بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله:
ولما قدمت المملكة سنة 1382هـ أقمت سنة في الرياض...
وكان معنا فيها رجل من الشام لا أُسَمِّيه، كان مقيماً في الرياض هو وأمه،
فعرض له عمل اقتضى سفره إلى لبنان.
وكرهَتْ أُمُّه هذا السفر لئلا تبقى وحدها...
فلما حلّ موعده حمل ثقله (أي حقائبه وأشياءه) إلى المطار...
فسلَّمَه إلى الشركة وذهب إلى بيته على أن يأتي الفجر ليسافر.
ورجا أمّه أن تُوْقِظه قبيل الفجر.. فلم توقظه حتى بقي لموعد قيام الطيارة ثلاثة أرباع الساعة..
فقام مسرعاً وأخذ سيارة وحثَّ السائق على أن يبلغ به المطار ويُضاعف له الأجر، وجعل يدعو الله أن يلحق بالطيارة قبل أن تطير.
ولما وصل وجد أنه لا يزال بينه وبين الموعد ربع ساعة..
فدخل المقصف وقعد على الكرسي فنام، ونُودي من المُكَبِّر على ركاب الطائرة أن يذهبوا إليها، فلم يسمع هذا النداء..
وما صحا حتى كانت الطيارة قد علت في الجو!
وكنتُ معه، فجعل يعجب كيف دعا الله بهذا الإخلاص دعاءَ المُضطر ولم يُستجَب له.
وجعلت أهوّن الأمر عليه وأقول له: إن الله لا يرد دعوة داعٍ مُخْلِص مضطر أبداً، ولكن الإنسان يدعو بالشر دعاءه بالخير، والله أعلم بمصلحته منه.
وأهمّه الغضبُ والحزن عن إدراك ما أقوله.
أفتدرون ماذا كانت خاتمة هذه القصة؟
لعل منكم من يذكر طيّارة شركة الشرق الأوسط التي سقطت تلك السنة وهلك من كان فيها.
هذه هي الطيارة التي حزن على أنها فاتته!
إن الإنسان قد يطلب من الله ما يضره، ولكن الله أرحم به من نفسه.
من كتاب (نور وهداية)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد