بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لعل من نافلة القول الحديث عن الفروق بين الشروح والحواشي، فهذا أمر لا يخفى على طلبة العلم،
فالشروح على اسمها توضح المتن المشروح بما يفهمه به قارئه، ومسالك الشراح في شروحهم متفاوتة، ولكل وجهة هو موليها.
أما الحواشي فالأصل فيها: التنبيه على المغلقات والمشكلات في المتن، فلا تتعرض لكل جملة فيه، ولا لكل مسألة، بل هي تعليق على المشكلات، أو استدراك على الإطلاقات، ونحو ذلك.
هذا الأصل إلا ما ندر، لئلا يحتج محتج بحاشية ابن قاسم رحمه الله على الروض المربع، فهي حاشية لكنها شبيهة بالشرح.
ومن نافلة القول أيضا: التنبيه على ألا ينصب اهتمام الطالب بالحواشي على حساب الأصول (وأقصد بالأصول: الكتب الأصلية في الفن المدروس) فلا ينبغي لطالب أن يقبل على حاشية ابن قايد على المنتهى مثلا وهو لم يعرف للروض المربع طريقا، فاقرأ الروض وكرره ثم التفت للحواشي، وقديما قيل (من حفظ المتون حاز الفنون، ومن قرأ الحواشي ما حوى شي) وهذه المقصود بها: النهي عن الإقبال على الحواشي على حساب الكتب الأصلية، فهي موجهة أصلا للمبتدئ، أما من أسس نفسه في الفن، فإن من المهم له مراجعة الحواشي، ولمثل هذا يقال (من ترك الحواشي ما حوى شي)
وسأقتصر في هذه الخاطرة على ذكر فائدة من فوائد الحواشي: وهي التنبيه على قيود المسائل التي لا تذكر غالبا في الباب وإنما تذكر في باب آخر.
وسأذكر مثالين، أحدهما من حاشية الخلوتي على الإقناع، والآخر من حاشيته على المنتهى.
-المثال الأول: يطلق الحنابلة رحمهم الله أن من شروط الوكالة أن يكون الموكِّل جائز التصرف، والمراد به: الحر المكلف الرشيد.
وقد ذكر الخلوتي أن هذا بناء على الغالب.
حيث لما ذكر الحجاوي في الإقناع في الوكالة أن الموكِّل لا بد أن يكون جائز التصرف قال الخلوتي (هذا بالنظر للغالب، وإلا فالمميز يصح أن يوكل في الطلاق مع أنه ليس بجائز التصرف) (حاشية الخلوتي على الإقناع ص٢٥٣)
-المثال الثاني: يذكر الحنابلة رحمهم الله في العارية: أنه يشترط في المعير أن يكون أهلا للتبرع ويطلقون ذلك لا يستثنون شيئا ومن أمثلة من لا يجوز تبرعه : ولي اليتيم فلا يجوز له الإعارة من مال اليتيم.
لكن قال الخلوتي في حاشية المنتهى: (ويستثنى من ذلك: مسألة تقدمت في الزكاة وهي: إعارة حلي اليتيم خوفا من أكل الصدقة لها فتدبر) (حاشية الخلوتي على المنتهى ٣٣٤/٣)
فنجد أن الاستثناء من القاعدة العامة يكون في مسألة خارج الباب محل الكلام، فتجد التنبيه على هذه الاستثناءات غالبا في الحواشي لا الشروح.
والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد