنا يكمن الخطر حيث يعامل الإسلام كما يعامل أي دين آخر، ولذلك جرت هذه النظرة الضيقة والظالمة فكراً خطيراً جداً على العالم الإسلامي وهي فكرة لم تعرفها الأجيال المسلمة قبل عهد الاستعمار بشتى أنواعه، تلك هي الفصل بين الدين والدنيا، مفهوماً وعملاً فالدين عندهم مجموعة من الطقوس غير المفهومة إلا لأناس محددين، فكانت النهضة الأوروبية نتيجة طبيعية للتحرر من الدين والتفلت من التزاماته القاسية، أما عندنا فلا توجد هذه الإشكالية التي يريد هؤلاء إلباسها الإسلام الحنيف، والذي جعله الله تعالى للناس كافة ويسر فهمه لمن أراد الفهم (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).
ومن الإشكاليات الخطيرة التي يتعمد العلمانيون إثارتها: الدمج بين العروبة والإسلام، فالعربي عندهم يعني المسلم وتاريخ العروبة والعرب هو تاريخ الإسلام والمسلمين، ولهذا فهم يعدون الإسلام امتداداً طبيعياً لتاريخ العرب الجاهلي ويعتبرون محمد (صلى الله عليه وسلم) مجرد مصلح عربي كان له تصور راق لإصلاح الأمة، فيفصلون بين النبوة والنبي، وهذا تهوين لشأن النبوة في حياة الناس، إنها إشكاليات واضحة تعيشها العلمانية المستوردة على صعيد الواقع والمنهج والرؤية وكنموذج صارخ لهذه العلمانية سنعرض لإحدى المقالات التي تطرح هذا الفكر الغربي المبطن.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد