منزلة الصلاة في الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

إن للصلاة منزلةً كبيرةً في الإسلام، فهي أول ما يحاسبُ اللهُ تعالى عليه المسلم مِن العبادات يوم القيامة. من أجل ذلك، أحببت أن أُذَكِّرَ نفسي وطلاب العِلْم الكرام بأهمية الصلاة في الإسلام. فأقول وبالله تعالى التوفيق:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

معنى الصلاة:

الصلاة في اللغة:  الدُّعَاءُ بالخير. قال الله تعالى لنبيه: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (التوبة: 103)

قال الإمامُ الطبري (رحمه الله): قَوْلُهُ: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أيْ: وَادْعُ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: (إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) أيْ: إِنَّ دُعَاءَكَ وَاسْتِغْفَارَكَ طُمَأْنِينَةٌ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْهُمْ وَقَبِلَ تَوْبَتَهُمْ. (تفسير الطبري ـ جـ 11 ـ صـ 659)

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ

وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ.(مسلم ـ حديث 1431)

 (فَلْيُصَلِّ) أَيْ: فَلْيَدْعُ لأهْلِ الطَّعَام بِالْبَرَكَةِ والْمَغْفِرَةِ وَنَحْو ذَلِك. (شرح السيوطي على صحيح مسلم ـ جـ4 ـ صـ 44).

الصلاة في الشرع:

أقوالٌ وأفعالٌ مخصوصةٌ، مُفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم مع النية، بشرائط مخصوصة. وسُميت صلاة لاشتمالها على الدعاء. (معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية ـ جـ2 ـ صـ376: صـ377).

للصلاة في الإسلام، بعد توحيد الله، منزلةٌ رفيعةٌ، لا تدانيها منزلة أي عبادة أخرى.

 

ويمكنُ أن نُوجز منزلة الصلاة في الإسلام في الأمور التالية:

(1)             الصلاة أول فريضة بعد التوحيد:

قال اللَّه تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(البينة: 5)

روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ. (البخاري حديث 4347/ مسلم حديث 19)

 

(2)             افتراض الصلاة على الأمم السابقة:

قال سُبحانه عن إبراهيم: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ)(إبراهيم: 37)

 وقال تعالى عن موسى وهارون عليهما السلام: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(يونس:87)

وقال اللَّه عن عيسى: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) (مريم: 30: 31) 

قال سبحانه عن إسماعيل (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا *وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)(مريم: 54: 55)

 

(3)             افتراض اللَّه الصلاة على نبينا محمد مباشرة:

 مما يدل على تعظيم قدر الصلاة في الإسلام أن اللَّه تعالى قد افترضها على نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مباشرة وبدون واسطة من الملائكة الكرام، وذلك حينما عُرجَ بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى سِدرة المنتهى في السماء السابعة.

روى الشيخانِ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال (وهو يتحدث عن رحلة الإسراء والمعراج) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَاذَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ قَالَ قُلْتُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ لِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام:فَرَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ.قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطْرَهَا قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ فَقُلْتُ: قَدْ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي. (البخاري حديث 349/ مسلم حديث 162)

 

(4)             الصلاةُ أحد أركان الإسلام:

روى الشيخانِ عَنْ عبدِ الله بْنِ عُمَرَ بنِ الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ.(البخاري حديث 8 /مسلم حديث 16)

قَوْلُهُ: (عَلَى خَمْسٍ) أَيْ: خَمْسِ دَعَائِمَ.

في هذا الحديث شَبَّه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامِ بِخَيْمَةٍ أُقِيمَتْ عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَةٍ،وَشَّهَادَةُ التَّوْحِيدِ بمنزلة العَمُود الذي في وسَطِ الخَيْمَةِ،وبقية شُعَب الإسْلام بمنزلة الْأَوْتَادِ للخَيْمَةِ. (دليل الفالحين ـ لابن علان ـ جـ6 ـ صـ 560).

وروى الترمذيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ. (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث 2110)

 

(5)             الصلاة أول ما يُحاسب اللَّه عليه العبد من الأعمال يوم القيامة:

روى الترمذيُّ عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا قَالَ: فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ». (حديث صحيح)(صحيح الترمذي  ـ للألباني ـ حديث 337).

 

(6)             الصلاة أفضل الأعمال عند اللَّه بعد التوحيد:

روى الشيخانِ عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّه؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا. قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ ؟قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. (البخاري حديث 527/ مسلم حديث 85)

 

(7)             الصلاة قرة عين النبي:

روى النسائيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ». (حسن صحيح) صحيح النسائي للألباني ـ حديث 3949).

قال الإمامُ ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): مَنْ كَانَتْ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَوَدُّ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ وَلَا يَخْرُجَ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ نَعِيمَهُ وَبِهِ تَطِيبُ حَيَاتُهُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ لِلْعَابِدِ بِالْمُصَابَرَةِ عَلَى النَّصَبِ(التعب) فَإِنَّ السَّالِكَ غَرَضُ(هَدَفُ) الْآفَاتِ وَالْفُتُورِ. (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ11 ـ صـ 345).

 

(8)             المحافظة على الصلاة آخر وصية للنبي:

 روى أبو داودَ عَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ:كَانَ آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ». (حديث صحيح) (صحيح أبي داود ـ  للألباني ـ حديث 4295)

قَوْلُهُ: (الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ) أَيِ احْفَظُوا الصَّلَاةَ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى حُقُوقِهَا.

قَوْلُهُ: (اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) أيْ أحْسِنوا إلى عَبيدكم ولا تُحَمِلوهم ما لا طاقة لهم به مِن الأعمال.(عون المعبود ـ جـ 14 ـ صـ 44)

 

(9)             الأمر بتعليم الأطفال الصلاة:

مما يدل على منزلة الصلاة في الإسلام أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر الآباء بتعليم أبنائهم الصغار الصلاة مع أمرهم بالمحافظة على أدائها منذ طفولتهم، مع ضربهم على تركها تهاونًا ضربًا غير مؤذٍ، مع أنهم غير مُكلفين، وذلك حتى يعتادوا على أداء الصلاة في باقي مراحل حياتهم.

روى أبو داودَ عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ (أي في مكان النوم) (حسن صحيح)(صحيح أبي داود للألباني ـ حديث 466)

 

(10)        الصلاة صُلة بين العبد وربه:

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ (أي غير تامة) ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ. فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ. فَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. (مسلم حديث 395)

قال الإمام النووي (رحمه الله): قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الْفَاتِحَةُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْحَجُّ عَرَفَةُ) فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا بِعَيْنِهَا فِي الصَّلَاةِ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ قِسْمَتُهَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ نِصْفَهَا الْأَوَّلَ تَحْمِيدٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَمْجِيدٌ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي سُؤَالٌ وَطَلَبٌ وَتَضَرُّعٌ وَافْتِقَارٌ. (مسلم بشرح النووي ـ جـ 4ـ صـ103)

روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ (أي أمام) وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَوَجْهِهِ إِذَا صَلَّى». (البخاري حديث 406) 

 

(11)        أخذ العهد على المسلم على إقامة الصلاة:

روى الشيخانِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ) (البخاري حديث:57 / مسلم حديث:56)

قال الإمامُ ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): الْمُرَادُ بِالْبَيْعَةِ الْمُبَايَعَةُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ مَا يَشْتَرِطُ بَعْدَ التَّوْحِيدِ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا رَأْسُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ ثُمَّ أَدَاءُ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا رَأْسُ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ. (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ2 ـ صـ7)

 

(12)        الصلاة من أسباب مغفرة الذنوب:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟» قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا (البخاري حديث 528 / مسلم حديث 667)

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الصَّلَاةُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ. (مسلم ـ حديث 233)

روى الطبرانيُّ عن عبد الله بن عمر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ العَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ وعَاتِقَيْهِ، كُلَّمَا رَكَعَ وسَجَدَ تسَاقَطَتْ عَنْهُ» (حديث صحيح) (صحيح الجامع ـ  للألباني ـ  حديث 1671)

 

(13)        مَدْح اللَّه للمحافظين على الصلاة:

مما يدل على المنزلة العالية للصلاة في الإسلام أن اللَّه تعالى عندما مَدَحَ عباده المؤمنين، بدأ بذِكْرِ الصلاة قبل أي عمل آخر.

قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون1: 2)

 قَالَ عبد الله بْن عمر بن الخطاب،رضي اللهُ عنهما: كَانُوا إِذا قَامُوا فِي الصَّلَاة اقْبَلُوا على صلَاتهم وخفضوا أَبْصَارهم إِلَى مَوضِع سجودهم وَعَلمُوا أَن الله يُقبلُ عَلَيْهِم فَلَا يلتفتون يَمِينا وَلَا شمالاً.(الدر المنثور للسيوطي ـ جـ6 ـ صـ 84)

روى ابْن جرير الطبري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،فِي قَوْلِهِ: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) يَقُولُ:«خَائِفُونَ سَاكِنُونَ»(تفسير الطبري ـ جـ 19ـ صـ9)

وقال سبحانه مادحًا أهل الصلاة: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) (المعارج: 19:23)

قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري (رحمه الله) قَوْلُهُ: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) أيْ: إِلَّا الَّذِينَ يُطِيعُونَ اللَّهَ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهُمْ عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ مُقِيمُونَ لَا يُضَيِّعُونَ مِنْهَا شَيْئًا، فَإِنَّ أُولَئِكَ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي عِدَادِ مَنْ خُلِقَ هَلُوعًا.(تفسير الطبري ـ جـ23 ـ صـ 267)

 

(14)        التحذير الشديد لمن تهاون بالصلاة:

إن منزلة الصلاة في الإسلام رفيعة، ويدلُ على ذلك ما جاء في القرآن والسُّنَّة من التحذير الشديد من إضاعتها والتهاون في آدائها.

قال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (مريم: 59)

روى ابنُ جرير الطبري عن عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) قَالَ: لَمْ يَكُنْ إِضَاعَتُهُمْ تَرْكَهَا، وَلَكِنْ أَضَاعُوا الْوَقْتَ. (تفسير الطبري ـ جـ16 ـ صـ98)

وقال سبحانه: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)(الماعون: 4: 6)

روى مسلمٌ عن جابرِ بنِ عبد الله، رضي اللهُ عنهما، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ. (مسلم ـ حديث 82) 

فائدة مهمة:

قال الإمامُ النووي (رحمه الله): تَارِكُ الصَّلَاةِ،إِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِوُجُوبِهَا فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ خَارِجٌ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يُخَالِطِ الْمُسْلِمِينَ مُدَّةً يَبْلُغُهُ فِيهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ تَرَكَهُ تَكَاسُلًا مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا كَمَا هُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بَلْ يَفْسُقُ وَيُسْتَتَابُ. (مسلم بشرح النووي ـ جـ2 ـ صـ 70)

 

(15)        مشروعية إقامة الصلاة جماعة في المساجد:

مما يدلُ على تعظيم منزلة الصلاة في الإسلام أن الله تعالى أمَرَ  ببناء المساجد لإقامة الصلاة جماعة بها.

قال الله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ  *رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.)(النور 38:36)

روى ابنُ جرير الطبري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِدُ تُكْرَمُ،وَنُهِيَ عَنِ اللَّغْوِ فِيهَا.(تفسير الطبري ـ جـ 17 ـ صـ 316)

قال سبحانه: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة: 18)

قال الإمامُ ابنُ كثير (رحمه الله): لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عِمَارَتِهَا زَخْرَفَتَهَا وَإِقَامَةَ صُورَتِهَا فَقَطْ، إِنَّمَا عِمَارَتُهَا بِذِكْرِ اللَّهِ فِيهَا،وَإِقَامَةِ شَرْعِهِ فِيهَا، وَرَفْعِهَا عَنِ الدَّنَسِ وَالشَّرَكِ. (تفسير ابن كثير ـ جـ1 ــ صـ 270).

1.    روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنْ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ. (البخاري حديث: 662 / مسلم حديث: 669)

(مَنْ غَدَا): أَيْ: ذَهَبَ فِي أول النهار

(رَاحَ) أَيْ: ذَهَبَ فِي آخر النهار.

(نُزُلَهُ): هُوَ مَا يُقَدَّمُ إِلَى الضَّيْفِ مِنَ الطَّعَامِ.

(مرقاة المفاتيح ـ علي الهروي ـ جـ2 ـ صـ 592)

2.    روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً.(مسلم حديث:666)

3.    روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ. (مسلم حديث:251)

4.    روى أبو داود عَنْ  بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث: 525)

 

(16)        تسمية الصلاة إيماناً:

مما يدل على تعظيم منزلة الصلاة تسمية الله تعالى لها إيماناً.

قال سُبْحَانَهُ (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (البقرة:143)

روى ابنُ جرير الطبري ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا وُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا: كَيْفَ بِمَنْ مَاتَ مِنْ إِخْوَانِنَا قَبْلَ ذَلِكَ وَهُمْ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) (تفسير الطبري ـ جـ2ـ صـ 650)

روى ابنُ جرير الطبري عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)

قَالَ: صَلَاتُكُمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (تفسير الطبري ـ جـ2 ـ صـ 651)

 

(17)        الوصية بالاستعانة بالصلاة على جميع أمور الدنيا والآخرة:

قال محمدُ بنُ نصر المروزي (رحمه الله): أمرَ اللَّه تعالى عباده أن يفزعوا إلى الصلاة ويستعينوا بها على كل أمر من أمور دنياهم وآخرتهم، ولم يخص الاستعانة بها شيئًا دون شيء. فقال سبحانه: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) (البقرة: 45) (تعظيم قدر الصلاة للمروزي جـ1 صـ218).

روى أبو داودَ عَنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليمان، رضي اللهُ عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ (أَصَابَهُ أَوْ نَزَلَ بِهِ) أَمْرٌ صَلَّى(هَمٌّ أَوْ غَمٌّ.) (حديث حسن)(صحيح أبي داود للألباني حديث 1171)

قَوْلُهُ: (صَلَّى) أَيْ: تَسْهِيلًا لِلْأَمْرِ وَامْتِثَالًا لِلْأَمْرِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ: بِالصَّبْرِ عَلَى الْبَلَايَا وَالِالْتِجَاءِ إِلَى الصَّلَاةِ. (مرقاة المفاتيح ـ علي الهروي ـ جـ3 ـ صـ 990)

 

(18)        الصلاة تميز بين المؤمنين والمنافقين في الدنيا والآخرة:

 أما في الدنيا: فإن الصلاةَ ثقيلةٌ على المنافقين.

قال سُبحانه: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء: 142).

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ الْمُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ) (البخاري حديث 657/ مسلم حديث 252).

وأما في الآخرة: فإن المنافقين لا يستطيعون السجود إذا أُمِروا بذلك.

 قال تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) (القلم 42: 43)

روى البخاريُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ فَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا».(البخاري حديث 4919) 

 

(19)        النار لا تحرق آثار السجود:

قال الإمامُ محمد بنُ نصر المروزي (رحمه اللهُ): مِنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ أَنَّ مَنَ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَمِلُوهَا بِجَوَارِحِهِمْ تَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ أَجْسَامِهِمْ مِنَ الِاحْتِرَاقِ إِلَّا السُّجُودَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ النَّارَ لَمْ تُصِبْ مَوَاضِعَ السُّجُودِ مِنَ الْمُصَلِّينَ خَاصَّةً، كَذَلِكَ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (تعظيم قدر الصلاة ـ للمروزي ـ جـ1 ـ صـ292)

روى الشيخانِ عن أبي هريرة، رضي اللهُ عنه، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ قَدْ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ (البخاري ـ حديث 7437 / مسلم  ـ حديث 182).

قوله: (حَمِيلِ السَّيْلِ) أيْ ما يحمله السيل مِن طين وغيره

قال الإمامُ النووي (رحمه الله) قَوْلُهُ: (تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ جَمِيعَ أَعْضَاءِ السُّجُودِ السَّبْعَةِ الَّتِي يَسْجُدُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا وَهِيَ: الْجَبْهَةُ، وَالْيَدَانِ، وَالرُّكْبَتَانِ، وَالْقَدَمَانِ، وَهَكَذَا. (مسلم بشرح النووي ـ جـ3 ـ صـ22)

 

(20)        اشتراط نظافة الجسم والمكان لإقامة الصلاة:

قال محمدُ بنُ نصر المروزي (رحمه الله): الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْفَعُ الْأَعْمَالِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ أَنْ لَا تُؤْتَى إِلَّا بِطَهَارَةِ الْأَطْرَافِ، وَنَظَافَةِ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَاللِّبَاسِ مِنْ جَمِيعِ الْأَقْذَارِ، ونَظَافَةِ الْبِقَاعِ الَّتِي يُصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ زَادَ تَعْظِيمًا أَنَّهُ أَمَرَهُمْ إِذَا عَدِمُوا الْمَاءَ عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَنْ يَضْرِبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى الصَّعِيدِ فَيَمْسَحُوا مَكَارِمَ وُجُوهِهِمْ بِالتُّرَابِ، إِعْظَامًا لِقَدْرِهَا أَنْ لَا تُؤَدَّى إِلَّا بِطَهَارَةٍ. (تعظيم قدر الصلاة ـ للمروزي ـ جـ1 ـ صـ170)

 

(21)        جميع أعمال الصلاة توحيد وتعظيم لله تعالى:

قال محمدُ بنُ نصر المروزي (رحمه الله): لَا عَمِلَ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ  لِلَّهِ، لِأَنَّهُ افْتَتَحَهَا بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ،وَهِيَ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ،وَهِيَ حَمْدٌ لِلَّهِ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدٌ لَهُ وَدُعَاءٌ، وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، كُلُّ ذَلِكَ تَوْحِيدٌ لِلَّهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ، وَخَتَمَهَا بِالشَّهَادَةِ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ، وَلِرَسُولِهِ بِالرِّسَالَةِ، وَرُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا خُشُوعًا لَهُ وَتَوَاضُعًا، وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ وَالرُّكُوعِ، وَرَفْعُ الرَّأْسِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَإِجْلَالًا لَهُ،وَوَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ بِالِانْتِصَابِ لِلَّهِ تَذَلُّلًا لَهُ وَإِذْعَانًا بِالْعُبُودِيَّةِ. (تعظيم قدر الصلاة للمروزي جـ1 صـ268)

 

(22)        الصلاة تؤدى بالقلب مع جميع الجوارح:

قال الإمامُ محمد بن نصر المروزي (رحمه اللهُ): الدَّلِيلِ عَلَى عِظَمِ قَدْرِهَا وَفَضْلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ أَنَّ كُلَّ فَرِيضَةٍ افْتَرَضَهَا اللَّهُ فَإِنَّمَا افْتَرَضَهَا عَلَى بَعْضِ الْجَوَارِحِ دُونَ بَعْضٍ، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْ بِإِشْغَالِ الْقَلْبِ بِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقَامَ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنْ يَنْتَصِبَهُ الْعَبْدُ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ، وَيَشْغَلَ قَلْبَهُ بِهَا لِيَعْلَمَ مَا يَتْلُو وَمَا يَقُولُ فِيهَا، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ، لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَشْتَغِلَ الْعَبْدُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ بِعَمَلٍ سِوَاهُ إِلَّا الصَّلَاةَ وَحْدَهَا، فَإِنَّ الصَّائِمَ لَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ وَيَنَامَ وَيَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الصَّوْمِ، وَيَعْمَلُ بِجَوَارِحِهِ وَيَشْغَلُهَا فِيمَا أَحَبَّ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا مِمَّا أُحِلَّ لَهُ، وَالْمُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ وَيَتَكَلَّمَ، وَالْحَاجُّ فِي قَضَاءِ مَنَاسِكِهِ قَدْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَيَنَامَ وَيَشْتَغِلَ بِمَا أَحَبَّ مِنْ مَنَافِعِ الدُّنْيَا الْمُبَاحَةِ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الطَّوَافِ، وَكَذَلِكَ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ، وَجَمِيعُ الطَّاعَاتِ، لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَيَتَفَكَّرَ فِي غَيْرِهَا. (تعظيم قدر الصلاة للمروزي جـ1 صـ171: 172) 

 

(23)        الصلاةُ تشتمل على معظم أنواع العبادات:

إنَّ الصَّلَاةَ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى مُعظَمِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ مِنَ الِاعْتِقَادِ بِالْقَلْبِ وَالِانْقِيَادِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِسْلَامِ الْوَجْهِ لَهُ وَالصُّمُودِ إِلَيْهِ وَالِاطِّرَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ, وَعَلَى أَقْوَالِ اللِّسَانِ وَأَعْمَالِهِ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْأَدْعِيَةِ وَالتَّعَوُّذِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِغَاثَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالِاعْتِذَارِ مِنَ الذَّنْبِ إِلَيْهِ وَالْإِقْرَارِ بِالنِّعَمِ لَهُ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ, وَعَلَى عَمَلِ الْجَوَارِحِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالِاعْتِدَالِ وَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, هَذَا مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الشَّرَائِطِ وَالْفَضَائِلِ -مِنْهَا الطَّهَارَةُ الْحِسِّيَّةُ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْأَنْجَاسِ الْحِسِّيَّةِ, وَالْمَعْنَوِيَّةُ مِنَ الْإِشْرَاكِ وَالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ وَسَائِرِ الْأَرْجَاسِ- وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَنَقْلُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَجْتَمِعُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ. (معارج القبول ـ حافظ حكمي ـ جـ2 صـ42).

 

ختاما:

أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعلَ هذا العمل خالصاًَ لوجهه الكريم،وأن يجعله ذُخْرَاً لي عنده يوم القيامة (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) كما أسأله سُبحانه أن ينفع به طلاب العِلْمِ الكرام.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply