علاقة الإيمان القلبي بالسلوك العملي والممارسات


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

في إشارة ذكية من أبي حيان التوحيدي إلى العلاقة بين التَّحلُّل من الالتزامات الأخلاقيَّة وبين الإيمان والتدين، عندما تحدَّث عن أبي إسحاق النصيبي، الذي كان من المعتزلة فشك في الدين وطعن في النبوات، وقام بشكيك شخصٍ آخر وقع ضحية له!

حيث ذكر أبو حيان التوحيدي أن أبا إسحاق النصيبي كان "دقيق الكلام"، وكان "يشك في النبوات كلها". ويقول أبو حيان التوحيدي عنه: "وقد سمعتُ منه فيها شبهًا، ولغته معقَّدة، وله أدب واسع".

هذا الشخص الأديب المتشكك في نفسه والمشكك لغيره، كان يطرح الشبهات حول الإيمان لمن يقابله، وقد وقع له ضحايا، ومنهم كما يقول التوحيدي: "ولقد أضل بهمذان…ابن المرزبان"، ثم "حمله على قلّة الاكتراث" وعدم المبالاة بظلم الناس وأخذ حقوقهم، "وأراه أنه لا حرج عليه في غبنهم؛ لأنهم بهائم".

وهكذا، فبعد أن نجح في إضلاله وتشكيكه في الدين وفي الإيمان، زين له وفق ذلك إطلاق يده في السلوك القبيح، فالوازع الإيماني والرادع القلبي قد زال وهدم بالشكوك والشبهات، فلم يعد هناك ما يحول بينه وبين ظلم الآخرين وأذيتهم وأخذ ما لهم، فعمل اليد يشرعه الاعتقاد القلبي أو يمنعه.

ولا شك، فإن الترابط بين الإيمان الذي محله القلب وبين السلوك العملي في غاية القوة والمتانة، فضعف الأول يؤدي إلى ضعف الثاني، والعكس صحيح. والإيمان القلبي قد يضعف ويمرض، وقد لا يظهر ذلك الضعف والمرض على صورة وهيئة ومظهر الإنسان الخارجي، لكنه يظهر بصورة أكثر وضوحًا في ممارسته وعمله.

وكان الفيلسوف الإنجليزي جون لوك يؤكد على أهميَّة عدم الثقة في فاقد الإيمان، والسبب أن "من لا يؤمن بشيء لا يمكن أن يكون محل الثقة، والتزامه في أي جماعة محكوم عليه بالفشل". ويؤكد جون لوك أنه: "لا يجوز بأي حال من الأحوال التسامح مع من ينكرون وجود الله". والسبب أنه لا يرعى حرمة أي روابط ومواثيق!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply