بسم الله الرحمن الرحيم
إن المتتبع لأحوال المشكلة الصومالية ـ الحالية ـ منذ ما يزيد على أحد عشر عاماً، يدرك تضاؤل حجم القضية الصومالية وتراجع أهميـة أخبارها ـ في الإعلامين: العربي والعالمي ـ وشيوع حالة من اللامبالاة تجاهها، حتى إن أخبارها لم تعد تسترعي الانتباهº على الرغم من التهديدات الأمريكية والعالمية لتوجيه ضربة عسكرية لهذه البلاد لمحاربة ما يسمى بـ (الإرهاب).
ورغم غرق الصومال في مشاكلها الداخلية وعدم وجود حكومة مركزية وانتشار الفوضى في أنحائها ـ فإنه لا يبدو أن مشكلتها تحظى باهتمام إعلامي يوازي خطورتها، وليس لدينا تفسير يسوِّغ هذا الموقف الإعلامي ـ وخصوصاً العربي والإسلامي ـ سوى التيه الذي يعيش فيه هذا الإعلام. ولكن يجدر بنا التوقف مع محنة الصومال ـ خصوصاً بعد التهديدات الأمريكية غير المسوَّغة ـ وبعد مضي ما يزيد على عقد من الصراع الداخليº لنتعرف على حصاد هذا العقد من خلال خمسة محاور.
* أولاً: جذور وأسباب النزاع الصومالي الحالي:
تكالبت على الدولة الصومالية منذ استقلالها عدة عوامل سياسية (هيكلية) واقتصادية واجتماعية (قبلية) أدت إلى نشوء حال من الفوضى والصراع الداخلي الداميº فقد عانت الحكومة الصومالية ـ منذ استقلالها ـ من الافتقار إلى الفهم الواضح لإدارة مؤسسات الدولةº فظهر الضعف الإداري جلياً، وبقيت القواعد والأعراف القبلية هي التي تحكم البلاد، فزادت قوة القبيلة والولاء لها، وانتشرت المحسوبيات القبلية والعرقية في أطراف البلاد.
ورغم قيام النظام الديمقراطي المدني منذ 1960م - 1969م، ثم النظام الثوري العسكري من عام 1969م - 1991مº إلا أن النظامين لم ينجحا في تقوية الشعور الوطني مقابل قوة العصبية القبلية في ذلك المجتمعº مما أدى إلى انتشار نوع من الفوضى الإدارية التي تعتمد على المحسوبيات القبلية من حيث التعيينات والترقيات في الدولة(1)، فوضعت المصلحة الشخصية القبلية فوق المصلحة العامة، وكان البحث عن المُوالي لا الكفء للتعيين في المناصب العليا.
فإذا ما انتقلنا إلى سبب هيكلي سياسي آخر وجدنا أن بناء الأحزاب والحركات السياسية في الصومال قد نشأ على العصبية القبلية البحتةº فقد ارتكزت طموحات القيادات السياسية والعسكرية على تعددية قبائلية عشائرية عبرت عن نفسها في صورة فصائل مسلحة مما تسبب في وجود عقبة كؤود أمام عمليات التسوية والمصالحة بين القوى المتصارعة فيما بعد(1)، وقد اتسمت هذه الأحزاب والحركات السياسية بالعصبية القبلية، والتسلح العسكري، وأسست بنسبة 99% من أعضائها من قبيلة واحدة، وبل
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد