بين يدي المحبة:
يقول القاضي عياض: حقيقة المحبة: الميل إلى ما يوافق الإنسان ([1]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأصل الحب قوة في القلب تحرك إرادة الإنسان لتحصيل المحبوبات أصلاً، ودفع المكروهات تبعاً، فتميل النفس إلى الشيء إن كان محبوباً، وتنفر عنه إن كان مكروهاً، فالمحبة ميل القلب فطرة أو إدراكاً ومعرفةً إلى ما يوافقه ويستحسنه.([2])
ومحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يميل قلب المسلم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميلاً يتجلى فيه إيثاره - صلى الله عليه وسلم - على كل محبوب من نفس ووالد وولد والناس أجمعين، وحب المسلم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمل قلبي من أجل أعمال القلوب، وأمر وجداني يجده المسلم في قلبه، وعاطفة طيبة تجيش بها نفسه، وإن تفاوتت درجة الشعور بهذا الحب تبعاً لقوة الإيمان أو ضعفه. ([3])
وهذه المحبة - كما قال ابن رجب - على درجتين:
1. إحداهما فرض: وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وطاعته فيما أمر به من الواجبات، والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات، ونصرة دينه، والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة، فهذا القدر لابد منه، ولا يتم الإيمان بدونه.
2. والدرجة الثانية: فضل، وهي المحبة التي تقتضي حسنَ التأسي به، وتحقيق الاقتداء بسنته في أخلاقه، وآدابه، والاعتناءَ بمعرفة سيرته وأيامه، واهتزازَ القلب من محبته، وتعظيمَه، وتوقيرَه، ومحبةَ استماع كلامه، وإيثارَه على كلام غيره من المخلوقين، ومن أعظم ذلك الاقتداء به في زهدِه في الدنيا، والاجتزاء باليسير منها، ورغبتِه في الآخرة.([4])
لماذا نحبه - صلى الله عليه وسلم -؟
· كيف لا نحبه - صلى الله عليه وسلم - والله - جل في علاه - قد أحبه واصطفاه.
أخرج مسلم عن جندب - رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليلº فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك)([5]).
وله عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل - عليه السلام - وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقةً، فقال: هذا حظُ الشيطان منك، ثم غسله في طِستٍ, من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَهُ ثم أعاده مكانه.([6])
وله عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)([7])
وله عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع)([8])
وأخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل الأرض)([9])، ولا أحبَ إلى الله - تعالى- منه بأبي وأمي - صلى الله عليه وسلم -.
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقول: تهب المرأة نفسها! فلما أنزل الله: ((تُرجِي مَن تَشَاء مِنهُنَّ وَتُؤوِي إِلَيكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابتَغَيتَ مِمَّن عَزَلتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيكَ )) قالت: قلتُ والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.([10]).
وفي قول الله - تعالى-: ((مَا وَدَّعَكَ رَبٌّكَ وَمَا قَلَى))([11]) وقف البلاغيون عند سرّ حذف المفعول في «قلى» وقالوا: إنه للحذف هنا دلالة معنوية رائعةً «هي تحاشي خطابه - تعالى- لحبيبه المصطفى في مقام الإيناس: ما قلاك، لما في القلى من الطرد والإبعاد وشدة البغض، أما التوديع فلا شيء فيه من ذلك»([12])، فالله - تبارك اسمه - قد صان الضمير الموجه لحبيبه - صلى الله عليه وسلم - من أن يقع مفعولاً لفعل يحمل معنى البغض والكره، ولو في سياق النفي.
قال ابن أبي الإصبع «وأعجب احتراس وقع في كتاب الله الكريم قوله سبحانه: ((وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغَربِيِّ إِذ قَضَينَا إِلَى مُوسَى الأَمرَ))([13])، فإنه - تبارك وتعالى - لما نفى عن حبيبه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون بالمكان الذي قضى فيه لموسى - عليه السلام - الأمر عرف المكان بالجانب الغربي، ولم يقل في هذا الموضع، كما قال في الإخبار عن موسى - عليه السلام -: ((وَنَادَينَاهُ مِن جَانِبِ الطٌّورِ الأَيمَنِ))([14]) أدباً مع نبيه وحبيبه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن ينفي عنه كونه بالجانب الأيمن، ولما أخبر عن موسى - عليه السلام - ذكر الجانب الأيمن تشريفاً لموسى - عليه السلام - فالمح لطيف هذا الاحتراس من بلاغة الكتاب العزيز جل المتكلم به»([15]).
بل إن الله - تبارك وتعالى - لم يناده باسمه بل بـ ((يَا أَيٌّهَا الرّسُولُ)) و ((يَا أَيٌّهَا النّبِيٌّ)) إكراما له - صلى الله عليه وسلم -.
· وكيف لا نحبه - صلى الله عليه وسلم - وحبه من حب الله - تعالى-:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)([16]) قال ابن تيمية: (وليس للخلق محبة أعظم ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحق أن يحب لذاته من كل وجه إلا الله - تعالى-، وكل ما يحب سواه فمحبته تبع لحبه، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام - إنما يحب لأجل الله، ويطاع لأجل الله، ويتبع لأجل الله، قال - تعالى-: (( قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللّهُ وَيَغفِر لكُم ذُنُوبَكُم وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قُل أَطِيعُوا اللّهَ وَالرَّسُول فإِن تَوَلوا فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبٌّ الكَافِرِينَ ))([17]))([18]), وعلى ذلك فلا تنفك إحدى المحبتين عن الأخرى، فمن أحب الله أحب رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك سائر رسله، ومحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبع لمحبة من أرسله، ولأجل هذا جاء حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقترنا بحب الله - عز وجل - في أكثر النصوص الشرعية.
· وكيف لا نحبه - صلى الله عليه وسلم -، والله - عز وجل - يحب ويكرم من يحبه:
قال - تعالى-: (( قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللّهُ وَيَغفِر لكُم ذُنُوبَكُم وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )).
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلاً كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان اسمه عبد الله، وكان يلقب: حِمَاراً، وكان يُضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأُتي به يوماً فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به!! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله"([19]).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه!! قال عمر: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فدعا علياً فبعثه ثم قال: اذهب فقاتل حتى يفتح الله عليك...)([20])
· وكيف لا نحبه - صلى الله عليه وسلم - ولا إيمان لعبدٍ, حتي يحبه:
إن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصل عظيم من أصول الإيمان يتوقف على وجودِه وجودُ الإيمان، فلا يدخل المسلم في عداد المؤمنين الناجين حتى يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من الناس أجمعين، بل ومن نفسه التي بين جنبيه قال - تعالى-: (( قُل إِن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَآؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِليكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولهِ وَجِهَادٍ, فِي سَبِيلهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ ))([21]) يقول القاضي عياض: "فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها - صلى الله عليه وسلم -، إذ قرَّع الله من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وتوعدهم بقوله - تعالى-: (( فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ ))، ثم فسقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله).
وقال - تعالى-: ((النَّبِيٌّ أَولى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم))([22]) أخرج البخاري ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) قال شيخ الإسلام: فلما نفى - الإيمان - حتى توجد هذه الغايةº دل على أن هذه الغاية فرض على الناس، فمن تركها كان من أهل الوعيد، لم يكن قد أتى بالإيمان الواجب الذي وعد أهله بدخول الجنة بلا عذاب، فإن الله إنما وعد بذلك من فعل ما أمر به، وأما من فعل بعض الواجبات وترك بعضها فهو معرض للوعيد).
أخرج البخاري عن عبد الله بن هشام - رضي الله عنه - قال: (كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي!! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك) فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي!! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن يا عمر) قال ابن حجر: (فجواب عمر أولاً كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله: ( الآن يا عمر ) أي الآن عرفت فنطقت بما يجب).
· وكيف لا نحبه - صلى الله عليه وسلم - ولا يجد عبدٌ حلاوة الإيمان حتى يحبه:
إذا قويت المحبة في قلب المؤمن وزادتº أثمر ذلك زيادة في الإيمان، وذاق العبد حينئذ حلاوة الإيمان.
أخرج البخاري ومسلم عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...) يقول ابن تيمية: "كلما ازداد المؤمن محبة لله ورسوله كلما ازداد ذوقه لحلاوة الإيمان، فإن للإيمان من الحلاوة في القلب واللذة، والبهجة والسرورº ما لا يمكن التعبير عنه إلا لمن ذاقه، والناس متفاوتون في ذوق الإيمان واللذة به تفاوتاً عظيماً لا يعلمه إلا الله".
وفي حديث العباس - رضي الله عنه - قال - صلى الله عليه وسلم -: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً)([23])
· وكيف لا نحبه - صلى الله عليه وسلم - وكل شيءٍ, يحبه، ويمتثل لأمره ([24])
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر أخدمه، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - راجعاً وبدا له أحُدٌ قال: (هذا جبل يحبنا ونحبه...) متفق عليه([25])
وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن) رواه مسلم ([26]).
عن علي بن طالب - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فخرجنا معه في بعض نواحيها، فمررنا بين الجبال والشجر، فلم نمر بشجرة ولا جبل، إلا قال: السلام عليك يا رسول الله. رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، وأقره الذهبي.
وعن يعلى بن مرة الثقفي - رضي الله عنه - قال: بينا نحن نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلنا منزلاً، فنام النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءت شجرة تشق الأرض، حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ ذكرت له ذلك، فقال: (هي شجرة استأذنت ربها - عز وجل - في أن تسلم علي، فأذن لها) رواه أحمد والطبراني وأبو نعيم والبيهقي، ورجال أحمد وأبي نعيم والبيهقي رجال الصحيح. ([27])
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: لما فُتحت خيبر، أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة)([28]).
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فأقبل أعرابي، فلما دنى منه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أين تريد؟) قال: إلى أهلي، قال: (هل لك إلى خير؟) قال: ما هو؟ قال: (تشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله) قال: هل من شاهد على ما تقول؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (هذه السَّمُرَة) فدعاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خداً حتى كانت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا، فشهدت أنه كما قال، ثم رجعت إلى منبتها، ورجع الأعرابي إلى قومه وقال: إن يتبعوني أتيتك بهم، وإلا رجعت إليك فكنت معك) قال ابن كثير هذا إسناد جيد ولم يخرجوه.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحش، فإذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعب واشتد، وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخل ربض فلم يترمرم ما دام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت كراهية أن يؤذيه. رواه أحمد وقال ابن كثير - رحمه الله - هذا الإسناد على شرط الصحيح([29])
وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جذع ويخطب إليه إذ كان المسجد عريشاً، فقال له رجل من أصحابه: ألا نجعل لك عريشاً تقوم عليه يراك الناس يوم الجمعة، وتسمع من خطبتك؟ قال: نعم، فصنع له الثلاثة درجات هن اللواتي على المنبر، فلما صنع المنبر ووضع في موضعه الذي وضعه فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد المنبر مر عليه فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع وانشق، فرجع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسحه بيده حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر) وفي رواية فلما قعد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك المنبر خار الجذع كخوار الثور، حتى ارتج المسجد حزناً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر فالتزمه وهو يخور، فلما التزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكن، ثم قال: أما والذي نفس محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة حزناً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)([30])، قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شوقاً إلى لقائه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه - صلى الله عليه وسلم -.([31])
وعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم، فضربه برجله وقال: (اثبت أحد، فما عليك إلا نبي أو صِدِّيق أو شهيدان)([32])
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اهدأ، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)( المقال التالي المقال السابق
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد