بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ألف العلماء كتبًا كثيرة في معرفة الصحابة رضي الله عنهم، من أجمع تلك الكتب كتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "الإصابة في تمييز الصحابة"، وقد أثنى أهل العلم على كتابه، قال الإمام السخاوي رحمه الله: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمع مصنف فيهم كتاب الإصابة لشيخنا ابن حجر. وقال العلامة أحمد شاكر رحمه الله: كتب معرفة الصحابة... هو أكثرها جمعًا وتحريرًا وإن كانت التراجم فيه مختصرة. وقال الشيخ عبدالله البسام رحمه الله: خصه لتراجم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويمتاز في بيان مروياتهم ومن أخذ عنهم. وقال الشيخ الدكتور فالح محمد الصغير: أجمع كتاب في أسماء الصحابة.
وقال الشيخ الدكتور سعد عبدالله آل حميد: أبدع إبداعًا جيدًا في ترتيب كتابه.
وقال الشيخ الدكتور عبدالله عبدالمحسن التركي: هذه الموسوعة لا غنى لمؤرخ و لا محدث وأديب عنها اشتملت على أكثر من عشرة الأف ترجمة في ديوان هو أفضل ما صنف في تاريخ الصحابة وأوسع انتشارًا وأعلى رتبة.
وقد جمع الحافظ ابن حجر كتابه في أربعين سنة، قال رحمه الله: انتهت كتابتي مع ما في الهوامش في ثالث ذي الحجة عام سبعة وأربعين وكان الابتداء في جمعه في سنة تسع وثمانمائة فقارب الأربعين، لكن كانت الكتابة فيه بالتراخي.
وكتابه يوجد فيه فوائد كثيرة، يسَّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا منها، اللهَ أسألُ أن ينفعَ بها الجميعَ.
• عبدالله بن مسعود، أمره عثمان على الكوفة، ثم عزله، فأمر بالرجوع إلى المدينة، ولما بعث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالقدوم إلى المدينة، اجتمع الناس فقالوا: أقم ونحن نمنعك من أن يصل إليك شيء، فقال: إن له عليّ حق الطاعة، ولا أحبّ أن أكون أول من فتح باب الفتن.
· حب الاجتماع وتجنب الافتراق:
• أسير غير منسوب، قال حين استخلف يزيد بن معاوية يقولون: إن يزيد ليس بخير أمة محمد، وأنا أقول ذلك، ولكن لأن يجمع الله أمة محمد أحبّ إليّ من أن تفترق.
· البراء من الكفار ولو كانوا أقرب قريب:
• امرؤ القيس بن عابس، كان ممن حضر حصار حصن النجير، فلما أخرج المرتدون ليقتلوا، وثب على عمه ليقتله، فقال له عمه: ويحك تقتلني وأنا عمك؟ قال: أنت عمي، والله ربي. فقتله.
· الثبات على الدين:
• عبدالله بن حذافة السهمي، أبو حذيفة، وجه عمر جيشًا إلى الروم، وفيهم عبدالله بن حذافة، فأسروه، فقال له ملك الروم: تنصر أشركك في ملكي، فأبى فأمر به فصلب وأمر برميه بالسهام، فلم يجزع، فأنزل وأمر بقدر فصب فيها الماءُ، وأغلي عليه، وأمر بإلقاء أسير فيها، فإذا عظامه تلوح، فأمر بإلقائه إن لم ينتصر، فلما ذهبوا به بكى، قال: ردوه، فقال: لِم بكيت؟ قال: تمنيت أن لي مائة نفس تلقى هكذا في الله، فَعَجب، فقال: قبّل رأسي وأنا أخلي عنك، فقال: وعن جميع أسارى المسلمين، قال: نعم، فقبل رأسه، فخلى بينهم، فقدم بهم على عمر فقام عمر فقبّل رأسه.
· شراء بيت في الجنة:
• حكِيم بن حزام، كان من سادات قريش، وكان صديق النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث، وكان يوده ويحبه بعد البعثة، ولكنه تأخر إسلامه حتى أسلم عام الفتح، وكانت دار الندوة بيده فباعها بعدُ من معاوية بمائة ألف درهم، فلامه ابن الزبير فقال له: يا بن أخي، اشتريت بها دارًا في الجنة، فتصدق بالدراهم كلها.
· الصبر على الأذى في سبيل الله:
• الزبير بن العوام، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، أسلم وله اثنتا عشرة سنة. قال الليث: حدثني أبو الأسود قال: كان عمّ الزبير يعلقه في حصير، ويُدخن عليه ليرجع إلى الكفر، فيقول: لا أكفر.
· اللذة والسلوة في طلب العلم:
• عبيدالله بن العباس بن عبدالمطلب، كان يقول _ إذا لاموه في طلب العلم _ إن نشطت فهو لذتي، وإن اغتممتُ فهو سلوتي.
· مجالس العلم والذكر:
• عبدالله بن رواحة، كان... إذا لقي الرجل من أصحابه يقول تعال نُؤمن بربنا ساعة وكان عبدالله أول خارج للغزو، وآخر قافل.
• عبدالله بن قيس بن سليم، أبو موسى الأشعري، كان حسن الصوت بالقرآن، وكان عمر إذا رآه قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى، وفي رواية شوقنا إلى ربنا، فيقرأ عنده
· خير شريك:
• قيس بن السائب: قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكي في الجاهلية، فكان خير شريك، لا يماري، ولا يشاري.
· البرّ بالأم:
• أويس بن عامر، ذكرا ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة. كان مالك ينكر وجوده إلا أن شهرته وشهرة أخباره لا تسع أحدًا أن يشك فيه. أسلم أُويس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن منعه من القدوم برّه بأمه.
· طاعة الأبن لأبيه، وشفقة الأب على ابنه:
• عبدالله بن أبي بكر الصديق، تزوج عاتكة، وكان بها معجبًا، فشغلته عن أموره، فقال له أبوه: طلقها، فطلقها، ثم ندم... فرق له أبو بكر، فأمره بمراجعتها، فراجعها، ومات وهي عنده، ولها مرثية.
· سلامة الصدر، وحب الخير للناس:
• عامر بن عبدالله بن الجراح، أبو عبيدة الجراح، لما مات خطب معاذ فقال: وإنكم فجعتم برجل ما أزعم والله إني رأيتُ من عباد الله قط أقل حقدًا، ولا أبرّ صدرًا، ولا أبعد غائلة، ولا أشدّ حياء للعاقبة، ولا أنصح للعامة منه، فترحموا عليه.
• عبدالله بن عباس، شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني وفي ثلاث: إني لأسمع بالحاكم من حكم المسلمين يعدل في حكمه، فأحبه ولعلي لا أقاضي إليه أبدًا وأني لأسمع بالغيث يُصيبُ البلاد من بلدان المسلمين، فأفرح به، ومالي بها سائمة ولا راعية، وإني لآتي على آية من كتاب الله تعالى فوددت أن المسلمين كلهم يعلمون منها ما أعلم.
· استخلاف اللبيب:
• أنس بن مالك، لما استخلف أبو بكر بعث إلى أنس ليوجهه إلى البحرين على السُعاية، فدخل عليه عمر فاستشاره، فقال: ابعثه فإنه لبيب كاتب. فبعثه.
· الجود والكرم:
• سعد بن عبادة، كان مشهورًا بالجود هو أبوه، وجده، وولده، وروى ابن أبي الدنيا من طريق ابن سيرين قال: كان أهل الصفة إذا أمسوا انطلق الرجل بالواحد، والرجل بالأثنين، والرجل بالجماعة، فأما سعد فكان ينطلق بثمانين.
· حِكم:
• أكثم بن صفي، كان يقول: إنما قلب الرجل مُضغة منه، وإنه ينحل كما ينحل سائر جسده. قال الخطيب: كانت له حكمة وبلاغة.
· البلاغة:
• صحار بن العباس قال الجاحظ في كتاب البيان: قال معاوية لصحار: ما البلاغة؟ قال الإيجاز. قال ما الإيجاز؟ قال: ألا تبطئ، ولا تخطئ.
· ترك الشعر:
• سويد بن عدي بن عمرو بن سلمة الطائي، هو القائل وكان كثير الشعر:
تركتُ الشعرَ واستبدلتُ منهُ إذا دعي صلاة الصبح قاما
كتابَ الله ليس له شــــــــــريك وودعتُ المُدامة والندامـــــــى
· عدم تغير الشيب:
• أُبي بن كعب، سيد القراء، وكان أبيض اللحية لا يغير شيبه، وكان عمر يسميه سيد المسلمين، وكان يسأله في النوازل ويتحاكم إليه في المعضلات.
· قول: لا أدري:
• عبدالله بن عمر، سئل عن شيء فقال: لا أدري، ثم قال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا جسورًا في جهنم، تقولون: أفتانا بهذا ابن عمر.
· شجاعة وبطولة:
• عبدالله بن الزبير بن عبدالمطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، قُتل بأجنادين، وجد في المعركة قتيلًا، وحوله عشرة من الروم قتلى.
• عبدالله بن الزبير بن العوام، أُخِذ من وسط القتلى يوم الجمل، وفيه بضع وأربعون جراحة، فأعطت عائشة البشير الذي بشرها بأنه لم يمت عشرة آلاف.
· ترك الإنسان ما لا يعنيه:
• الأحنف بن قيس، ممن اعتزل وقعة الجمل ثم شهد صفين قال رجل للأحنف: بم سُدت قومك وأنت أحنف أعور؟ قال: بتركي ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا يعنيك. مات ومشى مصعب في جنازته وقال: ذهب اليوم الحزم والرأي.
· يرضي ربه، ويسّر أهله:
• سُليم بن عتر، قال ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد: كان يختم كل ثلاثة، وقيل إنه كان يُكثر الصلاة بالليل، والجماع، فلما مات قالت امرأته: رحمك الله، كنت تُرضى ربك وتُسُرّ أهك. أخرجها أبو عبيد في فضائل القرآن.
· الدعاء بحسن الخاتمة:
• عبدالله بن سعد بن أبي السرح، خرج إلى الرملة، فلما كان عند الصبح قال: اللهم اجعل آخر عملي الصبح، فتوضأ ثم صلي، فسلّم عن يمينه، ثم ذهب يُسلم عن يساره، فقبض الله روحه، يرحمه الله.
· عدم سبّ الناس:
• عبدالله بن عمر. عن زيد بن أسلم قال: جعل رجل يسب ابن عمر، وابن عمر ساكت، فلما بلغ باب داره التفت إليه فقال: وإني وأخي عاصمًا لا نسب الناس.
· الاستعداد للصلاة والاشتياق إليها:
• عدي بن حاتم، قال: ما أقيمت الصلاةُ منذُ أسلمت إلا وأنا على وضوء... وما دخل وقت صلاة قط إلا وأنا أشتاق إليها.
· آبي اللحم:
• آبي اللحم الغفاري صحابي مشهور سُمّي آبِي اللحم، لأنه كان يأبى أن يأكل اللحم.
· المقرب:
• الأسود بن عبس، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جئت لاقترب إلى الله بصحبتك، فسمّاه: المقرب.
· الأخنس:
• الأخنس بن شريف، اسمه أبي وإنما لقب الأخنس لأنه رجع ببني زهرة من بدر لما جاءهم الخبر أن أبا سفيان نجا بالعير، فقيل: خنس الأخنس ببني زهرة، فسمي بذلك.
· الأقرع:
• الأقرع بن حابس، اسم الأقرع... فراس، وإنما قيل له الأقرع: لقرع كان برأسه.
· الجرباء:
• قسامة بن حنظلة الطائي، وأظنه والد الجرباء بنت قسامة التي تزوجها طلحة بن عبيد الله، وكانت في غاية الجمال، فكانت لا تقف معها امرأة إلا استُقبحت فكُنّ يتجنبن الوقوف معها، فسُميت بالجرباء.
· غيرة القردة:
• عمرو بن ميمون: قال: رأيت في الجاهلية قردة قد زنت اجتمع علها قردة فرجموها فرجمتها معهم.
· الحلم:
• قيس بن عاصم، كان عاقلًا حليمًا يقتدي به، قيل للأحنف: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم، رأيته يومًا مُحتبيًا، فأتي برجُل مكتوف، وآخر مقتول، فقيل: هذا ابن أخيك، قتل ابنك، فالتفت إلى ابن أخيه، فقال: يا ابن أخي، بئسما فعلت، أثمِت بربك، وقطعت رحمك، ورميت نفسك بسهمك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بني فوار أخاك، وحُل أكتاف ابن عمك، وسُق إلى أمك مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة.
· من خاف الوعيد قرب عليه البعيد:
• خولة بنت مالك بن ثعلبة ... ويقال: خولة بنت حكيم، خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأة برزة على ظهر الطريق، فسلم عليها عمر، فردت عليه السلام، فقالت: هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى: عميرًا في سوق عكاظ، تروع الصبيان بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين! فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن خاف الموت خشي الفوت.
فقال الجارود: قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة، فقال عمر: دعها، أما تعرفها؟ هذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بن الصامت، التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر أحق والله أن يسمع لها.
· المسلم لا يمكر بإخوانه:
• قيس بن سعد بن عبادة، كان سخيًا كريمًا داهية. وكان يقول: لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تُطيقه العرب.
· قوة الحفظ:
• أبو هريرة، قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. قال أبو الزعيزعة كاتب مروان: أرسل مروان إلى أبي هريرة فجعل يحدثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدث به، حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله، وأمرني أن أنظر، فما غير حرفًا عن حرف.
· شدة الخوف من الله جل جلاله:
• مطرف بن عبدالله الشخير، التابعي المشهور، من شدة خوفه ما رواه يعقوب بن سفيان عنه بسند صحيح قال: لو أتاني آت ٍمن ربي فخيرني بين أن يخبرني أنا من أهل الجنة أو من أهل النار، أو أصير ترابًا لاخترت أن أصير ترابًا.
· تزوجها ليردها عن مذهب الخوارج فصرفته إلى مذهبها:
• عمران بن حطان، تابعي مشهور، كان من رؤوس الخوارج من القعدية، وهم الذين يحسنون لغيرهم الخروج على المسلمين، ولا يباشرون القتال، قال يعقوب بن شيبة: أدرك جماعة من الصحابة، وصار في آخر أمره أن رأى الخوارج، وكان سبب ذلك أنه تزوج ابنة عم له، بلغه أنها دخلت في رأي الخوارج، فأراد أن يرُدها عن ذلك، فصرفته إلى مذهبها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد