من أقوال السلف في الدنيا


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الدنيا كما قال الإمام الغزالي رحمه الله: في صورة امرأة مليحة تستميل الناس بجمالها، ولها أسرار سوء، وقبائح تهلك الراغبين في وصالها، ثم هي فرارة عن طلابها، شحيحة بإقبالها، وإذا أقبلت لم يؤمن شرها ووبالها، إن أحسنت ساعة أساءت سنة، شأنها الهرب من طالبها، والطلب لهاربها، ومن خدمها فاتته، ومن أعرض عنها واتته، لا يخلو صفوها عن شوائب الكدورات، ولا ينفعك سرورها عن المنغصات، سلامتها تعقب السقم، وشبابها يسوق إلى الهرم، ونعيمها لا يثمر إلا الحسرة والندم، فهي خداعة مكارة، طيارة فرارة، لا تزال تتزين لطلابها حتى إذا صاروا من أحبابها، كشرت لهم عن أنيابها، فأذاقتهم قواتل سمامها، ورشقتهم بصوائب سهامها.

بينما أصحابها منها في سرور، وإنعام إذ ولت عنها كأنها أضغاث أحلام، ثم عكرت عليهم بدواهيها فطحنتهم طحن الحصيد، ووارتهم في أكفانهم تحت الصعيد.

للسلف أقوال في الدنيا، يسّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، نسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

** مرَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على مزبلة، فاحتبس عندها، فكأنه شق على أصحابه وتأذوا بها، فقال لهم: هذه دنياكم التي تحرصون عليها.

** قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا إن الدنيا قد ولت مدبرة، والآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل.

 

** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:

- من أراد الدنيا أضرّ بالآخرة، ومن أراد الآخرة أضرّ بالدنيا.

- الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له.

- والله الذي لا إله غيره، ما يضر عبدًا يصبح على الإسلام ويمسي عليه ما أصابه من الدنيا.

- وقال رضي الله عنه لأصحابه: أنتم أكثر صيامًا، وأكثر صلاةً، وأكثر اجتهادًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرًا منكم. قالوا: ولِمَ يا أبا عبدالرحمن؟ قال: كانوا أزهد في الدنيا، وأرغب في الآخرة.

 

** عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، لما أن حضره الموت، قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار، ولا لغرس الشجر، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.

** قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما ينتظر من الدنيا إلا كل محزن، أو فتنة تنتظر

** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: اعلموا أن قليلًا يغنيكم خير من كثير يلهيكم.

 

** قال عمرو بن العاص رضي الله عنه:

- إياكم وما شغل من الدنيا، فإن الدنيا كثرة الأشغال، لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب.

- ابن آدم يستقل ماله، ولا يستقل عمله، يفرح بمصيبته في دينه، ويجزع من مصيبته في دنياه.

 

** قال ابن عمر: يا ابن آدم صاحب الدنيا ببدنك، وفارقها بقلبك وهمك.

 ** قال لقمان لابنه: يا بني، إن الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيه ناس كثير، فلتكن سفينتك فيه تقوى الله عز وجل، وحشوها الإيمان بالله تعالى، وشراعها التوكل على الله عز وجل، لعلك تنجو، وما أراك ناجيًا.

** قال وهب بن منبه اليماني: إن كان يغنيك ما يكفيك فأوهى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يكفيك.

** قال محمد بن كعب القرظي: الدنيا...أشقى الناس بها أرغب الناس فيها، وأزهد الناس فيها أسعد الناس بها.

** قال عمر بن عبدالعزيز ما تركت شيئًا لله من الدنيا إلا عوضني الله ما هو خير منه

 

** قال الحسن البصري:

- من آثر دنياه على آخرته، فلا دنيا له ولا آخره.

-أدركت أقوامًا لا يفرحون بشيء من الدنيا أتوه، ولا يأسون على شيء منها فاتهم.

- إذا رأيت الرجل ينافس في الدنيا، فنافسه في الآخرة.

-إذا رأيت الناس يتنافسون في الدنيا، فنافسهم في الآخرة، فإنها تذهب دنياهم وتبقى الآخرة.

-من أبصر الدنيا زهد فيها.

-بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعًا، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعًا.

-رحم الله أقوامًا كانت الدنيا عندهم وديعة، فأدوها إلى من ائتمنها عليها، ثم راحوا خفافًا.

- من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.

 

** قال إبراهيم بن أدهم: حب الدنيا يصم ويعمي ويذل الرقاب.

** قال أبو سليمان الدارني:

-إذا سكنت الدنيا القلب ترحلت منه الآخرة

- وما أحب الدنيا لغرس الأشجار ولا لكري الأنهار، وإنما أحبها لصيام الهواجر وقيام الليل

 

** قال سلمة بن دينار:

- من عرف الدنيا لم يفرح فيها برخاء، ولم يحزن على بلوى.

- نعمة الله فيما زوى عني من الدنيا أعظم من نعمته عليَّ فيما أعطاني منها، إني رأيته أعطاها قومًا فهلكوا.

 

** قال ابن المبارك:

- حب الدنيا في القلب والذنوب احتوشته، فمتى يصل الخير إليه؟

- زيادة آخرتكم لا تكون إلا بنقصان دنياكم، وزيادة دنياكم لا تكون إلا بنقص آخرتكم.

 

** قال سفيان الثوري:

- سميت الدنيا لأنها دنِيّة.

- طلب الدنيا غاية لا تدرك.

- من أحب الدنيا وسُرّ بها، نُزِعَ خوف الآخرة من قلبه.

- اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها، واعمل للآخرة بقدر بقائك فيها

- الزهد في الدنيا قصر الأمل....وإذا زهد العبد في الدنيا أنبت الله الحكمة في قلبه، وأطلق بها لسانه، وبصّره عيوب الدنيا وداءها ودواءها.

** قال أبو حازم: وما الدنيا! أما ما مضى فحلم، وأمّا ما بقى فأماني.

 

** قال الفضيل بن عياض:

- اللهم زهدنا في الدنيا فإنه صلاح قلوبنا وأعمالنا، وجميع طلباتنا، ونجاح حاجاتنا.

- لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى، لكان ينبغي لنا أن نختار خزفًا يبقى على ذهب يفنى.

 

** قال سعيد بن مسعود: إذا رأيت العبد تزداد دنياه، وتنقص آخرته، وهو به راض، فذلك المغبون الذي يلعب بوجهه، وهو لا يشعر.

 

** قال مالك بن دينار:

-اصطلحنا على حب الدنيا، فلا يأمر بعضنا بعضًا، ولا ينهى بعضنا بعضا، ولا يدعنا الله على هذا، فليت شعري أي عذاب الله ينزل علينا؟

- بقدر ما تحزن للدنيا، يخرج همّ الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج همّ الدنيا من قلبك.

- الدنيا والآخرة ضرتان، فبقدر ما ترضى إحداهما تسخط الأخرى.

 

** قيل لحكيم: الدنيا لمن هي؟

قال: لمن تركها

فقيل: الآخرة لمن هي؟ قال: لمن طلبها

 

** قال محمد بن الحنيفة:

- من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا.

-من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر.

 

** قال الحسين بن منصور بن جعفر بن عبدالله بن رزين: رُبَّ معتزل للدنيا ببدنه، مخالطها بقلبه، ورُبَّ مخالط للدنيا ببدنه، مفارقها بقلبه وهو أكيسهما.

 

** قال محمد بن واسع:

-ما بقي في الدنيا شيء ألذه إلا الصلاة في الجماعة، ولقاء الإخوان.

- وقال له رجل: أوصني، قال: أوصيك أن تكون ملكًا في الدنيا والآخرة، قال: كيف هذا؟ قال: ازهد في الدنيا.

 

** قال عبدالله الداري: الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، وإن الرغبة في الدنيا تكثر الهم والحزن.

 

** قال وهيب بن الورد:

- الزهد في الدنيا أن لا تأسى على ما فاتك منها، ولا تفرح بما أتاك منها.

- لو أن المؤمن لا يبغض الدنيا إلا أن الله يعصى فيها لكان حقًا عليه أن يبغضها.

 

** قال أبو الربيع السائح: سكر الدنيا ليس له إفاقة.

** قال محمد الفضل بن عباس: الدنيا بطنك فبقدر زهدك في بطنك زهدك في الدنيا

** قال محمد بن عبدالوهاب الثقفي: أفٍّ من أشغال الدنيا إذا أقبلت، وأفٍّ من حسراتها إذا أدبرت، العاقل لا يركن إلى شيء إن أقبل كان شغلًا، وإن أدبر كان حسرة.

** قال مطرف بن عبدالله بن الشخير:

-إن أقبح ما طلبت به الدنيا عمل الآخرة.

- لا تنظر إلى خفض عيش الملوك، ولين رياشهم، ولكن انظر إلى سرعة ظغنهم، وسوء منقلبهم.

 

** قال أحمد أبي الحواري: من عرف الدنيا زهد فيها، ومن عرف الآخرة رغب فيها

** قال يحيى بن معاذ:

-لا تأخذ من الدنيا ما يمنعك من الآخرة.

- من حرص على الدنيا فإنه لا يأكل فوق ما كتب الله له، ويدخل عليه من العيوب ثلاث خصال:

أولها: أن تراه أبدًا غير شاكر لعطية الله له.

والثاني: لا يواسي مما قد أعطى من الدنيا.

والثالث: يشتغل ويتعب في طلب ما لم يرزقه الله حتى يفوت عمل الدين.

 

** قال الإمام ابن قتيبة: قالت امرأة لبعلها ورأته مهمومًا: ممَّ همّك؟ أبالدنيا فقد فرغ الله منها، أم بالآخرة فزادك الله همًا.

** قال أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم، ابن المنير الجذامي: من كانت الدنيا أكبر همه لم يزل مهمومًا، ومن كان زهرتها نصب عينه لم يزل مهزومًا.

 

** قال الإمام ابن حبان:

-الواجب على العاقل ألَّا يغتر بالدنيا وزهرتها وحسنها وبهجتها، فيشتغل بها عن الآخرة الباقية والنعم الدائمة، بل ينزلها حيث أنزلها الله؛ لأن عاقبتها لا محالة تصير إلى فناء، يخرب عمرانها، ويموت سكانها، وتذهب بهجتها، وتبيد خضرتها، فلا يبقى رئيس متكبر مؤمر، ولا فقير مسكين محتقر إلا ويجري عليهم كأس المنايا، ثم يصيرون إلى التراب، فالعاقل لا يركن إلى هذا نعتها، ولا يطمئن إلى دنيا هذه صفتها، وقد ادَّخر له ما لا عين رأت، ولا أذن سمِعت، ولا خطر على قلب بشر، فيضن بترك هذا القليل، ويرضى بفوت ذلك الكثير.

-الواجب على العاقل ألا يكون بالمفرط في الحرص على الدنيا، فيكون مذمومًا في الدارين؛ بل يكون قصده لإقامة فرائض الله، ويكون لبغيته نهاية يرجع إليها؛ لأن من لم يكن لقصده منها نهاية آذى نفسه، وأتعب بدنه، فمن كان بهذا النعت، فهو من الحرص الذي يحمد.

 

** قال الحافظ ابن الجوزي: من تلمح أحوال الدنيا علم أن مراد الحق سبحانه اجتنابها، فمن مال إلى مباحها ليلتذ وجد مع فرحة ترحة، وإلى جانب كل راحة تعبًا. وما رفع شيء من الدنيا إلا وضع...فيعلم العاقل أن مراد الحق بهذا التكدير التنفير من الدنيا، فيبقى أخذ البلغة منها ضرورة، وترك الشواغل، فيجتمع الهم في خدمة الحق ومن عدل عن ذلك ندم

 

** قال الإمام القرطبي: قالت الحكماء: إنما شبه تعالى الدنيا بالماء، لأن الماء لا يستقر في موضع، كذلك الدنيا لا تبقى على حال واحد، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة كذلك الدنيا، ولأن الماء لا يبقى، ويذهب كذلك الدنيا تفنى، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل، كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعًا منبتًا، وإذا جاوز المقدار كان ضارًا مهلكًا، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع، وفضولها يضرّ.

 

** قال العلامة ابن القيم:

-(الدنيا سجن المؤمن) فيه تفسيران صحيحان: أحدهما: أن المؤمن قيَّده إيمانه عن المحظورات، والكافر مطلقُ التصرف. الثاني: أن ذلك باعتبار العواقب، فالمؤمن لو كان أنعم الناس، فذلك بالإضافة إلى مآله في الجنة كالسجن، والكافرُ عكسُه، فإنه لو كان أشدَّ الناس بوسًا فذلك بالنسبة إلى النار جنته.

- من عشق الدنيا نظرت إلى قدرها عنده، فصيَّرته من خَدَمها وعبيدها وأذلَّته، ومن أعرض عنها نظرت إلى كبر قدره، فخدمته وذلَّت له.

- لا تدخل محبة الله في قلب فيه حبُّ الدنيا إلا كما يدخل الجملُ في سمِّ الإبرة.

 - كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها، فلا بد أن يقول على الله غير الحق، في فتواه وحكمه، في خبره وإلزامه، لأن أحكام الربِّ سبحانه كثيرًا ما تأتي على خلاف أغراض الناس

- كل خارج من الدنيا: إما تخلص من الحبس، وإما ذاهب إلى الحبس.

- أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقتٍ بما هو...أنفع لها في معادها

- مثلت الدنيا بمنام، والعيش فيها بالحلم، والموت باليقظة.

ومثلت بمزرعة، والعمل فيها البذر، والحصاد يوم المعاد.

ومُثلت: بحية ناعمة الملمس، حسنة اللون، وضربتها الموت.

ومُثلت: بطعام مسموم، لذيذ الطعم، طيب الرائحة، من تناول منه قدر حاجته كان فيه شفاؤه، ومن زاد على حاجته كان فيه حتفه.

ومثلت بامرأة من أقبح النساء قد انتقبت على عينين فتنت بهما الناس وهي تدعو الناس إلى منزلها فإذا أجابوها كشفت لهم عن منظرها وذبحتهم بسكاكينها، وألقتهم في الحفر، وقد سلطت على عشاقها تفعل بهم ذلك قديمًا وحديثًا، والعجب أن عشاقها يرون إخوانهم صرعى قد حلت بهم الآفات، وهم يتنازعون في مصارعهم، ﴿وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم:45]  ويكفى في تمثيلها ما مثلها الله في كتابه فهو المثل المطبق عليها.

-لو كشفت لك الدنيا ما تحت نقابها لرأيت المعشوقة عجوزًا، وما ترضى إلا بقتل عشاقها، وكم تدللت عليهم بالنشوز.

-الناس في الدنيا معذبون على قدر هممهم بها.

- من لاح له كمال الآخرة هان عليه فراق الدنيا.

- دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها.

- سرور الدنيا أحلامُ نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلًا، أبكت كثيرًا، وإن سرت يومًا ساءت دهرًا، وإن متعت قليلًا منعت كثيرًا، وما ملأت دارًا خيرةً إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور.

-مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة، قلبها الله سبحانه كذلك، وحلاوة الدنيا بعينها مرارة الآخرة، ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك.

 

** قال ابن بطال:

- هوان الدنيا على الله والتنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة، وأن كل شيء هان على الله فهو محل الضعة، فحقّ على كل ذي عقل أن يزهد فيه، ويقتل منافسه في طلبه.

- زهرة الدنيا ينبغي لمن فُتحت عليه أن يحذر من سوء عاقبتها، وشر فتنتها، فلا يطمئن إلى زخرفها، ولا ينافس غيره فيها.

 

** قال ابن حجر:

-من آثر دنياه أضر بأمر آخرته، ولم تحصل له دنياه.

-كل لذة أو شهوة قضاها المرء في الدنيا فهو استعجال له من نعيم الآخرة، وأنه لو ترك ذلك لادخر له في الآخرة.

 

** قال العلامة السعدي:

- حقيقة الدنيا: فإنها لعب ولهو، لعب في الأبدان، ولهو في القلوب، فالقلوب لها والهة، والنفوس لها عاشقة، والهموم فيها متعلقة، والاشتغال بها كلعب الصبيان.

- ما مقدار عمر الإنسان القصير جدًا من الدنيا، حتى يجعله الغاية، التي لا غاية وراءها، فيجعل سعيه وكده، وهمه، وإرادته، لا يتعدى الحياة الدنيا القصيرة المملوءة بالأكدار، المشحونة بالأخطار.

- فوالله ما آثر الدنيا على الآخرة، ومن وقرّ الإيمان في قلبه، ولا من جزل رأيه، ولا من عُدّ من أولى الألباب.

-العبد ينبغي له أن يدعو نفسه ويشوقها لثواب الله، ولا يدعها تحزن إذا رأت زينة أهل الدنيا ولذاتها، وهي غير قادرة عليها، بل يسليها بثواب الله الأخروي وفضله العظيم لقوله تعالى: ﴿وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [سورة يوسف]

- الغالب أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه، الذين ليس في الآخرة نصيب.

- الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها ستذهب عن أهلها، ويذهبون عنها، وسيرث الأرض ومن عليها ويرجعهم إليه، فيجازيهم بما عملوا فيها، وما خسروا فيها أو ربحوا فمن عمل خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ نفسه.

- من آثر الدنيا على الدين، فقد خسر الخسارة الحقيقة، من حيث يظن أنه يربح

- من عرف الدنيا وحقيقتها جعلها معبرًا، ولم يجعلها مستقرًا، فنافس فيما يقربه إلى الله، واتخذ الوسائل التي توصله إلى دار كرامته، وإذا رأى من يكاثره وينافسه في الأموال والأولاد، نافسه بالأعمال الصالحة.

- العبد إذا رأى من نفسه طموحًا إلى زينة الدنيا وإقبالًا عليها، أن يذكر ما أمامها من رزق ربه، وأن يوازن بين هذا وهذا.

 

** قال العلامة العثيمين: أحيانًا يكون المتيم بها المحب من أقل الناس حظًّا فيها، تجده لا ينام الليل من طلب الحياة الدنيا، دائمًا شاغل في فكره وعقله وقوله وفعله، ولا يستريح ومع ذلك هو أقل الناس حظًّا منها، وهذا شيء مجرب، وهذا هو العجب كيف تجعل أكبر همك، ومبلغ علمك هذه الحياة الدنيا التي أنت فيها من أشقى عباد الله؟

 

** قال الشيخ عبدالله بن عبدالغني خياط: المتعة العابرة كالزهرة الذاوية من حيث إن المرء لا يسعد بطول أمدها، ولا بقضاء أربه منها، إنها كالزهرة سرعان ما تذوي بعد أن كانت الأنظار إليها متطلعة، والنفوس بروعة نضرتها مشتعلة، وهكذا كل مُتع الدنيا لا تلبث أن تزول، وتذوي مهما امتد أمدُها، أو جانبتها محن الزمان، وصروف الليالي، وهنا يستعيد صاحب اللمحات بيت الشعر الذي كان قد استشهد به في إحدى لمحاته:

كل شيء مصـــــيره للزوال        غير ربي وصالح الأعمال

 

** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري:

-ليعلم أن من أهم أسباب افتراق الناس هو قصد الدنيا، فعندما يقصدون الدنيا يحصل بينهم الاختلاف والتنازع، إذ يدخل الاختلاف لأن كل واحد يظن أن حصول غيره على الدنيا يعنى نقص دنياه، ولذلك فعند وجود الاختلاف بسبب الدنيا فإنه حينئذ لا يُشرع للمسلم أن يدخل معهم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply