الأدب وصية رب العالمين


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

حثنا الله سبحانه وتعالى على التحلي بالأدب في كثير من آيات القرآن الكريم، وسوف نذكر بعضًا منها:

1. قال جل شأنه: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}(النساء: 86).

* قال الإمام البغوي (رحمه الله): المراد بالتحية هاهنا السلام. يقول: إذا سلم عليكم مسلم فأجيبوا بأحسن منها أو ردوها كما سلم، فإذا قال: السلام عليكم، فقل: وعليكم السلام ورحمة الله، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، فقل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد مثلها.

روي أن رجلًا سلم على ابن عباس رضي الله عنهما، قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم زاد شيئًا، فقال ابن عباس: إن السلام ينتهي إلى البركة. (تفسير البغوي ج2 ص 257).

2. قال سبحانه: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}(الفرقان: 63).

* قال الإمام ابن جرير الطبري (رحمه الله): يمشون على الأرض بالحلم والسكينة والوقار غير مستكبرين، ولا متجبرين، ولا ساعين فيها بالفساد ومعاصي الله.(تفسير الطبري ج17 ص 489).

* قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): أي: إذا سفه عليهم الجهال بالسيئ، لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا.(تفسير ابن كثير ج6 ص121).

3. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(النور: 27-28).

* قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): هذه آداب شرعية، أدب الله بها عباده المؤمنين، وذلك في الاستئذان. أمر الله المؤمنين ألا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتى يستأنسوا، أي: يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده. وينبغي أن يستأذن ثلاثًا، فإن أُذن له، وإلا انصرف.(تفسير ابن كثير ج6 ص36).

4. قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}(الحجرات: 2).

5. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(الحجرات: 11).

* قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم. (تفسير ابن كثير ج7 ص376).

6. قال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12).

* قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يقول تعالى ناهيًا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثمًا محضًا، فليُجتنب كثير منه احتياطًا. (تفسير ابن كثير ج7 ص377).

* قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يحل لامرئ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءًا، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجًا. (بهجة المجالس لابن عبد البر ج1 ص93).

ختامًا: أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويجعله سبحانه في ميزان حسناتي يوم القيامة.

 كما أسأله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذا العمل طلاب العلم الكرام.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply