يا أيها الناس اعبدوا ربكم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل وطاعته {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}البقرة (21) يقول السعدي – رحمه الله – في تفسيره " هذا أمرٌ عامٌ لكل الناس, بأمرٍ عامٍ وهو العبادةُ الجامعةُ لامتثالِ أوامرِ الله واجتنابِ نواهيه وتصديقِ خبرِه, فأمَرَهم تعالى بما خلَقهم له" قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} عباد الله: والعبادةُ كما عَرَّفها ابنُ تيمية – رحمه الله -: " اسمٌ جامعٌ لكل ما يُحبُّه اللهُ ويرضاهُ من الأقوال والأعمالِ الظاهرةِ والباطنة " فالصلاةُ والزكاةُ والصيامُ والحجُّ وصدقُ الحديثِ وأداءُ الأمانةِ وبِرُّ الوالدين وصلةُ الأرحامِ والوفاءُ بالعهدِ والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر وجهادُ الكفارِ والمنافقينَ، والإحسانُ للجار واليتيمِ والمسكينِ وابنِ السبيلِ ،والدعاءُ والذِّكْرُ وأمثالُ ذلك من العبادة ، وكذلك حُبُّ اللهِ ورسولِهِ وخشيةُ اللهِ والإنابةُ إليه وإخلاصُ الدينِ لهُ والصبرُ لِحُكْمِهِ والشُّكرُ لِنِعمِه. والرِّضا بقضائه والتوكلُ عليه والرجاءُ لرحمته والخوفُ من عذابه وأمثالُ ذلك من العبادة، بَلْ إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يجعلُ الأعمالَ الدُّنيويةَ التي يقومُ بها الإنسانُ لمعيشته والسَّعيِ على نفسه وأهلِه من أبواب العبادةِ والقُرُباتِ إلى الله تعالى ’ إذا كان العملُ مشروعا في نظر الإسلام، وصَحبتْه النيَّةُ الصالحة، وأدَّاهُ صاحبُهُ بإتقانٍ وإحسان ، وابْتَعدَ فيه عن الظُّلم والخيانةِ والغِشِّ والاعتداء، ولم يَشْغلْهُ عن واجباته الدِّينية، ففي فضل الزَّرعِ والغَرْس والحَضِّ على عِمارةِ الأرضِ وما في ذلك من مثوبة عند الله يقول صلى الله عليه وسلم: "ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ. " صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 2320 |.  وفي الكسب والإنفاقِ على النفس والأهل يقول صلى الله عليه وسلم: (ما كسَبَ الرُّجُلُ كسْبًا أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَمَا أنَفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ، وأهْلِهِ، ووَلَدِهِ، وخادِمِهِ، فهو صدقة) بل إنَّ العبادةَ تَشْمَلُ الحاجاتِ الضروريةَ التي يُؤديها المسلمُ استجابةً لدافع الغريزةِ البشرية ، فالأكلُ والشُّربُ ومباشرةُ الزوجِ لزوجته وما كان من هذا القبيل يُدخِلُهُ الإسلامُ في دائرة العبادةِ الفسيحة بشرطٍ واحدٍ هو النيةُّ الصالحة، وأوضحُ شاهدٍ على ذلك ما قالَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "وفي بُضْعِ أَحَدِكُم صدقةٌ ، قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ قالوا: نعم ، قال : كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر !! " صحيح مسلم

الصفحة أو الرقم: 1006 |   أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الأنعام (162)

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم إنه تعالى جواد كريم ملك بر رؤوف رحيم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي يتولى الصالحين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ربُّ العلمين، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، إمامُ المتقين ، وخاتمُ النبيين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، ولْنَعلمْ أنَّ العبادةَ تشْمَلُ كيانَ الإنسانِ كُلِّه ؛فهناك -عباداتٌ اعتقادية، وهي أساسُ العباداتِ كلِّها، وهي أنْ يعتقدَ العبدُ أنَّ اللهَ هو الربُّ الواحدُ الأحدُ الذي له الخلْقُ والأمرُ وبيدِه النَّفْعُ والضُّرُّ، لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، -وعباداتٌ عمليةٌ قلبيةٌ كالخوف والرجاءِ والرغبةِ والرهبةِ والخشوعِ والخشيةِ ونحوِها، وعباداتٌ قَولية: كالنُّطقِ بكلمةِ التوحيدِ ، وكالاستعاذةِ بالله والاستعانةِ به ونحوِها، وعبادات بدنية: كالصلاةِ والصومِ والحجِّ، ونحوِها، وعباداتٌ ماليةٌ : كالزكاةِ وأنواعِ الصدقاتِ وكالنفقةِ والأُضْحيَّةِ ونحوها. وكلُّ هذه العبادات لا يجوزُ صرفُها إلا للهِ وحدَه لا شريكَ له. فاتقوا الله – عباد الله - وصلُّوا على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمدِ بنِ عبدِ الله، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ صاحبِ الوجهِ الأنور، والجَبين الأزهَر، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم -، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وكرمك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين. اللهم آمِنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا
                                                     وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply