أخطاء قاتلة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لم يعد في وسعنا الصبر على كثير مما يجري على الساحة اليوم، بل نخشى أن هذا ربما يكون من الصبر المحرم.

فدماء الفلوجة وأشلاء القادة في غزة: أحمد ياسين، والرنتيسي، واسماعيل أبو شنب ... تعذبنا كل يوم، ونشعر أننا ضحايا ننتظر دورنا ريثما ينتهي الجزار من ضحاياهº ليبدأ فصلاً جديداً، وتأريخاً جديداً يكتب بطائرات الأباتشي الأمريكية التي تقصف بلا هوادة، وترسل رسائلها غير المعلنة إلى الشعوب العربية أن الدور قادم طال الزمان أو قصر.

أنا في الحقيقة لن أنتظر طويلاً، ولست قادراً على الصبر المحرم! وأرى أن المخرج الحقيقي يبدأ بالمكاشفات الصريحة الواضحة جداً التي تضع النقاط على الحروف، وتستنقذ من الموقف ما يمكن استنقاذه، وتجعلنا محققين لمناط الآية الكريمة: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )).

هناك أخطاء قاتلة تبدأ ولا تنتهي، وعلى مر التاريخ كانت تلك الأخطاء سبباً في الأفول والذبول، ومن تلك الأخطاء الفادحة والقاتلة:

أولاً: الارتكاز على بعض الجهلة والمرتزقة من الغششة والمنافقين الذين يؤدون دوراً ينتهي إلى الإخلال بأمن الوطن وسيادته!!

وهؤلاء الغششة هم سبب سقوط الدول وزوالها على مر التأريخ، فما من حاكم مكنهم وجعل المشورة في أيديهم إلا وكان هو أول الهالكين على أيديهم، ونحن جميعاً نحب أوطاننا، ونرغب أن يستمر الاستقرار فيها، ولكن المعادلة التي نراها تستلزم وقوع المحظور والفأس في الرأس.

والمسألة مسألة وقت لا أكثر وفي الأثر: " إذا أراد الله بحاكم خيراً جعل له حاشية تدله على الخير ".

ثانياً: البرامج الإعلامية في القنوات، فهي خير شاهد على تزوير الحقائق، وتقديم الصورة الكاذبة عن الوضع الحقيقي الذي يجب أن يسمعه المسؤولون والقادة في الدولة، وبالذات بعض البرامج الدينية التي تلغي دور الحاكم في المسؤولية المباشرة عما يحدثº وتلقي باللوم على الأسباب البعيدة، وتعطي نتائج خاطئة وتحليلات مدمرة على المدى البعيد.

ثالثاً: أن سياسة المكابرة يجب أن تتوقف عن الزج في غياهب السجون، سيما أننا في وقت لا مجال فيه للاستعلاء والمزايدة، واستعمال لغة البطش والتحدي، فارتكاب المغامرات السياسية الاستعلائية يجعل مستقبل الكلمة الحرة غامضاً، وهذا يقضي على كل أمل في الإصلاح، كما أن المستفيد الأول من الإجراءات الإصلاحية والعمليات القيصرية لكثير من التشوهات التي تعيش فيها الدول يعود بالضرروة على استقرار أمنها، والحفاظ على مصالحها قبل أي شيء آخر، والمستفيد الثاني من هذه الإصلاحات هم الشعب، فلماذا تُرتكب بعض الإجراءات التعسفية باسم السيادة والأمن القومي على حساب تلك الإصلاحات التي تستهدف ترشيد المال العام، وتمكين الأمناء والمخلصين ليكونوا واجهة حقيقية تُعرب عن البلد.

رابعاً: إن الإصرار على صداقة أمريكا وحسن الظن بها لم يعد أمراً مقبولاً، وهي تكيل لنا بمكيالين، وتلعننا في الليل والنهار، وتستعجل الأيام للانتقام، وكما قال الرئيس رونالد ريغان: أمن أي دولة يتوقف على عزمها على استخدام القوة أكثر مما يتوقف على رغبتها في التفاوض، والنص بالأنكليزية كما يقول:

the security of any nation lies more in its will to use power than in the willingness to negotiate

نحن لا نطالب بمقاطعتها أو حربها ورفع السلاح عليها فنحن نعلم أننا ضعفاء، ولكن نريد أن يكون ضعفنا شرفاً لا ذلاً وهواناً، نحن نستطيع أن نفعل شيئاً ولسنا عاجزين، ما نريده ألا يكون الصمت سياسة ومكافأة للمجرم وهو يفتك بإخواننا، نريد أن تتحول سياستكم إلى سياسة تسترجع الحقوق، ولا تغرد بالشجب والاستنكار.

وما أريد أن أقوله خامساً: أن سنن الله لا تتبدل ولا تتغير، والأمم المغرورة أسرع الأمم إلى الزوال، وقد عاقب الله - تعالى- الصحابة الكرام في حنين على شدة فضلهم، ونبي الله معهم فقال - سبحانه -: (( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغنِ عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)) دمتم سالمين، ودوماً إلى القمة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply