إلا رسول الله .. فلا نامت أعين الجبناء


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ الذي أرسلَ رسولَهُ بالهدى ودينِ الحقِ لِيُظهرهُ على الدِّين كُلِّهِ ولو كَرهَ المشركونَ، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهد أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وأمينُهُ على وحيهِ، وخيرتهِ من خلقهِ، بلَّغ الرِّسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونَصَحَ الأُمَّةَ، وجاهدَ في اللهِ حَقَّ الجهادِ حتى أتاهُ اليقينُ، صَلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ الأطهارِ، الأئمةِ الأبرارِ، وعلى من تَبِعهم بإحسانٍ, إلى يومِ الدِّين.

أمَّا بعدُ:

أيٌّها المسلمونَ: كُلٌّ أُمَّةٍ, تُفاخِرُ بعظمائِها ومُقَدَّمِيها، وتُحيِي ذِكراهم، وتَنشُرُ مَآثِرَهُم، وتتناقلُ أقوالَهُم وحكمهم، وتُعلِي قَدرَهُم ولها الحَقٌّ في ذلك إن كانت تَبحَثُ عن العِزِّ والرِّفعةِ أمامَ الأُمَمِ الأُخرى.

ونحنُ أُمَّةُ الإسلامِ أكرَمنا اللهُ ومنَّ علينا بأعظمِ رجلٍ, عرفتهُ البشريةُ، وسَطَّرَ التَّاريخُ سيرتَهُ، أَزكَى وأطهرُ مخلوقٍ, على وجهِ الأرضِ، خيرُ من وَطِئَ الثَّرَى، الصَّادقُ الأمينُ، الرَّؤوفُ الرَّحيمُ، صلَّى اللهُ عليك يا رسولَ اللهِ عددَ أنفاسِ المخلوقاتِ، وعددَ ورقِ الأشجارِ، وعددَ قَطرِ الأَنهارِ، وعددَ ما أشرقَ عليهِ النَّهارُ.

أُمَّةُ محمدٍ, - صلى الله عليه وسلم -: هنيئاً لكم العِزَّ والشَّرفَ والوِسامَ الذي تَحمِلُونَهُ (إنَّكُم اتباعُ محمدٍ, - صلى الله عليه وسلم -) اتباعُ هذا النَِّبيِّ العظيمِ والرَّسولِ الكريمِ وخاتَمِ النَّبِيينَ وإمامِ المرسلينَ وسيدِ الأوَّلينَ والآخِرينَ، صاحبِ النٌّورِ والهدايةِ لكُلِّ البشريةِ.

وَأبيَضَ يُستَسقَى الغَمامُ بوجههِ  *** ثِمالُ اليَتامَى عِصمةٌ لِلأرَامِلِ

صاحبُ القلبِ العظيمِ، يَعطِفُ على الأرملةِ والمسكينِ، ويُواسِي الفقيرَ والكَسيرَ، وأحسنُ من وصفَهُ شريكةُ حياتهِ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنةِ خديجةُ بنتُ خويلد (كلا وَاللّهِ لا يُخزيكَ اللّهُ أبَداً، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحَمِ، وَتَصدُقُ الحَديثَ، وَتُؤَدِّي الأمانَةَ، وَتَحمِلُ الكَلَّ، وَتَقرِي الضَّيفَ، وتُعِينُ عَلى نَوَائِبِ الحَقِّ).

وكانَ - صلى الله عليه وسلم - يُعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر َ، كانَ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ المرسلةِ:

تراهُ إذا ما جِئــتَهُ مُتَهَلِّلاً *** كأنَّك تُعطيهِ الَّذي أنتَ سائِلُهُ

تَعَوَّدَ بَسطَ الكَفَّ حتى لَوَ نَّهُ *** ثَنَاها لِقَبضٍ, لَم تُطِعهُ أنامِلُهُ

ولو لَم يَكُن في كَفِّهِ غيرَ روحِهِ *** لجَادَ بِهَا فليَتَّقِ اللهَ سـائِلُهُ

صاحبُ البلاغةِ والبيانِ، أُوتِي جوامعَ الكَلِمِ، وكلامُهُ يأخذُ بالألبابِ، وبيانُهُ يُلَيِّنُ الصٌّمَّ الصِّلابَ، حَكَمَ بينَ النَّاسِ بالعدلِ وجاءَ بالشَّريعةِ والدِّين القائمِ على العدلِ فَنعِمَت البشريةُ بعدلهِ ورحمتهِ: مسلمِهِا وكافرِهِا بَرِّها وفاجرِهِا، لجأَ إليهِ أعداؤُهُ، وشَهِدَ بعدلهِ خصماؤُهُ، كانَ شعارُهُ الصِّدقَ والأمانةَ وطَبَّقها بفعلهِ، وعُرِفَ بِها حتَّى قبلَ تبليغِ الرِّسالةِ، ولمَّا بلغَ الرِّسالةَ لم يكن لهُ مطمعٌ من مطامعِ الدٌّنيا الفانيةِ، فسَما بنفسِهِ الشريفةِ عن المنافساتِ الأرضيةِ الوضيعة: {قُل مَا أَسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ, وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} [سورة ص: 86].

لا طريقَ إلى الجنة إلا من طريقهِ ومن خلالِ العملِ بسنتهِ، فإليهِ يتحاكمُ المتحاكمونَ ويَصدُرُ عن رأيهِ المتخاصمونَ، (من عملَ عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردُّ) أي مردودٌ على صاحبهِ غيرُ مقبولٍ,.

أُمَّةُ الإسلامِ: محمد - صلى الله عليه وسلم -: أَحبَّهُ كُلٌّ شَيءٍ, في الوجودِ: الإنسِ والجِنِّ والحيوانِ والجمادِ، أمَّا الإنسُ فقد سَطَّرَ لنا التَّاريخُ البطولاتِ العجيبةِ في تسارعِ أصحابهِ رضوانُ اللهِ عليهم في الدِّفاعِ عنهُ، بكُلِّ ما يستطيعونَ وقد فَدَوهُ بآبائهِم وأمهاتِهم وأبنائِهم وأموالِهم وضَّحُوا بكُلِّ غالٍ, نفيسٍ, حتى وصلَ بِهم الحالُ أنَّهم لا يَتمنَّونَ أن يُصابَ بأيِّ كَدَرٍ, ولا أذى، ولَمَّا أُسِرَ أحدُ أصحابهِ من قِبلِ المشركينَ قالُوا لهُ: (أَتُحِبٌّ أنَّ محمداً في مكانِكَ وأنَّكَ في أهلكَ؟ فقالَ: واللهِ ما أُحِبٌّ أنَّ محمداً الآنَ في مكانهَ الَّذي هُوَ فيهِ تُصيبهُ شوكةٌ تُؤذيه وأنَّي جالسٌ في أهلي) قالها وهو يُعرَضُ على الموتِ وماتَ شهيداً - رضي الله عنه -، ويومَ أُحُدٍ, يقومُ أحدُ أصحابهِ ويجعلُ جسدهُ تُرسَاً يَقِي بهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - من سهامِ المشركينَ فدخلت السِّهامُ في ظهرهِ وهُوَ يقولُ نَحري دونَ نحركَ يا رسولَ اللهِ، وَصَدري دونَ صدركَ، وقُتِلَ بينَ يديهِ دِفاعاً عنهُ - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشَرَ بطلاً من أبطالِ الأنصارِ - رضي الله عنهم - وأرضَاهُم، والسِّيرةُ مليئةٌ بأخبارِ مُحِبِّيهِ من أصحابهِ الذينَ طَبَّقُوا أقوالهُم بِفِعَالهِم، وأمَّا الجِنٌّ فقد ذَكَرَ بعضُ أهلِ السِّيرِ أنَّ الجِنَّ كانت تقتلُ من يَسُبٌّ الرَّسولَ من كُفَّارِ الِجنِّ، وأمَّا الحيوانُ فهذا(جملٌ يلجأُ إلى النَِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَشكُو مالِكَهُ، وعيناهُ تدمعانِ، فمسحَ عليهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَكَنَ وانتصرَ لهُ من مالِكِهِ الَّذي آذاه)، وأمَّا الجمادُ فقد كانَ النَِّبيٌّ - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ إلى جِذعِ نخلةٍ, قبلَ أن يتخذَ مِنبراً ولما اتخذَ المنبرَ وتركَ الجِذعَ حَنَّ هذا الجذعُ وبكى وأَصدرَ صوتاً كصوتِ الصَّبي الصَّغيرِ فوضعَ النَِّبيٌّ يدهُ عليه فسَكَنَ، وفي روايةٍ, أنَّهُ ضَمَّهُ إليهِ.

أُمَّةُ الإسلامِ: إنَّ الأقلامَ تعجزُ أن تُوفِيَ محمداً - صلى الله عليه وسلم - حقهُ منَ البيانِ والثَّناءِ والاحترامِ والتَّوقيرِ والإكرامِ، وإنَّ البيانَ ليعجزُ عن إشباعِ السَّامعِ بكُلِّ جوانبِ العظمةِ والرِّفعةِ والعِزَّةِ في حياتهِ - صلى الله عليه وسلم -.

أُمَّةُ الإسلامِ: سَمِعنا وَسَمِعَ غيرُنا عن كلامٍ, تَفَّوهِ بهِ حقيرٌ منَ الحُقراءِ على جنابِ ومقامِ سَيِّدِنَا وحبِيبِنَا، وقُرِّةِ عُيونِنا مُحمَّدٍ, - صلى الله عليه وسلم - فبكتِ القلوبُ وحزنت قبلَ دمعِ العيونِ، وفارَ الدَّمعُ عضباُ وغيضاً ونصرةً لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وجُرِّدتِ الأقلامُ وكُتبتِ المقالاتُ، وتحدثتِ الأُمَّةُ وصاحت بأعلى صوتِها كُلٌّنا لكَ فِداءٌ يا رسولَ اللهَ ولا نامت أعينُ الجبناءِ وشُلَّت يمينُ من يستهزأُ بكَ أو يُؤذِيكَ، لنا مع هذا الحدثِ وهو استهزاءُ بعضِ الكُفَّارِ في دولةِ الدنمارك عبرَ رسومٍ, كاريكاتيريةِ برسولِ الإسلامِ وأفضلِ الأنامِ، ولنا مع هذا الحدثِ الأليمِ والجُرم العظيمِ، والذنبِ الكبيرِ وقفاتٌ ووقفاتٌ:

الوقفةُ الأولى: وجوبُ نُصرةِ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - والدِّفاعِ عنهُ على كُلِّ مسلمٍ, يشهدُ أنَّ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ بقدرِ استطاعتهِ، وأنَّ التَّخاذلَ والجُبنَ عن نصرتهِ طمعاً في دنيا أو خوفاً من مخلوقٍ, فهو إثمٌ وذنبٌ عظيمٌ، وكُلٌّ إنسانٍ, بحسبِ قدرتهِ وطاقتهِ، وما يجبُ على العالِمِ غيرُ ما يجبُ على العامِيِّ، وعلى الحاكمِ والمسؤولِ والأميرِ والوزيرِ ما لا يجبُ على غيرهِم، وعلى من يتكلمُ لغةَ القومِ ويستطيعُ إبلاغَ الاستنكارِ يجبُ عليهم ما لا يجبُ على غيرِهم، عملاً بقول المولى جلَّ شأنهُ: {لِتُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً} [الفتح9]، ويقول - سبحانه -: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النٌّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُولَـئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ} [الأعراف157]، يقولُ شيخُ الإسلامِ: "التعزيرُ: هو اسمٌ جامعٌ لنصرهِ وتأييدهِ ومَنعُهُ من كُلِّ ما يؤذِيهِ، والتوقيرُ: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما فيهِ سكينةٌ وطمأنينةٌ من الإجلالِ والإكرامِ، وأن يُعاملَ منَ التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بِما يَصونهُ عن كُلِّ ما يُخرِجُهُ عن حَدِّ الوقارِ " أ. هـ، وأمَّا سَابٌّهُ ومُؤذِيهُ والمُستهزئ بهِ فهو في أحطِّ منزلةٍ, وأخَسِّ مرتبةٍ,، فإن كانَ مسلماً فإنَّهُ يُصِبحُ مُرتداً بإجماعِ أهلِ العلمِ، ويُقتلُ كذلكَ بالإجماعِ ولا يُعلمُ لهُ مُخالفٌ بينَ علماءِ المسلمينَ، وإنَّ كانَ معاهَداً أو ذِمِّياً أو مستأمناً فإنَّ عهدهُ مُنتقِضٌ ويستحقُ أن تُضربَ عُنُقُهُ بالسَّيفِ انتصاراً لرسولِ الإسلامِ ونَبِيِّ الأنامِ، كيفَ لا وربٌّنا جلَّ في عُلاه يقولُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذَاباً مٌّهِيناً} [الأحزاب57]،

 {وَالَّذِينَ يُؤذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 61]، واللهُ يقولُ: {وَإِن نَّكَثُوا أَيمَانَهُم مِّن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفرِ إِنَّهُم لاَ أَيمَانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهُونَ} [التوبة12]: واللهُ - سبحانه - قد تكفَّلَ بصيانةِ عرضِ النّّبِيِّ والانتقامِ لهُ فقالَ {فَاصدَع بِمَا تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكِينَ. إِنَّا كَفَينَاكَ المُستَهزِئِينَ} [الحجر: 94 و 95].

وفي" الصحيحين" عن أبي هريرة قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " ألا ترونَ كيف يَصرِفُ الله عنِّي شَتمَ قريشٍ, ولعنَهم، يشتمون مُذَمَّمَاً، ويلعنون مُذَمَّمَاً، وأنا مُحَمَّدٌ! ". واللهُ - سبحانه - بيَّنَ أنَّ مُبغِضَ النَِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هو الأقطعُ الخاسرُ الذَّليلُ، فقالَ جلَّ شأنهُ {إنَّ شانِئَكَ هُوَ الأبترُ}، ومن أوجهِ الكفايةِ أنَّ يُكرِمَ اللهُ ويُنعِمَ على بعضِ عبادهِ بالذَّودِ والدِّفاعِ عن نبيهِ بكُلِّ ما يستطيعُ وهي مرتبةٌ عظيمةٌ وشرفٌ كبيرٌ لكُلِّ من تصدِّى للدِّفاع عن النَِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاللهُمَّ شَرِّفنَا بالدِّفاعِ عن نبيكَ الكريمِ - صلى الله عليه وسلم -

واعلموا رحمكم اللهُ أنَّ الأمرَ المُستقِرَّ في عهدهِ وعهدِ صحابتهِ هو قتلُ السَّابِّ للهِ ولرسولهِ وأنَّهُ لا تُقبلُ توبتهُ، فالنَِّبيٌّ قتلَ ابنَ خطلٍ, وكانَ مُتعلِّقاً بأستارِ الكعبةِ ولم يقبل فيهِ الشَّفاعةَ، وأقرَّ الذي قتلَ جاريتهُ التي كانت تَسُبٌّ النَِِّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وغيرِها منَ الوقائعِ والحوادثِ التي لا يَتَّسِعُ المقامُ لذِكرها. يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية [الصارم2/394]: "إنَّ اللهَ فرضَ علينا تعزيرَ رسولهِ وتوقيرهِ، وتعزيرهُ: نَصرهُ ومَنُعُهُ، وتوقيرهُ: إجلالهُ وتعظيمهُ، وذلكَ يُوجِبُ صَونَ عرضهِ بكُلِّ طريقٍ,، بل ذلكَ أولى درجاتِ التعزيرِ والتوقيرِ، فلا يجوزُ أن نُصالِحَ أهلَ الذِّمةِ على أن يُسمِعونا شَتمَ نبينا ويُظهِروا ذلكَ، فإنَّ تمكيِنَهُم منُ ذلكَ تركٌ للتعزيرِ والتَّوقيرِ "أهـ، وقالَ أيضاً: "إنَّ نصرَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فرضٌ علينا، لأنَّهُ منَ التَّعزيرِ المفروضِ، ولأنَّهُ من أعظمِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ، ولذلكَ قالَ - سبحانه -: {مالكم إذا قيلَ لكم انفروا في سبيلِ الله اثَّاقلتم إلى الأرض} إلى قوله {إلا تنصروه فقد نصره الله}... ومن أعظمِ النَّصرِ حمايةُ عرضهِ مِمن يُؤذِيه.. ". اهـ بتصرف.

الوقفةُ الثَّانيةُ: خُطورةُ السٌّكوتِ على المنتقصِ لرسولِ الإسلامِ:

اعلموا رحمكُم اللهُ أنَّ السٌّكوتَ عن سَبِّ الرَّسولِ وانتقاصِه هو سببٌ لضياعِ الدِّينِ وسببٌ لسقوطهِ من أعينِ المسلمينَ وغيرِ المسلمينَ، يقولُ شيخُ الإسلامِ: "أمَّا انتهاكُ عِرضِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فإنَّهُ منافٍ, لدِّينِ اللهِ بالكليةِ، فإنَّ العرضَ متى انتُهكَ، سقطَ الاحترامُ والتعظيمُ، فسقطَ ماجاءَ بهِ منَ الرِّسالةِ، فبطَلَ الدِّينُ، فقيامُ المِدحَةِ والثَّناءِ عليهِ والتَّعظيمِ والتوقيرِ لهُ قيامُ الدِّين كُلِّهِ، وسقوطُ ذلكَ سقوطٌ الدِّينِ كُلِّهِ، وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ وجبَ علينا أن نَنتَصِرَ لهُ مِمن انتهكَ عرضهُ والانتصارُ له بالقتلِ لأنَّ انتهاكَ عرضهِ انتهاكٌ لدِّينِ اللهِ"أ. هـ، وهنا قد يقولُ قائلٌ: نحنُ لانملكُ قتلهُ، نقولُ هذا اذا كانَ في ديارِ المسلمينَ وتحتَ حكمِهِ وجبَ على ولي الأمرِ، وعلى الحاكمِ المسلمِ أن يُنفِّذَ فيهِ حُكمَ اللهِ وليس لكُلِّ أحدٍ,.

الوقفة الثالثة: أسبابُ الجرأةِ على سبِّ نبينا ودينِنا ومقدساتِنا:

أيٌّها المسلمونَ: إنَّ المتأمِّلَ في هذهِ الحادثةِ وما سَبقَهَا من حوادِثَ من تَعَدِّي بعضِ الملاحدةِ على مقامِ النَِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو إهانةِ المصحفِ من قبلِ القواتِ الأمريكيةِ كما حصلَ في أبي غريب وغونتناموا وغيرها، يجدُ لهذا أسباباً، من أهمها:

أولاً: ضَعفِنا وهزِيمتنا أمامَ أعداءِنا في عرضِ حقيقةِ الإسلامِ والشَّهادتينِ: إن الذين يصورون دين الإسلام ديناً ضعيفاً مهزوماً لا يدافع عن حرماته ولا عن شعائره ومقدساته، إلى الذين صوروا الجهاد الشرعي لأعداء الله إرهاباً وسفكاً للدماء هاهي النتيجة نجنيها ويتجرأ علينا كل حقير وصغير، وحتى الدنمارك التي لا تعرف إلا بإنتاج حليب الأطفال وأدوات التجميل يتجرأ على نبي الإٍ,سلام أشجع رجل عرفه التاريخ، ولعلي أجري مقارنة بسيطة بين دعوة أمريكا العالم للانخراط في النظام العالمي الجديد، إن أمريكا لم تعط الشعوب والدول حريتها بل فرضته بقوة الحديد والنار فأنشأت حلف الأطلسي ليكون ذراعها العسكري لتأديب من يخرج عن نظامهم الجديد وقد اعتدت على خصوصيات الدول واحتلت دول وقتلت مئات الآلاف دون رحمة، وأما الإسلام الذي جاء برسالته العادلة والرحيمة لما جاء بالنور والهداية لكل العالمين وجعل الجهاد وسيلة ليس لإجبار الناس على الدخول في وإنما لقمع كل معاند يريد ان يحول بين الناس والإسلام، فالإسلام إذا جاء بجيوشه الفاتحة فإنه يدعوهم للإسلام فإن أبوا يدعوهم ليدفعوا الجزية مقابلة حمايتهم وحقن دمائهم والدفاع عنهم ويعيشوا تحت حكم الإسلام، لقد دخل الناس عبر العصور في دين الله أفواجا اقتناعا بعدل الإسلام ورحمته وكانت أكثر الأقاليم تسلم نفسها للمسلمين لما يرون من حسن أخلاقهم وكريم شمائلهم وسمو تعاملهم، لم يعرف الإسلام في تاريخ المجازر الهمجية والوحشية كما هي معروفة في تاريخ أمريكا والغرب.

وثمة أمر آخر وهو الولاء والبراء: لما يتنصل البعض من هذه العقيدة العظيمة التي ترفع معنوية المسلم وتجعله يشعر برفعته واعتزازه ويأتي من أبناء المسلمين من ينكرها أو يمسخها وهي قضية من أصرح القضايا التي تحدث عنها القرآن {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاء بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ, وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللّهَ لاَ يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ} [المائدة51]، إن عقيدة بغض الكفار والبراءة منهم فرضت لأن الله يأمرنا بأن نبغض كل من يبغض الله ورسوله ودينه ونعادي كل من يعادي الله ورسوله ودينه فهي حقيقة العبودية والمحبة الصادقة لله ولرسوله ودينه، وهي حاجز نفسي رباني يجعل المسلم اقدر الناس على التعامل مع غير المسلمين من الكفار والملحدين مع الحفاظ على دينه وعقيدته فالإسلام لم يحرم العدل والإحسان في المعاملة لغير المسلم الذي لم يحاربنا أو يعتدي علينا وعلى مقدساتنا {لاَ يَنهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَم يُقَاتِلُوكُم فِي الدِّينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُم أَن تَبَرٌّوهُم وَتُقسِطُوا إِلَيهِم إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُقسِطِينَ} [الممتحنة8]

ثانيا: من أسباب تجرأ الأعداء علينا: التَّحَلٌّلُ والتَّفَسٌّخُ والتَّنَصٌّلُ من أحكامِ الشَّرعِ وعدمُ الاعتزازِ والفخرِ بالانتسابِ لهذهِ الأُمَّة وللنَّبِيِّ الكربمِ - صلى الله عليه وسلم - سواء من كان في مجال السياسة أو في مجال الإعلام أو من يعيش مع الغرب في بلاد الغرب كمقيمين أو زوار.

ثالثا ً: الصَّمتُ المُطبِقُ من قِبلِ إعلامِ المسلمينَ وواجهتِهِم ولسانِهِم والمتحدِّثِ النَّاطقِ في العالمِ معَ كُلِّ الهجماتِ المتكررةِ على الإسلامِ وَنَبِيِّ الإسلامِ وقرآنِنا، بل -وللأسفِ- فإن وسائل الإعلام تَشُنٌّ حرباً على دينِ الإسلامِ بأموال المسلمينَ... ألم تُمَجَّد في إعلامُنَا رواياتُ الرَّذيلةِ التي يُستَهزَأ فيها بدينِ اللهِ وبرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟!

ألم تُمَجَّد في إعلامُنَا رواياتُ التَّمردِ على الشَّرعِ وعلى هديِ القرآنِ وسمتِ المسلمينَ.

فكيفَ والحالةُ هذه يُكِنٌّ الأعداءُ لنا الاحترامَ.

الوقفة الرَّابعةُ: - أينَ الَّذينَ ملئوا الدٌّنيا ضجيجاً بزعمِ محبةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهم أَصحابُ التَّوجهاتِ البدعِيَّةِ التي حَرَّفت دينَ الإسلامِ وجعلتهُ دروشةً وضَعفاً وَخُرافةًº فَطَعَنَت الإسلامَ في خَاصِرتهِ، حيثُ سَوَّغَت الفسادَ في الأرضِ، وَحَرَّفت معنى مَحَبةِ النَّبِيِّ الكريمِ، وجَعَلَتهُ في موالِدَ واحتفالاتٍ, وخرافاتٍ,، وَفَرَّغتها من معناها الحِِيِّ الَّذي يجعَلُ حياةَ المسلمِ كُلَّها مثلَ حياةِ النَّبيِّ محمدٍ, - صلى الله عليه وسلم -، ونقول لهم كما قلتم (علموا أبناءكم حب الرسول) ونحن نقول (علموا أبناء كيف يدافعون عن الرسول).

- أينَ الَّذينَ مَلئُوا الدٌّنيا ضَجيجَاً بمحبةِ آلِ البيتِ - عليهم السلام -، فها هو ذا صاحبُ البيتِ، وإمامُ أهلِ البيتِ (محمَّدُ بنُ عبد اللهِ) - صلى الله عليه وسلم - يُسَبٌّ، وَيُنتَهَكُ عِرضُهُ.

أين أنتم دولاً وشعوباً عُلماءَ وعامَّةً، أين نُصرتُكُم للحبيب- صلى الله عليه وسلم -إلى اللهِ المُشتكى!!

- أين الَّذينَ كانوا يدعوننا للتسامحِ ونَبذِ الكراهيةِ والحقدِ من أصحابِ الحواراتِ اللَّطيفةِ، والأقلامِ النَّاعمةِ، 000، ها هم أولاءِ أعداؤكم شَمَّرُوا عن سواعدهم ورَمَوكُم عن قوسٍ, واحدةٍ,، يقول أحد ساسة أمريكا: ": (من المؤلم أن نظهر أنفسنا عقلانيين بشكل كامل وباردي الرأس)، (ما ينبغي أن يكون جزءً من الشخصية القومية التي نظهرها، هو أن الولايات المتحدة يمكن أن تصبح غير عقلانية، وانتقامية، إذا ما هوجمت مصالحها الحيوية). ويقول نيكسون بعبارة واضحة: "يجب أن يعرف أعداؤنا أن الجنون مسنا، ولا يمكن التنبؤ بما سنفعله، بقوة تدمير فائقة للعادة تحت إمرتنا، وهكذا سوف يركعون لإرادتنا خائفين"اهـ.

الوقفة الخامسةُ: أعظمُ الأسلحةِ ضدَ أعداءِنَا الانتصارُ على شَهواتِنَا وَحُظُوظِنا: ولا يقل أحدنا ماذا سوف أؤثر، فأنت تريد أن تبرئ ذمتك وأن تنال شرف الدفاع عن نبيك، وقد أثبت التاريخ عظم تأثير المقاطعة على العدو أثناء الحروب والعداوة بين أي شعبين.

الوقفة السَّادسةُ: تحية إلى كل الشرفاء الذين غاروا على نبيهم وبذلوا كل ما يستطيعون أبرأوا ذمتهم إلى العلماء والأمراء والساسة والوزراء والتجار والمثقفين والإعلاميين ونقول لهم أبشروا بموعود الله لكم بالخير في العاجل والآجل، وتذكروا أن المرء يحشر مع من أحب اللهم احشرنا مع نبيك الكريم في الفردوس الأعلى واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم عليك بمن اعتدى على نبيك أفراد وشعوباً اللهم اخزهم ومكن المسلمين من رقابهم وتنفيذ حكمك العادل فيهم، اللهم لا ترفع لهم راية واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم اجعل دولتهم دولاً اللهم مزقهم شر ممزق اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply