هذا هو الحسين رضي الله عنه


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

تمر علينا هذه الأيام ذكرى رحيل رجل عظيم عن الدنيا..

رجل لقى ربه راضياً مرضياً ..

رجل كان للحق نبراساً وللباطل فاضحاً صداحاً

إن حديثي عن الامام الحسين انما هو حديث الحفيد عن الجد، حديث ليس له حد ولا ينتهي بمجد..

انه الامام الحسين بن علي بن أبي طالب . رضي الله عنه وعن والده وامه واخاه.

الحسين بن علي رضي الله عنهما – من أفاضل صغار الصحابة، وهو سِبط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وريحانته من الدنيا، وهو سيد من سادات شباب الجنة، وهو الصحابة الكرام الذين شملهم نبي الرحمة بالحب والمودة والالفة ..

فهو حفيد سيد الانبياء والرسل محمد صلى الله عليه واله وسلم ..

أحببت في ذكر فاجعة شهادته ان ابين ـ سريعاً ـ موقف اهل السنة والجماعة من هذا الامام الكريم والصحابي الجليل ..

وإن كان حقه لا يفي مقالا هنا او كتابا هناك، ولكنه جهد مقل، وايضاح غير ممل .

الامام الحسين رضي الله عنه ممن شملهم قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)

الامام الحسين حِبُّ رسول الله وحفيده، قال فيه رسولنا الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ: (حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ) .

وعَنْ الْبَرَاءِ بن عازب رضي الله عنه: وفي يوم أَنَّ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا).

وعن أسامة بن زيد –رضي الله عنهما– قال : كان الحسن والحسين على وَرِكَي النبي – صلى الله عليه واله وسلم ، فقال النبي –صلى الله عليه واله وسلم–: (هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِيَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا).

وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ– قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ–: (الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ).

وقال عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما– سمعت رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ– يَقُولُ: (إِنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنْ الدُّنْيَا).

ومرة كان عمرو بن العاص –رضي الله عنه– جالساً في ظل الكعبة، إذ رأى الحسين بن علي مقبلاً، فقال عمرو –رضي الله عنه-: (هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم).

وقال أنس ابن مالك –رضي الله عنه– عن الحسين : كان أشبهَهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ مَخْضُوبًا بِالْوَسْمَةِ (الوسمة: نَبْت يُخْتَضَبُ بِهِ يَمِيل إِلَى سَوَاد).

إن مصاب الامام الحسين ممّا يحزن الفؤاد ويُدمي القلب خاصة لمن اطلع على أحداث سيرته ومسيرته من مكة لكربلاء ..

هذا المصاب الجلل لفداحته قد تنبأ به النبي صلى الله عليه واله وسلم قبل ان يقع..

قال صلى الله عليه واله وسلم: (قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يُقتل بشط الفرات).

وعن ابن عباس قال: (رأيت النبي صلى الله عليه واله وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار وهو قائل أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟

قال: دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم).

قال عمار راوي الحديث: فأحصينا ذلك اليوم فوجدوه قتل في ذلك اليوم رضي الله عنه).

فالامام الحسين قُّتل بدم بارد، مظلوماً شهيداً، وهو سيد سادات شباب أهل الجنة.

أما عن موقف علماء أهل السنة ودعاتهم قديماً وحديثاً من الامام الحسين، فقد اتفقوا جميعا على فضله وصحبته، وتواتروا على حبه والترحم عليه والحكم على ظلامته واستشهاده، واذكر بعضاً منهم:

1. عبدالله بن عمر رضي الله عنه، حيث سأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا).

2. ابراهيم النخعي، حيث قال: (لو كنت فيمن قاتل الحسين ثم دخلت الجنة لاستحيت ان انظر الى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)

3. ابنُ عبدالبر، حيث قال: (وكان الحسين فاضلاً ديِّناً كثيرَ الصَّومِ والصلاةِ والحجِّ).

4. شيخ الاسلام ابن تيمية، حيث قال: (والحسين رضي الله عنه قتل مظلوماً شهيداً، وقتلته ظالمون معتدون)

وقال ايضاً: (وأما من قتل الحسين) أو أعان على قتله، أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا ً).

وقال ايضاً: (وأما قتل الحسين رضي الله عنه، فلا ريب أنه قُتل مظلوماً شهيداً، كما قُتل أشباهه من المظلومين الشهداء، وقتل الحسين معصية لله ولرسوله ممن قتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك، وهو معصية أُصيب بها المسلمون من أهله وغير أهله، وهو في حقه شهادة له ورفعة درجة وعلو منزلة. فإنه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة، التي لا تُنال إلا بنوع من البلاء ، ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيوتهما، فإنهما تربّا في حجر الإسلام في عز وأمان، فمات هذا مسموماً وهذا مقتولاً لينالا بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء).

5. الحافظ بن كثير، حيث قال: (وكل مسلم ينبغي أن يحزنه قتله رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين ، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله، التي هي أفضل بناته، وكان عابداً شجاعاً سخياً).

6. ابن العماد الحنبلي، حين ذكر قصة استشهاد الحسين ، وحمل رأسه، وحمل أهل بيته، قال: (قاتل الله فاعل ذلك و أخزاه و من أمر به أو رضيه) .

7. الحافظ الحاكم النيسابوري، حيث أنشد حزيناً على مصاب الامام الحسين فقال :

جاءوا برأسك يا بن بنت محمد

متزملا بدمائه تزميلا

وكأنما بك يا ابن بنت محمد قتلوا

جهارا عاقدين رسولا

قتلوك عطشانا ولم يترقبوا

في قتلك التنزيل والتأويلا

ويكبرون بأن قتلت وإنما

قتلوا بك التكبير والتهليلا

8. الامام المحدث السدي، حيث يقول: (أخبرني عطاء بن مسلم قال: قال السدي: أتيت كربلاء أبيع البن بها فعمل لنا شيخ من طي طعاما فتعشينا عنده، فذكرنا قتل الحسين، فقلنا: ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوء ميتة).

9. الحافظ الذهبي حيث قال: (الحسين الشهيد (ع) الإمام الشريف الكامل سبط رسول الله –صلى الله عليه وسلم– وريحانته من الدنيا، ومحبوبه. أبو عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي.

وقال أيضاً: (الإمام الشريف الكامل سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته من الدنيا ومحبوبه أبو عبد الله الحسين بن أمير المؤمنين أبي الحسن علي).

10. الحافظ بن قدامة، حيث يقول: (نشهد لكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنّة كقوله: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانا طفلين صغيرين، توفي وهما دون العاشرة، ولكن يبعثون يوم القيامة مع سائر الأمة في سن الشباب، وشهد لهما بأنهما سيدا شباب أهل الجنّة، وشهد لأمهما فاطمة أنها سيدة نساء أهل الجنّة، فنشهد لهما بذلك، ونشهد لأمهما بأنها من أهل الجنّة).

11. الشيخ عبدالعزيز بن باز، حيث يقول: (غفر الله له ورضي الله، قتل مظلوماً فيدعى له بالمغفرة والرحمة ، ويرجى له خير كثير، وأخوه الحسن، سيدا شباب أهل الجنة كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-، فهو مظلوم له الأجر العظيم، وترجى له الشهادة مع أنه هو وأخاه كما تقدم جاء فيهما الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أنهما سيداً شباب أهل الجنة).

12. الشيخ علي جمعه، حيث يقول: (وأهل السنة يعلمون أن عليًّا رضي الله عنه كان أقرب للحقِّ من معاوية رضي الله عنه، ويعلمون أن سيِّدنا الحسين قُتِلَ مظلوماً).

13. عائض القرني، حيث يقول: (أن أهل السنة يعتقدون أن الحسين -رضي الله عنه- قُتل شهيدًا مظلومًا، ويلعنون من قتله ويبرؤون إلى الله ممن قتله).

14. عثمان الخميس، حيث يقول: (كثر الكلام حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي (عليه السلام) فطلب مني بعض الأخوان أن أذكر القصة الصحيحة التي أثبتها الثقات من أهل العلم ودونوها في كتبهم فأجبتهم ما يلي..)

القارئ الكريم، كان هذا نزر يسير من موقف بعض علماء أهل السنة والجماعة حول الامام الحسين ومقتله، وخلاصته أن الامام الحسين بن علي قد مضى إلى ربه شهيداً مظلوماً، فأسال الله تعالى أن يحشرنا مع الامام الحسين، وأن يجعلنا في زمرته، ومن خُلص أتباعه وأعوانه، وان نكون مقتفين لأثره، ومقتدين بعمله.

اللهم امين ..

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply