بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أورد الإمام ابن ماجه – رحمه الله – في سننه: باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان، وضمّنه عدة أحاديث، وأشهرها الحديث رقم (1390) وهو ما رواه ابن ماجه عن أبي موسى الأشعري، حديث أبي موسى الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، إلا أن في سنده الوليد بن مسلم، وهو مدلس، وعبدالله بن لهيعة، وهو ضعيف، وقد اضطرب في روايته لهذا الحديث مما يدل على عدم ضبطه له، وعبد الرحمن بن عرزب مجهول، ولم يثبت أنه أدرك أبا موسى – رضي الله عنه - . وقد ضعفه البوصيري في زوائده لهذه العلل، كما ضعفه الهيثمي بسبب ضعف ابن لهيعة (8 / 65)، وكذلك المنذري (3 / 283) لذات السبب. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/561: لا يصح. إلا أن الألباني حسنه في صحيح سنن ابن ماجه برقم 1148، وفي السلسلة الصحيحة برقم 1144 و 1563 بسبب أن له روايات تقويه، كما صححه بشواهده شعيب الأرناؤوط في تخريج صحيح ابن حبان برقم 5665، وتخريج شرح السنة 4/128، فمن هذه الشواهد:
1. عن عوف بن مالك – رضي الله عنه - رواه البزار في " مسنده " (ص 245 - زوائده)، وضعفه الهيثمي في المجمع 8/68: بعبدالرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وابن لهيعة لين وبقية رجاله ثقات ". وضعفه ابن حجر – رحمه الله – في الكافي الشاف (252).
2. عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه -، رواه ابن أبي عاصم في السنة برقم 512، والطبراني في الأوسط 7/36 وابن حبان (الإحسان برقم5665) وفيه انقطاع، قال الذهبي: مكحول لم يلق مالك بن يخامر ". وقال الهيثمي في المجمع 8/68: رجاله ثقات"، ولا يخفى أن هذه العبارة لا تدل على صحته عنده، فقد يكون منقطعًا. وقال العلائي في فتاواه (37): في إسناده انقطاع.
3. عن أبو ثعلبة الخشني – رضي الله عنه - ، رواه اللالكائي في " السنة " (1/ 99 - 100) وكذا الطبراني كما في " المجمع " وقال الهيثمي في المجمع 8/68:" والأحوص بن حكيم ضعيف "
4. عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه - ، رواه أخرجه أحمد (رقم 6642). قال الهيثمي: " وابن لهيعة لين الحديث وبقية رجاله وثقوا ". وقال الحافظ المنذري: (3 / 283)" وإسناده لين ".
5. عن أبي هريرة – رضي الله عنه - ، رواه أخرجه البزار في " مسنده " (ص 245 - زوائده). قال الهيثمي في المجمع 8/68:: " وهشام بن عبد الرحمن لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ". وضعفه ابن حجر – رحمه الله – في الكافي الشاف (252).
6. عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -، رواه ابن خزيمة في " التوحيد " (ص 90) وفيه عبد الملك بن عبدالملك قال البخاري: " في حديثه نظر ". وضعفه ابن حجر – رحمه الله – في الكافي الشاف (252).
7. عن عائشة – رضي الله عنها - ، ونصه:" إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب ". أخرجه الترمذي (1 / 143) وابن ماجه (1389) وأحمد (6 / 238) وهو حديث ضعيف بسبب حجاج ابن أرطأة مدلس وقد عنعنه، قال الترمذي " وسمعت محمد (يعني البخاري): يضعف هذا الحديث ".، وضعفه ابن حجر في الأمالي المطلقة (120)، وقال الحافظ ابن رجب في " لطائف المعارف " (ص 143): " وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة وقد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون وصحح ابن حبان بعضها وخرجه في " صحيحه " ومن أمثلها حديث عائشة
وقد صحح الحديث عدد من العلماء لكثرة طرقه، فقد قال المنذري في الترغيب والترهيب2/132: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما. وقال السخاوي في الأجوبة المرضية 1/325: ليس في رجاله من تكلم فيهم، يعني رواية أبي هريرة – رضي الله عنه - وكأنه يميل لتقويته بذلك، مع أن العبارة محتملة أنه قد يكون منقطعًا. وقال الألباني – رحمه الله –: الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب والصحة تثبت بأقل منها عددا ما دامت سالمة من الضعف الشديد كما هو الشأن في هذا الحديث. وينظر صحيح سنن ابن ماجه برقم 1148، والسلسلة الصحيحة برقم 1144 و 1563. وصححه شعيب الأرناؤوط في تخريج مسند أبي بكر 1/172، وتخريج صحيح ابن حبان (الإحسان) برقم (5665)، وتخريج شرح السنة 4/128.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد