بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
للإستماع للدرس اضغط هنا
1- من لم يفهم المختصرات التي ألفها شيخ الإسلام فإنه لن يعي معاني المطولات.
2- يتميز شيخ الإسلام بأنه يُؤصل ويستطرد، فعلى قارئ كتبه أن ينظر في بداية الاستطراد ويضع عليه علامة يتضح بها بداية استطراده حتى يفرق بين كلامه في التأصيل وكلامه في الاستطراد، لهذا ينتبه طالب العلم في أنه لا يأخذ كلامه دائماً من المستطردات، بل يأخذها من التأصيلات.
3- يتميز أهل العلم فيما بينهم ويتفاضلون بمقدار استعمالهم لِلغة العلم، فكلما كان العالِم أكثر استعمالاً للغة العلم كان قدره وتأصيله أرفع؛ لأن لغة العلم مُحكمة، ولأنها تنفي التداخل، وشيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- طبّق ذلك كثيراً، فتجده يستخدم المصطلحات التي يستخدمها أهل العلوم.
4- وإذا أشكل شيء من ذلك من كلام شيخ الإسلام وأشكل بعض ما تميز به كلامه مما ذكرت في مسألة أو في اصطلاح أو في استعمال أو في استدلال أو في مذهب وأردتَ أن تعلم طريقته ومذهبه فارجع إلى كلام ابن القيم رحمه الله؛ لأن ابن القيم يفصل في كتبه كلام شيخ الإسلام، ويبين ما فيه، ويكثر الاستدلال له، ويوضحه إيضاحاً مُفصلاً، ومن الكلمات المأثورة عن الشيخ عبدالرزاق عفيفي –رحمه الله رحمة واسعة- أنه كان يقول: شيخ الإسلام ابن تيمية يأتي إلى جدار الباطل فيلطمه حتى يتهدم، وأما ابن القيم فيأخذ هذا الجدار حَجَراً حَجَراً فيكسره إلى أشلاء.
5- فمن المختصرات الواسطية والحموية والتدمرية، وهذه المؤلفات الثلاث مهمة في فهم كلام شيخ الإسلام وفهم مذهبه وطريقته وتقريره للمسائل، فلا بد لطالب العلم حتى يفهم كلام شيخ الإسلام في المطولات وفي الفتاوى وفي الأجوبة المطولة أن يستوعب هذه المؤلفات الثلاث استيعاباً تاماً، ولهذا كان أهل العلم يُقرِئون الطلاب هذه المختصرات الثلاث قبل أن يقرأوا عليهم في المطولات؛ لأن هذه المختصرات فيها تأصيل العلم العقدي الذي نصره شيخ الإسلام رحمه الله، ففيها تأصيل أقواله التي نصر فيها مذهب السلف.
6- ولهذا إذا أردت أن تتصور مسألة فقهية تَحدَث عنها شيخ الإسلام في العبادات أو في المعاملات أو في الأمور الاجتماعية أو الحدود والجنايات أو في السياسة الشرعية.. إلخ، فاقرأ قبل ذلك كلام الحنابلة في مختصراتهم أو اقرأ كلام أبي محمد المُوفق –رحمه الله- في المغني، فإنك ترى في كلامه ما يؤصل لك المسألة ويصورها لك، ثم بعد ذلك إذا قرأت كلام شيخ الإسلام يكون التصور قد سبق كلامه.
7- كلام شيخ الإسلام في الفقهيات مبعثراً إما على شكل بحوث، وإما على صورة فتاوى، وإما على شكل قواعد أوردها أو نقول نقلت عنه عن طريق تلامذته ونحو ذلك.
8- وطالب العلم يهتم أولاً حين قراءة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بصورة المسألة قبل معرفة الخلاف، ثم معرفة الخلاف العالي فيها في المذهب، قم بعد ذلك ينتقل إلى الخلاف بين الإمام أحمد والأئمة الآخرين، ثم إلى خلاف السلف في ذلك أو خلاف الأئمة المتبوعين الذين اندثرت مذاهبهم؛ كالليث والأوزاعي وابن جرير.. إلى آخر ذلك.
فإذن شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- لسعة علوم يخلط هذه جميعاً، وخلطها لا شك أنه من أسباب كونه مجتهداً مطلقاً اطلع على كلام الناس وتوسع فيه، لكن كثرة نقل الخلاف والأقوال ينبغي لطالب العلم أن يلحظها حتى لا يتشتت ذهنه حين قراءة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفقه.
9- وشيخ الإسلام يُضَعف كثيراً بالنظر إلى المتن، فهو ينظر إلى المتون لقوة ما أدركه من العلم نَظَرَ مجتهدٍ، فيُضَعِّف ويصحح بالنظر إلى المتن، ولو كان الإسناد ضعيفاً ولو كان الإسناد صحيحاً، فربما كان من الأسانيد ما هو صحيح وضعّف الحديث أيضاً لمتنه، وربما كان من الأسانيد ما هو ضعيف وصحح الحديث لمتنه، وهذا قوة نظر مجتهد مطلق.
10- فمن لم يدرك أصول الفقه فإن نظره في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية يكون ضعيفًا ، وهذا ظاهر لمن تأمله.
11- شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول الفقه ليس مُقلِّداً تماماً، وإنما له اجتهادات في مسائل من أصول الفقه، فهو لم يجتهد في كل المسائل كاجتهاد الأئمة المستقلين أحمد والشافعي ومالك.. إلى آخر أولئك، ولكنْ له اجتهاد في بعض المسائل، واجتهاده مدون في المسودة في أصول الفقه، فمن المسائل ما يوافق فيها مذهب الحنفية، ومن المسائل ما يوافق فيها مذهب الشافعي، يعني في أصول الفقه، وإن كان أكثر اتباعه في مسائل أصول الفقه لكلام أئمة الحنابلة.
12- كثرة إيراده للنظائر، وهذا علم مهم، أعني به علم النظائر في الفقه؛ لأن المسائل الفقهية إذا تواردت وصارت نظائرها كثيرة قويت المسألة، وقوي تأصيلُها، وشيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- يورد النظائر ويكثر منها فيما أسميناه فيما سبق بالاستطراد، فإنه إذا أصّل لمسألةٍ يبدأ فيها بذكر النظائر التي يريد منها أن يبين أن ذه المسألة موافقةٌ لنظائر كثيرة جاء الشرع بالتوافق في الحكم فيها.
13- شيخ الإسلام من مميزات كلامه التعليل بمقاصد الشريعة،وهذا مما انفرد به شيخ الإسلام في الفتاوى، فإنه أكثر جدا من التعليل بمقاصد الشريعة.
14- ومن أخطاء الناظر في كلام شيخ الإسلام الفقهي أنه إنما يهتم حين النظر بالدليل من النص، وهذا بلا شك ضعف فقهي راجع إلى عدم معرفة العلم على حقه، وإنما الناظر في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ينبغي له أن يدرك ما تنبني عليه الأحكام، والأحكام لا تنبني فقط على الدليل من الكتاب والسنة، بل تنبني على أشياء كثيرة معروفة عند المحققين من أهل العلم.
15- تكاد لا تجد في فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية ولا في اختياراته تناقضاً بين المسائل، لاطراد منهجه في القواعد والأصول.
16- والناس في هذا الزمن في هذا الأمر -أعني في الفقه- توسعوا فيه بغير بصير ، والتحقيق فيه على طريقة المتقدمين قليل قليل.
17- ليس لشيخ الإسلام مسألة خرق فيها الإجماع البتة، بل ما من مسألة إلا وقد سبق إلى القول فيها إما سبقه جمهور أو سبقه كثير أو سبقه قلة، المهم أنه لا يفترع المسائل افتراعاً، وإنما يتابع مَن قَبله ولا يتفرد في مسألة بقول لم يسبق إليه.
18- إذا اختلفت الفتاوى عنه فإن المعتمد هو المتأخر وإذا لم تدركه وهو الأكثر فارجع إلى كتب تلاميذه ابن القيم وابن مفلح وصاحب الاختيارات.
تمت فوائد المحاضرة بحمد الله، وأنصحكم بالرجوع إلى المحاضرة. (اضغط هنا).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد