الحجاب الحريري والعلمانية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الصورة التي نشاهدها كثيراً من مكاء وتصدية في ملاعب الكرة إذا دخل الفريق المنافس أو إذا خسر هجمة من هجماته هذه الصورة بدت بشكل أوضح في مقاعد البرلمان التركي عندما دخلت النائبة المنتخبة من الشعب مروة قاوقجي لأداء اليمين الدستورية والسبب أنها غطت رأسها بالحجاب الحريري لا الحديدي، ولو دخلت كما تدخل السابحات على الشواطئ لعد ذلك نهضة حضارية.

وهذا المشهد الذي تحول فيه الرجال ذوو الشنبات الطويلة من هدوء إلى صريخ وضرب على الطاولات وزعيق بسبب امرأة متسترة لو لم يكن مؤكداً لاعتبر ضرباً من ضروب الخيال, لأن المخالفة في البرلمانات المتقدمة تقابل بالحوار بموجب النظام حتى في إسرائيل الدولة العنصرية عندما تجرأت نائبة بكلام تجاوز الحدود قبل سنوات على رئيس الوزراء طلب من رئيس البرلمان أن يحميه من النائبة بموجب القانون ولم يصرخ أو يتحول البرلمان إلى ما يشبه فحيح الجماهير في الملاعب ضد الفريق المنافس.

ظاهرة اخذ القشور من حضارة الغرب والبعد عن العمق للأسف هي ما أخذه العالم الثالث كما يسميه الغربيون تأدباً والعالم المتخلف كما هي الحقيقة، فهذه الصورة التي حدثت في تركيا لا توجد في الغرب إلا في حالة وجدت في فرنسا وحكمت قانونياً ولكنها كما حصلت في تركيا حدثت في إحدى الدول العربية حين منعت الطالبات المنقبات من دخول الامتحانات في إحدى الجامعات وحرمت أخريات من تسلم الشهادات في إحدى الدول الإسلامية الآسيوية بسبب الحجاب الحريري الناعم.

فهل أصبحت مروة قاوقجي بطلة دخلت التاريخ من حيث أرادت أو لم ترد أو هل ستكون أول مسمار يدق في نعش العلمانية التركية التي ليس لها من العلمانية الأوروبية إلا الاسم؟ فمروة درست في الولايات المتحدة الحاسب الآلي ولم تمنع يوماً من دخول الجامعة بسبب الحجاب لأن العلمانية هناك تعني الحرية الشخصية، ولا تتدخل في أمور سطحية كأن يطلب من المرأة السفور ومن الرجل عدم وضع الطربوش على الرأس كما هو في تركيا.

وللأسف أن يصل الأمر بمروة أن تقول: إنها ستكافح مثلما كافح زنوج أمريكا حتى نالوا حقوقهم وتحرروا وإلا ماذا سيضر إن جاءت المسلمة محتشمة بل إن هذا الوقار هو الأولى من التفسخ وكشف العورات ولكن الكماليين (الذين يسترهم رجل مات منذ سبعين عاماً وما زال يحكم من قبره) بالغوا في عداوة الإسلام وحسبك في هذا أنهم لم يدققوا كما تفعل الدول قبل الانتخابات في أوراق المرشحين حتى إذا ما فازت مروة ودخلت البرلمان بحجابها الحريري بدأ الطعن في أهليتها ومن ذلك حملها جنسية أخرى، ولو لم تغط رأسها لهان موضوع الجنسية الأخرى ولم يعامل نواب حزب اليسار مثل ذلك.

الكماليون يجدّفون ضد التيار وكل ما لحقتهم مذلة من أوروبا زادوا في الإصرار على التمسح بأعتابها من أجل استلحاقهم بالاتحاد الأوروبي ولو عادوا لانتمائهم الإسلامي لعلت رؤوسهم فوق النجوم ولكن لعل وعسى أن يستفيدوا من عبر التاريخ الحي لا الميت وعسى أن يدرك عقلاء الأتراك الأمور قبل فوات الأوان.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply