بسم الله الرحمن الرحيم
ليس للمسلمين عزة إلا بالدين، وبقدر ما يعتز المسلمون بدينهم تكون رفعتهم وبقدر ما يكون تخليهم عنه يكون ضعفهم وذلتهم وانتشار الأمراض والفقر وحلول النكبات والزلازل والمحن وتسليط الأعداء عليهم، قال الله - تعالى -في حق أهل الكتاب تنبيها للمسلمين ألا يحذوا حذوهم {ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} [المائدة: 66]، ويقول الله - تعالى - {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا} [النور: 55]، وقال - تعالى - {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40)} [الحج: 40].
وما حل بإخواننا المسلمين من ابتلاء بالكافرين هو سنة الله التي كتبها على عباده ليعرفوا أنه لا طريق لرفع البلاء وتسليط الأعداء، إلا بالعودة لهذا الدين فالملك المطلق لله - تعالى - وهو الذي قضى بتسليطهم {ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض} [محمد: 4]، قوة الله لا يعدلها قوة - تعالى - وتقدس - سبحانه - وهو من مكن الأعداء من القوة والعظمة التي يتعالون بها على البشر، وهو قادر - سبحانه - على أن يسلبها منهم في طرفة عين، ويعطينا الله - تعالى -مثلا يسيرا على ذلك فيرسل جندا من جنوده التي ملأت الكون فيحدث الخسائر والكوارث وحصد الأرواح والممتلكات في لحظات ودقائق وساعات محدودة فكيف لو دامت أياما {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة} [فصلت: 15].
{وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية (6)} [الحاقة: 6] {فهل ترى لهم من باقية (8)} [الحاقة: 8]، {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله} [الرعد: 31].
فالرياح والصواعق والفيضانات والزلازل جنود الله يسلطها على من يشاء، وقد آلم كل مسلم ومسلمة الزلزال المدمر الذي أصاب إخوانا لنا في العقيدة في باكستان وكشمير فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وهذا ابتلاء من الله وتذكير للمسلمين بقوته وجبروته - سبحانه وتعالى -، وهذه الجنود رحمة للمسلمين وإن كان ظاهرها العذاب، ذكر ابن القيم في الجواب الكافي أن ابن أبي الدنيا روى عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه دخل على عائشة - رضي الله عنها - هو ورجل آخر فقال لها الرجل يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة فقالت إذا استباحوا الزنى وشربوا الخمور وضربوا بالمعازف غار الله - عز وجل - في سمائه فقال للأرض تزلزلي بهم فإن تابوا ونزعوا وإلا أهدمها عليهم قال يا أم المؤمنين أعذابا لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة للمؤمنين ونكالا وعذابا وسخطا على الكافرين، فقال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أشد فرحا مني بهذا الحديث.
إن الواجب في هذه المحنة أن نمد يد العون لإخواننا وأن نمد يدي الضراعة أن يرحم موتاهم وأن يجبر كسرهم ويعافي مريضهم ويطعم جائعهم ويكسو عاريهم ويلهمهم الصبر والسلوان، وتوجب هذه المحنة على المسلمين في كل مكان التوبة إلى الله والرجوع إليه، فما أصاب إخواننا ليس ببعيد عن المصرين على الذنوب {وما هي من الظالمين ببعيد (83)} [هود: 83].
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد