تشجيع الأطفال على القراءة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

 

حثت أول آيات القرآن الكريم نزولًا،وشجعت الكبار والصغار على حد سواء  على القراءة (ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ . ٱقۡرَأۡ  وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ) القلم آية 1-3،  وفي خمسينيات القرن الماضي حدثت ثورة هائلة في تشجيع الأطفال  على القراءة بعد أن أطلق الروس قمرهم الصناعي الأول(سبوتنيك)، وبدأ الأمريكان هذه الثورة ،وخصصت سبعينيات القرن الماضي لما سمي آنذاك (حق الطفل في أن يكون قادرًا على  القراءة).

وفي الوقت الراهن لا بد من تشجيع الأطفال على القراءة؛ لأن المستوى القرائي الحالي لأطفالنا يتسم بالضعف الذي يعكسه عزوف أطفالنا عن القراءة لعدة عوامل منها: غياب القدوة داخل المنزل فكثير من الآباء وأولياء الأمور لا يعطون الكتاب الاهتمام الكافي، ولم يسبق لكثير من الأبناء أن شاهد أحد والديه ممسكًا بكتاب ،وقليلا ما يحاول أحد الآباء أن يوفر كتبًا مناسبة لأبنائه وخاصة في سن مبكرة.

غياب المكتبة المنزلية عند كثير من الأسر ،مما قد يكون عائقًا أمام الأبناء للوصول إلى الكتاب.

عدم وجود الحافز المادي والمعنوي وخاصة لصغار السن لتشجيعهم على القراءة.

وجود وسائل الترفيه المتعددة والقنوات الفضائية التي أصبحت في كثير من المنازل.

إن حجم التحديات التي سيشهدها العقد القادم يجعل الواقع الحالي بحاجة إلى تغيرات جوهرية تتطلب تعزيزًا أكبر لأدوات بناء الشخصية والتفكير الجاد في تنشئة الطفل القارئ وتشجيعه على القراءة، وهذا التشجيع لا يقتصر على مرحلة عمرية محددة، إذ يمكن أن يبدأ هذا التشجيع مع الأطفال قبل أن يتعلموا مهارات القراءة،وهناك من قال :إنه يمكن أن يُقرأ للطفل بعد ولادته مباشرة لغرس حب الكتب والقراءة في نفسه، وإشعاره بالمتعة ،ويعد الشعور بالمتعة في أثناء القراءة واحدًا من أكبر مسببات نجاح الأطفال في القراءة في سن المدرسة ،وإذا لم يتعلم الأطفال الاستمتاع بالقراءة في سن مبكرة ،فإنه من المرجح بأن يعوق ذلك قدرتهم بالنجاح في سلك هذا الطريق ،فالواقع يقول من لا يستطيع أن يقرأ لا يستطيع أن يتعلم، ومن لم يتعلم فلن يستطيع التقدم والتطور ،ومواكبة تحديات الزمن الذي يعيش فيه.

والطفل الذي يتعود على القراءة وحب الكتاب، لا بد أنه سيغدو ناجحًا في المستقبل؛ لأن القراءة مفتاح العلوم، ووعاء المعارف، وخلاصة التجارب الإنسانية، ولا شك أن مقياس تقدم الأمم بقدر قراءة أبناءها.

والقراءة وسيلة تربوية لتقويم السلوك والأخلاق الحميدة، وغرس القيم الإيجابية، وإثراء الطفل بالمعلومات المفيدة إلا إنه وفي ظل التطورات التقنية السريعة وعالم الإنترنت وألعاب الفيديو أصبح من الصعب أن يفضل أطفالنا القراءة على غيرها من المثيرات الإلكترونية؛ لذا كان لابد من تشجيع الأطفال على القراءة.

ولا يُقصد بتشجيع الأطفال على القراءة أن يقوم الطفل بنفسه بالقراءة، فهذا لن يتأتى إلا بعدما يتمكن الطفل من مهارات القراءة،ولكن يُقصد أن يقوم الآخرون (آباء ،وأمهات ،ومعلمون ومعلمات) بالقراءة للأطفال (اقرأ لطفلك) كما يُقصد أيضًا أن يقوم الطفل الصغير بقراءة الكتب والقصص المصورة، والتي في كثير من الأحيان لا توجد بها كلمات ،وفي ذلك تدريب للطفل الصغير على مهارات قراءة الصور ،ومعايشتها وفهمها وتحليلها، والتحدث عنها وأيضًا نقدها.

وللأسرة والمدرسة دور كبير في  تشجيع الأطفال  على القراءة من خلال قيامهم  بالأدوار التالية:

فتح الأبواب الممكنة للأطفال حتى يتحقق لهم النمو القرائي ،وعليهم  حسن اختيار القصص والمجلات والكتب التي تتلاءم مع المرحلة العمرية للأطفال وميولهم وتوجهاتهم وتفكيرهم.

تنمية القراءة في مجالات ترتبط بمجالات الدراسة لديهم أو بالميول الخاصة بكل طفل ،أو تكون متعلقة بالعلاقات الإنسانية ،أو ذات صلة بتنميته الشخصية.

وعلى المربين في الأسرة والمدرسة تشجيع الأطفال على القراءة والقراءة لهم ومعهم وتخصيص أوقات محببة للأطفال في ذلك ،وعلى الطلاب الكبار الذين يعيشون مع إخوة أصغر منهم أن يقرؤوا لهم، وخاصة القصص الشيقة المثيرة، وأن يشاركوهم في فهم المقروء،والتمعن في الصور والرسومات ومناقشتهم بها.

تشجيع الأطفال على تبادل نتائج قراءتهم التي وصلوا إليها، وتشجيعهم على ذلك، وتشجيع كل طفل على أن يتخذ لنفسه سجلًا خاصًا بالكتب التي يقرؤها أولًا فأول.

طرح الأسئلة على الأطفال حول ما يستمعون إليه أو ما يقرأ لهم، أو ما يقرؤون، وذلك لتشجيعهم على التفاعل مع الكتاب، وتطوير قدرتهم على فهم ما يُقرأ لهم أو ما يقرؤون.

والمربي الناجح هو الذي يجعل من عملية توجيه وتشجيع أطفاله على القراءة عملية تثقيف وتنمية وازدياد من المعرفة ،فيبذل كل جهد خالص ،وتوجيه صادق ،ويشجعهم على القراءة، ويسلك معهم طريقة مثلى فلا يكلفهم ما ليس في قدرتهم، ولا يقدم لهم للقراءة إلا ما يلائمهم.

وخلاصة القول لابد من أن يحب الأطفال القراءة ،ويتمنوا أن يتعلموا ويقرؤوا، وأن يعيشوا هذا العالم الجميل، عالم الكتب والقراءة، وأسرارها الجميلة، وحكاياتها المسلية والمثيرة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

المراجع:

خليل الصمادي (1438ه): القارئ الصغير مسؤولية من؟، المجلة العربية ،العدد487،شعبان 1438ه

فتحي يونس (1435ه): اتجاهات حديثة وقضايا أساسية في تعليم القراءة وبناء المنهج، القاهرة، مكتبة وهبة.

نجلاء محمد (2011م) فن تدريس اللغة العربية للمبتدئين، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية.

يمنى عبد الوهاب (2017م) الطفل والقراءة وتحديات العقد القادم، المؤتمر العلمي السابع عشر للقراءة والمعرفة، 12-13 يوليو 2017 م، الجمعية المصرية للقراءة والمعرفة، جامعة عين شمس، كلية التربية.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply