بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السجودُ مِعراجٌ إلهيّ مؤدٍ إلى سكينة الروح وفردوسها الأرضيّ، وهو قُربٌ مِنهُ وقُربٌ إليه: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب)، قال الطِيبي: “ولا يزال العبدُ يترقَّى بالمداومة على السجود درجة فدرجة؛ حتى يفوز بالقدح المُعلَّى مِن القُرب من الله سُبحانه وتعالى!".
السجود يُرمِّم تآكل الروح ويِلملم شعثها، والارتباك القلبي يُبَدّدهُ السجود الليلي اعترافًا ورجاءً وتضرعًا وابتهالًا: “وكما يعلو القلبَ السوادُ نكتة بعد نكتة= فإنه يزول عنه سجدة بعد سجدة، ولربما تجده وهو قاسٍ مظلم، ثم لا يلبث أن يلين ويعلوه نور الله!”
يرفعُ الساجدُ مِن سجدتهِ وهو يتحسس روحًا غير التي سجدَ بها، يتخفف من العوالق والكَدَرِ والوعثاء، يلمسُ طُمأنينة ورضًا وأمنًا تجاه تصاريف القضاء وأمر السماء!
يهوي الساجدُ إلى موضوع سجودهِ مُحمَّلًا بأسئلةٍ ومسائل، وما هي إلا هُنيهة حتى يشعر بالطمأنينة تُرَبِّتُ على كتفهِ المُرهق: (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان).
في السجود استمداد لمادة قوة الرُوح لمقاومة الزَيغ والمَيل، وكلما طالَ السجود كان ذلك أعون للقلب في مشهد القيام، وأقوى للنفس في مقاومة الأحزان: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ).
السجود مفتاح تحقق المطالب مهما بدا استحكام إغلاقها، وهو مقدمة حلول رحمة الله التي متى فُتِحت فلا أمداء لها ولا إمساك: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا).
السجود عزيزٌ على الله، فكان أمارة خضوع العالمين له: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)، (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ).
قال شمس الدين الزرعيّ رحمه الله: “..في الصلاة مناجاة مَن لا تقر العيون ولا تطمئنُّ القلوب ولا تسكنُّ النفوس إلا إليه، والتنعُّم بذكره، والتذلُّل والخضوع له والقرب منه سيما في حال السجود! وتلك الحال أقرب ما يكون العبد فيها من ربِّه!”
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد