من أقوال السلف في حفظ اللسان


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

من نعم الله عز وجل التي لا تعد ولا تحصى: نعمة اللسان قال الإمام الغزالي رحمه الله: اللسان من النعم العظيمة صغير جرمه عظيم طاعته وجرمه رحب الميدان ليس له مردًا ولا لمجاله منتهى وحدًّا له في الخير مجالًا وله في الشر ذيل سحبًا فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هارًا إلى أن يضطره إلى البوارًا ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله  وآجله.

فطوبى لعبد حفظ لسانه عن ما يلهي قلبه ويصده عن ما ينفعه قال العلامة السعدي رحمه الله: " لهو الحديث " أي: الأحاديث الملهية للقوب الصادّة لها عن أجلِّ مطلوب فدخل في هذا كل كلام محرم وكل لغو وباطل وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ومن غيبةً ونميمةً وكذبًا وشتمًا وسبًا ومن غناءً ومزامير شيطانًا ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.

للسلف أقوال في حفظ اللسان يسّر الله فجمعت بعضاً منها أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

** عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: رأيت أبا بكر الصديق رحمه الله آخذ بطرف لسانه فقال: هذا أوردني الموارد.

** قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثُر كلامه كثُر سقطه.

** قال أبو هريرة رضي الله عنه: لا خير في فضول الكلام.

** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:

-البلاء موكل بالقول.

-والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أحوج من طول سجن من لسان.

-أنذركم فضول كلامكم حسب امرئ من الكلام ما بلغ به حاجته

-قال لابنه: يا بني...اخزن لسانك.

-جاء إليه رجل فقال له: أوصني يا أبا عبدالرحمن فقال له: ليسعك بيتك واكفف لسانك وابكِ على ذكر خطيئتك.

** قال أبو الدرداء رضي الله عنه: أنصف أذنيك من فيك فإنما جعل لك أذنان اثنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تقول.

** قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: عليك بالصمت إلا في الحق فإنك تغلب الشيطان.

** كان عمار بن ياسر رضي الله عنهًا قليل الكلام طويل السكوت وكان عامة كلامه: عائذ بالرحمن من فتنة عائذ بالرحمن من فتنة.  

** قال سلمان رضي الله عنه: أكثر الناس ذنوباً يوم القيامة أكثرهم كلاماً في معصية الله.

** قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تكلم فيما لا يعينك فإنه فضل ولا آمن عليك فيه الوزر

** عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أحق ما طهر المسلم لسانه.

** قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: كان يقال: دع ما لست منه في شيءً ولا تنطق فيما لا يعنيك واخزن لسانك كما تخزن ورقك.

** قال كعب الأحبار: قلة النطق حكمةً فعليكم بالصمت فإنه رعة حسنةً وقلة وزرًا وخفة من الذنوب.

** قال رجل لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه أوصني يا أبا سعيد قال: عليك بالصمت إلا في حق فإنك تغلب الشيطان.

** قال جعفر الصادق: لا شيء أحسن من الصمت.

** قال مورق العجلي: أمر أنا في طلبه منذ عشرين سنة لم أقدر عليه ولست بتارك طلبه قالوا: وما هو ؟ قال: السكوت عما لا يعنيني.

** قال عبدالله بن أبي زكريا: ما عالجت من العبادة شيئاً أشد من السكوت....وكان لا يكاد يتكلم إلا أن سأل.

**  كان عطاء بن أبي رباح يطيل الصمت.

** قال رجل لأيوب السختياني: أوصني قال: أقلَّ الكلام.

** قال الأوزاعي: من عرف أن منطقه من عمله قل كلامه.

** قال شفي بن ماتع: من كثر كلامه كثرت خطاياه.

** قال الفضيل بن عياض: لا حج ولا جهاد أشدّ من حبس اللسان.

** قال أبو بكر بن عياش: أدنى نفع السكوت السلامة وكفى بها عافية.

** قال القاسم بن عثمان الجوعي: الحصن الحصين ضبط اللسان.

** بدر بن المنذر قال أحمد بن حنبل: من مثل بدر ؟ ملك لسانه.

** قال سفيان الثوري: كان يقال: الصمت زين العالم وستر الجاهل.

** قال لقمان:

-يا بني: كن أخرس عاقلاً ولا تكن نطوقاً جهولاً.

-يا بني: لو أن الكلام من فضةً فإن السكوت من ذهب.

-يا بني: قد ندمت على الكلام ولم أندم على الصمت.

-قيل له: ما حكمتك ؟ قال: لا أسأل عما كفيت ولا أتكلف ما لا يعنيني.

** قال وهب بن منبه: أكثر الصمت إلا أن تسأل عن شيء...إن العبد ليصمت فيجتمع له لبه.

** قال إبراهيم بن أدهم: ينبغي للعبد أن يصمت أو يتكلم بما ينتفع به أو ينفع به من موعظةً أو تنبيهًا أو تخويفًا أو تحذير.

** قال بشر بن الحارث الحافي: لا يكون المتكلم أورع من الصامت إلا رجل عالم يتكلم في موضعهً ويسكت في موضعه

** قال سلمة بن دينار: ينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظاً للسانه منه لموضع قدميه

** قال وهيب بن الورد:

-من عدّ كلامه من عمله قلَّ كلامه.

-قال حكيم: الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت وواحدة في العزلة.

** قال الفضيل بن عياض: احفظ لسانك وأقبل على شأنك واعرف زمانك وأخفِ مكانك.

** قال ابن سيرين: كان رجل من الأنصار يمر بمجلس لهمًا فيقول: توضئوا فإن بعض ما تقولون شر من الحدث.

** قال الإمام مالك:

-فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع.

وكان يعيب كثرة الكلام ويقول: لا يوجد إلا في النساء أو الضعفاء.

** قال زبيد اليامي: أسكتتني كلمة ابن مسعود عشرين سنة: من كان كلامه لا يوافق فعله فإنما يوبخ نفسه.

** قال أكثم بن صيفي: مقتل الرجل من فكية.

** قال الأحنف: حتف الرجل مخبوء تحت لسانه.

** قال عبدالله بن عون: إن الرجل يكون مظلوماً فلا يزال يقول حتى يكون ظالِمًا.

** قال الجوعي: الصمت: الحصن الحصين.

** قال معروف الكرخي: كلام الإنسان فيما لا يعينه خذلان من الله.

** عن عطاء قال: كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه أو أمراً بمعروفًا أو نهياً عن منكرًا أو أن تنطق في معيشتك بما لا بد لك منه.

** قال بعض قضاة عمر بن عبدالعزيز وقد عزله لِمَ عزلتني ؟ فقال: بلغني أن كلامك مع الخصمين أكثر من كلام الخصمين.

** قال محمد بن عجلان: إنما الكلام أربعة: أن تذكر الله أو تقرأ القرآن أو تُسأل عن علم فتُخبر به أو تتكلم فيما يعينك من أمر ديناك.

** تكلم ربيعة يوماً فأكثر الكلام وأعجبته نفسه وإلى جنبه أعرابيًا فقال له: يا أعرابي ما تعُدون البلاغة ؟ قال: قلة الكلام قال: فما تعدون العيّ فيكم ؟ قال: ما كنت فيه منذ اليوم.

** قال الحسن:

-ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت على قدمي حتى أنظر على طاعة أو معصيةً فإن كانت طاعة تقدمتً وإن كان معصيةً تأخرتُ.  

-ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بها ملكان كريمان يكتبان أعمالك فاعمل ما شئت وأكثر وأقلّ.

-من كثر كلامه كثر كذبه ومن كثر كذبه كثرت ذنوبه.

** قال إبراهيم التيمي: إذا أراد المؤمن أن يتكلم نظر فإن كان له تكلم وإلا أمسك والفاجر إنما لسانه رسلاً رسلا.

** قال عطاء بن رباح: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالىً وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمرا بمعروفًا أو نهياً عن منكرًا أو أن تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها

** قال طاوس: لساني سبع إن أرسلته أكلني.

** قال شبيب بن شيبة: من سمع كلمة يكرهها فسكت انقطع عنه ما يكرهه وإن أجاب سمع أكثر مما يكره.

** قال خالد بن صفوان لرجل كثير كلامه: إن البلاغة ليست بكثرة الكلام ولا بخفة اللسان ولا بكثرة الهذيان ولكنها إصابة المعنى والقصد إلى الحجة.  

** قال الإمام ابن قتيبة كان يقال: إذا فات الأدب فالزم الصمت.

** قال الإمام ابن حزم رحمه الله: كم شاهدنا ممن أهلكه كلامهًا ولم نر قطُّ أحد بلغنا أنه أهلكه سكوته فلا تتكلم إلا بما بقربك من خالقك فإن خفت ظالماً فاسكت.

** قال الإمام ابن حبان رحمه الله:

-الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلا أن يلزمه أن يتكلم فما أكثر مَنْ ندم إذا نطق! وأقل مَنْ يندم إذا سكت! وأطول الناس شقاء وأعظمهم بلاء: من ابتُلي بلسان مطلقًا وفؤاد مطبق!  ولسان العاقل يكون وراء قلبه فإذا أراد القول رجع إلى القلب فإن كان له قال وإلا فلا.

-العاقل لا يبتدئ الكلام إلا أن يسأل ولا يقول إلا لمن يقبل ولا يُجيب إذا شوتم ولا يجازي إذا أسمع؛ لأن الابتداء بالصمت وإن كان حسنًا فإن السكوت عند القبيح أحسن منه.

-الواجب على العاقل أن يروض نفسه على ترك ما أبيح له من النطق؛ لئلا يقع في المزجورات فيكون حتفه فيما يخرج منه.

** قال الإمام الماوردي رحمه الله:

-من سكت عما لا يعلم سلِمَ ومن تكلم بما علم غنم.

-قال بعض البلغاء: الزم الصمت فإنه يكسوك صفو المحبة ويؤمنك سوء المغبة ويُلبسكُ ثوب الوقار ويكفيك مؤنة الاعتذار.

-ليعلم أن الحاجة إلى الصمت أكثر من الحاجة إلى الكلام لأن الحاجة إلى الصمت عامة والحاجة إلى الكلام عارضة فلذلك وجب أن يكون صمتُ العاقل في الأحوال أكثر كلامه في كل حال.

-قلّ من كثر كلامه إلا كثر ندمه وقد قيل: من كثر كلامه كثرت آثامه ولا ينبغي أن يعجب بجيد كلامه ولا بصواب منطقه فإن الإعجاب به سبب الإكثار منه. وقد قيل: من أعجب بقوله أصيب بعقله.

** قال الإمام ابن عبدالبر:

-الكلام بالخير أفضل من السكوت والسكوت خير من الكلام بالباطل.

-قول الخير أفضل من الصمت لأن قول الخير غنيمة والسكوت سلامة والغنيمة أفضل من السلامة وكذلك قالوا: قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم.

-معنى قيل وقال – والله أعلم _ : الحديث بما لا معنى له ولا فائدة فيه من أحاديث الناس التي أكثرها غيبةً ولغطًا وكذبًا ومن أكثر من القيل والقال مع العامة لم يسلم من الخوض في الباطل ولا من الاغتياب ولا من الكذب.

-قبيح الكلام....سلاح اللئام.

** قال الإمام الغزالي رحمه الله:

-اعلم أن أحسن أحوالك أن تحفظ ألفاظك....ولا تتكلم بما أنت نستغن عنه ولا حاجة بك إليه فإنك مضيع به زمانك ومحاسب على عمل لسانك.

-حدّ الكلام فيما لا يعنيك أن تتكلم بكلام لو سكتّ عنه لم تأثم ولم تستضر به في حال ولا مال مثاله أن تجلس مع قوم فتذكر لهم أسفارك وما رأيت فيها من جبال وأنهار وما وقع لك من الوقائع وما تعجبت منه. فهذه أمور لو سكت عنها لم تأثم ولم تستضر. ومن جملتها: أن تسأل غيرك عما لا يعنيك فأنت بالسؤال مضيع وقتك وقد ألجأت صاحبك أيضاً بالجواب إلى التضييع.

-فضول الكلام...مذمومًا وهذا يتناول الخوض فيما لا يعني والزيادة فيما يعني على قدر الحاجة. فإن من يغنيه أمر يمكنه أن يذكره بكلام مختصرًا ومهما تأتى مقصوده بكلمة واحدة فذكر كلمتين فالثانية فضولًا أي: فضل عن الحاجة وهو أيضاً مذموم _ لما سبق _ وإن لم يكن فيه إثم ولا ضرر.

-الكلام في المعاصي كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق وتنعم الأغنياء وتجبر الملوك ومراسمهم المذمومة وأحوالهم المكروهة فإن كل ذلك بما لا يحل الخوض فيه وهو حرام.

-الفحش وبذاءة اللسان...مذموم منهي عنه ومصدره الخبث واللؤم فأما حده وحقيقته فهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة وأكثر ذلك يجري في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به فإن لأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها وأهل الصلاح يتحاشون عنها بل يكنون عنها. والباعث على الفحش إما قصد الإيذاء وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم.

** قال الحافظ ابن الجوزي: رب كلمة جرى بها اللسان هلك بها الإنسان.

** قال الإمام النووي رحمه الله:

-ينبغي لمن أراد النطق بكلمة أو كلام أن يتدبره في نفسه قبل نطقه فإن ظهرت مصلحة تكلم وإلا فأمسك.

-الكلمة الطيبة سبب للنجاة من النار وهي الكلمة التي فيها تطيب قلب الإنسان إذا كانت مباحة أو طاعة.

-ينبغي للإنسان أن لا يتكلم إلا بخيرًا فأما الكلام المباح الذي لا فائدة فيه فيمسك عنه مخافة من انجراره إلى حرام أو مكروه.

-ينبغي الإمساك عن الكلام الذي ليس فيه خير ولا شر لأنه مما لا يعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

-الآثار التي في الباب ففيها الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن.

** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

-الأقوال التي ذمها الله في كتابه أكثر من أن تُعدَّ كالكلام الخبيث والقول الباطل والقول عليه بما لا يعلم القائل والكذب والافتراء والغيبة والتنابز بالألقاب والتناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتبييت ما لا يرضى من القول وقول العبد بلسانه ما ليس في قلبه وقوله ما لا يفعله وقول اللغو وقول ما لم يُنزل به سلطانا والقول المتضمن للشفاعة السيئة والقول المتضمن للمعاونة على الإثم والعدوان وأمثال ذلك من الأقوال المسخوطة والمبغوضة للرب تعالى التي كلها قبيحة لا حسن فيها ولا أحسن.

-جعل سبحانه على اللسان غلقين أحدهما الأسنان والثاني الفم. وجعل على العين غطاءً واحدًا ولم يجعل على الأذن غطاءً؛ وذلك لخطر اللسان وشرفه وخطر حركاته. وفي ذلك من اللطائف فإن آفة الكلام أكثر من آفة النظر وآفة النظر أكثر من آفة السمع فجعل للأكثر آفات طبقتين وللمتوسط طبقًا واحدًا وجعل الأقل آفةً بلا طبق

-في اللسان آفتان عظيمتان: إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام وآفة السكوت.وقد يكون كل منهما أعظم إثماً من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاصٍ لله مراءٍ مُداهن إذ لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاصٍ لله وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين. وأهل الوسط – وهم أهل الصراط المستقيم – كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة فلا يرى أحدهم أنه يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة فضلاً أن تضره في آخرته.

** قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:

-من علم أن كلامه أقل من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه وينفعه.

-من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه

** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:

-يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره فكل ساعةٍ لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها حسرات. فمن هنا يعلم أن ما ليس بخير من الكلام فالسكوت عنه أفضل من التكلم به اللهم إلا ما تدعو إليه الحاجة مما لا بُدَّ منه.

-الإكثار من الكلام الذي لا حاجة إليه يوجبُ قساوة القلب.

-النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالكلام بالخير والسكوت عما ليس بخير فليس الكلام مأموراً به على الإطلاق ولا السكوت كذلك بل لا بد من الكلام بخير والسكوت عن الشَّر وكان السلف كثيراً ما يمدحون الصمت عن الشر وعما لا يعنيًا لشدته على النفس ولذلك يقع فيه الناس كثيراً فكانوا يعالجون أنفسهم ويجاهدونها على السكوت عما لا يعنيها.

-من حسًن إسلامه ترك ما لا يعينه من قولٍ وفعلٍ واقتصر على ما يعينه من الأقوال والأفعال.

وأكثر ما يرادُ بترك ما لا يعني: حفظ اللسان من لغو الكلام

** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إذا أراد أن يتكلم فليفكر في كلامه فإن علم أنه لا يترتب عليه مفسدهً ولا يجر إلى محرم ولا مكروه فليتكلم وإن كان مباحاً فالسلامة في السكوت لئلا يجر المباح إلى المحرم والمكروه.

 

** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:

-قوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ ﴾ أي: خطاب جهلًا ﴿ قَالُوا سَلَامًا ﴾ أي: خاطبوهم خطاباً يسلمون فيه من الإثم  ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله وهذا مدح لهم بالحلم الكثير ومقابلة المسيء بالإحسان والعفو عن الجاهل ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال.

-قوله تعالى: ﴿ والَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ أي: لا يحضرون الزور أي: القول والفعل المحرم فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة كالخوض في آيات الله والجدال بالباطل والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير والصور ونحو ذلك وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية.

-قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ﴾ وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ككلام السفهاء ونحوهم ﴿ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه فإنه سفه...فربأوا بأنفسهم عنه وفي قوله: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ﴾ إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضورهًا ولا سماعهًا ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.

 

** قال العلامة ابن باز رحمه الله: الوصية بحفظ اللسان عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرامًا أو مكروهًا وذلك كثير بين الناس.

** قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبًا أن يُحدث بكُلِّ ما سمع)) مراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يحدِّث بكل ما سمع بغير تثبُّت؛ ولهذا قال: ((بكُلِّ ما سمِع)) وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام فكون الإنسان مهذارًا وكل ما سمع شيئًا تحدَّث به فإنه تكثرُ عثراته؛ ولهذا قيل: من كثر كلامه كثُر سقطُهًا وهذا شيء مجرب ومشاهد.

** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الله الله في اللسان فإنه أعظم الجوارح خطراً ومما يتساهل فيه أكثر الناس فاحذر الخوض فيما لا يعنيك وبخاصة فيما يتعلق بالدين أو بالعلم أو بأولياء الله أو بالعلماء أو بصحابة النبي علية الصلاة والسلام أو بالتابعين.

** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: مما يتعلق بهذا أن نحفظ ألسنتنا عن الكلام في الخلق فلا نتكلم في أحد مهما استطعنا إلى ذلك سبيلاً والكلام في الآخرين قدحاً وسباً إنما يكون عند الحاجة الشرعية والمقتضي الشرعي لمثل ذلك ومتى تمكنا من عدم ذكر أولئك الأشخاص الذين يكون عليهم ملحوظات فهو أولى وأحسن لأننا إذا تمكنا من رد الباطل بدون أن ننسبه لأصحابه فهذا هو المطلوب الشرعي لئلا نُقيم لأصحاب الباطل وزناً ونجعل الناس يرددون أسماءهمًا وقد يتعصب لهم بعض الناس لأولئك الأشخاص فيكون سبباً في ضلالهم وأما إذا رددت الباطل ولم تذكر أصحابه فإنك حينئذ لا تقيم لهم وزناً ولا اعتباراً وفي نفس الوقت لا ينغرُّ الناس بهم ولا ينخدعون بكلامهم ولا يكون الولاء والبراء على أسماء الأشخاص وإنما يكون الولاء والبراء على المعتقد الصحيح الثابت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply