بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أردت كشف خطورة الاستمرار على وضع الإعلام الحالي الخاص بالطفل المسلم المتصف بالتبعية للثقافة الغربية، والتنبيه على أهمية بناء إعلام خاص بأطفال المسلمين منسجم مع الثقافة الإسلامية، وملتزم بنقاء المضمون دينيًا وفكريًا وخلقيًا، وساع إلى استثمار كل الوسائل الإعلامية المتاحة تربويًا وثقافيًا، بحيث يتسم بالذاتية في أهدافه ومحتواه.
إن مشكلة الإعلام الحالي في البلاد الإسلامية عمومًا وإعلام الطفل خصوصًا تكمن في افتقاده للذاتية، الأمر الذي أسهم في ظهور إشكاليات تربوية وثقافية في مجتمعات المسلمين، في مقدمتها الازدواجية التربوية والثقافية ذات الانعكسات السيئة والخطيرة على أجيال المسلمين الحاضرة والقادمة، وستزداد سوءًا وتعقيدًا إذا ما استمر حال الإعلام على هذه الصفة.
إنه على رغم إدراك أهمية تجاوز هذه الازدواجية عن طريق تحقيق قدر من الانسجام بين مضمون الإعلام والثقافة الإسلامية إلا أن هذا التجاوز عمليًا يتطلب جهودًا بشرية مبدعة، وإمكانات مادية كبيرة تُسَخّر من أجل استثمار الإعلام والاستفادة من تطوره ليكون وسيلة تربوية نافعة، وصناعة إعلامية متقدمة ومؤثرة تحسن إخراج العمل الإعلامي للطفل، وتمنحه جاذبية العرض، وسلامة المضمون، وجدة الفكرة بحيث تكون هذه الصناعة على مستوى المنافسة الإعلامية وقوة التأثير في الناشئة.
لقد حذرت دراسات عربية متخصصة من أن أفلام الكرتون الغربية تحتوي على سلبيات خطرة جدًا من خلال تشويهها لصورة العرب والمسلمين بغرس صور سيئة وسلبية في أذهان الأطفال، وقد بدا هذا جليًا في أفلام (السندباد)، وقد اعتمد منتجو هذه الأفلام تشويه الصور العربية والإسلامية واعتبروها منهجًا لهم وحقًا مشروعًا للدفاع عن أنفسهم بعد (11 سبتمبر)، ذريعة وهمية للنيل من المستقبل العربي في أطفاله.
ناهيك عن السلبية والعنف المعتمد في أفلام الكرتون مثل (سلاحف النينجا) و(طرزان) و(مازينجر) و(تان تان) وما إلى ذلك من ترسيخ الفكر العنيف وبث روح العداء في أذهان الطفل العربي، بعدما ارتمى هذا الصغير في أحضان هذا الوهم الكرتوني عندما اعتمد الأب والأم على الآخرين في تعليم وتكوين أذهان أطفالهم.
ألم يكن من الجدير بهم أن يفعلوا هذا الفعل (بالحدوتة) وترسيخ القيم وبث روح المثل الأعلى وكذلك التواصل بينهم وبين أطفالهم بدلًا من أن يكون التواصل مع الآلة (التلفزيون) بكل ما تحتويه من عنف هو التواصل الفعلي.
الكارتون الإسلامي:
أشعر بالسعادة لما ألحظه من تزايد للوعي لدى الأمة بأهمية أفلام الكرتون وبالدور الذي تلعبه في تكوين ثقافة الطفل العربي والمسلم. وتزيد سعادتي في كل يوم أسمع فيه عن إنتاج فيلم جديد يحمل الثقافة والهوية الإسلامية. ولقد أنتجت في الآونة الأخيرة أفلام عدة مثل محمد الفاتح وأسد عين جالوت وطارق بن زياد وغيرها، كما أنتج فيلم خاص عن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنتاج الرائدة (قناة المجد المباركة) من هذه الأفلام جدير بالذكر فهو إنتاج متميز ومؤثر جدا وهادف وفعال.
خطوات الشيطان:
تظهر آثار هذه التبعية للفكر الغربي فيما يقدمه الإعلام للطفل في المجتمعات الإسلامية من قصص خيالية تدور حول المبالغات والخوارق والأساطير الكاذبة، يقرأها أو يستمع إليها، أو يشاهدها من خلال أفلام الكرتون والمسلسلات؛ لتكرس في نفسه الصراع، أو تشككه في عقيدة الإيمان بأن الله القوي وحده، وأنه المدبر للكون والمهيمن عليه؛ إذ يرى أشخاصًا لهم قدرة على إيقاف حركة الكون أو منع الموت وفعل الخوارق والمعجزات كما في السوبرمان وبو بَّاي وغيرها، بل من هذه القصص ما يقوم على أساس الوثنيات وتعدد الآلهة، ومنها ما يدور حول الخيانة وحوادث العنف والسرقة والقتل وحيل المجرمين وترويج المخدرات، والدعوة الصريحة أو المبطنة إلى الخروج على القيم والأخلاق وإشاعة العادات والآداب الغربية، ولم يقف الإعلام عند هذا الحد بل تحول إلى وسيلة تغالط في تاريخ الأمة وتثير الشبه والشكوك في نفوس القراء والمستمعين والمشاهدين حوله، وتسعى إلى تلميع كثير من دعاة السفور والتحلل ومهدري الأوقات من فنانين ولاعبين وغيرهم على أنهم نجوم وأبطال، لقد زخرفت تلك الوسائل جميع القيم الهابطة والمبادئ الرديئة في عيون أبنائنا، فما عادت تجدي النصائح أو القيم التربوية التي يمليها البيت، وتغرسها المدرسة للتناقض الذي يحسه النشء بين ما يشاهد ويسمع ويقرأ في وسائل الإعلام، وبين ما تقدمه المدرسة ويقوم به المنزل.
إن من حق الأجيال والناشئة على قادة الفكر ورجال الأدب والقائمين على الإعلام أن يرسموا لهم منهجًا إعلاميًا خاصًا مستمدًا من عقيدتهم ومبادئ دينهم الحنيف، ولعل أهم الجوانب التي ينبغي عليهم أن يولوها اهتمامهم ما يلي:
- صياغة المادة الإعلامية وفق مستوى تفكير الطفل ونوعية ميوله وخصائصه النفسية وحاجاته التربوية رغبة في استثمارها بما يعود عليه بالنفع وينمي ميوله واستعداداته، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
*ما أنت بمحدث قوما حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة*.
- العناية بالأسلوب الفني والطريقة الشائقة في العرض؛ لما لها من أثر في جذب الطفل إلى القراءة والاستماع والمشاهدة والمتابعة والانتفاع بالمادة الإعلامية، قال تعالى:}وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا{(البقرة: 83).
-الاهتمام بصحة المضمون وتنوعه؛ فإن مدار صلاح الإعلام وكشف شخصيته على مضمونه، فالوسيلة الإعلامية أداة ذات حدين، لها نتائجها ومحصلتها في توجيه الطفل وتنشئته ورسم مستقبله؛ لذا يمكن صياغة هذا المضمون وفق الحكم الشرعي، وضبطه برقابة حازمة حكيمة تستهدف ما يحقق صلاحه واستقامته، وتربيته على الخير والهدى، وأن جاذبية الإعلام في تنوع موضوعاته وبرامجه يقتضيها تنوع الميول وتعرض الطفل للسأم والملل.
-بناء الإعلام على أساس أنه وسيلة للرعاية الثقافية النقية من كل دخيل أو غريب على الإسلام التي تمد الطفل بالخبرات والمعارف الأصيلة، وتعرفه بالأفكار والآراء الحديثة، وغير ذلك مما يعود بالنفع والخير عليه، وتحصنه من سموم الأفكار التي تنقلها وسائل الإعلام المنحرفة من غير أن يكون للأمة خيارًا فيها ولا رغبة، وتبصرهم بأضرارها ليأخذوا حذرهم منها ومن أمثالها.
دراسة أمريكية:
في دراسة أفزعت القائمين عليها حول العنف الناتج عن أفلام الكرتون من خلال 4 قنوات تلفزيونية فقط وليس الكل وإذاعتها لـ12 برنامجًا للأطفال أسبوعيًا فكانت النتيجة كالآتي: (4) حالات انتحار في هذه البرامج.
(27) معركة بالأيدي وأضعافها بأسلحة خرافية (22)عملية اغتيال (21) مشهد نزاع. هذا ما تقدمه أفلام الكارتون لأبناء صانعيها فما بالك بالمستهدفين منها.
وقد أشارت الدراسة إلى خطورة بث هذا الكم من العنف على سلوك الأطفال كما حذرت بشدة من تأثير هذه الأفلام على مستقبل أطفالهم وبالتالي بلادهم.
أيها الأب أيتها الأم احذرا من كرتون بسيط قد يخلف من بعده ألمًا كبيرًا ومستقبلًا لا يرتضيه راعٍ.
وفي دراسة أجرتها الأستاذة فدوى كركشان عن حلقة واحدة من حلقات (البوكيمون)رصدت خلاله مجموعة من الأخطاء التي يعرضها الفلم خلال 25دقيقة وهي مدة عرضه يمكن تلخيصها فيما يلي:
1- إظهار طرق الخداع كالإيقاع بالآخرين ونصب الفخ للأبرياء بهدف المشاغبة أو التسلية.
2- إظهار سلوك اللامبالاة بما يحدث للآخرين من أضرار أو مشكلات.
3- استخدام العنف بوسائل قتالية كالأسلحة أو القنابل.
4- ظهور تصرفات مذمومة كالسرقة والاختطاف وتدمير المدينة دون التفكير بعواقب الأمور.
5- تعليم الأطفال كيفية تكوين العصابات أو الجماعات السيئة التي تبني تجمعها على مبادئ فاسدة وتتناحر مع الجماعات الأخرى، وهذا الأمر ينعكس سلبا على الأطفال في ظاهرة (الشللية) التي تظهر في بعض المشاهد.
وهذه دراسات بعنوان"العنف في كرتون الأطفال "
ظهر فيها بعض الحوادث المؤلمة ناتجة عن تقليد الشخصيات الكرتونية حيث توفي طفل عمره "12" سنة أثناء قيامة بتقليد بعض القفزات البطولية التي يقوم بها أحد الشخصيات الكرتونية.
ويتكرر ظهور مثل هذا الأحداث على الرغم من أن بعض الخبراء لا يعترفون أن الكرتون يمثل خطورة حيث يرى الباحث أن الكرتون لم يعد لكي يمثل خطورة بقدر ماهو ممتع وشيق وعلى الرغم من ذلك فأن الأدلة في كثير من الدراسات أظهرت أنه رغم أن الكرتون أعد لكي يكون هزليا ً إلا أنه يخفي وراءه خطرًا محتملًا ويسبب العدوان عند الأطفال.
ولتقليل تأثير العنف في الكرتون على الأطفال فإنه يجب أن ينتج الكارتون بمعرفة خبراء يدركون مدى تأثر الأطفال به. وعلى سبيل المثال فإن الكارتون لا يجب أن يستخدم معدات المنزل مثل السكاكين ومعدات المطبخ الأخرى أو يصور الأعمال التي يمكن أن يقلدها الأطفال بدون معرفة كاملة للنتائج التي يمكن أن يحدث من تقليد مثل.
ومن هذه الدراسات دراسة أجريت بدولة الكويت لمعرفة أثر التلفاز على الأطفال من سن 14-10 سنة.
تبين أن %67،1 من عينة البحث التي بلغت (1005 طفلا) يميلون إلى تقليد البطل الذي يشاهدونه في الأفلام والمسلسلات، وأجاب %75،8 من العينة بأنهم يريدون أن يكونوا مثل البطل، وهذه النتيجة توضح أن الطفل لا يميل فقط إلى تقليد البطل بل يرغب في أن يتصف بصفاته، ويتجه اتجاهه، الأمر الذي يعكس ما تبثه أجهزة التلفاز من برامج على شخصية الطفل سلبًا وإيجابًا، كما أظهرت بعض الدراسات في مصر أن بعض الأطفال كانوا يقلدون ممثلي فلم مدرسة المشاغبين لفترات ليست بالقصيرة في التمرد على النظام التعليمي وعدم احترام المدرس والأب.
تحذير:
وقد حذر الكاتب والصحفي المغربي الأستاذ إدريس الكنبوري من الثقافة المستوردة على الأطفال قائلا: ولنا أن نتصور حجم الأذى والسلبيات التي تنتج عن أفلام الكرتون المستوردة والمدبلجة على الطفل المسلم الذي يتأثر بها.
فمثل هذه الأفلام تجعل الطفل المسلم يتلقى قيما وعادات وأفكارًا غريبة عن البيئة والثقافة العربية الإسلامية التي يعيش في كنفها.
يقول د. خالد بن سعود الحليبي: إن أفلام الكارتون قنابل تتفجر كل يوم في شاشاتنا الصغيرة دون وعي منا أو متابعة، فهي لا تزال بريئة في أعيننا، مجرد تسلية، وأشد الأمراض فتكًا ما يغفل عنه صاحبه، وأشد الأعداء توغّلًا وإضرارًا، ذاك الذي يبدو لك بعيني صديق حبيب، وهو يحفر الخندق، ويطعن الظهر. ومن عادتنا ألا نتنبه لأمر حتى يبلغ ذروته، بل بلغت الغفلة بإحدى الأمهات حين سُئلت عن علاقة أولادها بأفلام الكارتون أن تصرح بأنها لا تعلم عن أولادها شيئًا، وأخرى تتمنى أن ترتاح من أولادها وضجيجهم، ولو أن تلقيهم في الشارع!! فأينها من قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا."
لقد أشغلت هذه الرسوم المتحركة أطفال المسلمين أيما إشغال.. فما عادوا يطيقون أن يستغنوا عنها، ولو يومًا واحدًا دون أن يشاهدوها، بل فضلوها حتى على مرافقة الآباء والأمهات في النزهات والحفلات، حتى أكلت أوقاتهم، وبدّدت طاقاتهم، وشلّت تفكيرهم، وزاحمت أوقاتهم في مراجعة الدروس، وحفظ كتاب الله، فضلًا عن أن يجلسوا مع أهليهم جلسة صافية، ليتلقوا منهم الأدب والدين والخلق، وقد اشتكت من ذلك عدد من الأمهات الواعيات حتى قالت إحداهن:إن جهاز التلفاز يرتفع صوته بشكل غير مقبول أثناء عرض مسلسل أبطال الديجتال، ويمتنع أبنائي(9-6) سنوات أثناء مشاهدته عن الأكل أو مجرد الرد ّعلى أي سؤال، أنا مستاءة جدًا ولا حول لي ولا قوة، وأرجو أن أجد الحل للتخلص منه، وتقول أم أخرى:إن أبنائي يتابعون المسلسل أكثر من مرة في اليوم، وبمجرد انتهائه يبدأ الشجار والعنف بينهم تقليدًا لحركات أبطال الديجيتال.
ويؤكد أحد الباحثين أن الأطفال يشاهدون تلك الأفلام لمدة قد تصل إلى عشرة آلاف ساعة بنهاية المرحلة الدراسية (المتوسطة) فقط.. وهذا ما أثبتته البحوث والدراسات من خلال الواقع المعيش.
أخي المسلم.. يكفي أن تعلم أن الرسوم المتحركة ما هي إلا حكاية عن واقع رسمها من عقائد وأخلاق يعترف بها، ويتعامل بها؛ كما يثبته علماء الاجتماع، فإذا علمت بأن70% من هذه الأفلام تنتج في الولآيات المتحدة الأمريكية، علمت مدى خطورة نقل خزايا المجتمعات الغربية وعريها وسقوطها الأخلاقي والديني إلى أذهان أطفالنا؛ مما يدخلهم في دوامة الصراع بين ما يرون وما يعيشون من مُثُل وقيم، وأفكار وحضارات؛ مما يجعلهم في حيرة وتذبذب، كل ذلك ونحن نظن أنهم يستمتعون بما يشاهدون وحسب.
إن هذه الرسوم ـ كما يقول المختصون ـ تشغل قلوب فلذات أكبادنا، وتصوغ خيالهم وعقولهم وتفكيرهم، وتشوّه عقائدهم وثقافاتهم بعيدًا عن تقييمنا الدقيق، بل ربما يكون إدمانهم على مشاهدتها تحت رعاية منا، ومشاركة في معظم الأحيان. وننسى أنها من أبرز العوامل التي تؤدي إلى انحراف الطفل، وتبلّد ذكائه، وتمييع خلقه؛فأفلام الكارتون سريعة التأثير؛ لما لها من متعة ولذة. والطفل سريع التأثر؛ لأنه يعيش مرحلة التشكل واكتساب المعرفة مما حوله، وما تعرضه الفضائيات منها لا يعتمد على حقائق ثابتة، وإنما على خرافات وأساطير ومشاهد غرائزية، وتشكيك في المعتقدات لا يجوز الاعتماد عليها ـ بحال من الأحوال ـ في تنشئة أطفالنا، وتربيتهم.والعجيب أن يتغافل الآباء والأمهات عن هذه الحقيقة، ويديرون لها ظهورهم كأنهم لا يعلمون ذلك كله؛ بحجّة تحقيق الهدوء في المنزل، بتخدير الطفل أمام الشاشة، حتى قال أحدهم:فور صدور آية حركة تنبئ عن استمرار طفلي في اللعب والصراخ، أدير التلفاز على إحدى القنوات، لا إراديًا أجد طفلي ممددًا على الأرض وبصره إلى التلفاز، في حالة أشبه ما تكون بالتنويم المغناطيسي. ربما كان هناك من سيقول لمن يدق أجراس الحذر من هذه الأفلام: تلك مبالغات منفوخة، وخوف متوتر لا داعي لهما؛ فالمسألة مسألة تسلية وحسب، ولكنها الحقيقة التي نضعها بين أيديكم لعدد من المختصين الذين أبدوا رأيهم بحياد شديد وموضوعية، وعدد من الآباء والكتاب الذين رأوا بأعينهم، وقالوا بألسنتهم.
إنني اليوم أبلغ ما رأيت وجوب تبليغه، وأبرئ ذمتي بأن أشارك في كشف الآثار الصارخة، التي يمكن رصدها بكل سهولة في أي مسلسلات كارتونية غير موجهة تربويًا ولا شرعيًا.
تعالوا أيها الآباء ويا أيتها الأمهات نتعرف على بعض الآثار السلبية للرسوم المتحركة على أطفالنا: وأولها: زعزعة عقيدة الطفل في الله: وإليك هذا المشهد الذي بثته قناة فضائية واسعة الانتشار، وهو مشهد يوجه الأطفال توجيهًا معاكسًا في أساس من أسس ديننا وحياتنا؛ فعدم نزول المطر، والجدب والقحط، قضية تربط المسلم بالخالق، والسنة النبوية المطهرة، تبني في كيان الطفل المسلم من خلال صلاة الاستسقاء التوجه إلى الله تعالى. وفي هذا المسلسل تظهر الشخصيات الكارتونية وهي تقف في الغابة تنتظر سقوط المطر، فيتقدم كبيرهم قائلًا: لا ينزل المطر إلا بالغناء، فهيّا نغني، وتبدأ شخصيات المسلسل تغني أغنية سقوط المطر، يصاحبها الرقص والأدوات الموسيقيّة:هيا اضربي يا عاصفة كي يسقط المطر هيا اضربي لتغمري الجميع بالمطر مطر مطر مطر يا منزل المطر مطر مطر مطر نريد شيئًا واحدًا مطر مطر مطر وعندما لم ينزل المطر يتساءل أحدهم: لماذا لم تمطر السماء؟ فيجيب آخر: لعلها مشغولة بالبحث عن أمنا الطبيعة.
نعوذ بالله من هذا الشرك الذي يُلقّن لأبنائنا ونحن غافلون عنهم، فرحون بأنهم هدؤوا بين يدي التلفاز؛ لنفرغ نحن عنهم لأمور لن تكون أهم من سلامة أولادنا من الانحراف في عقائدهم وأخلاقهم. وكذلك ما يحصل في برنامج (ميكي ماوس) هذا الفأر الأمريكي الذي يوهم أطفالنا ـ في بعض حلقاته ـ بأنه يعيش في الفضاء.. ويكون له تأثير واضح على البراكين والأمطار فيستطيع أن يوقف البركان!! وينزل المطر ويوقف الرياح!! ويساعد الآخرين، والسؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن: لماذا يجعل هذا الفأر في السماء؟!! ولماذا يُصوّر على أن له قوة في أن يتحكم بالظواهر الأرضية؟! وتشير باحثة إلى أن هذا البرنامج يحمل ظاهره مغالطة علمية وواقعية واضحة، وهو وجود فأر يطير وخلاصة هذا المسلسل عبارة عن تأكيد للقوى الخيالية الخارقة الجبار الخرافية التي تقف مع المضطر وتنقذه في أحلك الظروف وأشدّها حرجًا، فهذه القوة الخرافية هي الرجاء والأمل في الخلاص، ومثل هذه الأفكار من شأنها أن تهزّ عقيدة الطفل هزًا عنيفًا فتنحي عن ذهنه الصغير قرب الله من عبده، وإجابته له حين يدعو، وعون الله عز وجل له (3(
وأما مسلسل السندباد وهو عربي المضمون والشخصيات، ولكنه مليء بالعقائد الفاسدة والخرافات، فمرة نرى السندباد يخر ساجدًا أمام والي بغداد والسجود لغير الله لا يجوز في ديننا الإسلامي، ومرة يستعين بصاحب المصباح وهو الجني الأزرق لكي يحقق له مطالبه، فأين التوكل على الله والاستعانة به، ومرة يسجد تحت قدمي الجنيّ الكبير الذي يخرج من الماء والصحراء ويتوسل إليه ألاّ يقتله، أين الاستعانة بالله وطلب العون منه، وانظر إلى الجواري والفتيات وهن يتراقصن في القصور وسندباد ورفاقه يأكلون ويغنون، فماذا يتعلم الأطفال من هذا العرض؟ ليس إلا الفحش وسوء الأدب والاستعانة بالشعوذة والكهنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه الإمام أحمد رحمه الله.
ونرى في فلم آخر رجلًا ضخمًا فوق السحاب يمتلك دجاجة تبيض ذهبًا، ورجلًا ضخمًا آخر في فيلم آخر يصب الماء على السحاب فينزل المطر.
تلميحات خبيثة.. أهدافها واضحة للجميع.. لا تتطلب إجهادًا ذهنيًا لمعرفتها.
وهذا كثير جدًا في تلك الرسوم..ومن الأخطاء العقدية المنتشرة في تلك البرامج: الانحناء للغير.. حتى تكون الهيئة أقرب ما تكون للسجود والركوع، والانحناء في الشرع محرم كما نص على ذلك حديث أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: "قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدُنَا يَلْقَى صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا" الحديث رواه الإمام أحمد. وهذا نجده كثيرًا جدًا في هذه الأفلام، ومنه ما يكون في البرنامج الشهير (الكابتن ماجد) فعند نهاية المباراة يقوم أعضاء الفريقين بالانحناء لبعض بشكل أشبه ما يكون بالركوع للصلاة.. كتعبير للمحبة والصفاء.. وهو ما يحصل ـ على سبيل المثال في برنامج (النمر المقنع) من وضع مماثل للسجود. ومثل هذا المنظر قد يقوم الطفل بتقليده دون وعي بعد نهاية مباراة يلعبها مع أصدقائه.
وفي مسلسل (كاسبر) الكارتوني الشهير الذي أذكره جيدًا في طفولتي، لاحظت الأستاذة مها النويصر مجموعة من المخالفات العقدية، وهي تراقب أولادها وهم يشاهدونه ويتعلقون به، مثل: الاعتقاد بوجود أشباح الموتى بيننا تأكل وتشرب وتتعامل مع الأحياء في تمثيل سيئ لعالم البرزخ، وأنهم في مرح ولعب دون جزاء ولا حساب. وأن الإنسان قادر على الإحياء والإماتة، وأن روح الإنسان الطيب تصبح ملكًا. نجد ذلك في مشهد فتاة ورثت قصرًا عن أبيها مليئًا بالأشباح فتحضر المختصين لطردهم، وكان مع أحدهم ابنته الصغيرة التي يظهر لها الشبح الصغير المحبوب (كاسبر)، ويصبح صديقها، ثم يريها آلة صنعها صاحب القصر تعيد الروح للشبح فيعود للحياة، ويموت والد الطفلة خلال بحثه، فيعطيها كاسبر سائل الحياة فيعود حيًا، وفي حفلة تقيمها الطفلة تأتي أمها من عالم الأرواح لتقدم نفخة من روحها ليكون (كاسبر) حبيبًا جميلًا لمدة ساعات؛ لأنه ساعد الطفلة، ثم يتراقصان على أنغام الموسيقى، ثم يعود شبحا (4)
كل ذلك وأطفالنا ساهمون في قبضة هؤلاء الأشباح.
ومنه أيضا ما تتبادله الشخصيات الكارتونية من عبارات مخلة بالعقيدة، مثل: (أعتمد عليك)، و(هذا بفضلك يا صديقي العزيز)، أو حتى أحيانًا حين ينزل المطر: (ألم تجد وقتًا أفضل من هذا لتنزل فيه؟) وفي برنامج صفر صفر واحد يقول أبطال الفيلم: إن نظامهم يسيطر على كل المجرات في الكون ما خلا المجموعة الشمسية.
وقد يُشار إلى بعض تعاليم الديانات الأخرى: فتجد فتاة تطلب الانضمام للكنيسة، كما تجد مشاهد لتعلم العادات الدينية النصرانية، أو إظهار الراهب ومعه الصليب وإلباس المنضم ذلك الصليب، أو حتى إظهار الصليب في غير تلك المواطن كأن يظهر رجل قوي وشجاع، ثم يخرج من داخل ثيابه الصليب ويقبله، ويبدأ المعركة.
وانظر إلى لينا وهي تصلي في حال الشدة وصلاتها عبارة عن أن تضم يديها إلى بعضهما ثم تغمض عينيها وتنظر إلى أعلى، وهي صلاة النصارى فتتعلم المسلمة الصغيرة هذا في حين أنها تجهل صلاتها. وظهور شجرة أعياد الميلاد المسيحية(الكريسماس)، والاحتفال بأعيادهم، وكذلك الدعاء قبل الأكل بضم اليدين وأصوات أجراس الكنيسة.
واشتمالها على السحر:وهذا كثير جدًا..فهم يصورون السحر على أن حكمه يختلف حسب المقصد من استعماله.. كيف ذلك؟ فمرة يصورون الساحر أو الساحرة رجلًا كان أم امرأة قد ملأهما الشر والبغضاء والحسد، يحققون بالسحر ما يصبون إليه من طموحات شخصية على حساب الآخرين..كما في برنامج (السنافر)، الذي يتمثل في الرجل الشرير شرشبيل. وأحيانًا يصورون الساحر بأنه رجل طيب محبّ للخير لجميع الناس، يساعد المظلومين كما في السنافر أيضًا، ويمثل بزعيم القرية أو كما في برنامج (سندريلا) والتي تصور فيها امرأة ساحرة طيبة، تساعد سندريلا على حضور حفلة الملك و الاستمتاع بالرقص!! وغير ذلك...
وبلغ تأثير مثل هذه المشاهد أن الأطفال يردّدون كثيرًا من عباراتهم، بشكل نخاف فيه أن يطلب أبناؤنا تعلم السحر، أو على الأقل أن يحبّوا الساحر الذي بالغوا في تصوير طيبته لهم. حتى سألت طفلة أمها: هل الساحرات طيبات؟ فتساءلت الأم: ما سر هذا السؤال؟ وكيف تكون الساحرة طيبة؟ أجابت الطفلة: لأنها أحضرت الحذاء لسندريلا ولا نقول إلا اللهم سلم، اللهم سلم ويضاف إلى ذلك الاستهانة بالمحرّمات، وخلطها بالمباحات، ففي حلقة واحدة من حلقات (سنان) وهي(33)، رصدت الباحثة طيبة اليحيى سبعًا وثلاثين مخالفة شرعية، وفي حلقة واحدة من مسلسلة (السنافر) وهي الحلقة التاسعة، رصدت أكثر من أربعين مخالفة شرعية.
يقول ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ومن هذا ما كتب به إلي بعض الناس وسمعته من بعض الأشرطة أنه يوجد في الأفلام الكرتونية التي تُنشر في التلفزيون يوجد أنهم يشبهون الله عز وجل بشيخٍ رهيب مزعج المنظر ذو لحية طويلة عملاق فوق السحاب يسخِّر الرياح ويعمل، الحقيقة أني أُشْهِدُ الله أن هذا نشر للكفر الصريح، لأن الصبي إذا شاهد مثل هذا وفي أول تمييزه سوف ينطبع في نفسه إلى أن يموت، أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، اللهم إلا أن يقيض الله له من ينتشله من هذه الورطة فنعم،ولهذا أقول: إن الذين يعرضون هذه الأشياء لصبيان المسلمين سوف يحاسبون عند الله حسابًا عسيرًا يوم القيامة، لأنهم يريدون شاءوا أم أبوا أن يضل الناس بهذا ضلالًا مبينًا، وعلينا جميعًا إذا كانت الأفلام على هذا الوجه أن نحذر منها أهل البيوت حتى لا يقعوا في هذا الشر المستطير الذي هو أعظم من شر الأغاني وغيرها، لأن كون الإنسان يمثل الله عز وجل بهذه الصورة البشعة، لا شك أنه من أعظم المنكر والعياذ بالله، أنا سمعت اليوم في أخبار لندن اليوم السبت الموافق للحادي والعشرين من شهر ذي القعدة عام تسع وأربع مائة وألف سمعت أنه حصلت مظاهرات عظيمة في بنغلادش على نعال مكتوب اسم الجلالة لفظ الجلالة صريحًا فحصلت مظاهرات عظيمة حتى أدى إلى أن تعتذر الشركة الموردة لهذا إلى الحكومة والشعب وتلتزم بإحراقها وإبدالها،
فأقول: انظروا إلى أعداء الله كيف يريدون أن يهينوا رب العزة والجلال، بهذه الأشياء التي تسري على الناس سريان النار في الفحم من غير أن يُشعر بها وسريان السم في الجسد من غير أن يُشعر به، والواجب علينا نحن المسلمين ولا سيما في بلادنا هذه أن نكون حذرين يقظين،لأن بلادنا هذه مغزوة في العقيدة وفي الأخلاق وفي الأعمال من كل وجه،لا تظنوا أن الغزو أن يقبل العدو بجحافله ودباباته وصواريخه ليهدم الديار ويقتل الناس!!... الغزو هو هذا، هذا هو الغزو المشكل الذي يدخل الناس من حيث لا يشعرون، والإنسان بشرٌ مدنيٌ متكيف ينفر من الشيء أول ما يسمعه لكن بعد مدة يرتاح إليه ويتأقلم عليه ويكون كأنه أمرٌ عادي،حتى الأمراض التي في الجسم أول ما يدخل الفيروس المرض ينفر منه الجسم ويتأثر ويسخن لكن ربما يأخذ عليه، على كل حال، هذه النقطة أنا أود منكم بارك الله فيكم وأنتم طلبة علم عليكم مسؤولية أن تحذروا الناس من هذه الأفلام،ما دامت تعرض مثل هذه الأمور التي لا يشك مؤمن بالله عز وجل أن عرضها قيادةٌ للأطفال إلى الكفر بالله عز وجل وإهانة لله سبحانه وتعالى،نحن أهل الجزيرة علينا مسؤولية عظيمة ليست على بقية الناس،
من هنا ظهر الإسلام وإليه يعود في هذه الجزيرة، قال رسول البرية عليه الصلاة والسلام في مرض موته:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"وقال:"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا" ،وقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب"،وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بإخراج أجسادهم فإنه يأمرنا أمرًا أولوليًا بإخراج أفكارهم التي يبثونها بين الناس ليضلوا عباد الله عز وجل،ما ظنكم لو أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمامنا الآن يقول في مرض موته على فراش الموت:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"،لماذا؟ لأنهم أجسام بشر مثلنا؟
لا، لأنهم يبثون شركهم وشرورهم بيننا، فهذه الجزيرة لها شأنٌ عظيم وميزانٌ كبير في نظر الشرع باعتبار حماية الدين الإسلامي،فأنا أجعلها أمانةً في أعناقكم أن تحرصوا غاية الحرص على التحذير من هذه الأفلام، وأنا ما كنت أظن أنها تبلغ إلى هذا المبلغ، ولهذا أُسْأَلُ عنها فأتهاون فيها الواقع، أُسْأَلُ عنها هل تجوز للصبيان مشاهدتها فأتهاون فيها، لكن سمعت شريط بالأمس شريط بعنوان:(منكرات البيوت) أحد الخطباء جزاه الله خير خطب حول هذا الموضوع أربع خطب وذكر منها ما قلت لكم، وجاءني أيضًا رسالة من شخص فيها هذا الشيء يقول:أنه يُبث من التلفزيون هذه المناظر للأطفال.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد