حكم التعامل بالرافعة المالية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذا المقال سيكون مخصص للحديث عن الرافعة المالية، أو المتاجرة بالهامش، أو المارجن.

الرافعة المالية نظام مستنسخ من البورصات وأسواق الفوركس وما شابهها، هذه الطرق كلها يتم نقلها الآن إلى عالم العملات الرقمية والمنصات، ما المقصود بالرافعة المالية؟

هي بأن يدخل إنسان بألف دولار فيقوم الموقع أو المنصة أو البورصة التي تستضيف معاملته بإقراضه مبلغ حسب إدارة المخاطرة بما تقرره بهذا الأمر، فتارة تمنح المتاجرة في العملة الفلانية عشرة أضعاف، -يكتب بجوارها-، وأحيانًا خمسة أضعاف، وأحيانًا أكثر من ذلك وأحيانًا أقل، بالتالي عندما تدخل إلى هذه العملة ستضع ال1000 دولار خاصتك ويضيفوا لك -في حالة الخمس أضعاف- تساوي 5000 دولار، فإذا بدأت بالتعامل وتجني مثلًا الأرباح فتكون الأرباح كلها لك وإذا خسرت فإنك ستخسر رأس مالك وقبل أن تبدأ بخسارة أموال المنصة توقف المنصة هذه الصفقة.

إلى هنا سيقول السائل أين المشكلة في الموضوع طالما لم تأخذ المنصة مني فوائد؟

الفوائد هنا تحتسب في عالم البورصات والفوركس هناك شيء اسمه رسوم التبييت، وتحسب عادةً في الفوركس وفي منصات البورصة، تحسب كل يوم الساعة 12 بالليل، فإذا انقضت الساعة 12 ليلًا ولم تغلق صفقتك، عليك أن تدفع رسوم التبييت والتي هي مربوطة بمعدل الفائدة للدولة التي أنت تتاجر بزوج عملاتها، أما في حال العملات الرقمية ومنصاتها، رسوم التبييت هذه التي تحتسب كل يوم الساعة 12 ليلًا، تحتسب في منصات العملات الرقمية 3 مرات في اليوم، كل ثمانية ساعات عليك أن تدفع رسوم التبييت، وهذا على ما أعتقد موجود في الفيوتشر، كل ثمانية ساعات عليك دفع هذه الفوائد، وبالتالي هذا القرض يجر فائدة، قرض ربوي ستدفع بالمقابل رسوم التبييت التي هي الفوائد، وبمعدل أسعار الفائدة.

هذا سائل يقول أنا سأدخل الصفقة وأخرج منها قبل مرور 8 ساعات وبالتالي لن أدفع الفوائد الربوية وأنتفع من القرض!

بعيدًا عن أنك لا تستطيع تحديد ذلك كونك لا تعلم متى تنتهي الصفقة، ومتى يرتفع السعر فيكون مناسب وتحقق ربح، بدايةً هو مجرد أن تدخل في عقد ربوي أنت هكذا وقعت في الربا، طالما أنت قبلت وقبضت المال المشروط بزيادة ربوية فإنك وقعت في الربا وانتهى الأمر، ستقول سأنهي المعاملة قبل أن أدخل في الربا، لكنك دخلت بالفعل في العقد الربوي، فقد قال الرسول : (لعنَ اللهُ آكلَ الرِّبا وموكلَهُ وشاهديْهِ وَكاتبَه)، هذا كاتب الربا والشاهد، لن يأكل الربا ولن يدفع، ولكن لأنه شارك في عقد ربوي، أنت هنا بمجرد دخولك الرافعة المالية أنت شاركت وقبلت بالقرض الربوي.

النقطة الثانية أن المنصة تقرضك المال وتأخذ عليه رسوم التداول وليس فقط رسوم التبييت والتي تقول أنك ستتمكن من تجنبها، سؤالنا هنا هل ستأخذ المنصة رسوم التداول على مبلغك فقط أم على كامل المبلغ، أي على مبلغك ال1000 دولار فقط أم على كامل المبلغ 5000 دولار، يقينًا فإنك ستدفع الرسوم على كامل المبلغ، وهنا عاد هذا القرض على المنصة بنفع، فلو أنها لم تعطيك القرض لدفعت فقط رسوم التداول على الألف، ولكنها زادت عليك هذه القيمة، فعادت على المنصة بفائدة أكبر من هذا القرض، والقاعدة أن كل قرض جر نفعًا فهو ربا، وهذا ربا واضح وصريح.

النقطة الثالثة: نهى النبي عن سلف وبيع، في حالتنا المنصة تسلفك المال والمنصة وسيط في البيع، ويعود عليها عائد من عملية البيع هذه، إذن الرافعة المالية مهما حاول البعض أن يبرر فعله فيها ويبرر مشروعيتها، وهذا من تدليس إبليس على هؤلاء الناس، فيزين لهم بعض الأمور ويوحي لهم ببعض الأشياء والشبهات التي قد تثير الشك في نفوسهم بأن هذه المعاملة مباحة.

نجزم لكم يا أحبة أن هذا الأمر محرم، وقد اتفقت كلمة الفقهاء المعاصرين على تحريمه، وصدرت به قرارات مجامع فقهية إسلامية منذ أكثر من ثلاثين وأربعين سنة، بعد ذلك تبعتها دور الإفتاء وكذلك المفتي الذي لا يتبع لهيئات رسمية، لا أعلم أحدًا اطلع على حقيقة الرافعة المالية وقال بجوازها، لذا نجتنب هذا الأمر لأنه يدور حول الربا وما أدراك ما الربا، والربا بضع وسبعون بابًا، وهذا باب من هذه الأبواب التي تزيد عن سبعين، نسأل الله السلامة لنا ولجميع إخواننا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply