الحذف والتقدير في أقوال النبي في صحيح البخاري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

(الحذف والتقدير في أقوال النبي في صحيح البخاري) دراسة للباحث مثنى جاسم محمد عبد الجبوري نال بها درجة الماجستير في اللغة العربية.

ومما لاشك فيه أن علوم اللغة العربية بحر مترامي الأطراف، ومتلاطم الأمواج، من خاض فيه من غير علم هلك، ومن أخذ بأسباب النجاة متوكلاً على الله أنجاه. فالعربية بعلومها القديمة والحديثة، شعراً ونثراً، كانت وما تزال معيناً ينهل منه الباحثون، ومما زادها رفعة وشرفاً نزول الوحي بها إذ قال الله عز وجل: ﴿قُرْءاناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. فالقرآن نزل بلغة العرب وهو كلام الله المعجز تحدى الله به أهل الفصاحة والبيان، فقال عز وجل: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾.

والنبي عربي وأُوتي جوامع الكلم وكان عليه الصلاة والسلام أفصح العرب، وسنته المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم وهي من الوحي الذي أنزلهُ ألله جل في علاه وتعهد بحفظه إذ قال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

فالسنة بصورة عامة، لها مكانة عظيمة عند المسلمين، وأقوال النبي خاصة، فرأى الباحث أن يدرس الحذف والتقدير في أقوال النبي مختاراً أنموذجاً لهذه الدراسة من كتب الحديث، فوقع الاختيار على صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل بعيداً عن الاختلاف في التصحيح والتضعيف للأحاديث المدروسة، فقام الباحث بجرد الأقوال التي وقع فيها الحذف مبتغياً لفت الأنظار إلى ثروة لغوية عظيمة لها شأن عظيم، وراجياً بذلك لطف الله وطامعاً برضاه.

والباجث لا يدعي لنفسه أنه أول من يكتب في التركيب اللغوي للحديث النبوي الشريف كما إنه لا يكون الآخر فقد تقدم الكثير من العلماء بتأليف العديد من الكتب مثل: (بناء الجملة العربية في الحديث النبوي الشريف في الصحيحين) للدكتور عودة خليل، كما أن شروح كتب الحديث لا تخلو من الوقوف على المسائل النحوية. إضافة إلى ذلك ما استشهد به الكثير من النحاة في كتبهم.

وبعد أن قام الباحث  بجرد الأقوال التي وقع فيها الحذف، قسم  المحذوفات على: (حروف، كلمات، جمل)، فجاء هذا البحث المتواضع في مقدمة وتمهيد وأربعة فصول، وكل فصل يحتوي على عدة مباحث، وهو كالآتي:

*الفصل الأول، وقسمته إلى أربعة مباحث: المبحث الأول- البخاري اسمه وطلبه للعلم. المبحث الثاني- تعريف الحذف لغة واصطلاحاً. المبحث الثالث- تعريف الإضمار لغةً واصطلاحاً. المبحث الرابع: تعريف الحديث لغة واصطلاحاً.

*أما الفصل الثاني وهو حذف الحرف، فيشمل: المبحث الأول- حذف أداة الاستفهام. المبحث الثاني- حذف حرف الجر (نزع الخافض). المبحث الثالث- حذف (إنْ) المصدرية. المبحث الرابع- حذف حرف النداء. المبحث الخامس: الترخيم. المبحث السادس- حذف (قد) الحرفية.

*والفصل الثالث (حذف الأسماء)، يشمل: المبحث الأول- حذف مرفوعات الأسماء. المبحث الثاني- حذف منصوبات الأسماء. المبحث الثالث- حذف مجرورات الأسماء.

*والفصل الرابع، ويشمل: المبحث الأول- حذف شبه الجملة (الجار والمجرور). المبحث الثاني- حذف الفعل وحده. المبحث الثالث- حذف الجملة. المبحث الرابع- حذف أكثر من جملة.

وفي ختام هذا البحث المتواضع (الحذف والتقدير في أقوال النبي في صحيح البخاري)، توصل الباحث إلى:

·       إن الحذف والتقدير في كلام العرب أخذ حيزاً كبيراً لذا تناوله النحاة واللغويون والبلاغيون وكل أدلى دلوه من هذا الموضوع. فما من حذف إلا وله تقدير.

·       إن الحديث النبوي يحتوي على مادة لغوية ثَرّة وهي ثروة لا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال لذا كان الواجب الوقوف على مفرداتها.

·       ومن خلال دراستنا في هذا البحث وقفنا على جوانب نحوية مهمة وذلك عند وقوفنا على مواضع الحذف في أقوال النبي ﷺ.

·       أكثر ما يكون الحذف في الحديث النبوي وخصوصاً أقوال النبي وما ينضوي تحت مسمى حذف الكلمة ثم يأتي بعده ما ينضوي تحت مسمى حذف شبه الجمل ومن ثم حذف الجمل.

·       يمكن التوصل إلى المحذوف وإيجاد التقدير المناسب له من خلال السياق.

·       لم تكن هذه الدراسة شاملة لكل مفردات الحذف إذ إن الدراسة اقتصرت على كتاب واحد هو صحيح البخاري، فلم تتوافر كل المفردات واقتصر بحثنا على ما كان متوافراً.

·       السنة النبوية وبالتحديد ألفاظ النبي كلام يسمو إلى الدرجات العلى، فينبغي على أهل اللغة أن يستشهدوا به وذلك إن النبي قد أوتي جوامع الكلم.

·       تركيب الجملة العربية مرتبط بالمعنى لذا لا يمكن الاقتصار على ما كان ظاهراً في الجملة إذا احتاج إلى تقدير.

وما تلك النتائج التي توصل إليها البحث إلاّ ثمرة رحلة البحث المضنية  الممزوجة بالمتعة العلمية، فعسى أن يكون الجهد الذي بذلته خدمةً لسنة النبي ومن ثم اللغة العربية، فإن وفقت لتلك الغاية فبعون الله، ثم بفضل أساتذتنا الكرام، وإلا فحسبنا شرف المحاولة والغاية، وحسن النية الخالصة وثواب التوجه للبحث بإخلاص وهمة، وما الكمال إلا لله وحده، فهو نعم المولى ونعم النصير، وله الحمد أولاً وآخراً على فضله ونعمه.

التوصيات:

1. ينبغي أن تؤخذ السنة النبوية بصورة عامة وألفاظ النبي بصورة خاصة بنظر الاعتبار في الدراسات النحوية واللغوية.

2. إن موضوع الحذف والتقدير موضوع واسع لذا يجب الإتيان بما يشمل الحديث النبوي جميعه حتى لا يفوت شيءٌ من جوانبه.

3. التركيز على الحديث النبوي ودراسته نحوياً وتقسيم هذه الدراسة إلى موضوعات كما هو الحال بالنسبة للقرآن الكريم واللغة العربية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply