بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
((لم تَستطعِ (الهَيئةُ) أن تَردَنِي عَنكِ، استطعتُ أن أخرجَ من حَبسِهم وَأَنَا رفيعُ الرَّأسِ، لم يَجِدوا ذرّة تُدينني(والتفتَ إليها):
تَحملتُ كلَّ ظُلمِهم مِن أجلكِ يا حَبيبتِي...!))
إِســفَار!
بدأت خفقاتُ قلبِّها تَتَريث، ونَفَسها يعودُ إلى طبيعتِهِ، فقد خَرجا من السٌّوقِ، وغابت سيارتُهما فِي سُحُب كَثيفةٍ, من المُنعطفاتِ، لكن ما زالت متوترةً... قلقةً... حائرةً!! لم تستطع أن تَتَبسط مَعَه كالسَّالفِ، فهذِهِ أولُ مرةٍ, يُلح عليها بالخُروج في هذا الوَقتِ المُبكرِ، عبثًا حاولت إقناعَه بالجلوسِ في المَطعمِ كانَ مُضطربًا لا يستقرُ على حَالٍ,، مُتلونًا لا ينفكُ بَصرُهُ عَن هَاتِفِه!!
فلما تَزعزت قالت مُوبخةً نَفسها:
ما بكِ.. ؟! كأنّكِ أَول مرّةٍ, تخرجينَ معه؟! أ ليسَ بينَكِ وَبينَه عَلاقة حَالمة تُحسدينَ عليها؟! لم يَتجرأ ـ على كثرةِ مجالسِكما ـ أن يمسكِ بسوءٍ,، بل كانَ طاهرًا شريفًا، وقد وعدكِ وعدَ حُرٍّ, بِالزَّواجِ ـ فأشرقَ وَجهَها حِينَ ذكرتِ الزَّواجِ ـ ثمّ حَدقت فِي وَجهه والغرورُ يُداعبُها: لعلَّ شَغفَه بي دَفعه إلى هَذا... !!
***
كانَ قريبًا مِن (خَالدٍ,) تَشوشُ سَكِينتِها واضطرابُها، فَدافعَ قَلقَه وقالَ:
ـ لم تَستطعِ (الهَيئةُ) أن تَردَنِي عَنكِ، استطعتُ أن أخرجَ من حَبسِهم وَأَنَا رفيعُ الرَّأسِ، لم يَجِدوا ذرّة تُدينني(والتفتَ إليها) تَحملتُ كلَّ ظُلمِهم مِن أجلكِ يا حَبيبتِي... !
ـ فَقَطعته حِينَ ذكرَ (الهَيئة) فائرةً:
ـ كُرهِي لـ(لمُطاوعة) وُلدَ مَعي! واشتدَ حِينَ أَلقوا القَبضَ عَليكَ! لا أَدرِي كَيفَ قَضيتُ تِلكَ اللّياليَ خِلوًا مِنكَ؟! دع ذِكرَهم فإنّه ينغصُ العيشَ... !
(وَأضافت) أُبشرُكَ صَرختُ فِي أَهلي وَ رَددتُ الخَاطبَ(سعودا) وفاءً لكَ.. !!
فَتفاقمَ تَوترُهُ! وَطفَا على وَجهِهِ وَقيادتِهِ، فارتجَّ عَليهِ... ! واسترسلت:
ـ كم سيبتهجُ أهلِي حِينَ تقفُ فِي بَابِنا... !
***
فقطعَ حديثَها وُقوفُهُ المُفاجِئُ أمامَ إحدى الاستراحَاتِ!! وَاصطدمت بِقولِهِ:
ـ ها.. وصلنا... !!
فَردّت والرهبةُ تَتصورُ فِي قلبِّها:
ـ ألم تقل: إنّنا نُريدُ أن نَتنزهَ قَليلا ثمّ نَعودُ إلى السٌّوقِ؟!
فأمسكَ يَدها بِقوةٍ,، وَهو يَبتسمُ ابتسامةً مُنكرةً:
ـ بَلى بَلى يَا حَبيبتِي... !! سَنعودُ... سَنعودُ.. !!
فآبَ إليها عَقلّها.. !! فهمّت أن تصرخَ... فَسلخَ صوتَها رَجلٌ خشنٌ جَبذَها خَارجَ السَّيارةِ وأَدخَلها الاستراحَةَ بِشدةٍ,!!
***
حِينَ رَأت أَصاحِيبَ (خَالدٍ,) يَأكلونَها بِنظراتِهم الجَائِعة، وَضحكاتُهم الخَبيثةُ، ونياتُهم القذرةُ، تقرعُ سمعَها وَبصرَها، علمت أنّها حلت بوادٍ, غيرِ ذي زرعٍ,! فتحيرت في عينِها دمعةٌ خرساءٌ، فصرخت حَتى كَادت نَفسُها تَتَمزقُ:
ـ أيها الخَائنُ.. !! أيها المُجرمُ.. !! أيها الكَنودُ.. !!
لكن تشتتِ الضَّعيفةُ فِي غَياهِبِ دُونيتِهم، فاشرأبّتِ الأعناقُ وَتطاولتِ الأيدِي كلُّ لِنفسهِ!! وَما فتِئ قَذَرُ ألسنتِهم يَتَهاوى على رَأسِها كالصَّخرِ!!
***
وَفِي طَرفةِ عَينٍ, لبسَهمُ الذٌّعرُ! خَبت ضحِكاتُهم! التَفَتُوا عَنها!!
سَمعُوا وقعَ أقدامٍ, في البَاحَةِ!
فتَطَايروا مِن أمامِها كالذٌّبابِ وهم يرددونَ:
الهيئةَ... الهيئةَ... !!
فأضاءت قسماتُها، وتَماطرت عَبراتُها: (الهيئة... )!!
وتحدرَ هذا الاسمُ النٌّوراني كَالماءِ الشَّبم على نفسِها الهَشيمةِ، فكانت كالذَّابلةِ بَاكرَها الغَيثُ، فتوهجت وَرَبت وَأحست أنَّها وُلِدت كَرّةً أُخرى... !
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد