خطوات لمعرفة نفسك وقدراتك وميولك


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

معرفة الآخرين ذكاء ومعرفة النفس حكمه”, لاوتسو الفيلسوف الصيني يلفت انتباه وعينا بهذه الكلمات إلى هذا الجانب الهام في الحياة, فحتى نصل لدرجة عالية من الرضا والسعادة والإنجاز المبدع ينبغي أن نتعمق في معرفة أنفسنا.

فأشد أنواع الجهل أن يجهل المرء ذاته إمكاناته أحلامه قدراته مهاراته , ذلك الجهل هو الطريق الأقصر نحو العيش في الأسفل والتعاسة المرة .

التعرف على القدرات والمواهب الشخصية رحلة طويلة تمتد من بداية تكون الوعي ولا تنتهي, ولكنها تتعمق وتزداد كلما أسهمنا في الغوص فيها.

خطأ فادح أن يعتقد المرء أنه بقراءته لمقال أو كتاب أو تأديته لاختبار تحليل الشخصية أو اكتشاف التخصص أنه سيصل إلى رؤية شاملة كافية, كلا إنها عملية تراكمية تحتاج الصبر والاستمرار , وفي كل مرة نكتشف جزءً مهماً في شخصيتنا يساعدنا على مزيد من النجاح.

الناس في سعيهم لاكتشاف شخصياتهم وميولهم العلمي والمهني مختلفون, فهنالك من يبدأ بالرحلة وهو في مرحلة مبكرة من طفولته -بمساعدة والديه و معلميه-.

وهنالك من يبدأ بها في السنة الأخيرة من الثانوية العامة, وهذا الصنف من الناس قد تكون فرصتهم أفضل ممن يبدأ بالبحث عن مكنون ذاته وهو في مرحلة الجامعة أو ما بعدها , لأن الثمن أحيانا قد يكون أكبر !

ومع ذلك فمن يحاول أفضل ممن يستمر في جهله, كما أن هنالك أشخاص لديهم القدرة الفطرية على معرفة ذواتهم ونقاط قوتهم.

البعض قد لا يجد مشكلة في اختيار مجال الحياة المناسب له, ولكن مع التقدم العلمي المعاصر أصبح هنالك في داخل كل تخصص تخصصات أعمق, ولهذا فالاستمرار في التعمق في فهم الرغبات والقدرات مسألة لا تنتهي.

– معرفة النفس لها عدة جوانب عامة:

نمط الشخصية .

نقاط القوة ونقاط الضعف .

التخصص العلمي  .

المجال المهني .

المواهب الفطرية.

إليك خطوات عملية مقترحة للتعرف على ذاتك :

1) استعن بالله : الدعاء وطلب العون من الله خطوة أساسية وهامة للغاية.

2) اكتب قائمة بالأشياء التي كنت تستمتع بها في طفولتك : غالباً هنالك هوايات كنت تستمتع بها ومهام كنت تتقنها, كتابتك لها وتذكرك إياها قد يفتح وعيك على مساحات أصبحت غائبة عنك .

3) قم بتأدية الاختبارات: هنالك العديد من الاختبارات التي ينبغي عليك تجربتها , من هذه الاختبارات ما يقيس نمط شخصيتك, فكل البشر يشتركون في عدد من معين الشخصيات, وكل شخصية لها سمات تميزها ونقاط قوة وضعف, وهنالك اختبارات تركز على اكتشاف القدرات الفطرية والمواهب , وأخرى متخصصة في الجوانب العلمية والتخصص التعليمي أو الأكاديمي, وأخرى متخصصة في استكشاف المجال المهني عبر محرك البحث Google  تجد عشرات الاختبارات الالكترونية لكل ما سبق باللغتين العربية والإنجليزية  , لا أجد من المناسب أن استعرضها هنا لعدة أسباب , ولكن يمكنك تجربتها ومقارنة نتائجها ببعض , ومتابعة الجديد منها , فهذه الاختبارات ليس بالضروري أن تكون دقيقة تماماً ولكنها تعتبر مؤشر مهم جداً يفيدك إلى جانب الخطوات الأخرى.

4) اقرأ: وتحديداً في الكتب التي تعنى بتحليل الشخصية واكتشاف القدرات الفطرية, وكذلك القراءة حول المجالات التي يمكنك الاهتمام والالتحاق بها , حيث أن وجود خلفية معرفية شيء أساسي في التعرف على الذات .

5) جرّب : في كثير من الأحيان حين نخوض بأنفسنا تجربة حياة معينة فإن ذلك قد يظهر لنا جوانب قوة أو ضعف في ذواتنا , التأمل في ذلك والوعي بها هام للغاية , كما أن تجربة الدخول في بعض مجالات الحياة العملية أو المهنية قد يجعلنا شغوفين بها .

ففي كتابه So Good They Can not Ignore You يلفت كال نيوبورت إلى أن الانسان قد لا يتمكن من معرفة شغفه, بل ان الشغف قد نكتشفه في طريقنا في الحياة ومن خلال إتقان ما نعمل .

6) اسأل وتعلم: حديثاً برزت في الوطن العربي العديد من المراكز الاستشارية والنفسية التي تقدم خدمات استشارية خاصة مع أشخاص متخصصين , ودورات تدريبية في مجال التعرف على نمط الشخصية وكذلك محاولة معرفة المجال العلمي والمهني المناسب , يمكنك الاستعانة بها.

بل حتى قد تجد ممن حولك من هو أعرف بنفسك منك ! و لديهم القدرة على اكتشاف قدراتك ومواهبك وعيوبك أيضاً  .

7) تأمل في حياة الآخرين : كثير ممن وصلوا إلى مرحلة متقدمة من معرفة ذواتهم وميولهم يرجعون سبب ذلك إلى تأملهم ومتابعتهم لحياة كثير من الأشخاص الناجحين من حولهم أو ممن لهم صيت في مجتمعهم , التأمل في مسارات نجاحهم قد يفتح لك أفق أوسع للتفكير.

8) أي من المواد الدراسية كنت تحب؟: معظم مسارات التميز في الحياة لها أساس في معظم المواد الدراسية التي تعلمتها , استحضارك لتلك المواد يساعدك في التعرف أكثر على نفسك .

9) اعتد على الصمت والتأمل : كثير من الأفكار الإبداعية المتعلقة بمعرفة ذواتنا وبالمسارات التي نسعى للتميز فيها تأتي بعد أن نطيل التفكير والتأمل لفترات طويلة , فقدرتنا على تحليل تجاربنا والتأمل في حياتنا وفيمن حولنا هام وأساسي لاكتشافات أعمق لأنفسنا.

للأسف الكثير يبدأ رحلته لاكتشاف شغفه والتعرف على نفسه وقدراته ومجاله في وقت متأخر من حياته, وقد يجد صعوبة في أن يتجه لما يحب, حيث قد يكتشف البعض ذاته في الوقت الذي يكون قد مضى واستقر في مجال أو وظيفة معينة, وقد يعتبر أن الاستمرار في التعرف على قدراته وشغفه قد ذهب أوانه

أقول لكل من يمثله هذا النموذج: ما دمتَ حياً فلديك فرصة لتعيش وفق قدراتك وتعيش شغفك  .

أعجبتني جملة كتبها ستيف أولشر في كتابه What Is Your What ?  حيث كتب:  ”المفتاح لتحرير روحك وتشجيعها على التحليق هو إدراكك للنواحي التي تتميز فيها في حياتك.

ويضيف : ” وظيفة أحلامك هي ما تحب القيام به , وما أنت بارع فيه , في ظل وجود من لديه استعداد أن يدفع لك مقابل له ” .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply