مسلمو تايلاند أسباب نكبتهم ووسائل نصرتهم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تُعدٌّ " تايلاند " واحدة من دول العالم الثالث الاحتلالية، التي نال المسلمون من أذاها واضطهادها ما لم تنلهُ أقليات مسلمة في بقاعٍ, عديدة في العالم، على أيدي المحتل الأجنبي.

فقد ابتلعت هذه الدولةُ الوثنيةُ، ذاتُ الديانة البوذية الخبيثة، كلّ الجنوب المسلم الذي كان مستقلاً حتى عام 1902م، أي قبيل المائة عام، حين قامت بريطانيا الصليبية باحتلال دولة فطاني "، ثم تسليمها غنيمةً باردة لتايلاند، ذات الحدود اللصيقة بفطاني، " ثم إعلان دخولها في الحدود السياسية لمملكة تايلاند بكل صفاقة وجه، و بتواطؤ دولي إجرامي.

ومن الطبيعي أن تسعى تايلاند الوثنية، في استعجال إلغاءِ هوية الشعب المسلم هناك، والعمل على صهرهِ في المجتمع البوذي، وتنشئة الأجيال تنشئة إباحية، مع محاولة تذويب ما تبقى من شعائر الإسلام لدى الشعب الفطاني المسلم، الذي لم يكن يحتفظ أساساً من الإسلام إلّا ببعض الشعائر اليسيرة، التي غالباً لا تتعدى نطاق الأحوال الشخصية، من زواجٍ, أو طلاق، أو بعض العباداتِ من صلاةٍ, أو صيام، لا تخلو في أحوالٍ, كثيرة من البدع والخرافات.

وكان من أبرزِ خطوات المحتل الأجنبي، تكريس احتلالهِ وفرضه واقعاً لا يقبلُ التغيير ما يلي:

1- محاصرة القضية الإسلامية في الجنوب التايلندي إعلامياً.

 بحيث تم تجفيف كل المنابع الإعلامية التي يمكن من خلالها إسماع القضية الإسلامية الجنوبية للعالم الخارجي، فلا إذاعات، ولا صحف، ولا وفود أو منظمات، تستطيع الاتصال بالعالم الإسلامي أو غيره، لشرح قضيتهم، لدرجة أننا لم نسمع من يدعو إلى تحريرِ الجنوب، أو اعتباره أرضاً محتلةً على الأقل!!

بل إنّ كثيراً من علماءِ المسلمين، وطلاب العلم والدعاة، لا يعرفون ما هي " فطامي "، أو إن كان لها قضيةً أصلاً، أو حتى تحديد موقعها على الخريطة!!

2- ممارسة الخناق الاقتصادي، وسلاح التجويع.

وهي سياسةٍ, قديمة، توارثها أعداءُ الدين عبر القرون، فقد قالها رأسُ النفاق عبد الله بن أبي لأتباعه: (لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا).

وهي ذات السياسة التي اتبعتها أمريكا الصليبية ضد العراق المسلم، وضد ليبيا، وأفغانستان، وتلوّح بها لكلِّ من يخرجُ عند أوامر المحتل الأكبر، والعدو الأخطر.

كما تمارسُ هذه السياسة كل الدكتاتوريات المتسلطة، ضد الضعفاء، كما في حالة (الهند وكشمير)، و (الصرب والبوسنة)، (روسيا والشيشان)، (الفلبين مع الجنوب المسلم)، (تايلاند مع دولة فطاني).

ومن مظاهرِ هذا الخناق الاقتصادي الذي تمارسهُ حكومة تايلند البوذية ضد المسلمين الجنوبيين:

* محاولة إبقاء الجنوب فقيراً، حيث لا يتاحُ لأبنائهِ القدرة على العمل والكسب، أو المنافسة التجارية، إلاَّ بالانسلاخِ التام عن الهوية الإسلامية، لدرجة المطالبة بتغيير الأسماءِ، بل وحتى اللباس والمظهر.

* حرمانُ الجنوب من فرصِ التنميةِ، أو تخصيص مبالغ من الميزانية لتلبيةِ حاجاتهِ الضرورية والإنسانية، في مقابل استغلال الثروات الطبيعية، والمناطق السياحية الجنوبية، لجذب السياح، وضخّ العملات الصعبة لمصلحةِ الخزينة العامة فحسب!

3- نشرُ الإباحية في الجنوب بشكل يفوق الوصف

من المعروف أنَّ تايلاند تكاد تكون البلد الأول على مستوى العالم، الذي يعتمدُ على تسويق الإباحية، والسياحة الجنسية، وتجارة الأعراض، لدرجةٍ, يصعبُ تصورها، حتى غدت بانكوك وبقية الأقاليم التايلندية محط رحلات طلاب الفاحشةِ من أنحاء العالم، إذا لا يوجدُ شيءٌ محرّم أو مستقذر لدى عامةِ المواطنين والوافدين، بل ربما ربطوها بمعتقداتٍ, دينية في بعض الأحايين، ومن العجيب تورط كثيرٍ, من المسلمين في الجنوب بتجارةِ الفواحش لعاملين رئيسيين أولاهما:

1- حرص الحكومة على إبقاء الجنوب غارقاً في شهواته، للقضاء على نزعةِ التدين لدى أبنائه، وتسهيل الحصول على تراخيص (الدعارة!)، بل والتشجيع عليها.

2 - ضعفُ التدين أصلاً لدى غالبية الشعب الفطاني الجنوبي، لقلة العلماء والدعاة، ولوقوعهِ تحت احتلال حكومةٍ, وثنية، فرضت عليه ثقافةٍ, بوذية، ووصايةٍ, تعليمية مستمدة من خليطٍ, من الخرافات، والخزعبلات المبتكرة أو المستوردة.

فضلاً عن الفقر العام لدى الشعب، ممَّا يدفعهُ إلى الرغبةِ في الحصول على الأموال، ولو بطريقة الدياثة وتجارة الجسد والخسيسة.

 

وسائل نصرة الشعب الفطاني

في ظلّ الضعف العام الذي أصاب المسلمين في هذا العصر، وخوف الحكومات الإسلامية يمن مدّ يد العون لإخوة العقيدة في أصقاع المعمورة، تبقى مجالاتُ النصرةِ للأقليات الإسلاميةِ المستضعفة، محدودةً ومحصورةً في نطاقاتٍ, ضيقة، لا بدَّ من استغلالها مهما كانت بطيئةَ الأثر، أو قليلةَ الفاعلية، وهي في الجملةِ وسائل شعبية، تنقصها الموارد المادية، ويعوزُها التنظيم، ويغلبُ عليها الارتجالية، لكن مع إخلاص النية، وصدقِ العزم، تصاحبها البركة، وترعاها العناية الإلهية، فمن ذلك.

1- تفعيل القضية الفطامية إعلامياً

إنَّ من أهم وسائل نصرةِ الشعب الفطاني هو إشهارُ قضيته في المحافلِ العامة والخاصة، وبحدود الإمكانات المتاحة.

فمن المؤلم كما أسلفت، أن يبقى خاصة العلماء والدعاة غير مدركين لأبعاد قضية الشعب الفطاني المسلم، ووقوعه تحت دائرةِ الظلم، ومصادرة الحريات العقدية والأخلاقية، حتى صدور حقه في لباسه الشخصي، بل وأسماء أبنائه!

ومن الوسائل الممكنة:

* فتح ملفات إعلامية تنشر عبر الشبكة العنكبوتية، وجمع المعلومات عن الشعب المسلم هناك، واستكتاب أهل العلم والاختصاص لإثراءِ الموضوع وإشباعه بحثاً ودراسةً.

وإنَّها والله لخطوةٌ رائدة، هذهِ التي أقدمت عليها شبكة " نور الإسلام " ونأملُ أن يتبعها خطوات أخرى يفتحُ من خلالها ملفات كشمير والشيشان وكوسوفو وغيرها.

1- ربط هذه الملفات الإعلامية بأكبرِ قدرٍ, ممكنٍ, من المواقع عبر الشبكة، ونقل ما فيها من التقاريرِ والدراسات والمقالات، إلى المنتديات العامةِ بصورةٍ, مستمرةٍ, ومتجددة.

2- دعوة أصحاب الخبرةِ والهممِ العالية، لفتحِ مواقعَ خاصة بالأقليات المسلمة، ومحاولة إبقاءِ قضيتهم ساخنةً ملتهبة، حتى لا تعودَ مجدداً إلى عالم النسيان!

فما المانعُ أن نبادرَ إلى إنشاءِ موقع لفطامي، وآخر لكشمير، وثالث لألبانيا، بطريقةٍ, شيِّقةٍ, وفعّالة، وبأساليبَ متجددةٍ, ومؤثرة!؟

3- دعوة خطباءِ المساجد إلى الحديث عن الأقليات المسلمة، وشرح قضاياهم، وتشجيعِ الجمهور على مساعدتهم معنوياً ومادياً، فضلاً عن الدعاءِ لهم بصدقٍ, وإخلاص.

4- بعث الدعاة إليهم عبر القنوات المتاحة، كرابطةِ العالمِ الإسلامي، أو مكاتب الدعوة، أو اللجان الإغاثية، أو عبر الجهود الشخصية، فإذا كانت حكومة تايلند تشجعُ السياحة على الوصول إلى أراضيها بأبخس الأثمان، وأسهل الإجراءات، فعلى الدُعاة أن يستغلوا الفرصةَ المتاحة، دعوةً إلى الله وتعليماً لأخوةِ الدين والعقيدة.

5- التواصل الحثيث مع المكاتب التعاونيةِ لتوعية الجاليات، للعمل على استقطاب الشباب التايلندي المسلم، وتعليمهُ، وتكوينه دعوياً، ومن ثمَّ بعثهِ إلى بلاده للتعليم والإرشاد، مزوداً بالمراجع العلمية، والكتبُ المناسبة بلغةِ البلد الأصلية، وهي (الملاوية).

كما ينبغي استغلال وجود جاليةٍ, كبيرةٍ, من التايلنديين البوذيين في مجتمعاتنا، ودعوتهم إلى الإسلام ليتحولوا إلى دُعاةٍ, في بلادهم حسب الوسع والطاقة، أو على الأقلِ تغيير التركيبةِ السكانية لمصلحة المسلمين تدريجياً.

6- حث التجار وأصحابِ رؤوسِ الأموال الذين اعتادوا الذهابَ إلى تايلندَ لأسبابٍ, تجارية، وصفقاتٍ, تجاريةٍ, اقتصادية، أن يعنوا بأمرينِ مهمين:

* أحدهما: محاولةُ عقدِ الصفقات مع التجارِ المسلمين ما أمكن، لتبقى الأموالَ المسلمة في أيدي مسلمةٍ, على الدوام.

* آخرهما: حَملُ ما أمكن من الكُتيبات الدعويةِ، والنشرات التوجيهية باللغاتِ السائدة هناك.

وغير غائبٍ, عن البالِ الأثرُ البالغُ، والنفع العظيم، الذي قام به التجار المسلمون عبر التاريخ في كلّ البلاد التي وصلوا إليها، بل إنَ الإسلام لم يدخل فطاني نفسها، إلاَّ عن طريق التجارِ قبل عشرة قرون من الزمان تقريباً!.

 فهل يلعبُ تجارُ زماننا ذات الدور الذي لعبهُ أسلافهم، وهل يقومون بإحياءِ سنةِ الدعوة عبر التجارة؟ فيجمعون بين تجارتي الدنيا والآخرة، وللآخرة أكبرُ درجات وأكبر تفضيلاً؟!.

7- محاولةُ إقناعِ القياداتِ العسكرية في الجنوب المسلم، تأجيل الخيار العسكري لحين تربيةِ الناس على الدين الحق، والخُلق الكريم، وتأسيسِ الأجيالِ على مكارمِ الإسلام.

إذ القيامُ بأعمالِ العنف لن يحقق – والله أعلم – أهدافاً ذات بال، وإنَّما سيكرس الاحتلال، ويسفكُ مزيداً من الدماءِ المعصومة!

ولستُ أشكُ لحظةً واحدةً بأنَّ الجهاد الإسلامي متى أمكن قيامه تحت رايةٍ, واضحةٍ,، وقيادةٍ, مسلمةٍ, واعيةٍ,، وجب تفعليهُ ومساعدتهُ بما أمكن، وتعينَ فرضهِ على أبناءِ الشعب الفطاني المسلمº لأنَّهُ واقعٌ تحت الاحتلال.

بيد أنّ مرورَ مائةَ عامٍ, على دخول المحتل، تستدعي تريٌّثاً وتأنياً ضرورياً، لترتيبِ الصفوف، واستعادةِ الهوية، وتوعيةِ الناس، وهو ما يتطلبُ وقتاً زمنياً لا يُستهان به.

 والله المسئول أن ينصرَ دينهُ وجندهُ وأولياءه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply