بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
• عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يَفْرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )) أو قال (( غيره )) رواه مسلم .
• يفرك ( بفتح الياء والراء وإسكان الفاء بينهما ) : يبغض .
قال الإمام النووي في شرح الحديث : ( ينبغي أن لا يبغضَها، لأنه إن وجد فيها خلقاً يُكره ؛ وجد فيها خلقاً مرضياً؛ بأن تكون شرسة الخلق لكنها ديّنة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به، أو نحو ذلك )
• يؤكد النووي رحمه الله أن الحديث على النهي، أي أنه صلى الله عليه وسلم ينهى الرجل عن بغض زوجته لخلق غير حسن فيها، وليس الحديث خبراً كما قال القاضي عياض، أي أن الزوج المؤمن لا يقع منه بغض تام لها، ويصف النووي ما ذهب إليه عياض بأنه ضعيف أو غلط .
• وعليه فإننا نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى الزوج عن أن يكرهَ زوجته لخلق لم يرضه منها، أو طبع لم يرتح إليه فيها، ويوجهُه للنظر إلى أخلاقٍ أخرى في زوجته تعجبُه وترضيه ويرتاحُ إليها، ولعله لم يكن منتبهاً إلى تحلي زوجتِه بها، أو أنه كان يتعمد إغماضَ عينهِ عن رؤيتها .
• وكثيراً ما نرى زوجاً يقارن زوجته بأخرى تتحلى بخلق أو طبع لا تتحلى به زوجتُه، لكنه ينسى أخلاقاً مرضية عدة في زوجته لا تتحلى بها الزوجة الأخرى التي قارن بها زوجتَه .
ومثال ذلك زوج يكره في زوجته عدم إتقانِها طبخَها فهو يقارنها بأخته التي تتقن الطبخ وتجيده، لكنه أغفل مقارنة أخرى كان عليه أن يقوم بها، وهي أن زوجته تحسن تربيةَ أطفالها، ورعايتَهم، وتعليمَهم، بينما أختهُ مهملةٌ أبناءها، لا تحسن تربيتَهم ولا رعايتَهم . ولا شك في أن إتقان التربية والرعاية أهم من إتقان الطبخ وإجادتهِ .
ولهذا حينما يقع الشقاق بين الزوج وزوجته، ويأتي الحَكَم ليصلحَ بينهما، فإنه يذكِّر الزوج الذي يشتكي في زوجته تقصيراً أو خلقاً لا يرضى عنه، يذكره بأخلاق أخرى لزوجته عبر أسئلةٍ محددة : هل تؤدي كذا ؟ هي تسيء إلى أهلك ؟ وغيرها من الأسئلة التي تلفت انتباه الزوج إلى أخلاق حسنة رضيها في زوجته .. وغَفَل عنها حين ركّز بصره في خلق أو طبع دون غيره من الأخلاق أو الطباع .
• إن التزام الأزواج بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم، يحفظ أُسراً كثيرة من خطر التمزق والضياع، ويقي الأزواج من شقاقات كثيرة يمكن أن تقع لو بقيت عيون الأزواج متوجهة إلى أخلاق دون غيرها .
ولهذا فإني أنصح كل زوج يشتكي في زوجته خلقاً .. أن يخرج قلماً وورقة، ويحاول أن يسجل عليها ما يرضاه في زوجته من أخلاق، وسيجد نفسه يكتب أخلاقاً كثيرة يرضاها في زوجته، لم يكن مقدراً لها .
وإذا ما قارن بين أخلاقها التي رضيها منها وخلقها الذي لم يرضه .. فسيجد زوجة ينبغي أن يحمد الله عليها كثيراً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد