تدبر القرآن الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

تدبر القرآن الكريم

(مفهومه ـ أساليبه ـ أسبابه ـ آثاره)

فقد اختصَّتْ هذه الأمةُ ــ ولله الحمد ــ بمنهج فريد في ضبط العلوم: تأصيلاً، وتفصيلاً، وتفريعاً، وتدقيقاً، وتصنيفاً، وتدريساً.

وعلماؤنا ـــ أحكموا التأصيل، وأحسنوا القول في التفصيل، فكان منهجهم في كتابة  العلوم منهجاً فريداً، حقيقاً بالإعجاب، والإكبار، ونحن في هذه العصور نتلمسُ في صفحات ذلك التراث الضخم، ما يؤلف دراسةً حديثةً جامعةً للمتشابهات والمتفرقات منه.

ومن تلك المواضيع الحرية بالدراسة والبحث والتأصيل؛ موضوع تدبر القرآن الكريم، الذي هو بحاجة للمزيد من الأبحاث والدراسات التي يمكن أن تؤسس ذلك المنهج الصحيح لتدبر القرآن الكريم.

وتدبر القرآن واجب على الأمتين: أمةِ الدعوة، وأمةِ الاستجابة.

وقد وردت الأدلةُ العامةُ الدالةُ على ذلك كما قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)[النساء: 82] وقال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)[محمد: 24]، وقال: (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين)[المؤمنون: 68]، وقال تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)[ص: 29]. وقال: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)[الحشر: 21].

قال القرطبي: "حثَّ على تَأَمُّلِ مواعظ القرآن، وبَيَّنَ أنه لا عُذْرَ في تَرْكِ التدبر، فإنه لو خوطب بهذا القرآنِ الجبالُ ــ مع تركيب العقل فيها ــ لانقادتْ لمواعظه، ولرأيتَها ــ على صلابتها ورزانتها ــ خاشعةً متصدعةً، أي: متشققة من خشية الله"(1),

والمؤمنون بفضل الله تعالى يتأملون آيات الله فتقشعرُّ جلودُهم خوفاً من الوعيد، ثم تلين جلودُهم عند سماع الوعد.

وأما الكافرون فإنهم أعرضوا عن التدبر فكانوا كما قال تعالى: (وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)[النحل: 33].

وفي هذه الدراسة المتواضعة حاولتُ إبراز بعض الجوانب المهمة في تأصيل منهجية التدبر، أسأل الله تعالى أن تكون متقبلة لديه، خالصةً لوجهه، إنه جواد كريم.

(تمهيد)

 

مفهوم التدبر التدبر في اللغة:

تدور مادة الكلمة حول أواخر الأمور وعواقبها وأدبارها، فالتدبُّر هو: النظر في عواقب الأمور وما تؤول إليه.

قال الزجاج (ت: 311 هـ): "التدبر: النظر في عاقبة الشيء"(2).

وقال ابن فارس (ت: 395 هـ): "دبر: الدال والباء والراء. أصل هذا الباب أنَّ جُلّه في قياسٍ واحد، وهو آخِر الشَّيء"(3).

وقال الجرجاني (ت: 816 هـ) في تعريف التدبر: "عبارة عن النظر في عواقب الأمور، وهو قريب من التفكر، إلا أن التفكرَ تصرفُ القلب بالنظر في الدليل، والتدبر تصرفه بالنظر في العواقب"(4).

والتدبير والتدبر: نظرٌ في عواقب الأمور(5). فتنظر إلى ما يؤول إليه عاقبتُه(6).

التدبر في الاصطلاح (7).

يمكن الخروج بتعريف لكلمة التدبر بمعناها الاصطلاحي عند المفسرين بأن التدبر هو:

(تأمل القرآن بقصد الاتعاظ والاعتبار والاستبصار)

-       فكلمة (تأمل) قد اتفق عليها أغلب المعرفين للتدبر.

-       وكلمة (القرآن) هي الواردة في نص الآية الكريمة: (أفلا يتدبرون القرآن)[النساء: 82، محمد: 24 ]، وهو المقصود في قوله تعالى: (أفلم يدبروا القول)[المؤمنون:68]، وفي قوله: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)[ص: 29].

-       وجملة (بقصد الاتعاظ والاعتبار والاستبصار): هي نتيجة التدبر وثمرته، كما قال تعالى: (ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)[ ص: 29 ]. ومما يدل على كون هذا هو المقصود من التدبر؛ توجيه الخطاب في الآيات الآمرة به للكفار والمنافقين، والمقصود من ذلك اتعاظهم بما ورد في القرآن، واعتبارهم الهادي إلى الإيمان واتباع الشرع. وهكذا يكون المقصود عند تعميم الأمر ليشمل المسلمين فالتدبر متوجه إلى اتعاظ القلب واعتباره مما يُثمر بعد ذلك آثاراً دالة على الخشوع: كوَجِل القلب، والبكاء، والخشية، وزيادة الإيمان، وغير ذلك مما ذكره الله تعالى في كتابه نتيجة التأثر بالقرآن كما في قوله تعالى: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)[المائدة: 83]. وقوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد)[ الزمر: 23 ]. وقوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون)[ الأنفال: 2 ].

 

المبحث الأول:

أساليب القرآن في الدعوة إلى التدبر:

دعا القرآن إلى التدبر في مواضع كثيرة، وحثَّ عليه، وتفنن في ذلك غاية التفنن، وحَرَّكَ القلوبَ والعقولَ إلى تأمل المعاني، والاتعاظ والاستبصار بما جاء من الله تعالى من التخويف والترهيب والترغيب، وما ذكر من مصير الأمم السالفة، حين استجابوا أو كذَّبوا الرسل عليهم الصلاة والسلام.

لذلك فإن المواضعَ التي يذكر فيها القرآنُ القَصَصَ، والأمثالَ، والتي يذكر فيها الحثَّ على: التَعَقُّلِ(8)، والتَّذَكُّرِ(9)، والتَّفَكُّرِ(10)، والتقوى(11)، والإيمان(12)، والرؤية والإبصار(13)، والسماع(14)؛ فإنما يدعو فيها إلى تدبر القرآن، والتأمل فيما فيه من المواعظ والآيات، القائدِ بعد ذلك إلى التصديق والإيمان واتباع النبي .

ولقد تنوعت الأساليب التي دعا فيها القرآن إلى التدبر، ويمكن بيان بعض تلك الأساليب فيما يأتي:

الأسلوب الأول: الحث المباشر على التدبر العام للقرآن:

وقد ورد ذلك في عدد من الآيات الكريمات منها:

أ ـ قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)[النساء: 82].

ب ـ قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)[محمد: 24].

ج ـ قوله تعالى : (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين)[المؤمنون: 68].

د ـ قوله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)[ص: 29].

فقد دعا القرآن هنا إلى التدبر دعوة مباشرة صريحة، وأبان أنَّ عِلَّةَ إنزال القرآن؛ التدبرُ، ولا شكَّ أنها علةٌ عظيمةٌ قائدةٌ إلى كلِّ فلاحٍ وفوزٍ في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: (فالذين آمنوا به وعززوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)[الأعراف: 157].

الأسلوب الثاني: توجيه الخطاب لأصحاب العقول والنهى (15):

فقد ورد توجيه الخطاب في القرآن الكريم إلى أصحاب العقول، والألباب، والنهى.

وسرُّ ذلك: حثُّ أصحاب تلك العقول والألباب إلى استعمالها في تدبر النص القرآني، والاهتداء بما فيه، ومن تلك الآيات:

أ ـ قوله تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب)[آل عمران: 190].

ب ـ وقوله تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب)[يوسف: 111].

ج ـ وقوله تعالى: (كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى)[طه: 54].

د ـ وقوله تعالى: (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى)[طه: 128].

قال ابن جرير الطبري: "وخصَّ ــ تعالى ذكرُه ــ بأنَّ ذلك آياتٌ لأولي النُّهَى؛ لأنهم أهل التفكُّر والاعتبار، وأهل التدبر والاتعاظ"(16).

وقال في تفسير الآية الثالثة: "إن فيما وصفتُ في هذه الآية من قدرة ربكم، وعظيم سلطانه لآيات: يعني لدلالات وعلامات تدلّ على وحدانية ربكم، وأن لا إله لكم غيره"(17).

 

الأسلوب الثالث: ضَرْبُ الأمثال بقصد التفكر والتذكر:

فقد ضرب الله تعالى الأمثال في القرآن الكريم، وحث على تأملها وتذكرها، في آيات عديدة، وفي مجالات متعددة، فضرب الله الأمثال: للإيمان، والكفر، والعلم النافع، وفضح النفاق، والحث على الإنفاق، والترغيب في الخير، والتنديد بالشر، وتصوير الطيب والخبيث، والصالح والطالح، ولإقامة الأدلة والبراهين، وبيان خيري الدنيا والآخرة (18).

وقد قال الله تعالى في بيان الهدف من تلك الأمثال: (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)[إبراهيم: 25]، وقال تعالى: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)[العنكبوت: 43]، وقال: (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)[الحشر: 21].

وأبان القرآنُ مصيرَ مَنْ لم ينتفع بتلك الأمثال كما قال تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا، فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميراً، وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذاباً أليماً، وعاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً ، وكلاً ضربنا له الأمثال وكلاً تبرنا تتبيراً)[الفرقان: 35 - 39].

قال ابْنُ جرير الطبري: "يقول تعالى ذكرُه: وكلَّ هذه الأمم التي أهلكناها، التي سمَّيْناها أو لم نسمِّها، (ضربنا له الأمثال) يقول: مثَّلْنا له الأمثالَ، ونبَّهْناها على حججنا عليها، وأعذرنا إليها بالعبر والمواعظ، فلم نُهْلِكْ منهم أمةً إلا بعد الإبلاغ إليهم في المعذرة" (19).

 

الأسلوب الرابع: تعليلُ الآياتِ وختمُها بما يدعو إلى التدبر:

فإن كثيراً من الآيات قد خُتِمَتْ بعلل تدعو إلى التدبر والتفكر، كما في قوله تعالى: (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)[البقرة: 129]، وقوله تعالى: (والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون)[البقرة: 221]، وقوله تعالى: (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)[البقرة: 266]، وقوله تعالى: (انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)[الأنعام: 65]، وقوله تعالى: (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)[الأعراف: 176]، وقوله تعالى: (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)[إبراهيم: 25]، وقوله: (وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً)[طه: 113]، وقوله تعالى: (أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون)[السجدة: 3]، وقوله تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون ، قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون)[الزمر: 27- 28]، وقوله تعالى: (فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون)[الدخان: 58]، وغيرها من الآيات الكثيرة.

ولا شكَّ أنَّ المؤمن يسعى لتحقيق تلك الغايات التي نزلتْ من أجلها الآياتُ، ولا يكون ذلك إلا بتدبر القرآن والتأمل فيه والعمل بما يتضمنه من أوامر وتوجيهات.

وقد أخبر الله تعالى أن الغافلين والكافرين والمتكبرين والمكذبين؛ مصروفون عن تدبر آياته وفهمها والانتفاع بها ــ ومنها القرآن ــ كما قال : (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين)[الأعراف: 146].

قال سفيان بن عيينة: "أنزعُ عنهم فهمَ القرآن، وأصرفُهم عن آياتي"(20).

وقال ابنُ جرير الطبري: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه سيصرف عن آياته، وهي أدلته وأعلامه على حقيقة ما أمر به عباده وفرض عليهم من طاعته في توحيده وعدله، وغير ذلك من فرائضه. والسموات والأرض، وكل موجود من خلقه؛ فمن آياته، والقرآن أيضًا من آياته، وقد عم بالخبر أنه يصرف عن آياته المتكبرين في الأرض بغير الحق، وهم الذين حقَّت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون، فهم عن فهم جميع آياته والاعتبار والادّكار بها مصروفون، لأنهم لو وفِّقوا لفهم بعض ذلك فهُدوا للاعتبار به، اتعظوا وأنابوا إلى الحق، وذلك غير كائن منهم"(21).

 

الأسلوب الخامس: ذكر القصص القرآني للتفكر والعبرة:

قال تعالى: (ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون، ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون)[الأعراف: 176 - 177].

وقال تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)[يوسف: 111].

فقد صرَّحَ القرآنُ بأن في تلك القصص عبرةً، وطريق الاعتبار بتلك القصص هو تدبر القرآن.

وقد أحسن الإمام أبو جعفر الطبري ــــ عند تفسير آية الأعراف السابقة حيث كان  عمله مثالاً يُحْتذى للتدبر فقال: "وأما قوله: (فاقصص القصص)، فإنه يقول لنبيه محمد: فاقصص ــ يا محمد ــ هذا القصص، الذي اقتصصته عليك من نبأ الذي آتيناه آياتنا، وأخبارَ الأمم التي أخبرتك أخبارهم في هذه السورة، واقتصَصْت عليك نبأهم ونبأ أشباههم، وما حلّ بهم من عقوبتنا، ونزل بهم حين كذبوا رُسُلَنا من نقمتنا؛ على قومك من قريش، ومَنْ قِبَلَك من يهود بني إسرائيل، ليتفكروا في ذلك، فيعتبروا وينيبوا إلى طاعتنا، لئلا يحلّ بهم مثل الذي حلّ بمن قبلهم من النّقم والمثلات، ويتدبَّره اليهود من بني إسرائيل، فيعلموا حقيقةَ أمرك وصحَّة نبوّتك، إذ كان نبأ (الذي آتيناه آياتنا) من خفيّ علومهم، ومكنون أخبارهم، لا يعلمه إلا أحبارُهم، ومن قرأ الكُتب ودرسها منهم. وفي علمك بذلك ــ وأنت أميٌّ لا تكتب، ولا تقرأ، ولا تدرس الكتب، ولم تجالس أهل العلم ــ الحُجَّة البينة لك عليهم بأنك لله رسول، وأنك لم تعلم ما علِمت من ذلك، وحالُك الحال التي أنت بها، إلا بوحي من السماء"(22).

وبهذا يتبين أثر القصص القرآن في الهداية والإيمان واليقين عند التدبر الصحيح والتأمل بقصد الاعتبار والاستبصار.

 

المبحث الثاني:

الأسباب المعينة على تدبر القرآن الكريم:

1-              معرفة الله تعالى وتعظيمه:

فإن معرفة الله سبحانه وتعظيمه هي الباب العظيم لتدبر كلامه ، فإن مَنْ امتلأ قلبُه معرفة بالله وتعظيماً له؛ عَظَّمَ كلامه، وتمعَّنَ فيه، وأصغى إليه متأملاً متدبراً.

وقد أخبر سبحانه أن المشركين ــ وهم الذي لا يعرفونه حَقَّ المعرفة ــ لا ينتفعون بهذا الكتاب الكريم، قال تعالى: (وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور)[فاطر: 22].

قال ابن جرير الطبري: " وما أنت يا محمد بمسمع من في القبور كتابَ الله، فتهديَهم به إلى سبيل الرشاد، فكذلك لا تَقْدِرُ أن يَنْفَعَ بمواعظ كتاب الله وبينات حججه، مَنْ كان ميت القلب من أحياء عباده، عن معرفة الله، وفهم كتابه وتنزيله"(23).

وبين سبحانه أن سبب تكذيب المشركين؛ عدمُ معرفتهم لله حق المعرفة كما قال تعالى: (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين)[الأعراف: 64].

قال ابن عباس: "عميت قلوبهم عن معرفة الله وقدرته وشدة بطشه"(24).

وقال السعدي: "فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل"(25).

وقال: "فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر: معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين، وأعرض عن ذلك، الظالمون المعرضون"(26).

ولا شكَّ أن مطالعة التفاسير لا تكفي وحدها في تدبر القرآن ما لم ينضم إلى ذلك الإحساس والإيمان العميقان بأن هذا الكلامَ كلامُ الله تعالى (27).

قال سَلْم بن ميمون الخوَّاص: "قلت لنفسي: يا نفسُ، اقرئي القرآن كأنك سمعتيه من الله حين تَكَلَّمَ به، فجاءت الحلاوة!ُ"(28).

ولا شكَّ أن تعظيم القرآن من تعظيم الله تعالى، فكما أنه سبحانه عظيم في ذاته، فإنه عظيم في صفاته ومنها كلامه القرآن، وقد سماه سبحانه برهاناً، ونوراً، وهدىً، وفرقاناً، وشفاء لما في الصدور، فعظمه عند المؤمنين؛ ليُعَظِّموا قدره ويفهموه، لينالوا شفاء قلوبهم (29).

قال الحارث المحاسبي: "فإذا عَظُمَ في صدْرِك تعظيمُ المتكلِّم به، لم يكن عندك شيءٌ أرفعُ، ولا أشرفُ، ولا أنفعُ، ولا ألذُّ، ولا أحلى، من استماعِ كلام الله عزَّ وجلَّ، وفهمِ معاني قوله، تعظيماً وحبَّاً له وإجلالاً، إذ كان تعالى قائله، فحبُّ القولِ على قَدْرِ حُبِّ قائله"(30).

وقد أحسن الإمام الغزالي في تصوير أثر ذلك التعظيم حيث يقول: "ولن تحضره عظمة المتكلم ما لم يتفكر في صفاته وجلاله وأفعاله. فإذا حضر بباله العرش والكرسي والسموات والأرض وما بينهما من الجن والإنس والدواب والأشجار، وعلم أن الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد، وأن الكل في قبضة قدرته مترددون بين فضله ورحمته وبين نقمته وسطوته إن أنعم فبفضله وإن عاقب فبعد له، وأنه الذي يقول هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي وهذا غاية العظمى والتعالي. فبالتفكر في أمثال هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام"(31).

 

2-              التمهل والتأني عند القراءة:

قال تعالى: (ورتل القرآن ترتيلاً)[المزمل: 4]، قال ابن كثير: "أي: اقرأه على تمهل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره"(32).

والتمهل في قراءة القرآن أدعى للفهم والتدبر، وهذه صفة قراءة النبي  كما وَرَدَ ذلك في عدة أحاديث منها:

-       عن حفصة  قالت: ما رأيت رسول الله صلى في سبحته قاعداً، حتى  كان قبل وفاته بعامٍ، فكان يصلي في سبحته قاعداً، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها (33).

-       وعن أنس: أنه سئل عن قراءة رسول الله، فقال: كانت مدًا، ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد بـ (بسم الله)، ويمد بـ (الرحمن)، ويمد بـ (الرحيم) (34).

-       وعن أم سلمة: أنها سُئلت عن قراءة رسول الله، فقالت: كان يقطع قراءته آية آية، (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين)[الفاتحة: 1 – 4 ](35).

-       وعن ابن مسعود أنه قال: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذّوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة(36).

-       وعن أبي وائل قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذَّاً كهذِّ الشعر، لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله  يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المُفَصّل سورتين من آل حم في كل ركعة(37).

 

3-              فهم القرآن:

فهم القرآن هو أساس التدبر الصحيح، وذلك بفهم المراد من كلام الله تعالى، وفهم القرآن شامل لفهم معنى الآيات ــ بحيث يفهم القارئُ معاني الكلمات، ويقرأ تفسيرها ــ ولفهم المقصود من إيراد الآيات: وبهذا يفهم القارئُ مقاصد القرآن.

قال ابْنُ جرير الطبري: "وفي حَثِّ الله ّ عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات... ما يدلّ على أنَّ عليهم معرفةَ تأويل ما لم يُحجب عنهم تأويله من آيه. لأنه محالٌ أن يُقال لمن لا يفهمُ ما يُقال له ولا يعقِل تأويلَه: "اعتبرْ بما لا فَهْم لك به ولا معرفةَ من القِيل والبيان والكلام"- إلا على معنى الأمر بأن يفهمَه ويفقَهَه، ثم يتدبَّره ويعتبرَ به. فأما قبلَ ذلك، فمستحيلٌ أمرُه بتدبره وهو بمعناه جاهل. كما محالٌ أن يقال لبعض أصناف الأمم الذين لا يعقلون كلامَ العرب ولا يفهمونه"(38).

وينبغي للقارئ أن يبتعد عن موانع الفهم كالتكلف في القراءة والانشغال بها عن الفهم، واتباع الهوى فإنه من أعظم موانع تدبر القرآن الكريم.

 

4-              تحسين الصوت عند القراءة:

وللصوت الحسن أثرٌ كبيرٌ في تدبر كلام الله تعالى، وقد حثَّ النبيُّ  على تزيين الصوت عند القرآن فقال: (زينوا القرآن بأصواتكم)(39).

وقال: (ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن)(40).

قال ابن كثير: "قد فهم من هذا أن السلف ـــ إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة،"(41).

وقال: "والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به"(42).

وقال النووي: "أجمع العلماء ــ من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم  من علماء الأمصار أئمةِ المسلمين على استحباب تحسين الصوت بالقرآن، وأقوالهم وأفعالهم مشهورةٌ نهاية الشهرة، فنحن مستغنون عن نقل شيء من أفرادها، ودلائل هذا من حديث رسول الله ؛ مستفيضةٌ عند الخاصة والعامة"(43).

والمطلوب من تحسين الصوت الوصول للخشوع والتأثر، قال السندي: "المطلوب من تحسين الصوت بالقرآن أن تنتج قراءته خشية الله فمن رأيتم فيه الخشية فقد حسن الصوت بالقرآن المطلوب شرعاً فيعد من أحسن الناس صوتاً"(44).

 

5-              فهم لوازم النص ومقاصده:

وهذا من أعظم أسباب تدبر القرآن الكريم، فإن القرآن كثيراً ما يذكر في القصص مواطن العبرة، ويترك للفؤاد والعقل مطلق التأمل والتدبر في ما لم يذكر، وقد يختم الآية بعلة لم تعلق بشيء، ليتأمل العقل، كما قال تعالى: (ألهاكم التكاثر، حتى زرتم المقابر)[التكاثر: 1 – 2].

قال الشوكاني: "ولم يقل عن كذا ، بل أطلقه؛ لأن الإطلاق أبلغ في الذمّ؛ لأنه يذهب الوهم فيه كلّ مذهب، فيدخل فيه جميع ما يحتمله المقام، ولأن حذف المتعلق مشعر بالتعميم ، كما تقرّر في علم البيان"(45).

ويدخل في هذا السبب معرفة مقاصد سور القرآن وآياته، وهو باب عظيم لتدبر القرآن الكريم، وتطبيقاته في كتب التفسير كثيرة.

وهذا السبب مؤثر جداً في التدبر، خاصة في القصص القرآني، والأمثال القرآنية.

 

المبحث الثالث:

ثمرات تدبر القرآن الكريم:

عند تأصيل منهج تدبر القرآن الكريم؛ لابد من ذكر الثمرات التي يُرجع إليها لمعرفة المنهج الصحيح لتدبر القرآن الكريم، حيث قد وُجد خلط بين بعض السلوكيات المصاحبة لتلاوة القرآن الكريم، وبين تدبر القرآن الكريم، فظنَّ كلُّ من عَمِلَ عملاً متأثراً بالقرآن أنَّ ذلك نتيجة التدبر، وهو غير صحيح.

بل لابد من التمعن في هذه الثمرات، وقياس الإنسان نفسَه عليها حتى يعلم موافقته للتدبر الصحيح من عدمها. ومن تلك الأصول ما يأتي:

الثمرة الأولى: التدبر الصحيح يهدي إلى الإيمان ويزيده:

وقد دلَّ على ذلك أدلة من كتاب الله تعالى منها:

أ ـ قال تعالى: (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون)[التوبة: 124].

ب ـ وقوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون)[الأنفال: 2].

فالآية الأولى صريحة في زيادة إيمان المؤمنين بسبب ما أنزل من القرآن الكريم، وإنما يكون ذلك عند تأمل القرآن وتدبره وفهم ما فيه، مما ينتج عنه الخوف والفزع والرجاء بما عند الله، والعمل بما يتضمن من أوامر ونواهٍ.

قال مجاهد والسدي وغيرهما: (وجلت قلوبهم): فرقت، أي: فزعت وخافت (46).

وقال الربيع بن أنس: "(زادتهم إيماناً): زادتهم خشية"(47).

وليس مجردُ السَّماع كافياً في حصول ذلك الإيمان، فإن المشركين قد سمعوا القرآن ولكن كان عملُهم الإعراضَ والكفرَ والتكذيبَ والاستهزاءَ والتوليَ وعدمَ العملِ، كما قال تعالى: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين)[التوبة: 86]، وقال: (وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون)[التوبة: 127]، وقال تعالى: (ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم)[محمد: 20]، وقال تعالى: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون)[القلم: 51].

فتزيدهم لذلك الآياتُ رِجْسَاً وكفراً، كما قال تعالى: (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون)[التوبة: 125].

وأما المؤمنون فإنهم بخلاف ذلك كما قال ابن كثير: "وهذه صفة المؤمن حق المؤمن، الذي إذا ذكر الله وجل قلبه، أي: خاف منه، ففعل أوامره، وترك زواجره"(48).

وقال في قوله تعالى: (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً)[الفرقان: 73](49): "أي: لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها، بل مصغين إليها، فاهمين، بصيرين بمعانيها؛ فلهذا إنما يعملون بها، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم"(50).

وقال السعدي: " (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً): ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويُحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم،لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنىً كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه،أو يُحدث في قلوبهم رغبةً في الخير، واشتياقاً إلى كرامة ربهم،أو وجلاً من العقوبات، وازدجاراً عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان"(51).

والمؤمن يقيس تدبره بهذا الأصل العظيم؛ فإن أورثه إيماناً بالله، وتصديقاً برسوله ؛ فهو على جادة السلف الصالح في تدبر القرآن، وإن كانت تلاوتُه مجردَ ألفاظٍ يرددها أو أصواتٍ يسمعها فإنه لم يصل بعد إلى المعنى الحقيقي لتدبر القرآن الكريم.

الثمرة الثانية: التدبر يبعث على الخشية والخوف والرجاء والدمع:

وقد دلَّ على ذلك آيات منها:

أ ـ قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد)[الزمر: 23].

ب ـ وقوله تعالى: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)[المائدة: 83].

قال ابن كثير: "هذه صفة الأبرار، عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد. والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف، (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) لما يرجون ويُؤمِّلون من رحمته ولطفه"(52).

وقد وصف الله الذين أوتوا العلم بالخشوع والبكاء عند استماع القرآن، قال تعالى: (وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً، قل آمنوا به أولا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)[الإسراء: 106 - 109].

 

مسألة: التدبر الصحيح يبعث على التأثر بلا تكلف:

وهذا هو حال الصحابة  أجمعين، والتابعين ، فقد كان تدبرهم للقرآن أعظمَ التدبرِ وأعلاه، مُورِّثاً العملَ والإيمانَ والتأثرَ بلا تكلف، وقد نبه العلماء إلى حال بعض الناس الذين فهموا التدبر على غير وجهه، فكان تدبرهم صراخاً وعويلاً وتكلفاً، ومن تلك الأقوال التي تحذر من ذلك:

- قال عروة بن الزبير: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله  يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله : تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم. قال فقلتُ لها: إن ناسًا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خرَّ أحدُهم مغشيًا عليه، فقالتْ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"(53).

- وقال عكرمة: سُئلتْ أسماءُ بنت أبي بكر: هل كان أحد من السَّلَف يُغشى عليه من الخوف؟ قالت: لا، ولكنهم كانوا يبكون (54).

- وعن ابن عمر أنه: مر برجل من أهل العراق ساقطًا، فقال: ما بال هذا؟ قالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن أو سمع ذكر الله سقط، قال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط! (55). وقال ابن عمر: إن الشيطان ليدخل في جوف أحدهم، ما كان هذا صنيع أصحاب محمد"(56).

- وقال عامر بن عبد الله بن الزبير: جئتُ أبي، فقال لي: أين كنتَ؟ فقلت: وجدتُ قوماً ما رأيت خيراً منهم قَطٌّ، يذكُرون الله  فيُرعَد واحدهم حتى يُغْشَى عليه من خَشْية الله عزَّ  وجلَّ، فقعدتُ معهم، فقال: لا تقعُد معهم بعدها أبداً. قال: فرآني كأني لم يأخذ ذلك فيَّ، فقال: رأيت رسولَ الله  يتلو القرآن، ورأيتُ أبا بكر وعمر يتلوان القرآن فلا يُصيبُهم هذا من خَشْية الله تعالى، أفتَرَى أنهم أخشى لله من أبي بكر وعمر، قال: فرأيت ذلك كذلك"(57).

- وقال قتادة بعد أن تلا قوله تعالى: (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)[الزمر: 23]: "هذا نعت أولياء الله، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم، وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم، إنما هذا في أهل البدع، وهذا من الشيطان"(58).

- وذكر عند ابن سيرين الذين يصرعون إذ قرئ عليهم القرآن؟ فقال: بيننا وبينهم أن يقعد أحدهم على ظهر بيت باسطًا رجليه ثم يقرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره، فإن رمى بنفسه فهو صادق"(59).

- وكان جَوّابُ يُرْعَدُ عند الذِّكْر، فقال له إبراهيم النخعي: إن كنت تملكه، فما أُبالي أن لا أعتدَّ بك، وإن كنتَ لا تملكه، فقد خالفتَ من كان قبلك"(60).

- وقال القرطبي: "الخوف إذا سكن القلب أوجب خشوعَ الظاهر فلا يملك صاحبه دفعه فتراه مطرقاً متأدباً متذللاً، وقد كان السلف يجتهدون في ستر ما يظهر من ذلك. وأما المذموم فتكلفه والتباكي ومطأطأة الرأس كما يفعله الجهال ليُروا بعين البر والإجلال وذلك خدع من الشيطان وتسويل من نفس الإنسان"(61).

- وقال أيضاً: "فهذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته، لا كما يفعله جهال العوام والمبتدعة الطغام من الزعيق والزئير ومن النهاق الذي يشبه نهاق الحمير. فيقال لمن تعاطى ذلك وزعم أن ذلك وجد وخشوع: لم تبلغ أن تساوي حال الرسول ولا حال أصحابه في المعرفة بالله، والخوف منه، والتعظيم لجلاله، ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهم عن الله والبكاء خوفاً من الله. ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)[المائدة: 83]، فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم. ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم، فمن كان مستناً فليستن، ومن تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو من أخسهم حالاً، والجنون فنون"(62).

- وقال ابن كثير في بيان وجوه مخالفة المؤمنين للفجار عند سماع القرآن: "أنهم يلزمون الأدب عند سماعها كما كان الصحابة،  عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله  تقشعر جلودهم، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله. لم يكونوا يتصارخُون ولا يتكلّفون  ما ليس فيهم، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك؛ ولهذا فازوا بالقِدح المُعَلّى في الدنيا والآخرة"(63).

هذا هو المنهجُ المعروفُ عن مجمل السلف الصالح  في تدبر القرآن الكريم، وقد وُجِدَتْ استثناءاتٌ من بعضهم نبَّه عليها العلماء:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ إذَا كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَالُ الثَّابِتِ أَكْمَلَ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَد عَنْ هَذَا، فَقَالَ: قُرِئَ الْقُرْآنُ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَدَرَ أَحَدٌ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ لَدَفَعَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَمَا رَأَيْت أَعْقَلَ مِنْهُ وَنَحْوَ هَذَا. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَصَابَهُ ذَلِكَ وَعَلِيُّ بْنُ الفضيل بْنِ عِيَاضٍ قِصَّتُهُ مَشْهُورَةٌ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يُسْتَرَابُ فِي صِدْقِهِ. لَكِنَّ الْأَحْوَالَ الَّتِي كَانَتْ فِي الصَّحَابَةِ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ وَهِيَ وَجَلُ الْقُلُوبِ وَدُمُوعُ الْعَيْنِ وَاقْشِعْرَارُ الْجُلُود...

وَقَدْ يَذُمُّ حَالَ هَؤُلَاءِ مَنْ فِيهِ مِنْ قَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَالرَّيْنِ عَلَيْهَا وَالْجَفَاءِ عَنْ الدِّينِ مَا هُوَ مَذْمُومٌ وَقَدْ فَعَلُوا وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ حَالَهُمْ هَذَا أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ وَأَتَمُّهَا وَأَعْلَاهَا وَكِلَا طَرَفَيْ هَذِهِ الْأُمُورِ ذَمِيمٌ... وَلَكِنْ مَنْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا حَصَلَ لَهُمْ أَوْ مِثْلُهُ أَوْ أَكْمَلُ مِنْهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ. وَهَذِهِ حَالُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ حَالُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ وَأَرَاهُ اللَّهُ مَا أَرَاهُ وَأَصْبَحَ كَبَائِتِ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَلَيْهِ... وَمَنْ خَافَ اللَّهَ خَوْفًا مُقْتَصِدًا يَدْعُوهُ إلَى فِعْلِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَتَرْكِ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَحَالُهُ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ مِنْ حَالِ هَؤُلَاءِ وَهُوَ حَالُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ...

وَالصَّوَابُ: لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَيْرَ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ وَأَنَّ أَفْضَلَ الطُّرُقِ وَالسُّبُلِ إلَى اللَّهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِمْ وَوُسْعِهِمْ"(64).

 

الثمرة الثالثة: التدبر يورث العمل:

فإن تدبر القرآن لا يقفُ بالمؤمن عند مجرد السماع والتأثر، بل يتعدى ذلك إلى العمل والاستجابة لله ورسوله، وهذا أصلٌ عظيم من أصول التدبر، وإلا فقد ذمَّ الله اليهود الذين يزعمون أنهم آمنوا بالكتاب، والحال أنهم لا يعملون به، قال تعالى: (وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين)[البقرة: 91].

وقال الشيخ السعدي: "وكذلك لما كان العلم الشرعي يقتضي العمل به، والانقياد لكتب الله ورسله، قال تعالى عن أهل الكتاب المنحرفين: (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون)[البقرة: 101]"(65).

ولا شكَّ أن العمل بالقرآن الكريم نتيجة الإيمان به وتدبر معانيه.

وختاماً فهذه الثمرات وما ذكر في هذا الموضوع، محاولة لضبط وتأصيل هذا الموضوع المهم، أسأل الله تعالى أن تكون محاولة في الطريق الصحيح، والموضوع لا يزال بحاجة إلى مزيد بحث وتأمل، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم...

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

ثبت المراجع والمصادر:

1.     إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، دار المعرفة، بلا سنة طبع.

2.     أخلاق حملة القرآن، لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري، تحقيق: الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، مكتبة الدار، ط1، 1408هـ.

3.     أمثال ونماذج بشرية من القرآن الكريم، لأحمد بن محمد طاحون، دار هجر، ط1، 1411هـ.

4.     البحر المحيط في التفسير، لأبي حيان الأندلسي، تحقيق: صدقي محمد جيل، دار الفكر، ط1420هـ.

5.     التأصيل،

6.     التبيان في آداب حملة القرآن، للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، تحقيق: محمد الحجار، دار ابن حزم، ط3، 1414هـ.

7.     تحرير معنى التدبر عند المفسرين، فهد مبارك الوهبي، مخطوط.

8.     تدبر القرآن الكريم وقفات ولفتات، للدكتور عبد الله بن ضيف الله الرحيلي، ط1، 1431هـ.

9.     التعريفات، للشريف علي بن محمد الجرجاني، دار الكتب العلمية، ط3، 1408هـ.

10. تفسير الإمام عبد الرزاق، تحقيق: د. محمود محمد عبده، دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ.

11. تفسير البغوي (معالم التنزيل في تفسير القرآن)، لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق: محمد عبد الله النمر، عثمان جمعة ضميرية، سليمان مسلم الحرش، دار طيبة، ط4، 1417هـ.

12. تفسير القرآن العظيم، لابن أبي حاتم، تحقيق: أسعد محمد الطيب، مكتبة نزار مصطفى الحلبي، ط3، 1419هـ.

13. تفسير القرآن العظيم، للإمام عماد الدين إبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، دار السلام، ط1، 1421هـ.

14. تفسير القرآن العظيم، للإمام عماد الدين إبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، تحقيق: سامي محمد السلامة، دار طيبة، ط2، 1420هـ.

15. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن السعدي، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، طبعة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ.

16. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، دار هجر، ط1، 1422هـ.

17. الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، راجعه وضبطه وعلق عليه: الدكتور محمد إبراهيم الحفناوي وخرج أحاديثه: الدكتور محمود حامد عثمان، دار الحديث القاهرة، ط2، 1416هـ.

18. الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للإمام السيوطي، صححه وخرج أحاديثه: الشيخ نجدت نجيب، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1421هـ.

19. زاد المسير في علم التفسير، للإمام أبي الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، المكتب الإسلامي، دار ابن حزم، ط1، 1423هـ.

20. السلسلة الصحيحة، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، ط1، 1415هـ.

21. سنن ابن ماجه، المطبوع ضمن موسوعة الحديث الشريف الكتب الستة، بإشراف فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام، ط3، 1421هـ.

22. سنن أبي داود، المطبوع ضمن موسوعة الحديث الشريف الكتب الستة، بإشراف فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام، ط3، 1421هـ.

23. سنن الترمذي، المطبوع ضمن موسوعة الحديث الشريف الكتب الستة، بإشراف فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام، ط3، 1421هـ.

24. سنن النسائي، المطبوع ضمن موسوعة الحديث الشريف الكتب الستة، بإشراف فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام، ط3، 1421هـ.

25. سير أعلام النبلاء، للإمام الذهبي، مؤسسة الرسالة، ط11، 1422هـ.

26. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، ط3، 1404هـ.

27. صحيح البخاري،المطبوع ضمن موسوعة الحديث الشريف الكتب الستة، بإشراف فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام، ط3، 1421هـ.

28. صحيح مسلم، المطبوع ضمن موسوعة الحديث الشريف الكتب الستة، بإشراف فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام، ط3، 1421هـ.

29. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، للإمام الشوكاني، دار ابن حزم، ط1، 1421هـ.

30. فهم القرآن، للحارث المحاسبي، قدم له وحقق نصوصه: د. حسين القوتلي، دار الفكر، ط3، 1402هـ.

31. القاموس المحيط، لمجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، ط8، 1426هـ.

32. القواعد الحسان لتفسير القرآن، للشيخ عبد الرحمن السعدي، مكتبة الرشد، ط1، 1420هـ.

33. كتاب العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال،

34. مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط1416هـ.

35. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، للإمام ابن عطية الأندلسي، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ.

36. مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، لأبي الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري، طبع إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء، الجامعة السلفية بنارس الهند، ط3 ، 1401هـ.

37. مسند الإمام أحمد، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرين، إشراف الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ.

38. معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، اعتنى به: الدكتور محمد عوض مرعب والآنسة فاطمة محمد أصلان، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1422هـ.

39. الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، للواحدي، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دار القلم، ط1، 1415هـ.

 

حواشي:

(1) الجامع لأحكام القرآن 18 / 44

(2) انظر: زاد المسير: 305

(3) معجم مقاييس اللغة: ( 2 / 266 )، وانظر: العين: 8 / 31.

(4) التعريفات: 54.

(5) العين للخيل: ( 8 / 33 )، والقاموس المحيط: 390.

(6) انظر: الصحاح تاج اللغة: 2 / 655.

(7) انظر تحرير معنى التدبر عند المفسرين: 7

(8) ورد قوله تعالى: (أفلا تعقلون) في ثلاثة عشر موضعاً من القرآن الكريم، وورد قوله تعالى: (لعلكم تعقلون) في سبعة مواضع، كما ورد قوله تعالى: (لقوم يعقلون) في ثمانية مواضع. وقد ورد غيرها من الآيات في نفس الموضوع بصيغ مختلفة.

(9) ورد قوله تعالى: (أفلا تذكرون) في سبعة مواضع من القرآن الكريم، كما ورد قوله تعالى: (أفلا تتذكرون) في موضعين. وورد قوله تعالى: (لعلهم يتذكرون) في سبعة مواضع، وورد قوله تعالى: (لعلكم تذكرون) في ستة مواضع.

(10) قال تعالى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون)[ الأنعام: 50]. وورد قوله تعالى: (لعلهم يتفكرون) في موضعين، وقوله تعالى: (لقوم يتفكرون) في سبعة مواضع، وورد قوله تعالى: (لعلكم تتفكرون) في موضعين.

(11) ورد قوله تعالى: (أفلا تتقون) في خمسة مواضع من القرآن الكريم، وورد قوله تعالى: (لعلهم يتقون) في خمسة مواضع أيضاً، وورد قوله: (لعلكم تتقون) في ستة مواضع.

(12) كما قال تعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) [الأنبياء: 30].

(13) كقوله تعالى: (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً ) [طه: 89]، وقوله تعالى: (بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون) [الأنبياء: 44]، وقوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) [الغاشية: 17]، وقوله تعالى: (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) [السجدة: 27]، وورد قوله تعالى: (فانظروا) في خمسة مواضع، وورد قوله تعالى: (أفلا تبصرون) في ثلاثة مواضع.

(14) كقوله تعالى: (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قلبهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون) [السجدة: 26]، وقوله: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون) [القصص: 71]، وورد قوله تعالى: (لقوم يسمعون) في ثلاثة مواضع.

(15 ) ورد قوله تعالى: (لأولي الألباب) في خمسة مواضع من القرآن الكريم، وورد قوله تعالى: (إنما يتذكر أولوا الألباب) في موضعين، وورد قوله تعالى: (وما يتذكر إلا أولوا الألباب) في موضعين أيضاً، وورد قوله تعالى: (إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) في موضعين، وورد قوله تعالى: (هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب) [إبراهيم: 52]، وقوله: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) [ص: 29]، وقال تعالى: (هل في ذلك قسم لذي حجر) [الفجر: 5]، وورد قوله تعالى: (إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) في موضعين.

(16) جامع البيان: 16 / 86.

(17) السابق نفس الصفحة.

(18) انظر: أمثال ونماذج بشرية من القرآن العظيم: 7.

(19) جامع البيان: ( 17 / 455 ـ 456 ).

(20) جامع البيان: 13 / 113.

(21) السابق نفس الصفحة.

(22) جامع البيان: 10 / 589

(23) جامع البيان: 19 / 359.

(24) تفسير البغوي: ( 3 / 242 )، زاد المسير: ( 503 )، وانظر: الوجيز للواحدي: 399.

(25) تيسير الكريم الرحمن: 813

(26) السابق: 872.

(27) تدبر القرآن الكريم : 46.

(28) سير أعلام النبلاء : 8 / 180.

(29) انظر: فهم القرآن : 282

(30) فهم القرآن : ( 302 ) وله كلام جميل في هذا الموضع.

(31) إحياء علوم الدين: 1 / 281.

(32) تفسير القرآن العظيم: 1427

(33) رواه مسلم في صلاة المسافرين: باب جواز النافلة قائماً وقاعداً: ( 793 ) رقم 733

(34) رواه البخاري في فضائل القرآن: باب مد القراءة: ( 437 ) رقم : 5046.

(35 ) رواه أحمد في مسنده: ( 44 / 206 ) رقم : ( 26583 ) قال الأرنؤوط في تخريجه: "صحيح لغيره وهذا سند رجاله ثقات رجال الصحيحين"، ورواه أبو داود في سننه في الحروف والقراءات: ( 1516 ) رقم (4001)، والترمذي في سننه في فضائل القرآن: باب كيف كانت قراءة النبي : (1945) رقم ( 2923 ) وفي أبواب القراءات: باب في فاتحة الكتاب: ( 1945 ) رقم ( 2927 ).

(36) رواه البغوي في تفسيره: ( 8 / 251 )، والآجري في أخلاق حملة القرآن: ( 10 ـ 11 )، وأصله في الصحيح:

فقد روى البخاري في الأذان: باب الجمع بين السورتين في ركعة: ( 61 ) رقم ( 775 ) عن أبي وائل: جاء رجلٌ إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصَّل الليلة في ركعة، فقال: هذَّاً كهذِّ الشعر!، لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله  يقرن بينهنَّ، فذكر  عشرين سورة من المفصل، سورتين من آل حم في كل ركعة. ورواه أيضاً في فضائل القرآن: باب الترتيل في القراءة: ( 437 ) رقم  5043

وروى مثله مسلم في صلاة المسافرين: باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ: ( 806 ) رقم 822

(37) رواه البخاري: ( 61 ) رقم775.

(38) جامع البيان: ( 1 / 76 ـ 77 ).

(39) رواه أبو داود في سننه في الوتر: باب كيف يستحب الترتيل في القراءة: ( 1332 ) رقم ( 1468 )، والنسائي في سننه في الافتتاح: باب تزيين القرآن بالصوت: ( 2153 ) رقم (1016 ) و ( 1017 )، وابن ماجة في سننه في إقامة الصلوات: باب في حسن الصوت بالقرآن: (2556) رقم ( 1342 ) عن البراء بن عازب ، وانظر: السلسة الصحيحة للألباني: ( 2 / 401 ) رقم  771

(40) رواه البخاري في التوحيد: باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير): ( 628 ) رقم ( 7527 ) عن أبي هريرة .

(41) تفسير القرآن العظيم: ( 1 / 60 ) طبعة دار طيبة.

(42) السابق: ( 1 / 63 ) طبعة دار طيبة.

(43) التبيان في آداب حملة القرآن: 109

(44) نقله عنه في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: 7 / 587.

(45) فتح القدير: 1970

(46) تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 574.

(47) تفسير ابن أبي حاتم: ( 5 / 1656 ) رقم8779.

(48) تفسير القرآن العظيم: 574.

(49) تنبيه: كلام ابن كثير حول هذه الآية ليس في تفسير سورة الفرقان وإنما في تفسير سورة الزمر عند الآية رقم: (23).

(50) تفسير القرآن العظيم: 1183.

(51) تيسير الكريم الرحمن: 315.

(52) تفسير القرآن العظيم: 1183.

(53) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره: ( 10 / 3249 ) رقم (18379) ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ( 7 / 191 ) إضافة إليه إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر. وانظر: زاد المسير: (1229)، والمحرر الوجيز: 4 / 528.

(54) زاد المسير: 1228 - 1229 (55) انظر: البحر المحيط: ( 9 / 196 )، والجامع لأحكام القرآن: ( 15 / 249 )، وتفسير البغوي: (7 / 116)، وزاد المسير: (1228)، والمحرر الوجيز: ( 4 / 528.

(56) انظر: البحر المحيط: (9 / 196 )، والجامع لأحكام القرآن: (15 / 249)، وتفسير البغوي: ( 7 / 116 ).

(57) زاد المسير 1228

(58) رواه عبد الرزاق في تفسيره: ( 3 / 130 ) رقم (2626)، وانظر: تفسير البغوي: ( 7 / 116 )، وفهم القرآن : ( 279 )، وتفسير القرآن العظيم: 1183.

(59) انظر: البحر المحيط: ( 9 / 196 )، والجامع لأحكام القرآن: ( 15 / 249 )، وتفسير البغوي: (7 / 116)، والمحرر الوجيز: 4 / 528.

(60) زاد المسير: 1229

(61) الجامع لأحكام القرآن: 1 / 375.

(62) السابق: 7 / 366

(63) تفسير القرآن العظيم: 1183.

(64) مجموع الفتاوى: ( 11 / 8 ـ 14 ).

(65) القواعد الحسان: 136.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply