ليدبروا آياته


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

اتقوا اللهَ عبادَ اللهِ وتدبروا القرآنَ، فإنمَّا تزكو القلوبُ وتصِحُ بتدبُّر القرآنِ:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أم عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، واعلموا أنَّ بركة القرآن ونفعه إنما تُنال بالتدبر،{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}..

معاشر الصائمين الكرام: لا يخفى على مُسلمٍ، أنَّ ذِكرَ اللهِ تبارك وتعالى، هو أفضلُ ما يفعلهُ العبدُ استثمارًا للأوقات الفاضلة، والمواسم الكريمة.. فقد جاء في الحديث الحسن:"ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وارفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورق، وخيرٌ لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا بلى، قال: ذكر الله تعالى".. ولا شك يا عباد الله أن أفضل الذكرِ هو قراءة القرآن الكريم، خصوصًا في رمضان المبارك،{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ}..

والقرآن الكريم: هو سميرُ القلوبِ ومُستراحُها، وأنيسُ الأرواح وروحها، ونورُ الصدورِ وانشراحُها، ونعيمُ العقولِ وغِذائُها، وربيعُ الصائمين وحُداءُها.. {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}..

القرآن المجيد: عزٌ تليدٌ لمن تولاه، وسُلمٌ مُوصلٌ لمن ارتقاه، وهُدىً مُستقيمٌ لمن استهداه.. تلاوتهُ درجات، وتدبّرهُ فُتوحات، وكُل حرفٍ منه بعشر حسنات..{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}..  القرآن الحكيم: متانةُ بُنيان، وإشراقةُ بيان، وقوةُ بُرهان، وظهورُ سُلطان، ومعانٍ حِسان:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياتهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}..

القرآن العظيم: هو الصراطُ المستقيمُ الذي لا تميلُ به الآراء، والذكرُ الحكيمُ الذي لا تزيغُ به الأهواء، والكتابُ العجيبُ الذي لا يشبعُ منهُ العلماء، من قال به صدق، ومن حكمَ به عدل، ومن عمِل به أُجر..كلما ازدادت البصائرُ فيه تفكرًا، زادها هِدآية وتبصرًا،{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ..

نوهَ الله تعالى على عظمته فقال:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالقرآن الْعَظِيمَ}.. وأشادَ بعلو منزلته وشرفه فقال:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}.. وبين أنهُ أحسنُ الحديث وأفضلُه فقال:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.. وكتبَ له العلُوَّ والرفعة، فقال:{وَإِنَّهُ فِي أم الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}.. ووصفهُ بأنه روحٌ ونورٌ وهُدى فقال تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.. وأقسَمَ اللهُ تعالى في سُورةِ الواقعةِ بقسَمٍ ما أقسم الله بمثله أبدًا.. فقالَ جلَّ وعلا:{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}.. فالقسَمُ عظِيمٌ ليتناسبَ مع عَظمةِ جَوابِ القسَمِ.. وهو قولُهُ تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}.. فاللهُ تعالى يُقسِمُ قَسَمًا عظِيمًا على أنَّ هذا القرآن كريمٌ، كثِيرُ العَطاءِ.. ثمَّ إنَّ هذا العَطاءَ القرآنيَ الكثيِرَ، فيهِ بركةٌ عَظِيمةٌ،{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ}، والشَّيُ المباركُ هو الكثِيرُ النَّفعِ، فالعطاءُ القُرآنيُ كثيرٌ ومُبارَك،{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.. تأمَّلْوا هذا الحديثَ الحسن: "يجِيءُ القرآن يومَ القِيامَةِ فيقولُ: يا ربِّ حلِّهِ يعنى صَاحِبَهُ، فيُلبَسُ تاجَ الكَرامَةِ، ثمَّ يَقولُ: يا ربِّ، زِدهُ، فيُلبَسُ حُلَّةَ الكَرامَةِ، ثمَّ يقولُ: يا ربِّ، ارضَ عنهُ، فيرضَى عنهُ، فيقولُ: اقرأ وارتَقِ، ويزدَادُ بكُلِّ آية حَسنة".. وتأمَّلْوا أيضًا هذا الحديث الصحيح: "أهلُ القرآن هم أهلُ اللهِ وخاصتهُ".. فإذا كانَ القرآن الكريمُ المباركُ، سَيُوصِلُ صَاحِبهُ لأنْ يُلبَسَ حُلَّةَ الكَرامَةِ، وأن يوضعُ على رأسه تاجُ الكَرامَةِ، وأن يَرضَى اللهُ عنهُ على رؤوس الخلائق، وأن يجعَلَهُ مِنْ أهلِهِ وخَواصِهِ، فهَلْ بعدَ هذا الكَرمِ من كَرمٍ، وهلْ بعدَ هذهِ البرَكةِ من بركةٍ.. من أجل هذا جاء في الحديث الصحيح قوله : "ليس تحسُّر أهلِ الجنَّةِ إلا على ساعةٍ مرَّت بهم لم يذكروا الله عزَّ وجلَّ فيها".. ولا شك أنَّ أفضلَ ما يَعمُرُ به الصائمُ وقتهُ هو تلاوةُ كتابِ ربه، ومدارسته وتدبرهِ، والعنآية به فهمًا وتأملًا، قال تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ}، وقال جلَّ وعلا:{وَرَتّلِ القرآن تَرْتيلًا}، وقال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}، وقال تعالى:{وَإذَا قُرِئ القرآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنْصِتُوا لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال جلَّ وعلا: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}.. فلَا شَيْءَ أَصْلَحُ لأحْوَالِ المسلمِ، ولا أعظمَ لهُ بركةً ونفَعًَا، مِنْ تَدَبُّرِ القرآن الكريمِ، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: ليس شيءٌ أنفعَ للعبد من تدبر القرآن وإطالة التأمل فيه، وجمع الفكر على معانيه، ولو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها.. ويقول الإمام وهيب بن الورد رحمه الله: لم نجد شيئًا أرقَّ لهذه القلوب ولا أشدُّ استجلابًا للحقِّ من قراءة القرءان بالتدبر.. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:)من أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله بعقله وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة والهدى وشفاء القلوب والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيءٍ من الكلام، لا منظومه ولا منثوره(.. ويقول تلميذه ابن القيم رحمه الله:)من قُرئ عليه القرآن فليقدِّر نفسهُ كأنما يسمعه من الله يخاطبهُ به، وعندئذٍ تزدحم معانيهِ ولطائفهِ وعجائبهِ على قلبه(، وقال أيضًا: من استمع إلى القرآن فهمًا وتدبرًا، فلن يُعدم إرشادًا لحجة، وتبصرةً لعبرة، وتذكرةً لمعرفة، ودِلالةً على رُشد، وحياةً لقلب، وغِذاءً ودواءً، وشفاءً وعصمةً، ونجاةً وكشفَ شُبهة.. ويقول أحد كبار مفسري القرآن الكريم:ومع كثرة النصوص الآمرة بتدبر القرآن، فأنَّ الغالبية قد اكتفوا بألفاظٍ يرددونها، وأنغامٍ يلحنونها، ونسوا أنَّ فائدةَ وبركةَ القرآن العظمى إنما هي في تدبر آياته، ولقد أمرنا الله عز وجل بقوله:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}، أي أفلا يتَدَارَسُونَ آياتهِ، ويَسْتَلْهِمُونَ هِدَآياتهِ، ويَتخَلَّقُون بإرشَاداتِهِ وتَوجِيهَاتِهِ، فَيُحَقِقون بذلك مُرادِ اللهِ، وينَالُونَ مَرْضَاتِهِ..

أيَّها الصائمون الكرام، لقد كان صيامُ المصطفى مُزدانًا بالإكثار من قراءة القرآن ومُدارسته وتدبره، ففي الصحيحين أنَّ جبريل عليه السلام كان يلقى النبيَّ كُل ليلةٍ من رمضان فيدارسه القرآن.. فَلَرَسولُ اللَّهِ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.. 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}..  

 

-اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}..

معاشر الصائمين الكرام: وهاهنا أمورٌ خمسة تعين على التدبر:

الأمر الأول: الفهم: يقول الامام الغزالي: تلاوة القرآن حقَّ تلاوته هو أن يشترك فيه اللسانُ والعقلُ والقلبُ والجوارح، فاللسانُ يُرتِّل والعقلُ يفهم والقلبُ يتعظ والجوارحُ تخشعُ وتلين.. {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}..  

الأمر الثاني: الخلوة وقطع الشواغل: فالتدبر يحتاجُ للانفراد والخلوةِ واستجماعِ النفسِ وتركيزِ العقل، فالقرآن عزيز، لن يُعطيك بعضهُ إلا اعطيتهُ كلك، لكأن القرآن يقول لمن يُريده: فرِّغ قلبك من غيري أسكنه.. وأفضل ما يكون ذلك في جوف الليل، حيث السكون والهدوء التام، {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}، وقال تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.. ففي هدأة الليل تتفتح المغاليق، وتتقشع الحجب، ويرى العبد ببصيرته لا ببصره، ويقرأ بقلبه لا بلسانه، ويسمع بروحه لا بأذنه، يقول عمرو بن عبسة: قلت: يا رسول الله هل من ساعة أقرب من الأخرى؟ أو هل من ساعة يبتغى ذكرها؟ قال: "نعم، إن أقرب ما يكون الرب عزّ وجّل من العبد جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عزّ وجّل في تلك الساعة فكن".. 

الأمر الثالث: المعايشة والاندماج، وتنزيل الآيات على النفس، وأنك وحدك المخاطب بما تقرأ، يقول حبر الامة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس ما إذا سمعت الله تعالى يقول:{يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنما هي خيرٌ تؤمر به، أو شرٌ تُنهى عنه..

الأمر الرابع: الترتيل والتمهل والترسل: فهكذا كان هدي النبيِّ ، ففي صحيح مُسلم، كان النبيِّ: "يقرأ مترسلًا، إذا مرّ بآية فيها تسبيحٌ سبّح، وإذا مرّ بسؤالٍ سأل، وإذا مرّ بتعوذٍ تعوذ"، أما السرعةُ والاستعجال فهو عدو التدبر، يَقولُ ابن القَيمِ رحمهُ اللهُ: كان للرسول حِزبٌ من القرآن يَقرؤه ولا يُخِلُّ بهِ، وكانت قِراءتُهُ تَرتِيلًا لا هَذًَّا ولا عَجلةً، بل قِراءةً مُفسَّرةً حَرفًا حَرفًا، وكان يُقَطِّع قراءتهُ آية آيةً، وكان يمدُّ عند حُروفِ المدِّ، فيمدُّ (الرَّحمن)، ويمدُّ (الرَّحِيم)، وكان يُرتِلُ السُّورةَ حتى تَكُونَ أطولَ مِنْ أطولَ مِنهَا، وكانَ يَتغنَّى بالقرآنِ، ويُرجِّعُ صَوتَهُ بهِ.. وكل ذلك تنفيذٌ لأمر ربه جلَّ وعلا:{وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلًا}، وقوله تعالى:{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}؛ أي على مهلٍ وتؤدة.. ومن حبائل الشيطان؛ أن يغريك بالمرور السريع على الآية ليفوتك خيرها، وتُحرِم بركتها.. الأمر الخامس: التكرار: فتكرار الآيات عدة مرات يهزّ النفس. ويحرك القلب ويُدرُّ الدموع، ويرسخُ المعاني، ويجلب السكينة والطمأنينة، وقد ثبت أنَّ النبي كان يكرر بعض الآيات كثيرًا.. فعن أَبي ذَرٍّ أن النَّبِيَّ قَامَ بِآية يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ وهي قوله تعالى:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم وسلف الأمة، يُردِّد أحدهم الآية إلى الصبح، فقد قام تميم الداريّ  يردد قوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}، يرددها حتى أصبح، وقال محمد بن كعب:لأن أقرأ في ليلتي حتى أُصبح بـ)إذا زلزلت والقارعة( لا أزيد عليهما وأتردد فيهما وأتفكر، أحبُّ إليَّ من أن أهذَّ القرآن هذًا..  فتعاهدوا يا عباد الله كتاب ربكم وأكثروا من تلاوته وتدبره والعنآية به، ففي الحديث الصحيح:"أن مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا".. وفي صحيح مسلم:"اقْرَءُوا القرآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ".. وفي الحديث الصحيح: "إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، من هُم؟ قالَ: هم أَهْلُ القرآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ"..  اللهم فاجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك..

اللهم ارفعنا وانفعنا واسعدنا بالقرآن الكريم، واجعله حجة لنا لا علينا يا أكرم الأكرمين..

اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته وتدبره والعمل به على أحب الوجوه التي ترضيك عنا يا أرحم الراحمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply