بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
العُزلة تُبعثِر، وتُثير أخيرَ ما فينا، وكثيرًا ما نخرج منها مختلفين! تختمرُ المعارف التي نتلقَّاها؛ في انتظار عُزلة تُعيد إنتاجها في ثوبٍ جديد.. أغوار مكة، وأثلاث رمضان الأخيرة، والهزيع الآخر من الليل كانت عُزلات إلهامٍ وتزوّدٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَن استروح العُزلة مرةً فلن يتأخر في ذوق عُسيلتها أُخرى!
أدواء روحيّة وشعثٌ ووعثاء تعلَقُ بالقلب، والتطهُّرُ منها يتطلب عملًا روحيًّا مكثفًا في مَعزِل.. الكَدَرُ الذي يُصيب العلائق الاجتماعية يَتخفف بعُزلة تُعين على رؤية أشياء لا يراها إلا مَن دخل فيها ثم خرج منها.. العُزلة تُثير أكثر الأسئلة التي يحتاجها المرء في سيرهِ الحياتيّ ثم تأخذ بعزيمتهِ ليختار طريق الإجابات الصحيحة.
العُزلة التي يُهرَبُ إليها من التكاليف ضعفًا أو خوفًا تُسمَّى: العُزلة السلبية، ويُقابلها العُزلة الإيجابية، وهي التي يختارها المرء بين مراحلهِ الحياتيّة ليرجع أكثر نشاطًا وعطاءً، وهي التي تُتيح مساحة لينظر المرء في المواقف التي يتبنَّاها أهو مُقتنعٌ بها أم لأنَّ العقل الجَمعي دفعهُ إليها ولم يترك لهُ فرصة لينظر في مآلاتها بموضوعية!
لا يوجد قالَب واحد للعُزلة النافعة، والذين يختارونها في مواسم التألّه يتحدثون عن عوائد أبقى وأنفع، فأوقاتٌ كالسَحَر، عصر الجُمعة، اعتكافٌ في العَشر الأخيرة من رمضان، موسم الحج؛ حين تجتمع مع العُزلة فإن في معاطفها خيرًا كثيرًا.
يرى الفيلسوف الأندلسي ابن باجة في (تدبير المتوحد): "أن الفرد لكي يعيش كما ينبغي أن يعيش الإنسان على نور العقل وهُداه عليه أن يعتزل المجتمع في بعض الأحايين !" .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد