في حال إتمام شهر رمضان لعدم ثبوت الرؤية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

مقترح خطبة الجمعة الخامسة من شهر رمضان ودروس هذا الأسبوع ودروس النساء. وقفات مع آخر اللحظات لشهر رمضان:

1- وقفات مع ختام الشهر.

2- آداب ومستحبات يوم العيد.

الهدف من الخطبة:

نصائح وإرشادات تحفيزية لاغتنام ما بقي من شهر رمضان ولو كانت لحظات قليلة، مع وقفة أخيرة لبعض آداب ومستحبات يوم العيد.

مقدمة ومدخل للموضوع:

أيها المسلمون عباد الله، كنا بالأمس القريب نتلقى التهاني ويبارك بعضنا لبعض بدخول شهر رمضان الكريم، هذا الموسم العظيم للمسلمين، وها نحن الآن على مشارف وداعه، وها نحن في الساعات واللحظات الأخيره من شهر رمضان؛ فاللهم اجبر كسرنا بفراق شهرنا، واجعلنا فيه عندك من المقبولين.

ولنا في ختام شهر رمضان هذه الوقفات:

الوقفة الأولى:

- وقفة تأمل نأخذ منها العبرة والعظةَ من سرعة مرور الليالي والأيام.

فإذا كنا قد ابتدأنا بالأمس صيام هذا الشهر واليوم نوشك على النهآية فإن في هذا لعبرة، فلكل بدآية نهاية؛ فسبحان مصرف الشهور والأعوام ومدبر الليالي والأيام، وسبحان الذي كتب الفناء على كل شيء وهو الحي القيوم الدائم الذي لا يزول.

قال الله تعالى:{وهو الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}.

فالعاقل من اعتبر مِن ذلك بسرعة انتهاء العمر ليملأ كل لحظة تمرُّ به بخيرٍ طاعةً لربه ابتعاءَ رضوانه قبل أن يدركه الأجل.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّه"ِ.

وهذه الدنيا تمُرُّ مثل رمضان وتمضي بلذائذها وشهواتها وتعبها ونَصَبِها وينسى الناسُ ذلك؛ ولكنهم يجدون ما قدَّموا مدَّخَرًا لهم إنْ خيرًا فخيرٌ وإنْ شرًّا فشرٌّ.

فقد قال الله تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

الوقفة الثانية:

 -وقفة شكر لله تعالى على نعمة بلوغ الشهر، ثم التوفيق لاغتنامه.

فهناك من قصر أجله عن بلوغ الشهر، وهناك من لم يكتب لهم تمام الشهر، وهناك من أدرك رمضان ولكنه وبال عليه؛ لكثرة تفريطه وتضييعه نعوذ بالله من الخذلان.

عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال:"آمين آمين آمين"، فقيل له: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين! فقال:"أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له، قل: آمين، فقلت آمين".

الوقفة الثالثة:

- إنما الأعمال بالخواتيم.

فإن المتبقي من شهر رمضان وإن كان قليلًا إلا أنه عظيم الشأن فينبغي أن نبادر بالتوبة النصوح والاستغفار والذكر والدعاء والتضرع إلى الله تعالى والإجتهاد فى أبواب الخير والطاعات.

وقد جاء في الحديث: أن الله تعالى يغفر لعباده الصائمين في آخر ليلة من رمضان كما يُوفَّى العامل أجره إذا فرغ من عمله.

فإن الباقى من شهر رمضان إنما هى لحظات وساعات قليلة من أيام معدودات؛ فيحرص المؤمن أن يجتهد فى هذا القليل.

فالعبرة بخاتمة الشهر؛ لأنها آخر عمل الإنسان، وهو ما ثبت عليه واستقر عليه، ولأنها نسخ للتقصير فى البداية، ولأنها هي ما يُذكر عن الإنسان بعد موته، ولأنها هي ما يلاقي بها العبد ربه سبحانه وتعالى .

ففى السلسلة الصحيحة وقال حديث إسناده صحيح على شرط الشيخين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُعْجَبوا بعملِ أحدٍ حتى تنظرُوا بما يُخْتَمُ لهُ، فإن العاملَ يعملُ زمانا من دهرِهِ، أو بُرهةً من دهرهِ بعملٍ صالحٍ لو ماتَ عليه دخلَ الجنةَ، ثم يتَحوّلَ فيعملُ عملا سيئا، وإن العبدَ ليعملُ زمانا من دهرهِ يعملُ سيّيء لو ماتَ عليه دخلَ النارَ، ثم يتحّولُ فيعملُ عملا صالحا، وإذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرا استعملهُ قبلَ موتهِ فوفّقَهُ لعملٍ صالحٍ، ثم يقبضهُ عليهِ".

فكم من مجتهد في بدآية عمره ثم انتكس؛ فالعبرة بالخواتيم.

وقال ابن الجوزي رحمه الله:*إن الخيل إذا شارفت نهآية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق؛ فلا تكن الخيل أفطن منك، فإنما الأعمال بالخواتيم؛ فإنك إذا لم تحسن الاستقبال، لعلك تحسن الوداع*.

وقال شيخ الإسلام: العبرة بكمال النهآيات، لا بنقص البدايات.

وقال الحسن البصري: أَحْسِن فيما بقي، يُغفرْ لك ما مضى.

الوقفة الرابعة:

- ختام الشهر بكثرة الاستغفار.

فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، تُختم به الصلاة، والحج، وقيام الليل، وتُختم به المجالس، فإن كانت ذكرًا كانت كالطابع عليها، وإن كانت لغوًا كانت كفارة لها، فكذلك ينبغي أن يختم صيام رمضان بالاستغفار.

كتب الخليفة الراشد عمر بن بعد العزيز رحمه الله: كتابًا إلى أهل الأمصار يأمرهم فيه بختم رمضان بالاستغفار وصدقة الفطر، وقال في كتابه هذا:قولوا كما قال أبيكم آدم عليه السلام:{قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

الوقفة الخامسة:

- عليك بالدعاء بقبول الأعمال.

فإن المؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات؛ إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال:"لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات".

الوقفة السادسة:

- إحذر من الإنقطاع عن العمل.

فإن الرجوع عن العمل الصالح هو مما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"وأعوذ بك من الحور بعد الكور".

وقال الله تعالى:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}.

والعبادات وأبواب الخير لم تقتصر على شهر رمضان فحسب؛ بل إن هذا كله إنما هو استجابة لأمر الله تعالى:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.

فلا منتهى للعبادة والتقرب إلى الله إلا بالموت.

وقال الله تعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَك}.

نسأل الله العظيم يختم لنا شهر رمضان برضوانه وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا.

 

الخطبة الثانية:

- آداب ومستحبات يوم العيد.

1- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة.

فقد صح في الموطأ وغيره:*أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إلى الْمُصَلَّى*.

قال النووي رحمه الله:*ولأنَّه يومُ عيدٍ يجتمع فيه الكافَّةُ للصَّلاةِ؛ فسُنَّ فيه الغُسلُ لحُضورِها كالجمعة*.

2- الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى.

ففي بحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا."

قال العلماء:*إنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام*.

وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية.

3- التكبير يوم العيد.

وهو من السنن العظيمة في يوم العيد.

قال الله تعالى:{وَلتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هداكم وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

وعن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا:*نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام*.

ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد.

وأما صفة التكبير.

فقد ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه:"أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد."

4- ومن آداب العيد أيضًا: التهنئة.

عن جبير بن نفير، قال:*كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبَّل الله منا ومنك*.

5- التجمل للعيدين ولُبس أحسن الثياب.

ففي صحيح البخاري عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ".

فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمُّل للعيد لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير.

6- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من طريق آخر .في صحيح البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:"كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ."

قيل: الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة.

وقيل: لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين.

وقيل: لإظهار ذكر الله تعالى.

وقيل: لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه.

وقيل: ليقضي حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه.

وقيل: وهو الأصح إنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها.

نسأل الله العظيم يختم لنا شهر رمضان برضوانه وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

ملحوظة:

1-الخطبة الأولى يستطيع الخطيب إضافة وقفات أو رسائل أخرى بحسب ما يراه مناسبًا.

2-الموضوع قابل للزيادة والتعديل بحسب وقت الخطبة أو الدرس.

3-إن لم تكن خطيبًا أو واعظًا فتستطيع بإذن الله تعالى أن تكون كذلك:

-            إما بقراءة المادة الوعظية على غيرك (أسرتك... أقرانك... زملاءك...).

           - وإما بنشرها، وما يدريك لعل الخير يكون على يديك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply