الصداقة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

إن الصَّدَاقَةَ الصالحةَ لها منزلةٌ عظيمةٌ في الإسلام، فأقول بالله تعالى التوفيق: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تعريف الصداقة:

الصَّدَاقَةُ صِدْقُ الاعْتِقاد فِي المَوَدّة، وذلكَ مُخْتَصٌّ بالإنْسانِ دونَ غيْرِه. (المفردات للراغب الأصفهاني صـ480)

 

منزلة الصداقة:

الإنسانُ يحتاجُ إلى صديق في كل حال إما عند سُوء الحال ليعاونه، وإما عند حُسْن الحال ليؤانسه وليضع معروفه عنده، ومن ظن أنه يمكنه الاستغناء عن صديق،فهو مغرور، ومن ظن أن وجود الصديق أمْرٌ سهلٌ، فقد جانبه الصواب، ولكثرة نفع الصديق، سُئلَ حكيم عن الصديق فقال هو أنت بالنفس إلا أنه غيرك بالشخص. فإذا وجدَ الإنسانُ أصدقاءً  ذوي ثقةٍ،وجدَ بهم عيونًا وآذانًا وقلوبًا كلها له فيرى الغائبَ بصورة الشاهد واختيار من تميل إليه لتصادقه أمرٌ صعبٌ، إذ قد يدافع عنكَ الإنسانُ الناقصُ فتظنه فاضلًا. (الذريعة إلى مكارم الشريعة ـ للراغب الأصفهاني صـ257).

 

اختيار الصديق الصالح وصية رب العالمين:

قال الله تعالى (الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)( الزخرف  67)

قَالَ الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله) قَوْلُهُ تعالى (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) أَيْ كُلُّ صَدَاقَةٍ وَصَحَابَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدَاوَةً إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّهُ دَائِمٌ بِدَوَامِهِ. وَهَذَا كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِقَوْمِهِ (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)(الْعَنْكَبُوتِ25)(تفسير ابن كثير جـ12صـ324)

 روى عبدُ الرزاق بن همام عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في قوله تعالى (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) قال خَلِيلَانِ مُؤْمِنَانِ،وَخَلِيلَانِ كَافِرَانِ، فَمَاتَ أَحَدُ الْمُؤْمِنَيْنِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ، يَا رَبِّ فَلَا تُضِلَّهُ بَعْدِي وَاهْدِهِ كَمَا هَدَيْتَنِي وَأَكْرِمْهُ كَمَا أَكْرَمْتَنِي، فَإِذَا مَاتَ خَلِيلُهُ الْمُؤْمِنُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ لِيُثْنِ أَحَدُكُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالْخَيْرِ، وَيَنْهَانِي عَنِ الشَّرِّ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي مُلَاقِيكَ، فَيَقُولُ نِعْمَ الْخَلِيلُ، وَنِعْمَ الْأَخُ، وَنِعْمَ الصَّاحِبُ؛ قَالَ وَيَمُوتُ أَحَدُ الْكَافِرَيْنِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَيَأْمُرُنِي بِالشَّرِّ، وَيَنْهَانِي عَنِ الْخَيْرِ، وَيُخْبِرُنِي أَنِّي غَيْرُ مُلَاقِيكَ، فَيَقُولُ بِئْسَ الْأَخُ، وَبِئْسَ الْخَلِيلُ، وَبِئْسَ الصَّاحِبُ. (تفسير عبد الرزاق جـ3صـ 174)(تفسير ابن أبي حاتم جـ 10صـ 3285)(تفسير الطبري جـ 23صـ709)(تفسير ابن كثير جـ12صـ325) 

 

أفضل الأصدقاء عند الله:

روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِه". (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث1586)

قَالَ الإمامُ المباركفورى (رحمه الله) قَوْلُهُ (خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ ثَوَابًا عِنْدَ اللَّهِ، (خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ إِحْسَانًا إِلَيْهِ وَلَوْ بِالنَّصِيحَةِ. (تحفة الأحوذي ـ  للمباركفوري جـ6صـ62)

 

نبينا يحثنا على اختيار الصديق الصالح:

إن مجالسةَ الأصدقاء الصالحين ومرافقتهم في السفر هي خير وسيلة للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم. فللأصدقاء تأثيرٌ كبيرٌ على من في سِنهم. فالصَّدِيقُ الصالح له أثرٌ طيبٌ على صاحبه، والصَّدِيقُ السوء له أثرٌ سيئٌ على صاحبه، وهذا لا يمكن إنكاره. من أجل ذلك حثنا نبينا محمدٍ على حُسْنِ اختيار الصَّدِيقِ.

1.    روى الشيخانِ عن أَبِي مُوسَى الأشعري، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ (يُعْطِيكَ مَجَّاناً)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً.(البخاري حديث 5534مسلم حديث 2628).

قالَ الإمامُ النووي (رحمه الله) مَثَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَلِيسَ الصَّالِحَ بِحَامِلِ الْمِسْكِ وَالْجَلِيسَ السُّوءِ بِنَافِخِ الْكِيرِ. وَفِي هذا الحدِيثِ فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ. (مسلم بشرح النووي جـ8صـ427)

2.    روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمَرْءُ (يَعْنِي الْإِنْسَانَ) عَلَى دِينِ (عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ) خَلِيلِهِ (صاحبه)، فَلْيَنْظُرْ (يَتَأَمَّلْ وَيَتَدَبَّرْ) أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ".(حديث جيد) (مسند أحمد جـ14صـ142 حديث 8417).

قولهُ (فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) معناه فلينظر أحدكم بعين بصيرته إلى أمور من يريد صداقته وأحواله، فمن رآه ورضي دينه صادقه، ومن سخط دينه فليتنبه. (دليل الفالحين ـ لمحمد بن علان جـ3صـ230)

3.    روى الترمذيُّ عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ" (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث1952)

قَالَ الإمامُ الْخَطَّابِيُّ (رحمه الله) حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صُحْبَةِ مَنْ لَيْسَ بِتَقِيٍّ وَزَجَرَ عَنْ مُخَالَطَتِهِ وَمُؤَاكَلَتِهِ لأنَّ الْمُطَاعَمَةَ تُوقِعُ الْأُلْفَةَ وَالْمَوَدَّةَ فِي الْقُلُوبِ.(تحفة الأحوذي ـ  للمباركفوري جـ7صـ64)

 

صفات الصديق الصالح:

يُمكنُ أن نُوجزَ صفات الصَّدِيقِ الصالح في الأمور التالية:

(1)             العقل الراجح:

الْعَقْلُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ الْأَصْلُ. فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ الْأَحْمَقِ فَإِلَى الْوَحْشَةِ وَالْقَطِيعَةِ تَرْجِعُ عَاقِبَتُهَا وإن طالت. وأحسن أحواله أن يضرك وهو يريد أن ينفعك، والعدو العاقل خير من الصديق الأحمق.

قال الخليفةُ الراشدُ عليُّ بنُ أبي طالب، رضي الله عنه:

لا تَصحَب أَخا الجَهلِ  وَإِياكَ وَإِياهُ.

فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى  حَليماً حِينَ آَخاهُ.

يُقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ  إذا ما المَرءُ ماشاهُ.

وَلِلشَّيءِ عَلى الشَيءِ   مَقاييسُ وَأَشباهُ.

وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ   دَليلٌ حينَ يَلقاهُ.

(2)             حُسْن الخلق:

روى الترمذيُّ عن أبي الدرداء أن رسول الله قال: مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ. (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني 1628)

روى الترمذيُّ عن عليٍّ بن أبي طالب أن رسول الله قال:  إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني 1616)                       

قَالَ عَلْقَمَةُ الْعُطَارِدِيُّ (فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ):

يَا بُنَيَّ إنْ عَرَضَتْ لَك حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إذَا خَدَمْته صَانَك وَإِنْ صَحِبْته زَانَك أَيْ حَفِظَك وَإِنْ قَعَدَ بِك مَانَك أَيْ حَمَلَ مَئُونَتَك اصْحَبْ مَنْ إذَا مَدَدْت يَدَك لِخَيْرٍ مَدَّهَا وَإِنْ رَأَى مِنْك حَسَنَةً عَدَّهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً سَدَّهَا اصْحَبْ مَنْ إذَا سَأَلْته أَعْطَاك وَإِنْ نَزَلَتْ بِك نَازِلَةٌ وَاسَاك. (أَيْ جَعَلَك كَنَفْسِهِ) اصْحَبْ مَنْ إذَا قُلْت صَدَّقَ قَوْلَك، وَإِنْ حَاوَلْت أَمْرًا آمَرَكَ، وَإِنْ تَنَازَعْتُمَا آثَرَكَ.

(3)             التقوى والصلاح:

يجب على المسلم يختار الصديق الذي يتصفُ بالتقوى والصلاح في أقواله وأفعاله.

روى الترمذيُّ عن أبي سعيد الخدري أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ". (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث1952)

وليحذر المسلم من مصاحبة الإنسان الفاسق، المُصِّرُ على معصيته.

 قال الله تعالى (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف28)

يجب علينا الحذر من مصاحبة الفاسقين، فإن مشاهدة الفسق والمعصية على الدوام تزيل عن القلوب كراهية المعصية، ويهون علينا أمرها.

(4)             عدم الحرص على الدنيا :

مُصَاحْبَةُ الْحَرِيصِ عَلَى الدُّنْيَا سُمٌّ قَاتِلٌ، لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالِاقْتِدَاءِ بَلِ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنَ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ. فَمُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ عَلَى الدُّنْيَا تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا فَلِذَلِكَ تكره صحبة طلاب الدنيا ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة.

(5)             الصدق في الأقوال والأفعال"

لا تصاحب كذاباً، فإنه مثل السراب، يُقربُ منك البعيد،ويُبعدُ منكَ القريب. (بداية الهداية للغزالي صـ6665)

قَالَ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة 119).

روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". (البخاري حديث 6094  مسلم حديث2607)

 قَالَ الخليفةُ الراشدُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَعِشْ فِي أَكْنَافِهِمْ فَإِنَّهُمْ زَيْنٌ فِي الرَّخَاءِ وَعُدَّةٌ فِي الْبَلَاءِ. (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 116).

 

الصَّدَاقَةُ في عُيُونِ الْحُكَمَاءِ:

(1)             قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا مِنْ شَيْءٍ أَدَلُّ عَلَى شَيْءٍ وَلَا الدُّخَانِ عَلَى النَّارِ مِنْ الصَّاحِبِ عَلَى الصَّاحِبِ. (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 205).

(2)             (2) قَالَ لُقْمَانُ (رحمه الله) لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ لَا تَعْدُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ مِنْ أَنْ تَتَّخِذَ صَاحِبًا صَالِحًا. (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ73 رقم25).

(3)             قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ، «مَنْ لَا يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ، وَمَنْ يُكْثِرِ الْمِرَاءَ يُشْتَمْ، وَمَنْ يُصَاحِبْ صَاحِبَ السُّوءِ لَا يَسْلَمْ، وَمَنْ يُصَاحِبِ الصَّالِحَ يَغْنَمْ» (مكارم الأخلاق للخرائطي صـ295 ـ رقم903)

(4)             قَالَ جعفر بن محمد رضي الله عنهما: حافظ على الصَّدِيقِ ولو في الحريق. (الصداقة والصديق لأبي حيان التوحيدي صـ48).

(5)             قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لِرَجُلٍ: يَا فُلَانُ اسْتَكْثِرْ مِنَ الصَّدِيقِ فَإِنَّ أَيْسَرَ مَا تُصِيبُ أَنْ يَبْلُغَهُ مَوْتُكَ فَيَدْعُوَ لَكَ. (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ78 رقم29).

(6)             قَالَ الْحَسَنُ البصري (رحمه الله) «الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ إِنْ رَأَى فِيهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ سَدَّدَهُ وَقَوَّمَهُ وَحَاطَهُ وَحَفِظَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ إِنَّ لَكَ مِنْ خَلِيلِكَ نَصِيبًا وَإِنَّ لَكَ نَصِيبًا مِنْ ذِكْرِ مَنْ أَحْبَبْتَ فَثِقُوا بِالْأَصْحَابِ وَالْإِخْوَانِ وَالْمَجَالِسِ» (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ107 رقم55).

(7)             قَالَ «أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ» (رَحِمَهُ اللَّهُ) «لَا تَصْحَبْ إِلَّا أَحَدَ رَجُلَيْنِ رَجُلًا تَرْتَفِقُ بِهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاكَ، أَوْ رَجُلًا تَزِيدُ مَعَهُ وَتَنْتَفِعُ بِهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِكَ، وَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِ هَذَيْنِ حُمْقٌ كَبِيرٌ». (موعظة المؤمنين ـ لجمال الدين القاسمي جـ1صـ129).

(8)             قَالَ صَالِحُ بْنُ مُوسَى قَالَ رَجُلٌ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ أَوْصِنِي قَالَ «اصْحَبْ أَهْلَ التَّقْوَى فَإِنَّهُمْ أَيْسَرُ أَهْلِ الدُّنْيَا عَلَيْكَ مُؤْنَةً وَأَكْثَرُهُمْ لَكَ مَعُونَةً» ( الإخوان لابن أبي الدنيا صـ95 ـ رقم43)

(9)             قَالَ الْكِنْدِيُّ الصَّدِيقُ إنْسَانٌ هُوَ أَنْتَ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُك. (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ163)

(10)        قيلَ لأحد الحكماء  بم يعرف الرجلُ أصدقاءه ؟، قال بالشدائد، لأن كل أحد في الرخاء صديق. (الصداقة والصديق لأبي حيان التوحيدي صـ71).

(11)        قَالَ أحَدُ الْحُكَمَاءِ لِابْنِهِ «أَيْ بُنَيَّ، لَا تُؤَآخِ أَحَدًا حَتَّى تَعْرِفَ مَوَارِدَ أُمُورِهِ وَمَصَادِرَهَا فَإِذَا اسْتَطَبْتَ مِنْهُ الْخَبَرَ وَرَضِيتَ مِنْهُ الْعِشْرَةَ فَآخِهِ عَلَى إِقَالَةِ الْعَثْرَةِ وَالْمُوَاسَاةِ عِنْدَ الْعُسْرَةِ». (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ112ـ رقم60).

(12)        قَالَ أحَدُ الْحُكَمَاءِ نُصْحُ الصَّدِيقِ تأديبٌ، ونُصْحُ العدو تأنيبٌ. (الصداقة والصديق لأبي حيان التوحيدي صـ171)

(13)        قَالَ أحَدُ الْحُكَمَاءِ اعْرِفْ أَخَاك بِأَخِيهِ قَبْلَك. (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 205).

(14)        قَالَ أحَدُ الْحُكَمَاءِصُحْبَةُ الْأَخْيَارِ تُورِثُ الْخَيْرَ، وَصُحْبَةُ الْأَشْرَارِ تُورِثُ الشَّرَّ. (بريقة محمودية ـ لمحمد بن عثمان جـ3صـ163).

(15)        قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي. إذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ وَلَا تَصْحَبْ الْأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي. (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 205)

(16)        قَالَ أحدُ الشعراء إِذَا خَطَبَ الصَّدَاقَةَ مِنْكَ كُفْوءٌ  فَلا تَطْلُبْ سِوَى صِدْقٍ صَدَاقَا. (موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ4صـ216).

 

حقوق الصديق:

يُمكنُ أن نوجزَ حق الصَّدِيق على صديقه في الأمور التالية:

-       الْحَقُّ الْأَوَّلُ فِي الْمَالِ

الْمُوَاسَاةُ بِالْمَالِ مَعَ الصديق عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ

أَدْنَاهَا أَنْ تُنْزِلَهُ مَنْزِلَةَ خَادِمِكَ فَتَقُومَ بِحَاجَتِهِ مِنْ فَضْلَةِ مَالِكَ، فَإِذَا سَنَحَتْ لَهُ حَاجَةٌ وَكَانَتْ عِنْدَكَ فَضْلَةٌ عَنْ حَاجَتِكَ أَعْطَيْتَهُ ابْتِدَاءً وَلَمْ تُحْوِجْهُ إِلَى السُّؤَالِ، فَإِنْ أَحْوَجْتَهُ إِلَى السُّؤَالِ فَهُوَ غَايَةُ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الْأُخُوَّةِ.

الثَّانِيَةُ أَنْ تُنْزِلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِكَ وَتَرْضَى بِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاكَ فِي مَالِكَ وَنُزُولِهِ مَنْزِلَتَكَ حَتَّى تَسْمَحَ بِمُشَاطَرَتِهِ فِي الْمَالِ.

وَالثَّالِثَةُ هِيَ الْعُلْيَا أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَتُقَدِّمَ حَاجَتَهُ عَلَى حَاجَتِكَ، وَهَذِهِ رُتْبَةُ الصِّدِّيقِينَ وَمُنْتَهَى رُتْبَةِ الْمُتَحَابِّينَ، وَمُنْتَهَى هَذِهِ الرُّتْبَةِ الْإِيثَارُ بِالنَّفْسِ أَيْضًا.

-       الْحَقُّ الثَّانِي فِي الْإِعَانَةِ بِالنَّفْسِ

الْإِعَانَةِ بِالنَّفْسِ يَكونُ فِي قَضَاءِ الصديقِ لحَاجَاتِ صاحبه وَالْقِيَامِ بِهَا قَبْلَ السُّؤَالِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْحَاجَاتِ الْخَاصَّةِ، وَهَذِهِ أَيْضًا لَهَا دَرَجَاتٌفَأَدْنَاهَا الْقِيَامُ بِالْحَاجَةِ عِنْدَ السُّؤَالِ وَالْقُدْرَةِ وَلَكِنْ مَعَ الْبَشَاشَةِ وَالِاسْتِبْشَارِ وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ .

 روى مسلمٌ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ». (مسلم حديث 2699)

كَانَ بعضُ السَّلَفِ يَتَفَقَّدُ عِيَالَ أَخِيهِ وَأَوْلَادَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَقُومُ بِحَاجَتِهِمْ يَتَرَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَيْهِمْ وَيَمُونُهُمْ مِنْ مَالِهِ فَكَانُوا لَا يَفْقِدُونَ مِنْ أَبِيهِمْ إِلَّا عَيْنَهُ، بَلْ كَانُوا يَرَوْنَ مِنْهُمْ مَا لَمْ يَرَوْا مِنْ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ. وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَتَرَدَّدُ إِلَى بَابِ دَارِ أَخِيهِ يَقُومُ بِحَاجَتِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ أَخُوهُ وَبِهَذَا تَظْهَرُ الشَّفَقَةُ. وَالْأُخُوَّةُ إِذَا لَمْ تُثْمِرِ الشَّفَقَةَ حَتَّى يُشْفِقَ عَلَى أَخِيهِ كَمَا يُشْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهَا.

فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حَاجَةُ أَخِيكَ مِثْلَ حَاجَتِكَ أَوْ أَهَمَّ مِنْ حَاجَتِكَ، وَأَنْ تَكُونَ مُتَفَقِّدًا لِأَوْقَاتِ الْحَاجَةِ غَيْرَ غَافِلٍ عَنْ أَحْوَالِهِ كَمَا لَا تَغْفُلُ عَنْ أَحْوَالِ نَفْسِكَ، وَتُغْنِيهِ عَنِ السُّؤَالِ وَ الِاسْتِعَانَةِ.

  قَالَ عطاءُ بنُ أبي رباح (رَحِمَهُ اللَّهُ) «تَفَقَّدُوا إِخْوَانَكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَإِنْ كَانُوا مَرْضَى فَعُودُوهُمْ أَوْ مَشَاغِيلَ فَأَعِينُوهُمْ أَوْ كَانُوا نَسُوا فَذَكِّرُوهُمْ»

 قَالَ اللهُ تَعَالَى (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)(الْفَتْحِ 29) إِشَارَةً إِلَى الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ.

-       الْحَقُّ الثَّالِثُ فِي اللِّسَانِ بِالسُّكُوتِ مَرَّةً وَبِالنُّطْقِ أُخْرَى:

أَمَّا السُّكُوتُ فَهُوَ أَنْ يَسْكُتَ الصديقُ  عَنْ ذِكْرِ عُيُوبِ صاحبه فِي غَيْبَتِهِ وَحَضْرَتِهِ، وَلْيَسْكُتْ عَنْ أَسْرَارِهِ الَّتِي أخبره بها، وَلَا يَكْشِفُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَوْ بَعْدَ الْقَطِيعَةِ وَالْوَحْشَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ لُؤْمِ الطَّبْعِ وَخُبْثِ الْبَاطِنِ.

 يقول الشَّاعِرُ:

                 لَيسَ الكَريمُ الَّذي إِن زَلَّ صاحِبُهُ  بَثَّ الَّذي كانَ مِن أَسرارِهِ عَلِما.

                 إِنَّ الكَريمَ الَّذي تَبَقى مَودَّتُهُ  وَيَحفَظُ السِرَّ إِن صافى وَإِن صَرَما.

( آداب العشرة ـ لمحمد العامري الدمشقي صـ36)

 وَعَلى الصديق أَنْ يَسْكُتَ عَنِ العَيْبِ فِي أَحْبَابِ صَاحِبه وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَأَنْ يَسْكُتَ عَنْ إخباره بتجريح غَيْرِهِ فِيهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلْيَسْكُتْ الصديق عَنْ كُلِّ كَلَامٍ يَكْرُهُهُ صاحبه، جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، إِلَّا إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ النُّطْقُ فِي أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَلَمْ يَجِدْ رُخْصَةً فِي السُّكُوتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِحْسَانٌ إِلَيْهِ فِي الحْقِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ يُظَنُّ أَنَّهَا إِسَاءَةٌ فِي الظَّاهِرِ.

الصداقةُ كَمَا تَقْتَضِي السُّكُوتَ عَنِ الْمَكَارِهِ تَقْتَضِي أَيْضًا النُّطْقَ بِالْمَحَابِّ، بَلْ هُوَ أَخَصُّ بِالْأُخُوَّةِ، فَعَلَى الصديق أَنْ يَتَوَدَّدَ إِلَى صاحبه بِلِسَانِهِ وَيَتَفَقَّدَهُ فِي أَحْوَالِهِ الَّتِي يُحِبُّ أَنْ يُتَفَقَّدَ فِيهَا، كَالسُّؤَالِ عَنْ صحته وأهل بيته.

 روى الترمذيُّ عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ» (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث1950).

أَمَرَ النبيُّ بِالْإِخْبَار ِبحب الصديق لصاحبه لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ زِيَادَةَ حُبٍّ، فَإِذا عَرَفَ الصديقُ أَنَّكَ تُحِبُّهُ أَحَبَّكَ، بِالطَّبْعِ لَا مَحَالَةَ، فَلَا يَزَالُ الْحُبُّ يَتَزَايَدُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَيَتَضَاعَفُ، وَالتَّحَابُّ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ مَطْلُوبٌ فِي الشَّرْعِ وَمَحْبُوبٌ فِي الدِّينِ.وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَدْعُوَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ.

 قَال َالخليفة الراشدُ عمر بن الخطاب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثَلَاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ  أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ أَوَّلًا، وَتُوَسِّعَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَتَدْعُوَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ. (آداب العشرة ـ لمحمد العامري الدمشقي صـ24)

وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تُثْنِيَ عَلَيْهِ بِمَا تَعْرِفُ مِنْ مَحَاسِنِ أَحْوَالِهِ عِنْدَ مَنْ يُؤْثِرُ هُوَ الثَّنَاءَ عِنْدَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي جَلْبِ الْمَحَبَّةِ، وَكَذَلِكَ الثَّنَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ وَصَنْعَتِهِ وَفِعْلِهِ حَتَّى عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ وَهَيْئَتُهُ وَخَطُّهُ وَتَصْنِيفُهُ وَجَمِيعُ مَا يَفْرَحُ بِهِ وَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَذِبٍ وَلا إِفْرَاطٍ.

-       الْحَقُّ الرَّابِعُ الْعَفْوُ عَنِ الزَّلَّاتِ وَالْهَفَوَاتِ:

هَفْوَةُ الصَّدِيقِ إِنْ كَانَتْ فِي دِينِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّلَطُّفِ فِي نُصْحِهِ، وَأَمَّا زَلَّتُهُ فِي حَقِّهِ بِمَا يُوجِبُ إِيحَاشَهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْأَوْلَى الْعَفْوُ وَالِاحْتِمَالُ، بَلْ كَانَ مَا يَحْتَمِلُ تَنْزِيلُهُ عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ وَيُتَصَوَّرُ تَمْهِيدُ عُذْرٍ فِيهِ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ فَهُوَ وَاجِبٌ بِحَقِّ الْأُخُوَّةِ، فَقَدْ قِيلَ «يَنْبَغِي أَنْ تَسْتَنْبِطَ لِزَلَّةِ أَخِيكَ سَبْعِينَ عُذْرًا، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ قَلْبُكَ فَرُدَّ اللَّوْمَ عَلَى نَفْسِكَ فَتَقُولُ لِقَلْبِكَ مَا أَقْسَاكَ يَعْتَذِرُ إِلَيْكَ أَخُوكَ سَبْعِينَ عُذْرًا فَلَا تَقْبَلُهُ فَأَنْتَ الْمَعِيبُ لَا أَخُوكَ» وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي الْبَغْضَةِ عِنْدَ الْوَقِيعَةِ. قَالَ تَعَالَى (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً)(الْمُمْتَحَنَةِ 7) وَقَالَ «عمرُ بنُ الخطاب» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا وَلَا بُغْضُكَ تَلَفًا». وَهُوَ أَنْ تُحِبَّ تَلَفَ صَاحِبِكَ.

-       الْحَقُّ الْخَامِسُ الدُّعَاءُ بإخلاص:

من حق الصديق الدعاء لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ بِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ، لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِهِ وَكُلِّ مُتَعَلِّقٍ بِهِ كَمَا تَدْعُو لِنَفْسِكَ.

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ : "مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ (أي في غيبة المدعو له)، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ". (مسلم حديث 2732)

 كَانَ «أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي اللهُ عنه،» يَقُولُ «إِنِّي لَأَدْعُو لِسَبْعِينَ مِنْ إِخْوَانِي فِي سُجُودِي أُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ».

 كَانَ «محمد بن يوسف الأصفهاني» يَقُولُ «وَأَيْنَ مِثْلُ الْأَخِ الصَّالِحِ؟ أَهْلُكَ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَكَ وَيَتَنَعَّمُونَ بِمَا خَلَّفْتَ، وَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِحُزْنِكَ مُهْتَمٌّ بِمَا قَدَّمْتَ وَمَا صِرْتَ إِلَيْهِ، يَدْعُو لَكَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَأَنْتَ تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى».

 قال بَعْضُ السَّلَفِ «الدُّعَاءُ لِلْأَمْوَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْهَدَايَا لِلْأَحْيَاءِ».

-       الْحَقُّ السَّادِسُ الْوَفَاءُ وَالْإِخْلَاصُ:

وَمَعْنَى الْوَفَاءِ الثَّبَاتُ عَلَى الْحُبِّ وَإِدَامَتُهُ إِلَى الْمَوْتِ مَعَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ أَوْلَادِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، فَإِنَّ الْحُبَّ إِنَّمَا يُرَادُ لِلْآخِرَةِ. فَمِنَ الْوَفَاءِ لِلْأَخِ مُرَاعَاةُ جَمِيعِ أَصْدِقَائِهِ وَأَقَارِبِهِ وَالْمُتَعَلِّقِينَ بِهِ، وَمُرَاعَاتُهُمْ أَوْقَعُ فِي قَلْبِ الصَّدِيقِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَخِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ فَرَحَهُ بِتَفَقُّدِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَكْثَرُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قُوَّةِ الشَّفَقَةِ وَالْحُبِّ. وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْمَوَدَّةِ فِي اللَّهِ أَنْ لَا تَكُونَ مَعَ حَسَدٍ فِي دِينٍ وَدُنْيَا، وَكَيْفَ يَحْسُدُهُ وَكُلُّ مَا هُوَ لِأَخِيهِ فَإِلَيْهِ تَرْجِعُ فَائِدَتُهُ، وَبِهِ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحِبِّينَ فِي اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ)[الْحَشْرِ 9] وَوُجُودُ الْحَاجَةِ هُوَ الْحَسَدُ. وَمِنَ الْوَفَاءِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ حَالُهُ فِي التَّوَاصُلِ مَعَ أَخِيهِ وَإِنِ ارْتَفَعَ شَأْنُهُ وَاتَّسَعَتْ وِلَايَتُهُ وَعَظُمَ جَاهُهُ، وَالتَّرَفُّعُ عَلَى الْإِخْوَانِ بِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ الْأَحْوَالِ لُؤْمٌ. وَمِنَ الْوَفَاءِ أَنْ لَا يُصَادِقَ عَدُوَّ صَدِيقِهِ.

 قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) «إِذَا أَطَاعَ صَدِيقُكَ عَدُوَّكَ فَقَدِ اشْتَرَكَا فِي عَدَاوَتِكَ».

 

فائدة هامة:

لَيْسَ مِنَ الْوَفَاءِ مُوَافَقَةُ الْأَخِ فِيمَا يُخَالِفُ الْحَقَّ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ بَلْ مِنَ الْوَفَاءِ لَهُ الْمُخَالَفَةُ وَالنُّصْحُ لِلَّهِ.

-       الْحَقُّ السَّابِعُ  التَّخْفِيفُ وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ

ينبغي على الصديق أن يكون خفيفاً على صديقه، فَلَا يُكَلِّفَه مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ القيام به.

 قَال َالخليفة الراشدُ علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (شَرُّ الْأَصْدِقَاءِ مَنْ تَكَلَّفَ لَكَ وَمَنْ تَكَلَّفَ لَكَ، وَمَنْ أَحْوَجَكَ إِلَى مُدَارَاةٍ وَأَلْجَأَكَ إِلَى اعْتِذَارٍ).

 َكَانَ «جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ «أَثْقَلُ إِخْوَانِي عَلَيَّ مَنْ يَتَكَلَّفُ وَأَتَحَفَّظُ مِنْهُ، وَأَخَفُّهُمْ عَلَى قَلْبِي مَنْ أَكُونَ مَعَهُ كَمَا أَكُونُ وَحْدِي»

ومن تمام هذا الأمر أن يرى الصديق الفضل لإخوانه عليه،لا  لنفسه عليهم،وأن ينزل نفسه مع إخوانه منزلة الخادم (إحياء علوم الدين للغزالي جـ2صـ191173).

 

الصديق الصالح مرآة صادقة لصديقه:

الصديق الصالح هو الذي يعطيك صورة حقيقية عن نفسك, وبدون مجاملة, وهو الذي يبصرك بعيوبك لتتجنبها في حياتك الدنيا .

 روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ". (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4110)

قال شمس الحق العظيم أبادي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ) أَيْ آلَةٌ لِإِرَاءَةِ مَحَاسِنِ أَخِيهِ وَمَعَائِبِهِ لَكِنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَإِنَّ النَّصِيحَةَ فِي الْمَلَأِ فَضِيحَةٌ وَأَيْضًا هُوَ يُرِي مِنْ أَخِيهِ مَا لَا يَرَاهُ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا يَرْسُمُ فِي الْمِرْآةِ مَا هُوَ مُخْتَفٍ عَنْ صَاحِبِهِ فَيَرَاهُ فِيهَا أَيْ إِنَّمَا يَعْلَمُ الشَّخْصُ عَيْبَ نَفْسِهِ بِإِعْلَامِ أَخِيهِ كَمَا يَعْلَمُ خَلَلَ وَجْهِهِ بِالنَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ. (عون المعبود جـ 13 صـ 178177)

قال الحسن البصري (رحمه الله) «الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ إِنْ رَأَى فِيهِ مَا لَا يُعْجِبُهُ سَدَّدَهُ وَقَوَّمَهُ وَحَاطَهُ وَحَفِظَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ إِنَّ لَكَ مِنْ خَلِيلِكَ نَصِيبًا وَإِنَّ لَكَ نَصِيبًا مِنْ ذِكْرِ مَنْ أَحْبَبْتَ فَثِقُوا بِالْأَصْحَابِ وَالْإِخْوَانِ وَالْمَجَالِسِ». (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 131)

 

الصديق الصالح خير أنيس لصاحبه في السراء والضراء:

الأصدقاءُ من أهل الصلاح والخير هم الذين يَستأنسُ بوجودهم المسلمُ في الرخاء , وهم أيضاً خيرُ معين له في الضراء، فهم يخففون عنه همومه,ويسترشد بآرائهم في حل مشاكله.

 قال علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عليكم بالإخوان فإنهم عُدةٌ في الدنيا والآخرة، ألا تسمع إلى قول أهل النار (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ  وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (الشعراء) (إحياء علوم الدين للغزالي جـ 2 صـ 160).

 وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخِلَّاءُ الرَّخَاءِ هُمْ كَثِيرٌ وَلَكِنْ فِي الْبَلَاءِ  هُمْ قَلِيلُ.(أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 207).

قال شعبةُ بن الحجاج خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَنْتُمْ جَلَاءُ حُزْنِي. (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 150)

 قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ اصْطَفِ مِنْ الْإِخْوَانِ ذَا الدِّينِ وَالْحَسَبِ وَالرَّأْيِ وَالْأَدَبِ، فَإِنَّهُ رِدْءٌ لَك عِنْدَ حَاجَتِك،وَيَدٌ عِنْدَ نَائِبَتِك،وَأُنْسٌ عِنْدَ وَحْشَتِك، وَزَيْنٌ عِنْدَ عَافِيَتك. (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 207)

 قال أكثم بنُ صَيفي  لقاء الأحبة مَسْلاةٌ للهم. (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ 155)

 

الصديق الصالح يحفظ صاحبه في حضرته وغيبته:

 الصديق الصالح يدافع عن صاحبه في السر والعلانية،ويصون عِرضه،ويُبعدُ عنه الشبهات،ويتحمل الأذى من أجله.

أسَرَ المشركون زَيْدَ بْنِ الدّثِنّة (رضي اللهُ عنه) في غزوة ذات الرجيع،ولما أرادوا قتله قالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنْشُدُك (أيْ أستحلفكَ) اللّهَ يَا زَيْدُ أَتُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا عِنْدَنَا الْآنَ فِي مَكَانِك نَضْرِبُ عُنُقَهُ وَأَنّك فِي أَهْلِك؟ قَالَ وَاَللّهِ مَا أُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا الْآنَ فِي مَكَانِهِ الّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ وَأَنّي جَالِسٌ فِي أَهْلِي. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا رَأَيْت مِنْ النّاسِ أَحَدًا يُحِبّ أَحَدًا كَحُبّ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ مُحَمّدًا .(سيرة ابن هشام جـ3صـ141140).

 

العتاب بين الأصدقاء:

لا يخلو الرجل -وهو مُعَرَّضٌ للغفلة والضرورة والخطأ في الرأي- أن يُخِلَّ بشيء من واجبات الصداقة؛ فإن كنت على ثقة من صفاء مودة صديقك أقمت له من نفسك عذراً، وسرت في معاملته على أحسن ما تقتضيه الصداقة.

فإن حام في قلبك شُبْهةٌ أن يكون هذا الإخلال ناشئاً عن التهاون بحق الصداقة - فهذا موضع العتاب؛ فالعتاب يستدعي جواباً، فإن اشتمل الجواب على عذر أو اعتراف بالتقصير، فاقبل العذر، وقابل التقصير بصفاء خاطر، وسماحة نفس.

ومما يدلك على أن صداقة صاحبك قد نبتت في صدر سليم أن يجد في نفسك ما يدعوه إلى عتابك، حتى إذا لقيته بقلبك النقي، وجبينك الطلق ذهب كلُّ ما في نفسه، ولم يجد للعتاب داعياً. (العتاب بين الأصدقاء ـ لعلي بن محمد التميمي صـ98)

 يقول الشاعرُ إِذَا اعْتَذَرَ الصَّدِّيقُ إِلَيْكَ يَوْمًا مِنَ التَّقْصِير عُذْر فَتَىً مُقِرّ.

فَصِنْهُ مِنْ عِتَابِكَ وَاعْفُ عَنْهُ  فَإِنَّ الْعَفْوِ شِيمَةُ كُلَّ حُرّ. (موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ2صـ306)

 

آداب العتاب بين الأصدقاء:

العتاب بين الأصدقاء، غالباً،ما يكون بسبب أحد أمْرَيْن (1) الخصومة.(2) الهجران والتقصير.

وفي كلا الحالين ينبغي أن نراعي الآداب التالية عند العتاب:

(1)             استوثق من سبب الخصومة قبل العتاب، فإن اللَّبْسَ(عدم وضوح الحقيقة) وارد على كل حال.

(2)             إذا لم يُمكنك التحقق من سبب الخصومة إلا بالمعاتبة، فبالتصريح ما لم ينجح التلميح.

(3)             اعتمد على الوضوح في موضوع عتابك.

(4)             رَكِّزْ على موضوعك الذي أردت علاجه بالعتاب ولا تستطرد إلى مواضيع أخرى.

(5)             استعمل بعض مسهلات العتاب؛ مثل - الهدية - التلطف - المدح المعقول.

(6)             لا تكن لوَّّامَاً على كل بادرة خاطئَة،فإن كثرة العتاب أولى بالتخطئة!

(7)             لا تُذَكِّر صديقك بالأخطاء القديمة ولا تعاوده على الخطأ مرتين.

(8)             العفو والمسامحة من أفضل ما يقابل به الصديق الصادق.

(9)             كن متسامحاً راضياً، ولا تكن متسامحاً ساخطاً.

(10)        إذا سامحت فكن جاداً في مسامحتك ولا تدندن حول داعي تلك المسامحة فإنّ الراجع في مسامحته أعظم جرماً من الراجع في هبته.

(11)        أحسنُ صور العتاب ما يحقق الاعتذار.

(12)        قد يكون الاعتذار بالإشارة .(مثل الكف عن مواصلة الخطأ).

(13)        الابتسامة وطلاقة الوجه والبشاشة تكفيك أحياناً عن الكلام.

(14)        ادَّخر عتابك للمواقف الحرجة.

(15)        أنصف المعاتب وتخيّر له الوقت والأسلوب المناسب.

(16)        عليك بالرفق عند العتاب.

(17)        إذا كنت غاضباً فلا تفكر في عتابِ مَن أغضبك. (العتاب بين الأصدقاء ـ لعلي بن محمد التميمي صـ104103).

 

التحذير من قرناء السوء:

إن قرناءَ السُّوء هم  أكثر الناس ضرراً على إيمان الشخص وسلوكه وأخلاقه، فمصاحبتهم سببٌ عظيمٌ من أسباب نقص الإيمان وضعفه. إنَّ قرينَ السوء هو الذي يُزَيِّنُ القبيح ويُقبحُّ الحسَن.

إن انتشار الكثير من الأمور السيئة،كالتدخين وتناول المخدرات والخمور، والسرقة، والسير في طريق الرذيلة، يرجع غالباً إلى أصدقاء السوء، الذين يَدُلُّونَ أصدقاءهم على الفساد،والسير في طريق الهلاك. ولذلك يجب على الآباء في المنازل، والمدرسين في المدارس، ورجال الدين في دور العبادة، ورجال الإعلام، في جميع وسائل الإعلام المختلفة المقروءة، والمرئية، والمسموعة، أن ينصحوا الشباب دائماً بالابتعاد عن مصاحبة أصدقاء السوء، ويحذروهم من سوء العاقبة، مع ضرورة ذِكْرِ بعض النماذج الواقعية لهذه الصداقة الكاذبة،وما ترتب عليها من نتائج سيئة.

 

قرناء السوء في عُيُونِ الْحُكَمَاءِ:

(1)             قال أبو حامد الغزالي (رحمه الله) أَصْلُ تَأْدِيبِ الصِّبْيَانِ الْحِفْظُ مِنْ قُرَنَاءِ السوء. (إحياء علوم الدين للغزالي جـ3صـ73)

(2)             قال إبراهيم الحربي (رحمه الله) جنبوا أولادكم قُرَنَاء السوء قبل أن تصبغوهم في البلاء (الاختبار) كما يُصبغُ الثوب.

وقال (رحمه الله) أيضاً أول فساد الصبيان بعضهم من بعض. (فصل الخطاب في الزهد لمحمد عويضة جـ10 ـ صـ182)

(3)             قال أَكْثَمُ بنُ صَيْفي (رحمه الله) الإفراطُ في مصاحبة الناس يُكسبُ قُرَنَاء السوء. (الأمثال ـ للقاسم بن سلاّم ـ صـ290)

(4)             قال الجاحظ (رحمه الله)أنّي لا أعلم في جميع الأرض شيئا أجلب لجميع الفساد من قُرَنَاءِ السّوء. (الرسائل الأدبية ـ للجاحظ ـ جـ1صـ212).

(5)             قال أبو حيان التوحيدي (رحمه الله) لا تَكِل نفسك إلى اختيار السوء، وإلى قُرَنَاءِ السوء، فإنك إن فعلت ذلك خسرت خسراناً مبيناً وضللت ضلالاً بعيداً، وتحرقت أسفاً،وتقطعت ندماً. (المقابسات ـ أبو حيان التوحيدي ـ صـ266)

(6)             قال الإمامُ محمد رشيد رضا (رحمه الله) يجب على الآباء منع أبنائهم عن قُرَنَاءِ السوء فإن الولد يستفيد من مثله أكثر مما يستفيد من أبيه وأمه؛ لأن أفكار تِرْبِه في درجة أفكاره،ورغباته من جنس رغباته، وأعماله من قبيل أعماله. (مجلة المنار جـ2صـ470)

وقال (رحمه الله) شياطينُ الإنس هم قُرَنَاءُ السوء.                                                                                    (مجلة المنار جـ23صـ383)

 

الصديق السوء يتبرأ من صاحبه يوم القيامة:

قال الله تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)(الفرقان 29)

 قال الإمامُ ابنُ كثير (رحمه الله) يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ نَدَمِ الظَّالِمِ الَّذِي فَارَقَ طَرِيقَ الرَّسُولِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْحَقِّ الْمُبِينِ، الَّذِي لَا مرْية فِيهِ، وَسَلَكَ طَرِيقًا أُخْرَى غَيْرَ سَبِيلِ الرَّسُولِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَدمَ حيثُ لَا يَنْفَعُهُ النَدَمُ، وَعَضَّ عَلَى يَدَيْهِ حَسْرَةً وَأَسَفًا. (تفسير ابن كثير جـ10صـ301).

 

الصداقة بين الأطفال:

لا شيء ينمي السلوك الاجتماعي لدى الطفل أكثر من أن يكون له صديق، ولحسن الحظ أن الصداقة شيء سهل الحدوث بالنسبة للأطفال، فمعظمهم يكون له نفس الهدف في الحياة، كل ما في الأمر أن يجد طفلاً آخر يلعب معه بدلاً من أن يلعب كل منهما على حدة وبدون شجار، إذن سيكون لديه الصديق الذي يقوم والداه بدعوته إلى البيت وزيارة بيته بانتظام.

إن الطفل يحتاج إلى صديق واحد جيد على الأقل، فإذا كانت هناك مشكلة بسبب عدم المشاركة في المدرسة أو في المنزل، فهذا الصديق سيمثل له المنفذ والمعلم له، لذلك فإننا نسأل طفلنا من هو صديقه أو أصدقاؤه المفضلون، ثم ندعو كل واحد منهم على انفراد حتى نرى أن العلاقة قد أصبحت قوية مع أي منهم، وهنا ندعو هذا الطفل ثانية لنجعلهم يقضون فترة أطول مع بعضهم البعض، يذهبان إلى الحديقة مثلاً. وإذا كان الصَّدِيقُ في نفس الفصل الدراسي فسيكون لديهم الكثير ليفعلاه معاً، وتكون هذه هي بداية تكوين صداقات أخرى.يجب على الآباء أن يكون لهم وظيفة فعَّالة هنا، فلا بد أن يعرفوا من المدرس أو الطفل من هو أكثر الزملاء قُرباً من طفلهم، ثم يقوموا بدعوة هذا الطفل وتقوية علاقتهما معاً، والمرور عليه عند الذهاب إلى المدرسة،فإن ذلك سيعود على الطفل بالمنفعة، خاصة إذا انتقل إلى فصل أو مدرسة أخرى أو إلى مسكن أخر.( تنشئة الطفل ـ دكتور زكريا الشربيني ـ صـ339)

 

صور من الصداقة الصادقة:

(1)             النبِي وأبو بكر الصديق قال سُبحانه (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة40).

1.    روى الشيخانِ عن أنسٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عَنْ أَبِي بَكْرِ الصديق (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ وَأَنَا فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فَقَالَ مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.                                                                             (البخاري 3653) (مسلم 2381)

2.    روى البخاريُّ عن أبي سعيد الخدري (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أن النبي قال: إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْر. ( البخاري حديث2654)

3.    روى الشيخانِ عن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ عَائِشَةُ، فَقُلْتُ مِنْ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ أَبُوهَا. (البخاري حديث3662) (مسلم حديث2384)

4.    روى البخاريُّ عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أَنَّ النَّبِيَّ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَال َﷺ: اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ. (البخاري حديث3675)

(2)             أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب:

1.    قَالَ الخليفةُ الراشدُ أَبُو بَكْرِ الصِّديق (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): ما عَلى الأرض أحدٌ أحب إليَّ من عُمر. (تاريخ دمشق لابن عساكر جـ44صـ247).

2.    قَالَتْ أمُّ المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها لَمَّا ثَقُلَ (حَضَرَتْه الْوَفَاةُ) أَبِي دَخَلَ عَلَيْهِ فُلانٌ وَفُلانٌ فَقَالُوا يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ مَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ غَدًا وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ أَجْلِسُونِي. أبا لله تُرْهِبُونِي؟ أَقُولُ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3صـ207).

3.    روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ (مات عنها زوجها)، قَالَ لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ «خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ، إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. (البخاري حديث 5145)

4.    روى البخاريُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ «أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلاَلًا» (البخاري حديث 3754)

5.    روى أحمدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ سَابِقًا مُبَرَّزًا. (فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ـ صـ188رقم199)

6.    قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (وَدِدْتُ أَنِّي أَنِّي شَعْرَةً فِي صَدْرِ أَبِي بَكْرٍ) (الإبانة الكبرى لابن بطة ـ جـ9 صـ823رقم247).

7.    قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (لَوَدِدْتُ أَنِّي مِنَ الْجَنَّةِ، حَيْثُ أَرَى أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) (المتمنين لابن أبي الدنيا صـ58 رقم89)

8.    قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَاللهِ لَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ5صـ134).

9.    قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَرَجَحَ بِهِمْ. (شعب الإيمان للبيهقي جـ1صـ143ـ حديث35).

(3)             عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب:

1.    قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَقْضَانَا لِلْقَضَاءِ. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ2صـ259)

2.    قَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيِّ رُئِيَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ثَوْبٌ كَأَنَّهُ يُكْثِرُ لَبِسَهُ فَقِيلَ لَهُ فِيهِ فَقَالَ «هَذَا كَسَانِيَهُ خَلِيلِي وَصَفِيِّي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ عُمَرَ نَاصَحَ اللَّهَ فَنَصَحَهُ اللَّهُ» (الإخوان لابن أبي الدنيا صـ248رقم 221)

3.    روى الحاكمُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى (ميت على فراشه)، فَقَالَ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ»، ثُمَّ قَالَ «مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى»(مستدرك الحاكم جـ3صـ100 رقم 4523)

(4)             عبد الرحمن بن عوف و سعد بن الربيع:

روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ عَلِمَتْ الْأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالًا سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ. (البخاري حديث 3781).

وفي رواية أخرى للبخاريِّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍلَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعٍ. قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ قَالَ ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ (عِطر) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَزَوَّجْتَ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ. قَالَ: كَمْ سُقْتَ؟ قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" (البخاري حديث 2048).

(5)             مالك بن أنس والليث بن سعد:

1.    قال حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىكَانَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ (فَقِيْهَ مِصْرَ) يَصِلُ (أيْ يُهدي) مَالِكَ بنَ أنس بِمائَةِ دِيْنَارٍ فِي السَّنَةِ، فَكَتَبَ مَالِكٌ إِلَيْهِ عَلَيَّ دَيْنٌ.فَبَعَثَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ إِلَيْهِ بِخَمْسِ مائَةِ دِيْنَارٍ.(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ8صـ148)

2.    قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَجَّ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَأَهْدَى إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رُطَبًا عَلَى طَبَقٍ، فَرَدَّ اللَّيْثُ إِلَيْهِ عَلَى الطَّبَقَ أَلْفَ دِينَارٍ. (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ7صـ322).

فائدة  الدينار يعادلُ أربعة جرامات وربع من الذهب الخالص عيار24.

3.    قَالَ أَبو صَالِحٍ كُنَّا عَلَى بَابِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فَامْتَنَعَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا لَيْسَ يُشْبِهُ صَاحِبَنَا, قَالَ فَسَمِعَ مَالِكٌ كَلَامَنَا, فَأَدْخَلَنَا عَلَيْهِ, فَقَالَ لَنَا مَنْ صَاحِبُكُمْ؟ قُلْنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْد, فَقَالَ تُشَبِّهُونِي بِرَجُلٍ كَتَبْنَا إِلَيْهِ فِي قَلِيلِ عُصْفُرٍ نَصْبُغُ بِهِ ثِيَابَ صِبْيَانَنَا, فَأَنْفَذَ إِلَيْنَا مَا صَبَغْنَا بِهِ ثِيَابَنَا وَثِيَابَ صِبْيَانَنَا, وَثِيَابَ جِيرَانِنَا, وَبِعْنَا الْفَضْلَةَ بِأَلْفِ دِينَارٍ؟ (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ7صـ319)

4.    كَتَبَ مَالكُ بنُ أنسٍ إلى اللَّيْثِ بنِ سعد بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم. من مَالك بن أنس إِلَى اللَّيْث بن سعد سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد عصمنا الله وَإِيَّاك بِطَاعَتِهِ فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وعافانا وَإِيَّاك من كل مَكْرُوه كتبت إِلَيْك وَأَنا وَمن قبلي من الْولدَان والأهل على مَا تحب وَالله مَحْمُود أَتَانَا كتابك تذكر من حالك ونعمة الله عَلَيْك الَّذِي أَنا بِهِ مسرور أسأَل الله أَن يتم عَليّ وَعَلَيْك صَالح مَا أنعم علينا وَعَلَيْك وَأَن يجعلنا لَهُ شاكرين. (تاريخ ابن معين ـ ليحيى بن معين جـ4صـ 501498 رقم 5412 ) 

(6)             مالك والشافعي:

1.    قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ  لَوْلا مَالِكٌ بنُ أنسٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ لَذَهَبَ عِلْمُ الْحِجَازِ. (الانتقاء لابن عبد البر صـ21)

2.    قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ: إِذَا جَاءَكَ الْحَدِيثُ عَنْ مَالِكِ بنِ أنسٍ فَشُدَّ بِهِ يَديك. (الانتقاء لابن عبد البر صـ23)

3.    قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ  إِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ،وَمَا أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ مِنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.(الانتقاء لابن عبد البر صـ23)

4.    قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ  مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مُعَلِّمِي،وَعَنْهُ أَخَذْتُ الْعِلْمَ.(الانتقاء لابن عبد البر صـ23)

(7)             الشافعي و أحمد بن حنبل:

1.    قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ خَرَجتُ مِنْ بَغْدَادَ، فَمَا خَلَّفتُ بِهَا رَجُلاً أَفْضَلَ، وَلاَ أَعْلَمَ، وَلاَ أَفْقَهَ، وَلاَ أَتْقَى مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11صـ 195).

2.    قَالَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ لأَحْمَدِ بنِ حَنْبَلِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِذَا صَحَّ عِندَكُمُ الحَدِيْثُ، فَأَخبِرُونَا حَتَّى نَرجِعَ إِلَيْهِ، أَنْتُم أَعْلَمُ بِالأَخْبَارِ الصِّحَاحِ مِنَّا، فَإِذَا كَانَ خَبَرٌ صَحِيْحٌ، فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أَذهبَ إِلَيْهِ كُوْفِيّاً كَانَ أَوْ بَصْرِيّاً أَوْ شَامِيّاً. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11صـ 213)

3.    قَالَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيُّقَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَل أَبوكَ أَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِيْنَ أَدعُو لَهُم سَحَراً (أي قبل الفجر). (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 11صـ 227).

4.    قال عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، قُلْتُ لأَبِيأَيَّ رَجُلٍ كَانَ الشَّافِعِيُّ، فَإِنِّي سَمِعتُكَ تُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ لَهُ؟ قَالَ يَا بُنِيَّ، كَانَ الشَّافِعِيُّ كَالشَّمْسِ لِلدُّنْيَا، وَكَالعَافِيَةِ لِلنَّاسِ، فَهَلْ لِهَذَيْنِ مِنْ خَلَفٍ، أَوْ مِنْهُمَا عِوَضٌ.(تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ2صـ66)

5.    قال الإمامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تَكَلَّمَ، كَأَنَّ صَوتَهُ صَوْتُ صَنْجٍ وَجَرَسٍ، مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ. (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ10صـ49)

6.    قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدِ بْنِ حَنْبَلٍ لَقِيَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ لِي أَمَا يَسْتَحِي أَبُوكَ مِمَّا يَفْعَلُ. فَقُلْتُ وَمَا يَفْعَلُ؟ قَالَ رَأَيْتُهُ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَالشَّافِعِيُّ رَاكِبٌ وَهُوَ رَاجِلٌ (أي يسير على قدميه) وَرَأَيْتُهُ قَدْ أَخَذَ بِرِكَابِهِ (أي لجام الحصان). فَقُلْتُ ذَلِكَ لأَبِي. فَقَالَ لِي قُلْ لَهُ إِذَا لَقِيتَهُ  إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَتَفَقَّهَ فَتَعَالَ فَخذ بركابه الآخر.(الانتقاء لابن عبد البر صـ75)

 

صور للصداقة الكاذبة:

(1)             فرعون وهامان:

قال الله تعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ  وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ  فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (القصص4038)

قال الإمامُ ابنُ كثير (رحمه الله) أَمَرَ فِرْعَوْنُ وَزِيرَهُ هَامَانَ وَمُدَبِّرَ رَعِيَّتِهِ وَمُشِيرَ دَوْلَتِهِ أَنْ يُوقِدَ لَهُ عَلَى الطِّينِ، لِيَتَّخِذَ لَهُ آجُرّا لِبِنَاءِ الصَّرْحِ، وَهُوَ الْقَصْرُ الْمُنِيفُ الرَّفِيعُ. (تفسير ابن كثير جـ6صـ238)

وقال سُبحانه (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ  أَسْبَابَ(أيْ أَبْوَابُ) السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ)(غافر3736)

(2)             أبو طالب وأبو جهل:

روى البخاريُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ قُلْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ  فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ)(التوبة 113) وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)(القصص 56)(البخاري حديث 4772)

(3)             الوليد بن المغيرة وأبو جهل:

قَالَ عبدُ الله بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، دَخَلَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ؛ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ خَرَجَ عَلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ يَا عَجَبًا لِمَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ (أي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِشَعْرٍ، وَلَا بِسِحْرٍ، وَلَا بِهَذْيٍ مِنَ الْجُنُونِ، وَإِنَّ قَوْلَهُ لَمِنْ كَلَامِ اللَّهِ؛ فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ النَّفَرُ مِنْ قُرَيْشٍ ائْتَمِرُوا وَقَالُوا وَاللَّهِ لَئِنْ صَبَأَ الْوَلِيدُ لَتَصْبَأَنَّ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أَكْفِيكُمْ شَأْنَهُ؛ فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ، فَقَالَ لِلْوَلِيدِ أَلَمْ تَرَ قَوْمَكَ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ أَلَسْتُ أَكْثَرَهُمْ مَالًا وَوَلَدًا؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ لِتُصِيبَ مِنْ طَعَامِهِ. قَالَ الْوَلِيدُ أَقَدْ تَحَدَّثَتْ بِهِ عَشِيرَتِي؟ فَلَا يَقْصُرُ عَنْ سَائِرِ بَنِي قُصَيٍّ، لَا أَقْرَبُ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا ابْنَ أَبِي كَبْشَةَ، وَمَا قَوْلُهُ (إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ)(المدثر 24)؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا)(المدثر 11) إِلَى (لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ)(المدثر 28) (تفسير الطبري جـ26صـ489)

 

ختاماً:

أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم،وأن يجعله ذُخْرَاً لي عنده يوم القيامة (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ  إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply