حكم تعدين العملات الرقمية خارج المنصات


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذا المقال لبيان حكم التعدين في العملات الرقمية خارج منصات التداول، العملات الرقمية عند انتقالها من شخص إلى آخر تحتاج إلى توثيق على شبكة البلوكتشين وهذا التوثيق يقوم به المعدنون، تستخدم هذه المهمات طرق كثيرة أهمها التي تكون خارج المنصات وهي مزارع التعدين في حال كانت هذه العملات كالبيتكوين وما شابهها، وفي بعض الأحيان لا يلزم سوى المحافظ الشخصية، يخزن عليها العملات الرقمية بكميات معينة والمشاركة في عمليات توثيق المعاملات، يجني المعدن من هذه العملية في حال كانت العملة التي سيعدنها غير مولدة بكميات مسبقًا وإنما تنشأ بعد اكتمال كل كتلة في شبكة البلوكتشين، إذا كانت العملة من هذا النوع يأخذ المعدن مكافأة التعدين هي العملات المتولدة من توثيقه لكتلة جديدة، بالإضافة إلى رسوم المعاملة، وغالبًا البيتكوين في نظام البروف أوف وورك، وفي حال كانت العملة مولدة مسبقًا بكميات كما هو الحال في نظام البروف أوف ستيك، فإن المعدن يأخذ رسوم أو جزء من رسوم المعاملة بحسب نظام الشركة بالإضافة لبعض العملات بحسب نظام الشركة.

السؤال هنا ما حكم المشاركة في أعمال التعدين وأخذ الأجرة عليها؟

من حيث الأصل فالمشاركة في أعمال تعدين العملات الرقمية جائز، وكذلك أخذ الأجرة عليه أيضًا جائز، وهذا نسميه في الفقه الإسلامي عقد الجعالة، وعقد الجعالة كأن يقول الرجل من صنع أو من أتمّ لي هذا العمل جعلت له كذا وكذا، ولذلك يسمى عقد جعالة، ولكن طرأت بعض التطورات جعلتنا نعيد النظر في مسألة إباحة هذا النوع من المعاملات، وهذا الأمر الذي طرأ يتمثل في غزو خدمات التمويل اللا مركزي والإقراض الربوي لعالم الكريبتو بشكل كبير جدًا وهي عقود الديفاي، وحتى أن شبكات بأكملها أصبحت مثقلة ومزدحمة بهذه العقود مما تسبب ببطئ شبكات كثيرة وارتفاع تكاليف الحوالات عليها لأنه كلما زاد الضغط على شبكات البلوكتشين كلما ارتفعت التكاليف، وهنا ظهر لدينا هذا الأمر الجديد.

المعدن عندما يوثق البيانات على الشبكة سيوثق أيضًا عقود ربوية، عقود تمويل، عقود إقراض، عقود ذكية خاصة بعمليات الإقراض والتمويل الربوي، هذا الأمر المستجد جعلنا نعيد النظر في هذه المعاملة، فنقول والله تعالى أعلم أن هذه المعاملة ينظر قبل الحكم عليها إلى العملة المراد التعدين فيها، فإذا كانت العملة تستضيف العقود الذكية أو مهيئة لإنشاء العقود الذكية عليها فلا يجوز التعدين بها وأخذ الأجرة عليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)، والمعدن هنا يعتبر كاتب لتوثيقه هذا العقد الربوي وشاهد على صحة العقد.

هذا في حال كانت العملة التي سأعدنها مهيئة لإنشاء العقود الذكية عليها، أما إذا كانت العملة غير مهئية لإنشاء العقود الذكية عليها فهذا النوع باقي على أصل الحل ويجوز العمل والمشاركة في تعدين عملاته وأخذ الأجرة عليها.

إذن الضابط هو النظر في ما إذا ما كانت العملة تستضيف أو مهيئة لإنشاء العقود الذكية عليها أم لا، فإن كانت مهيئة لذلك فلا يجوز أخذ الأجرة على تعدينها، وإن لم تكن كذلك أي غير مهيئة لإنشاء العقود الذكية جاز التعدين عليها وأخذ الأجرة، وكذلك وجب التنبيه أن هذا المال الذي سيأخذه المعدن في حال المشاركة في تعدين العملات يقام عليها عقود ذكية هو من قبيل الربا، كيف يكون ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)، قال وهم سواء، أي لا فرق بين آكل الربا وكاتب الربا والشاهد على الربا.

نسأل الله السلامة لنا ولجميع إخواننا والسلام عليكم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply